فهـــد ميــــري:أميل إلى الأعمال الاجتماعية المعاصرة لأنها أكثر قرباً من الواقع
أحلم بإخراج فيلم سينمائي يحقق طموحي
درس المخرج فهد ميري الإخراج السينمائي والتلفزيوني في موسكو، وحصل على درجة الماجستير يعمل في مديرية الإنتاج التلفزيوني، من أهم أعماله حكاية خريف ، حروف يكتبها المطر، قلب دافىء، قبل الغروب، أغلب أعماله: تنتمي إلى الاتجاه الاجتماعي المعاصر... شارك في موسم الدراما الرمضاني هذا العام بمسلسل صراع المال، سيناريو محمد طويل، وإنتاج شركة الأيهم يحلم بإخراج فيلم سينمائي يحقق طموحه.. التقته «البعث» وتحاورت معه حول مسلسل صراع المال، وانتمائه إلى الأعمال المعاصرة، ورؤيته لدراما هذا العام والإنتاج العربي المشترك، وحلمه السينمائي..
> بعد عرض صراع المال.. ماذا تقول عن تجربتك الدرامية معه؟ وعن التعاون بينك وبين محمد طويل؟.
>> الناس، هم الذين يحكمون على المسلسل، إلا أنني راضٍ عنه.. ومن خلال الآراء العامة وآراء المتخصصين بعالم الدراما، أعتقد أن العمل لاقى متابعة جادة وأحبه الناس. وهو على صعيد الدراما العربية المشتركة بين سورية ولبنان، وتدور فكرته الأساسية حول الصراع الدائر بين الفكر ورأس المال، والفساد الذي انتشر في جزئيات علاقاتنا العامة، وتفضيل المصلحة الشخصية... إضافةً إلى محاور أخرى مثل الحب والصداقة والمشاعر الوجدانية، تخلل العمل الكثير من المصداقية والجرأة في تحليل القضايا الاجتماعية الشائكة والانكسارات العاطفية. هذا لا يعني أن العمل لم يعطِ فسحة من الأمل، وإنما عالجها بصورة واقعية منطقية. أما فيما يتعلق بالتعاون بيني وبين الكاتب، فكان هناك تنسيق وتعاون في جميع مناحي العمل، حتى مصائر الشخصيات النهائية.
ولابد من وجود خلافات، إنما خلافات من الناحية الفنية، ففي كل عمل هناك عوائق إشكالية على أكثر من صعيد، لاسيما أن طبيعة العمل اجتماعي معاصر، لكن المخرج الجيد يجد السُبل لكل الصعوبات.
> لاحظنا تغيير الكاركتر لشخصية بشار إسماعيل ومحمد حداقي فماذا تقول عن شخصيات المسلسل عامةً؟؟.
>> شخصيات العمل واقعية، ليست شخصيات سوداء أو بيضاء فيها تداخل حميمي ما بين الأسود والأبيض مشكّلةً الرمادي، والصراع على المال صراع بين الشرائح كلها، على سبيل المثال شخصية نينار (ديمة قندلفت) ليست شخصية سلبية، حقها الطبيعي البحث عن الأفضل، وهي موجودة في مجتمعنا - بغض النظر عن رأيي بها - فهي شخصية حياتية مشروعة، وأنوّه أن شخصيات العمل شخصيات درامية، أي تحمل متناقضات حياتية، ونسبة من الأخطاء، وفيها اتجاه شخصاني، تعيش ضمن محاور الفساد وصراع الفكر مع المال، وصراع مع المبادىء. والكلام عن المال سلاح ذو حدين، قد يكون إيجابياً لمجتمع متكامل حضاري، وله وجه آخر سلبي يجسد الفساد الذي استشرى في علاقاتنا مع الآخرين، وفي مختلف العلاقات الإنسانية. أما تغيير كاركتر بعض الشخصيات مثل «بشار إسماعيل» فقد لعب دور (خالد) رجل أعمال، ومظهره يستدعي تغيير الكاركتر الخارجي، ونجح تغيير شكله في تأدية الشخصية بمنطقية ومصداقية. وكذلك محمد حداقي جسّد دور صحفي أمين على مهنته، وهذا يستدعي تغييراً في سلوكياته وردود أفعاله المغايرة لأدواره السابقة التي اتخذت الصفة الشعبية أكثر، كما عرضنا الجانب الإنساني للشخصية عبر علاقته العاطفية بنينار التي تفضل المال على الحب.
> اعتمد صراع المال في بعض مشاهده على البذخ المادي، برأيك هل يعد البذخ المادي عامل جذب للمتفرج؟؟.
