[TD="colspan: 2"]مقالة قالها خير الورى = وصفا بها لشاعر بلغ الذرا
حسان مدح الرسول محمدا= بحروف كأنها أُسْدَ الشرى
فالشعر يا أحبابي الملتزم بالأخلاق والقيم ، هو ما أعجب النبي محمد صلى الله عليه وسلم
فمدحه بقوله : ( إن من البيان لسحرا )
وقد قرأت في قصة هذا الحديث في ملتقى أهل الحديث ما يلي :
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا.
ثم اما بعد ..
إن من الشعر لحكمة
عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
قال الشيخ الألباني : صحيح سند الحديث
إن من البيان لسحرا أو إن بعض البيان لسحر
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال الشيخ الألباني : صحيح سند الحديث :
وحكى الحسن بن محمد، قال:
قال أحمد بن أبي داؤد: ما رأيت رجلاً قط نزل به الموت، وعاينه، فما أدهشه، ولا أذهله، ولا أشغله عما كان أراده، وأحب أن يفعله، حتى بلغه، وخلصه الله تعالى من القتل، إلا تميم بن جميل الخارجي، فإنه كان تغلب على شاطئ الفرات، فأخذ، وأتي به إلى المعتصم بالله.
فرأيته بين يديه، وقد بسط له النطع والسيف، فجعل تميم ينظر إليهما، وجعل المعتصم يصعد النظر فيه، ويصوبه.
وكان تميم رجلاً جميلاً، وسيماً، جسيماً، فأراد المعتصم أن يستنطقه، لينظر أين جنانه ولسانه، من منظره ومخبره.
فقال له المعتصم: يا تميم، تكلم، إن كان لك حجة أو عذر فابده.
فقال: أما إذ أذن أمير المؤمنين بالكلام ...
فأقول: الحمد لله الذي أحسن كل شيء خلقه، وقد خلق الإنسان من طين، ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين، يا أمير المؤمنين، جبر الله بك صدع الدين، ولم شعث المسلمين، وأخمد بك شهاب الباطل، وأوضح نهج الحق، إن الذنوب تخرس الألسنة، وتعمي الأفئدة، وأيم الله، لقد عظمت الجريرة، وانقطعت الحجة، وكبر الجرم، وساء الظن، ولم يبق إلا عفوك، أو انتقامك، وأرجو أن يكون أقربهما مني وأسرعهما إلي، أولاهما بإمامتك، وأشبههما بخلافتك، وأنت إلى العفو أقرب، وهو بك أشبه وأليق، ثم تمثل بهذه الأبيات:
أرى الموت بين السيف والنطع كامناً
يلاحظني من حيثما أتلفّت
وأكبر ظنّي أنّك اليوم قاتلي
وأيّ امرئ مما قضى اللّه يفلت
ومن ذا الذي يدلي بعذرٍ وحجّةٍ
وسيف المنايا بين عينيه مصلت
يعزّ على الأوس بن تغلب موقفٌ
يهزّ عليّ السيف فيه وأسكتْ
وما جزعي من أن أموت وإنّني
لأعلم أنّ الموت شيء موقّت
ولكنّ خلفي صبية قد تركتهم
وأكبادهم من حسرة تتفتّت
كأنّي أراهم حين أنعى إليهم
وقد خمشوا حرّ الوجوه وصوّتوا
فإن عشت عاشوا سالمين بغبطة
أذود الأذى عنهم وإن متّ موّتوا
فكم قائل لا يبعد اللّه داره
وآخر جذلان يسرّ ويشمت
قال: فتبسم المعتصم..
ثم قال: أقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من البيان لسحراً.
ثم قال: يا تميم كاد والله أن يسبق السيف العذل، إذهب، فقد غفرت لك الهفوة، وتركتك للصبية، ووهبتك لله ولصبيتك.
ثم أمر بفك قيوده، وخلع عليه، وعقد له على ولاية على شاطئ الفرات، وأعطاه خمسين ألف دينار.
