قضية الأحواز
منيت الأمة العربية بنتائج مضاعفة ترتبت على الحرب العالمية الأولى، وقد كانت امتدادا لما سبقها من محاولات طمس هويتها وتفتيت وحدتها المعنوية، من خلال تغيير اللغة أولا، فمن محاولات ( التتريك) في المشرق الى محاولات (الفرنسة) في المغرب، الى اعتبار أجزاء هامة من الوطن العربي، سلع يجري التفاوض عليها في المساومات بين الدول .. فهذا وعد ( بلفور) يمنح فلسطين لليهود، وهذا لواء الإسكندرونة يمنح للأتراك من قبل الفرنسيين، وهذه الأحواز تمنح للفرس من الإنجليز ..
الأحواز .. تاريخ و جغرافية ..
سكن العرب منطقة الأحواز في فترات بعيدة سبقت ظهور الإسلام، فكان أول من سكنها من العرب هم (آل كثير) و (بني مرة) و ( بني العمر) .. وكانت أراض خصبة، قسموها فيما بينهم الى (حوزات) فكل قبيلة أخذت حوزة فأطلقوا على المنطقة اسم ( الأحواز) .. وفي العهد الصفوي أطلق الصفويون عليها اسم (عربستان) ويعني ( أرض العرب) باللغة الفارسية، وهو اعتراف صريح بعروبة المنطقة .. ثم أطلقوا عليها اسم (خوزستان)، أي أرض القلاع، حيث بنا العرب المسلمون بعد معركة القادسية قلاعا كثيرة فيها ..
وتقع الأحواز في الجنوب الغربي من إيران و الجنوب الشرقي من العراق، وهي محصورة بين خطي العرض 30 و33 شمالا وبين خطي العرض 48و 51 شرقا
وهي امتداد طبيعي لسهول العراق. وتبلغ مساحتها 185ألف كم2، اقتطع الفرس منها 11ألف كم2 وضموها الى فارس، و10آلاف كم2 ضموها الى أصفهان، و4.4آلاف كم2 تم ضمها الى محافظة (لورستان) .. لتبقى مساحة (الأحواز) 159.600كم2.
يحاول الفرس التستر على أعداد نفوس الأحواز من العرب، رغم محاولاتهم الكثيرة في تشتيت السكان الأصليين، فبالرغم من أن السكان في الإقليم تبلغ نسبتهم 99% من العرب. فقد بين الفرس في تعداد سكان إيران عام 1962 أن سكان (الأحواز) بلغ (4.7) مليون نسمة، وأن نسبة العرب منهم (حسب إحصاء الفرس) كانت 70%، ولو سلمنا بإحصائية الفرس، لا بتقديرات الأمم المتحدة في حينه، ووضعنا نسبة زيادة في السكان تبلغ 3%، بالرغم من أنها تزيد على ذلك بحوالي 0.6 في إيران .. فنحن نتحدث عن عرب تعدادهم داخل إيران يقدر ب 12.5 مليون نسمة عام 2007.
ويشير (جورج كيرزن) في كتابه ( فارس والمسألة الفارسية) المنشور في عام 1892م (( أن سكان الأحواز هم من العرب الخلص.. وخاصة بعد التحرير العربي في عام 641م، فقد تتابعت الهجرات العربية من غربي وشرقي نهر دجلة والخليج العربي)) .. وفي قائمة أعدها القنصل البريطاني في البصرة (روبرتسون) في ثمانينات القرن التاسع عشر أن القبائل العربية في الأحواز حافظت على عروبتها، وأشهرها قبيلة (كعب) و (البو غبيش) و (العساكرة) و (الخنافرة) و (الباوية) و (البوناصر) و (الكثير) و (بيت الحجي) و (بنو رشيد) و (بنو صالح) و (بنو طرف) و (الحمودي) و (الحميد) و (الشرافة) و (شرفا) و (السواري) و (السودان) و (سليمان) و (المنتفك) و (بني لام) .
وبينما كان بنو كعب يسودون ضفاف نهر القارون، كانت قبائل بني طرف تسود أقصى الغرب، إذ استقرت في الخفاجية والحويزة على حدود محافظة ميسان العراقية، وبنو طرف بطن من بطون (طي)، جاءوا الى الأحواز وتوطنوا بجوار ( بني سالة) إحدى قبائل المنطقة، ثم انتقلوا الى (الخفاجية) وكانت لهم صلات متينة مع أهل (العمارة) . وبنو طرف ينقسمون الى قسمين رئيسيين : بيت (سعيد) و بيت (صياح) ..
وسكن مدينة الأحواز عشائر (سوارى) و (بني سالة) و (كنانة) و (الخزرج) و (الصرخة) و (بنو مالك) و (بنو أسد) و عشائر بيت (سيد عرب) . أما مدينة (الدورق) وهي ثاني مدينة من حيث الأهمية، فيسكنها (بنو كعب) التي تتفرع قبيلتهم الى أربعة فروع : ( العسكر والدريس) و (البوغبيش و النصار) و (الخنافرة) و ( مجدم) . كما تسكنها عشائر (الجلاف) و (بنو سكين) و (الأمارة) و (الشريفات) ..
أما سكان (المحمرة) وهي المدينة التي شيدها العرب على أنقاض مدينة (خاراكس) السومرية القديمة، وسميت بالمحمرة لأن طينها الغريني محمر. فسكنها هي ومدينة (عبادان) عشائر (البغلانية) و (بيت بخاخ) و (المحيسن) و (البو دبيس) و (الخزرج) و (تميم) و (بني لام) .
وهناك عشائر أخرى مثل ( السواعد) و (الساجية) و (الحيادر) و (أهل الجرف) و (المزارعة) و (بنو نعامة) و ( نيس) و ( القاطع) و مواطن هذه العشائر (الحويزة) . أما عشائر ( الشواكر و الحردان و الجامع و الهواشم و معاونة و ومرونة و البو رواية) فتقطن الأحواز، وفي المحمرة عشائر أخرى منها (العتوب) و ( المعدان) .
وتنتشر عشائر (المقاطيف) و (بيت بلال ) و (الخميسي) في مدينتي (رامز) و (الفلاحية) .. أما عشيرة (السادات ) فتستقر في مدن (دسبول) و (تستر) و (عقيلي) ..
يتبع
المرجع :
قضايا عربية معاصرة/د ابراهيم خليل وآخرون/ جامعة الموصل/1988