تلك الأيام :
ما تزالين تعبثين في داخلي يا تلك الأيام .
تنزينها فرحاً و أحياناً دماً
و تحملينها دوماً إلى قافلة من الشاعرية الملونة بلا منازل و لا حدود .
كم عاماً قد مر ؟ بل كم عام قد مر ؟
بيد أن غار الذكريات متسع الأنحاء ما يزال يجذبني إليه فأتوه في فضائه كأنما قذفتني فيه عاصفة من وراء الطبيعة .
لو أن للأيام أن تسحبني إلى وادٍِ لا كفاء له لكان ذلك ملكها ، لكنَّ حق تلك الأيام الغابرات ، السابحات في مدى الغروب الصيفي المعطَّر باللانهاية ، يبقى يجذبني إلى أحضانها فلا أملك لنفسي فكاكاً .
أولئك الذين شاركونيها .. لم يعودوا في قلبي كما كانوا ، لكن صورهم في صدري معلقة بأمراس الصدق إلى قبة السماء .
و تلك الأماكن و الزوايا ، لعل لها من مساحة الأرض أشباراً لا غير ، لكنَّ لها من مساحة قلبي اتساع ما بين المشرقين .
و هي تلك الأيام ، كأنني ما زلت أحياها حتى الساعة ، أحنو عليها في صدري و قد خبأتها فيه ، خاشياً على براءتها من فيح الجحيم ، فهي الموطن الذي تبقى لي آوي إليه كلما صدني بالأبواب شظف الحياة ، لكنْ ... أتراها تكفي لتحميني من مهاوي ردى و نزق الأيام العجاف و قد طافت بكل ما حولي ، و منعت كل شيء حتى الهواء عن الوصول إلى نفسي التواقة إلى الأمل بغد جديد