الفرج بعد الشدة
أما قول المولى عز وجل عن الشعراء : (والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون . )
ففيه تفسيرات كثيرة بين الحل والجواز والحرام
ومن ذلك : أن الشعراء جمع شاعر مثل جاهل وجهلاء ;
قال ابن عباس : هم الكفار يتبعهم ضلال الجن والإنس .
وقيل ( الغاوون ) الزائلون عن الحق ،
وقد قدمنا في سورة ( النور ) أن من الشعر ما يجوز إنشاده ، ويكره ، ويحرم .
روى مسلم من حديث عمرو بن الشريد عن أبيه قال : ردفت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال : هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت شيء
قلت : نعم . قال هيه فأنشدته بيتا . فقال هيه ثم أنشدته بيتا . فقال هيه حتى أنشدته مائة بيت . هكذا ، صواب هذا السند وصحيح روايته .
وقد وقع لبعض رواة كتاب مسلم : عن عمرو بن الشريد عن الشريد أبيه ; وهو وهم لأن الشريد هو الذي أردفه رسول الله صلى الله عليه وسلم . واسم أبي الشريد سويد .
وفي هذا دليل على حفظ الأشعار والاعتناء بها إذا تضمنت الحكم والمعاني المستحسنة شرعا وطبعا ،
وإنما استكثر النبي صلى الله عليه وسلم من شعر أمية لأنه كان حكيما ; ألا ترى قوله عليه السلام : وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم
وقال الشافعي : الشعر نوع من الكلام حسنه كحسن الكلام وقبيحه كقبيح الكلام ،
يعني أن الشعر ليس يكره لذاته وإنما يكره لمضمناته ، وقد كان عند العرب عظيم الموقع . قال الأول منهم :
وجرح اللسان كجرح اليد
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الشعر الذي يرد به حسان على المشركين :
إنه لأسرع فيهم من رشق النبل أخرجه مسلم
ومن هذا الجانب الحسن في الشعر والشعراء أنه موهبة ودراسة ودُرْبة وتجربة شعورية
يستطيع بها الشاعر أن ينقل الأفكار والأحاسيس بصورة فنية بليغة لا يمكن لغير ذوي الموهبة قول مثله بالشعر
فالشعر بحر واسع = أمواجه متلاطمة
ما أحيلى رشفه = من ارتواه علمه
اسمع معي أبياته = تهدي الحيارأنجمه
وقال الشاعر السَّريّ الرفاء يصف الشعر الجميل :
إذا ما صافح الأسماع يوما = تبسمت الضمائر والقلوب
وهنا في هذا القسم
يمكن أن نخصص موضوعات للشعر الجميل المنقول مع ذكر اسم قائله ، وأن نعلق على ما نختاره من أشعار أعجبتنا
ونخصص موضوعات أخرى لمواهب الشعر عند الأعضاء أصحاب القدرات الفنية على العطاء الشعري
وللشعر أغراض متعددة ؛
فهناك شعر الغزل العفيف ، وشعر الوصف ، والمدح ، والفخر ، والهجاء ، والرثاء ، والاعتذار ، والحماسة ، وغيرها
ومن مدارس الشعر
هناك الشعر التقليدي المحافظ الملتزم بوزن وقافية ،
والشعر الرومانسي ، ذو الوحدة العضوية المتماسكة في القصيدة
والشعر الحر الحديث أو التفعيلي
وهناك الشعر النبطي ،
وأشعار الزجل العربي
وهناك الشعر المسرحي والتمثيلي والفكري والفلسفي والروحي
والعامي وغيرها
وهو فن كبير له قواعد وأصول ، من عروض وأخيلة وموسيقا وأفكار وأهداف
إنما الفن مورد الحب والنور = شهي الأمواه عذب الورود
إنما الفن أيكة عاش فيها = بلبل القلب بين ناي وعود
إنما الفن دوحة في ذراها = كل ما شئت من جنى وورود
هذا ما نرجو أن نراه ونقرأه على صفحات هذا القسم