منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 9 من 9

العرض المتطور

  1. #1
    عبير هلال
    Guest

    أحلام صغيرة / عبير هلال


    الحياة مع نعمان وليد لم تكن بالسهولة التي يمكن تصورها، عملهُ كان يسرق كل وقته، يصل بيته حين تغطي الشمس عينيها بخمارها الأرجواني، الريح حانيةٌ على الأشجار أكثرَ من حنوه عليها، تنتظرهُ كل ليلة بعينين صافيتين يتلألأ منهما بريق الشوق, لكن ما أن يدخل حتى يتوجه إلى المطبخ يأكل ما يجده على المائدة ثمَ ينام دون إلقاء التحية عليها.
    زيارة مفاجئة من صديق ذات مساء اقتحمت حصون الروتين.. ما أن ابتدأ بتناول طعام العشاء حتى طُرقَ باب البيت؛ ذهبَ ليفتحهُ فوجدهُ يقف هناك بطوله الفارع وعلى شفتيه ابتسامة باهتة... دلفَ إلى الداخل يتبعهُ المضيف... لم يتعانقا ولم يتبادلا الكلام بل جلسا مقابل بعضهما البعض يتأمل كل منهما الآخر.
    سيبقيه هذه المرة عندهُ لردح من الزمن ولن يدعه يغادر كما في المرات السابقة بسرعة، يزورهُ كل عام ليوم واحد أو نصف يوم وبعدها يغادرهُ على عجل، كل منهما له أعمالهُ التي لا تنتهي، اللعب مع الحياة لم يكن من ضمنها، لم تكن لأيهما الجرأة على معاندتها أو تحديها.
    كأنهما على اتفاق نهضا معاً ليرتبا مكتبته، نادى على ابنته لتعد لهما الشاي وتجهز بعدها غرفة للضيف.
    فتفاجأت بالضيف الغريب، ناولتهُ الشاي وتجهزت للمغادرة ولكن والدها أخبرها أن تبقى قليلاً معهما، هذه كانت أسبقية له أثلجت صدرها، جل ما تتمناهُ أن يتبرعم قلب والدها بحبها، يقتلها شعورها أنها لا تعني له شيئاً غير كونها مدبرة بيته، تابعتهما بعينيها الفضوليتين، كانا يهزان رأسيهما بين فينة وأخرى ولكن تبادل أطراف الحديث لم يكن من ضمن مخططهما، غادرتهما لتعد غرفة ً للضيف وبعدها توجهت لسريرها لتنام.
    استيقظت على نقرات خفيفة على نوافذ حجرتها، غزوات شقية تشاكس حجرتها الدافئة بالبَرَد .
    اعتراها الذهول حين وجدت الضيف نائماً قرب سرير والدها كالملاك.
    قفزت السعادة لقسمات وجهها حين وجدت والدها لا زال نائماً وكأن كل عوامل الطبيعة وشهوة النوم سيطرتا عليه واستطاعتا أخيراً تكبيله، أخيراً سيقضي يومه معها، هذا الضيف نعمة من السماء.
    وقفت تراقب انهمار المطر من نافذة المطبخ بنشوى، شعرت بنفحات هواء خلفها، وبيد توضع على كتفها وعينين صحراويتين تنبيها بهبوب عاصفة من نوع مختلف،. التقت العيون، شاهدت في عينيه بحيرة حنان وعرفت أنها انعكاس لما تحجبه عيناها المتعطشتان للحب، سمعا صوت ضجيج، التفتا بارتباك من استفاق من غيبوبة، هرعا لحجرة والدها وجداه يقاوم الملاءة وكأنه بحرب ضروس مع الوقت، لماذا لم تنهضيني ؟ قالها بفظاظة منعت الابتسامة من أن تتكور على شفتيها .. نهضَ وارتدى ملابسه على عجل وغادر دون أن يلقي نظرة واحدة على الضيف.
    تركها الضيف وتوجه لمكتبة والدها , لم تعلم هل وجب عليها البقاء معه أم تركه على حريته؟ هوَ أول ضيف يزورهم طيلة الأعوام العشرة التي قضتها مع والدها بعد انفصال والديها.
