شبيه أبو جانتي
***********

اشتد الحر في هذا اليوم القائظ ومرت ساعات ٍ وساعات ,ولم نجد من يحملنا لمنزلنا البعيد ,حتى لو كانت عربة مهترئة يجرها حمار!!الأهم أن نصل..
كيف يصبح الزبون عندما يصل لسيارة الأجرة لايرى أبعد من تلك السيارة ,وكيف يتضايق الماشي ممن سبقه إليها...
لكن الفرج جاء بعدها وبعد أن كدنا نمشي حفاة من حر الطريق وتعبه,ونحن نرى ركاب الحافلات ينظرون من النوافذ مسرورين لإيجادهم مكانا لهم فيها,
رغم أن البلاد كانت شبه فارغة منذ عدة أيام بسبب تلك الظروف القاهرة التي نمر بها جميعا.
عندما ركبنا مع راكب يسبقنا , وبعدما شبعنا إشارات للسيارات أوجعت منكبنا,ومن تكرارها الممل, ولهفتنا الحارة, والتي بتنا نزينها بأوراقنا وحاجياتنا لتظهر أ كثر للسائق.
فكان يرفض بعضهم عندما يجد المراد لاينطبق على مراده!.
وأخيرا..
- معلش أختي تفضلي ولكننا سنقف في مكان قريب من هنا لحاجة لهذا الأخ هامة,وقد ننتظر لبعض الوقت فسامحينا.
-لاحيلة لنا لاحيلة
قلتها في سري واكتفيت بكلمة :

-لاعليك..امض على بركة الله وشكرا لك.
الحمد لله مضى الوقت بسرعة واتجهنا لنفس الاتجاه جميعا.
لكن القريحة استيقظت عند شبيه أبو جانتي هذا السائق الثرثار,وهو يحدث جيرانه في سيارات الأجرة القريبه عندما توقفنا عند الشارة الحمراء..
-عندك ثلج؟
-مطّارتي فيها دواء..لايناسبك الأمر..
-دواء؟
-أقصد مافيها ماء كما يجب
-شكرا لك كأني شربت!!
البخل غدنا غدا حتى بالماء ,عجبا.قال مكملا حديثه وكانه يحدث نفسه:
المهم أننا أمنا قنينة الغاز لأن الكهرباء لاتأتي إلينا كثيراً.
-والله ياإخوتي لم أكن أتخيل أن ابن اختي الطبيب النفسي يخرج من السجن التعسفي فاقدا ذاكرته...
ولا حتى ابن أختي ينسونه هناك عدة أشهر فيخرج منهارا لا يستطيع أحد الاقتراب منه.
وابن عمي داخت أمه لتعرف تحصيله النهائي في الثانوية العامة ,وعندما عرفت النتيجة قالت لصاحب قهوة النت:
-شكرا لك لقد حقق مايصبو إليه
-وين الحلوان با خالة؟
-هو الان في الجنة لأنه لم يعد من مدة طويلة.
جارتي خرجت لتنجو بنفسها بعدما مات زوجها أمامها فأصيبت وماتت هي وأولادها...
انتبهوا لسيارتي عندنا تهبطوا إنها ممزقة من آثار الرصاص الذي لم ندر من أين ياتي..ولا أين يروح..
لكن هناك سؤالا يؤرقني:
-هل كل من يفرج عنهم من الممسوكين يصبعوا جواسيس علينا؟

****
مضى في طريقه يحكي ويحكي ويدخل شارعا بالخطا ويعود منه معتذرا..
عفوا أخي الكريم , أدري أن الأخت الكريمة مستعجلة أمرك لله أنا مو على بعضي..الظاهر..
كدنا نضحك وهو يعود ويعدل ويصوب ويغير..
وعندما وصلنا..انتهى البنزين سيارته,ووجد نفسه عند حاجز مسلح..
هطلت من عينيه دموع ساخنة وهو يقول:
-والله نحن جميعنا نحب الوطن لماذا يحصل كل هذا؟
هبطنا وماعرفنا ماحصل بعدها بشبيه أبو جانتي الذي كان مظهره حينها مؤلما جدا...
ريمه الخاني 26-8-2012
(1) أبو جانتي هو بطل حلقات سائق تكسي حلقات تلفزيونية تابعنا القسم الثاني وهو في دبي هذه السنة 2012
وهو من بطولة الفنان السوري سامر المصري . وهي طريفة وتطرح قضايا كبرى بقالب رمزي ناجح.