[TD="colspan: 3"][/TD]
مقتطفة من رسائل مجموعة الدكتور عبد العزيز قاسم البريدية :
الصحافة العربيّة في الهند: نظرة خاطفة
د. صهيب عالم*
لم تبدأ الصحافة العربية في الهند إلّا في وقت متأخّر، وبعد أن سبقتها الصحف باللغات الإنكليزية والفارسية والأردية. فمتى بدأت الصحافة العربيّة في الهند؟ وما هي أبرز الصحف والمجلات العربيّة؟ وما هي أبرز اتجاهاتها؟
في ما يلي نظرة خاطفة تؤرّخ للصحافة العربيّة في الهند منذ نشأتها ولغاية الآن.
يبدأ تاريخ الصحافة العربية في الهند بإصدار جريدة ”النفع العظيم لأهل هذا الإقليم“ وهي أول جريدة عربية في شبه القارة الهندية صدرت من مدينة لاهور. وكان لهذه الجريدة أثر فعّال في انتشار اللغة العربية وتطوّرها في ”لاهور“ وما حولها. وقد قام بتأسيس هذه الجريدة شمس الدين وشجّعه على ذلك وجود مطبعة لدى والده محمد عظيم، وفي 17 تشرين الأول (أكتوبر)1871 صدر أول عدد لهذه الجريدة وكان الشيخ مُقَرَّب علي رئيساً لتحريرها وكان جي. دبليو لايثير المسجَّل في جامعة بنجاب من المشرفين عليها. وكانت هذه الجريدة تهتمّ بنشر المقالات المختلفة في الدين والأدب والأخلاق وعلم الاجتماع، كما كانت تهتمّ بنشر المقالات التعليمية والاجتماعية. واضطلعت هذه الجريدة بدور مهمّ في تطوير الصحافة العربية في الهند (التي تطوّرت بسرعة فائقة) حيث نجد اليوم فيها عدداً ضخماً من المجلّات والجرائد العربية، لا يقلّ عن الصحافة العربية في البلاد العربية من حيث أهمّية المقالات التي تنشر والأسلوب الأدبي الصحافي والإخراج الفنّي. واستمرّ إصدار هذه الجريدة حتى العام 1885.
في العام 1902، صدرت من مدينة لكناؤ مجلّة عربية باسم ”البيان“، التي أسّسها الشيخ عبد الله العمادي. فقامت المجلّة بدور ملموس في إيجاد بيئة ملائمة للكتابة باللغة العربية في الهند ونالت قبولاً عاماً في الأوساط العلمية في البلاد العربية. ثم صدرت جريدة باللغة العربية باسم ”الجامعة“ من مدينة كولكاتا في العام 1923، تولّى الإشراف عليها مولانا أبو الكلام آزاد. وفي العام 1932 صدرت من مدينة لكناؤ مجلّة ”الضياء“، التي أنشأها مسعود عالم الندوي، وكان لها دور بارز في توطيد العلاقات بين البلاد العربية ومسلمي الهند، كما عملت على إيقاظ الوعي الإسلامي في نفوس مسلمي العالم. ثم ظهرت مجلة ”ثقافة الهند“ في العام 1950، وهي مجلّة فصليّة كانت تصدر أربع مرّات في العام ويقوم بإصدارها المجلس الهندي للعلاقات الثقافية وما زالت تصدر حتى الآن. وفي العام 1955 أصدر محمد الحسني مجلّة ”البعث الإسلامي“ وهي لا تزال تصدر بانتظام حتّى اليوم ولها أثر فعّال في الأوساط العلمية والأدبية في الهند وخارجها. تهتمّ ”البعث الإسلامي“ بنشر المقالات في موضوعات مختلفة تتنوّع من أدب واجتماع وتاريخ وسياسة ودعوة إلى الإسلام وفكر إسلامي. ( ولمزيد من التفصيل حول مجلة ”البعث“ وغيرها، يمكن العودة إلى كتاب ”الصحافة العربية في الهند: نشأتها وتطوّرها“ للدكتور أيوب تاج الدين الندوي).
أمّا ”صوت الشرق“ (1952)، فهي مجلّة شهرية ثقافية هندية مصوّرة تصدر عن مركز مولانا أبو الكلام آزاد التابع لسفارة الهند في القاهرة. بدأ صدورها في تشرين الأول (أكتوبر) العام 1952، وكان خليل جرجس خليل أول رئيس تحرير لها. ثمّ بدأت دار العلوم لندوة العلماء في لكناؤ بإصدار جريدة نصف شهرية في تموز (يوليو) العام 1959 باسم ”الرائد“. وقد اتّبعت هذه الجريدة الخطّ الفكري نفسه لمجلّة ”البعث الإسلامي“. ويُعتبر محمد الرابع الحسني الندوي هو مؤسّس جريدة ”الرائد“ في دار العلوم.