    بينما كانت تقرأ كتاباً في حجرتها سمعت أصوات غريبة في المكتبة، توجهت إلى هناك بهدوء ، سمعت الضيف يناديها بأن تدلف للغرفة ..اقتربت منه بقلب يخفق كأنها على موعد مع الغرام..تفاجأت بلون عينيه يتغيران للون أحمر قاني .ناولها مشروب أخرجه من حقيبته ..تناولته منه كالمخدرة وشربته.. أمسك كلتا يديها وقبّلهما، شعرت أنهما يطيران في أنحاء الغرفة ..انتظرتهُ ليخبرها أنه أحبها كما أحبته , لكنه لم يتكلم.. "عجيبٌ هذا الرجل ", همست لنفسها بينما كانت تتأمله، ،شعرت بيدين تدفعانها للخلف، تحركت المكتبة من مكانها ... طار بها الضيف للمخبأ المحجوب عنها .ضمها لصدره فانتبهت أن لديه جناحيين ... حاولت دفعه بعيداً عنها ... صرخت بأعلى صوتها حين وجدت وجهه تحول لنسر , لكنه أظهر اللامبالاة .حين هبط بها في منتصف غرفة مختبر أغمي عليها ...
    لمَ أحضرتها هنا؟
    استيقظت على صوت أنثوي بارد كالصقيع.. وكأنه لم يسمع، خلط عدة مواد كيميائية بيديه, اللتين عادتا لطبيعتهما فور هبوطه، وناولها للأنثى الغريبة لتشرب فشربت دون أية ممانعة ... وابتدأت النيران تصدر من عينيها بحيث أحرقت الباب الخشبي الذي يصل بين المختبر وغرفة نوم صغيرة. حاولت نسرين الهرب لكنه أمسكها من الخلف، رفضت أن تشرب من المزيج الذي أعده لها، راقبته يرتفع للأعلى ونظرات السرور بادية على وجهه، وجدت نفسها تطير نحوه بجناحين، قفز لملاقاتها ، حاولت الهرب منه إلى الخارج؛ فشعرت بأنياب حادة تنشب في ذراعهاو الدماء تتدفق بغزارة من ذراعها، استدارت لتتفاجأ بوالدها يدخل من باب سري من جهة الحديقة ويحمل أنثى باهرة الجمال كأنها دمية ورقية... تدفقت الحرارة في وجهها وجسدها حين رأته يهم بوضع إبرة في ذراع الجميلة
    : أرجوك أبي دعها وشأنها لا تحولها لوحش
    هجمت عليه وأنشّبت أظافرها الطويلة بيديه لتوقفه، صرخ بها
    : توقفي, توقفي انك تؤلمينني .نسرين استيقظي ، حبيبتي ...
    فتحت نسرين عينيها وتلفتت نحوها بعينين يتسع بداخلهما محيط ، اكتشفت أنها نامت وهي تقرأ رواية رعب ...
    :صديقك، أين هو؟
    نقلت نظرها بكل أركان البيت برعب وكأنها تتوقع أن ينقض عليها وحش.
    :غادر..هو يات لزيارتي كل عام ليوم .يزورني وأنت عند والدتك لهذا لم ترينه من قبل، رغم أنه أصغر مني سناً إلا أنني تعلمت منه الكثير، تعالي معي لأريك شيئا.
    أمسك يدها وأخذها معه إلى غرفته التي يعمل بها خارج البيت، فتح الباب فشاهدت تمثالاً كبيرا ً لوالدتها وهي تضمها لصدرها، بينما هو يراقبهما.
    :كنا عائلة سعيدة.. ظننتك تكرهينني لأنني أخذتك منها لهذا بعد عملي كنت أقضي وقتي هنا ... استغرقني عمل هذا التمثال أعواما، كنت أنانياً بأخذك منها، سأعيدك إليها غداً...
    :لمَ لم يتكلم معي صديقك؟
    :لأنهُ أخرس!.
    كانت تهم بدخول البيت حين سمعت صفيراً, نظرت إلى فوق، حركت يديها عدة مرات ثم طارت في الجو بجناحيها لتلتقيه، لوحت لوالدها بيدها ثم اختفيا عن الأنظار.