>> في صراع المال لم يعرض البذخ المادي كاستعراض وكولاج، وإنما كان من صلب العمل، ووفق أنموذج لحياة رجل أعمال يملك ثروة ضخمة، فلا بد أن يعيش في فيلا، ويملك مكتباً حديثاً ومميزاً... فيه مظاهر الترف والبذخ المادي. الموضوع هو الذي يحدد طبيعة العرض، وأؤكد أن مسلسل صراع المال، صراع أفكار وليس صراعاً يتطلب وجود المظاهر الحياتية والموجودات التابعة له، لكن طبيعة العمل فرضت وجود بعض المظاهر.. وأنا كمخرج أتعامل مع البيئة الخاصة بالمسلسل، ولا أحب توظيف أي مظهر خارج عن المضمون العام للمسلسل، هذا من وجهة نظري كمخرج.
فإذا كان البذخ المادي مسايراً للحدث الدرامي، فلا يعتبر عامل جذب للمتفرج... وإنما هو عنصر مساعد للعمل الدرامي.
> لماذا اخترت الأعمال الاجتماعية المعاصرة مساراً لعملك الإخراجي..؟؟.
>> أغلب أعمالي تنتمي إلى الاتجاه المعاصر، لأنه أقرب إلى الإنسان، أقرب إلى عالمه وهواجسه وأحلامه ومهمة الدراما أن تخدم الواقع وتقدم له صورة واقعية حياتية على أكمل وجه، وهذا لا يعني أن الأعمال التاريخية ليست مهمة، بل تحتوي على الكثير من الإسقاطات الواقعية، وعلى سبيل الذكر في رمضان الماضي قدمت باب المقام، وهو مسلسل تاريخي لفترة الخمسينيات من تاريخ سورية الحديث، لكنني أميل بطبعي إلى المعاصرة، لأن فيها موقفاً موجوداً حالياً، وهذا يستدعي تكثيف الجهود لتكون أكثر التصاقاً بالحياة وأكثر وضوحاً.
> برأيك، ما سبب نجاح عملك القديم حكاية خريف؟؟
>> نجاح حكاية خريف يعود إلى عدة أسباب، أولاً النص الجيد الذي قدمه الكاتبان حسن سامي يوسف ونجيب نصير، ووجود شخصيات حيّة واقعية تدور حولها محاور العمل، والفكرة التي طرحها، وهي الوصول إلى القمة على حساب الآخرين، على مبدأ أنا ومن بعدي الطوفان، إضافة إلى ظهور ممثلين لهم حضور عند الناس.
إضافة إلى الإخراج المتكامل من حيث المؤثرات الخارجية والإضاءة والموسيقا واختيار الأماكن، والومضات الرومانسية، وجهود الفريق الفني، لذلك أحب الناس هذا العمل واحتفظوا به بذاكرتهم.
> ما رأيك بدراما العام الحالي، وهل تفوقت على دراما العام الماضي؟؟
>> ربما تكون دراما العام الحالي تفوقت على دراما العام الماضي، فقد لاحظت تشابهاً في محاور الأعمال الاجتماعية، ولفت نظري مسلسل زمن العار، الذي تميز بجرعة كبيرة من الجرأة في عرض القضايا الشائكة، التي لم تعرض سابقاً بهذه الجرأة. وبرأيي المهم أن نقدم تجارب درامية بتمويل ذاتي وليس خارجياً، وتحت مظلة وزارة الإعلام، وأن تقوم هيئة أو مؤسسة تشرف على الدراما السورية، سواء أكانت من القطاع العام أو القطاع الخاص، المهم أن تقدم تجارب تفيد المجتمع السوري وتحمل مضامين قومية ووطنية وسياسية واقتصادية وسياحية أيضاً، لأن الدراما سفيرة بلدنا إلى البلدان الأخرى.
أتمنى أن تنطلق هيئة تشرف على الدراما وتعمل على تطويرها والحفاظ على سويتها...
> ماذا عن حلمك السينمائي ؟؟
>> المؤسسة العامة للسينما هي المسؤولة عن إنتاج الأفلام ويوجد كادرها الفني ومخرجوها الذين يعملون بالمؤسسة، وقد شاركت عدة مرات في إخراج الأفلام، لكن لم أخرج فيلماً بصورة كاملة أكون مسؤولاً عنه. وأنا موظف في الهيئة العامة للتلفزيون- مديرية الإنتاج التلفزيوني، ويتم فيها إنتاج الأفلام التلفزيونية، وكوني درست الإخراج السينمائي في موسكو أتمنى أن أجد فرصة حقيقية لدخول عالم السينما.
السينما حلمي الكبير، أتمنى أن يكون هناك إنتاج سينمائي خاص في سورية، لكن يبدو أن الإنتاج التلفزيوني أكثر طلباً وأكثر ترويجاً من السينما، رغم أن السينما هي عالم الاختزال... عالم الفن السابع الذي يبقى دائماً في الذاكرة... وطبعاً استفدت كثيراً من دراستي للإخراج السينمائي في الإخراج التلفزيوني ...
حوار : مِلده شويكاني
http://www.albaath.news.sy/user/?id=692&a=63877