من المعروف أن دار العلوم في ديوبند أسهمت في نشر الصحافة العربية في الهند وتطويرها، حيث قام مولانا وحيد الزمان الكيرانوي، أستاذ اللغة العربية في هذه الدار، بإصدار مجلّة عربية فصليّة باسم ”دعوة الحقّ“ في شباط (فبراير) العام 1965. لكنّ إصدارها توقّف بعد تأسيسها بعشر سنوات فقط، أي في العام 1975. وفي البداية كان عدد صفحاتها 64 صفحة ثم ارتفع إلى 80 صفحة.
تأسّست الجامعة السلفية في مدينة بنارس في العام 1963. وقام بتأسيسها والإشراف عليها جمعية أهل الحديث في الهند. وبدأت الجمعية بإصدار مجلّة فصلية باسم ”صوت الجامعة“ في العام 1969. ثمّ تغيّر اسمها إلى مجلّة ”الجامعة السلفية“، قبل أن يتغيّر اسمها للمرّة الثانية في العام 1988 ليصبح ”صوت الأمّة“. وهي ما زالت تصدر حتّى اليوم وتلاقي اهتماماً جيّداً.
كما بدأت السفارة الهندية في دمشق بإصدار مجلّة علمية ثقافية بعنوان ”الهند“ في العام 1972، تصدر ستّ مرّات في السنة. وتعرض هذه المجلّة صورة شاملة عن الهند من خلال زواياها الثابتة التي تتناول ثقافة الهند ومجتمعها، وتغطّي التطوّرات السياسية والاقتصادية في الهند، فضلاً عن تطوّر علاقات الهند الخارجية.
وفي العام 1973 بدأت دار العلوم في ديوبند بإصدار جريدتها المسمّاة ”الكفاح“ وكان وحيد الزمان الكيرانوي رئيساً لتحريرها. وتُعتبر ”الكفاح“ ترجمان جمعية علماء الهند التي تأسّست في تشرين الثاني (نوفمبر) 1919 ولها دور بارز في استقلال الهند. لكنّ إصدار هذه المجلّة توقّف في العام 1978.
في الهند جماعة إسلامية تُدعى ”الجماعة الإسلامية الهندية“ أسّسها أبو الأعلى المودودي، وتهتمّ هذه الجماعة بالتطوّرات السياسية والاجتماعية في الهند. ولأنّ ”الجماعة الإسلامية الهندية“ تحاول دائماً أن تكون على علاقة مباشرة بالعرب، أصدرت من مدينة دلهي جريدة عربية نصف شهرية باسم ”الدعوة“، وذلك في شهر نيسان (إبريل) 1975. وتُعتبر هذه الجريدة لسان حال الجماعة الإسلامية الهندية“، إلّا أنها توقّفت عن الصدور.
هذا وأسّس مولانا وحيد الزمان الكيرانوي جريدة نصف شهرية باسم ”الداعي“ لتكون ناطقاً باسم دار العلوم في ديوبند، وذلك بعد توقّف إصدار مجلّة ”دعوة الحقّ“. وصدر أوّل عدد من ”الداعي“ في 10 تموز (يوليو) 1976، ولا تزال تصدر حتى يومنا هذا بصورة منتظمة. وبعد وحيد الزمان الكيرانوي رأس تحريرها بدر الحسن القاسمي حتّى شهر تموز (يوليو)1983. وجاء من بعده نور عالم خليل الأميني الذي لا يزال يرأس تحريرها حتّى اليوم.
قامت جامعة علي كره الإسلامية الهندية بإنشاء أكاديمية باسم ”المجمع العلمي الهندي“، وأصدرت مجلّة علمية نصف سنوية في العام 1976 لتكون ترجماناً لهذا المجمع باسم مجلّة ”المجمع العلمي الهندي“. ولا زالت المجلّة تصدر حتى يومنا هذا. وهي تحتلّ مكانة مرموقة في الصحافة العربية المعاصرة في الهند، نظراً لما تتمتّع به من دقّة في التحقيق والنقد والتقييم، هذا فضلاً عن كونها رائدة الصحافة العربية في الهند، ولاسيّما لجهة اختيارها الاتجاه العلمي. إذ تقوم بنشر مقالات وبحوث علمية قيّمة إلى جانب المقالات الأدبية، وتشجّع الدارسين لنشر مقالاتهم وأبحاثهم المختلفة.