  2. #2
    لم يكن من ضمن لعبة الحياة...
    ربما هكذا افضل..
    قصة بنفس هوليودي ممتع... شوقنا حتى آخر حرف فعلا
    ولكن ربما كان هناك عنصرا ناقصا.. غمت علينا مراد الكاتب ومغزى النص.
    هل هو ملك الموت؟ هل هي ذكريات اسحالت حلم يقظة مخيف؟
    لكنها فنيا قصة ناجحة.
    اهلا وسهلا ومرحبا بالاستاذة عبير فارسة الفرسان.
    تعددت يابني قومي مصائبنا فأقفلت بالنبا المفتوح إقفالا
    كنا نعالج جرحا واحد فغدت جراحنا اليوم ألوانا وأشكالا

  3. #3
    عبير هلال
    Guest
    أهلا بك القدير أسامة الحموي

    سعدت بتعليقك البديع

    صراحة ليس بقصتي أي عنصر ناقص

    بل هي قصة مكتملة الشروط

    وواضحة لمن درس علم النفس


    لا يفترض بي أن أفسر قصتي

    كما نصحني الأدباء ..


    بالنسبة إن كان نفسها هولوديا لا أعلم


    ولكن كما قيل لي أن لي خيالاً واسعاً


    أشكر الله عليه يساعدني كثيرا في التعامل مع نصوصي



    تقديري الكبير

    وكما قالت الأديبة ريما الخاني :قالها: الأديب الكبير عدنان كنفاني قديما: لايوجد نص أدبي كامل..

    فالكمال لله وحده

    تقدير لا ينضب

  4. #4
    استمعت بقصتك أستاذة عبير، انتظر المزيد، وربما كانت وجهة نظر من الأستاذ أسامة خبير القراءة في الفرسان، ولكن هذا لاينقص من روعتها
    وفقك الله
    ناجي-غزة

  5. #5
    عبير هلال
    Guest
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جريح فلسطين مشاهدة المشاركة
    استمعت بقصتك أستاذة عبير، انتظر المزيد، وربما كانت وجهو نظر من الأستاذ أسامة خبير القراءة في الفرسان، ولكن هذا لاينقص من روعتهاز
    وفقك اللهز
    ناجي-غزة

    جريح فلسطين


    وجهات النظر احترمها



    أبهجتني بهذا الحضور الجميل


    والراقي والذي عنى لي الكثير


    كما أبهجتني بتعليقك الزكي


    تقديري الكبير لك

  6. #6
    سرني جدا حضورك الجميل هنا، وهذه اللفتات القصصية القوية، أستاذة عبيرسننتظر الكثير من قصصك الجميلة.
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  7. #7
    عبير هلال
    Guest
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريمه الخاني مشاهدة المشاركة
    سرني جدا حضورك الجميل هنا، وهذه اللفتات القصصية القوية، أستاذة عبيرسننتظر الكثير من قصصك الجميلة.

    الجميلة القديرة

    ريمه الخاني

    وانا بدوري سررت للغاية

    بتواجدي ها هنا بينكم

    مساؤك الفل والياسمين


    محبتي وتقديري الكبيرين

  8. #8
    عبير هلال
    Guest

    رد: أحلام صغيرة / عبير هلال

    مساء الخير للجميع............................................ .........

  9. #9

    رد: أحلام صغيرة / عبير هلال

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبير هلال مشاهدة المشاركة
    مساء الخير للجميع............................................ .........
    مساء النور والزهور, وبانتظار جديدك دوما اديبتنا القديرة.
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

المواضيع المتشابهه

  1. على مشارف الروح..!! / عبير هلال
    بواسطة عبير هلال في المنتدى فرسان الخواطر
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 11-25-2017, 05:41 PM
  2. نرحب بالأستاذة /عبير هلال
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان الترحيب
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 11-19-2016, 05:09 PM
  3. حرية الفكر - تأليف: جون بانيل بيوري / / تقديم: إمام عبد الفتاح إمام
    بواسطة محمد عيد خربوطلي في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-23-2015, 03:44 AM
  4. أحلام صغيرة ...!!
    بواسطة ملكة الشريف في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 10-06-2011, 07:23 AM
  5. أحلام صغيرة ( قصة بقلم : محمد صالح رجب )
    بواسطة محمد صالح رجب في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 04-08-2011, 12:58 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •