كنتُ أعدو في ميادين السباقات شموخاً، فأسقطتُ ورائي كلّ الخيول، وانطلقتُ أعدو كسهم تخلّى عن وتر القوس، ورحتُ بعيداً.. بعيداً لا منظار يرصدني، ولا هدفاً يلحق بي، لأستقر في قلب الزمن الجافر.
عندما تخلل البياض غُرَّتي الرمادية، أدركني الوقت الحزين، فاستسلمتُ للقضاء.
في ميدان مربّع، على عتبةٍ لونُها كلون الفضّة، منصّة إعدامٍ، وجلاد أعمى.
حول الميدان شرفاتٌ مكتظّة بالمتفرجين، فاتِنةٌ جاءت من سهوب بلادي، ممشوقة القوام كأنها رمح محارب، أخرجتني من حومة الضياع.. إليها، وألبستني جناحين من حرير.!
قلت لها بفرح مكتوم: كل سنة وأنت سبق الآتين إلى دمائي، فاجعليني في حياتك.. حياة.!
... أيها الـ أنا، الذئب، الذي كان جارحاً.. لقد أكلتِ الأيام العجافُ أنيابك، وأتلَفتْ حِدّةَ ناظريك، وأوهنت قوائمك.. وها أنت تستقبل حياتك من جديد، فلماذا تعلُن استسلامك.؟
نفضتُ الغبار عن جناحيّ، وأطلقت صرخةً عمّت أرجاء الكون: أيها المتعبون مثلي من وجع الوقت، وذلّ الشتات، أما أن للأحياء منكم أن يفترشوا ظلال الغابة، ويمكّنوا الآتين من قاصيات الأمكنة على أجنحة القدر من افتراس مواضيهم.!
ع.ك