أصدرت دار الثقافة للطباعة والنشر في ديوبند مجلّة إسلامية شهرية باسم ”الثقافة“ في كانون الثاني (يناير) 1983، ورأس تحريرها محمد إسلام القاسمي. ولكن لأسباب اقتصادية توقّف إصدارها على الرغم من نيلها إعجاب الكثير من العاملين في مجال الدعوة الإسلامية.
وفي مدينة حيدر آباد التي اشتهرت بوصفها مركزاً من مراكز الثقافة الإسلامية في الهند، ثمّة مدارس عربية أهلية وجامعات عصرية حكومية خاصّة عديدة، حيث تُدرَّس اللغة العربية وآدابها بغاية من الجدّية والاهتمام. وتصدر من هذه المدينة، فضلاً عن ذلك، جرائد ومجلّات متعدّدة باللغة العربية؛ ومن أبرزها مجلّة ”الصحوة الإسلامية“ وهي مجلّة عربية فصلية جامعة تصدرها الجامعة الإسلامية- دار العلوم في حيدر آباد منذ العام 1989 ويرأس تحريرها الأستاذ محمد نعمان الدين الندوي.
أمّا ”مجلّة الفرقان“، فهي مجلّة عربية إسلامية شهرية يصدرها مركز العلّامة عبد العزيز بن باز للدراسات الإسلامية التابع لجامعة الإمام ابن تيميّة في ولاية بيهار الهندية. ويرأس تحريرها أبو القيس عبد العزيز المدني. وقد صدر العدد الأول لهذه المجلّة في كانون الأول ( ديسمبر) 2000، ولا تزال تصدر حتّى يومنا هذا.
وتُصدِر الجامعة الإسلامية الواقعة في شانتا فورم في ولاية كيرالا – الهند مجلّة فصلية شاملة باسم ”مجلّة الجامعة“. وقد أُنشئت هذه المجلة في العام 2006، ويرأس تحريرها الأستاذ علي باوتي.
أمّا مجلّة ”أقلام واعدة“، فهي مجلّة عربية أدبية فصلية يصدرها اتحاد أساتذة اللغة العربية في الجامعات الهندية من مدينة حيدر آباد منذ العام 2008، ويرأس تحريرها الأستاذ الدكتور محسن عثماني الندوي، وتهدف هذه المجلّة إلى التعريف بالتطوّرات الأدبية العربية المعاصرة بين أساتذة اللغة العربية وباحثيها في الهند، وتقديم الآداب العالمية والهندية للوطن العربي بواسطة المجلّة.
هناك قائمة طويلة للمجلّات والجرائد العربية تصدر من الهند، لا يسع المجال للتعريف بها، لذا نكتفي فقط بذكر أسمائها: مجلة ”الصبح“، صحيفة ”اليقظة“، مجلّة ”الرابطة الإسلامية“، ”صوت السلام“، مجلّة ”النور“، مجلّة ”التاريخ الإسلامي“، مجلّة ”المظاهر“، مجلّة ”النهضة الإسلامية“، مجلّة ”الحرم“، مجلّة ”الاستقامة“، مجلّة ”الخير“، مجلّة ”التعليم“، ”صوت الخرّيجين“، مجلّة ”الصلاح التذكارية“، ”رسالة الشباب“، ”اقرأ تتحسّن لغتك العربية“، ”النشرة“، مجلّة ”التضامن“، مجلّة ”الآداب العربية“، مجلّة ”النهضة“، مجلّة ”الدراسات العربية“، مجلّة ”الزهرة“، مجلّة ”العرب“، مجلّة ”أخبار الهند“، مجلّة ”الباقيات“، مجلّة ”شاعرة الأمّة“، جريدة ”المعهد“، مجلّة ”البحوث والدراسات“.
في ضوء ذلك، يمكن لنا أن نتصوّر مدى تطوّر الصحافة العربية وازدهارها في الهند، ولاسيّما أنها تقدّم لنا صورة واضحة عن النشاطات الصحافية باللغة العربية، على الرغم من أن هذه اللغة ليست لغة الجماهير ولا لغة الحكومة. وهذا ما يشير إلى حبّ الهنود بعامّة والمسلمين منهم بخاصّة للغة العربية.
*كاتب وأكاديمي من الهند