مطلوب من عبد الملك الحوثي مراجعة نفسه
بروفيسور عبد الستار قاسم
14/شباط/2015
يبدو أن اليمن تتجه نحو منزلقات جديدة من الانقسام، وإلى ما يترتب على ذلك من مزيد من المعاناة والآلام للشعب العربي اليمني. أنصار الله يتمتعون بقوة عسكرية ونفوذ وتأثير أكثر من غيرهم، ولهذا هم يتحملون المسؤولية الأكبر في اليمن. فإن أصابوا كسبت اليمن، وإن أخطأوا خسروا وخسرت اليمن. ولهذا مطلوب من أنصار الله التفكر والتدبر بالمزيد، وعليهم أن يستمروا بمراجعة خطواتهم بمشاركة الآخرين، مختلف الأطياف اليمنية حتى لا تتدهور الأمور مع أي من المكونات اليمنية، فينتشر التدهور ويحصل بعد ذلك ما لا يريد عربي أن يراه.
مطلوب من عبد الملك الحوثي عدم ارتكاب الأخطاء التي ارتكبها الرئيس المصري محمد مرسي. مطلوب من ألا يتعجل الحوثي في قطف النتائج، ومطلوب منه أن يجمع ولا يفرق، وأن يعدل وألا يستبد.، أن يجمع وألا يقصي بالعمد أو بالتأثي، ومطلوب منه أن يفترض احتمال الخطأ في قراراته. الإعلان الدستوري الذي أعلنه الحوثي ما زال موضع أخذ ورد، وواضح أن أغلب الأطياف اليمنية ليست مرتاحة لهذا الإعلان، والمواقف تجاهه المؤيدة والمعارضة تثير المخاوف الكبيرة وكأن اليمن على حافة بركان. الرئيس محمد مرسي أصر بشدة على قانونه، ورفض التراجع عنه فأثار حفيظة العديد من أبناء مصر وانتهت الأمور بعد ذلك إلى ما نراه الآن. يكفي اليمن ما فيها من مشاكل وهموم، وهي ليست بحاجة للمزيد.
مطلوب من الحوثي أن يطرح إعلانه للنقاش الجماهيري والحزبي وأن يكون لديه الاستعداد للتخلي عنه أو استبداله أو تعديله. مهمة جمع اليمن ليست مسؤولية طرف واحد وإنما مسؤولية كل الأطراف. كل الأطراف اليمنية يجب أن تشارك في صياغة إعادة الاستقرار لليمن إلا إذا رغب طرف بعدم المشاركة.
أنا أدرك أننا نحن العرب لا نقبل التراجع عن مواقفنا أمام أنفسنا وأمام أبناء أوطاننا.نحن فقط نتراجع أمام القوى الخارجية. هذا الأمر اختبار لإرادة السيد الحوثي، فهل يتغلب على نفسه وعلى التراث العربي من هذه الزاوية، ويعيد صياغة مشروعه، أو التنازل عن فرضه لصالح نقاشه؟ إنني أدعوه إلى التخفيف من حدة موقفه، وأن يعمل فورا على جمع كل المكونات اليمنية من أجل أن يكون لليمن مستقبل.
ليس من مصلحة اليمن أن تُعزل عن المحيط العالمي، ولا أن تغترب المكونات اليمنية بعضها عن بعض، والمصلحة تقول إن الاعتراف بالخطأ فضيلة، وأن اطمئنان أهل اليمن أعظم من كل الاجتهادات السياسية. تخفيف الإصرار على الإعلان الدستوري ليس نقيصة بل هو شجاعة رأت في مشاركة الآخرين مصلحة أفضل لليمن.