التحوّل كما هو معروف من الجذر (ح و ل) ، ونقرؤه في لغـــــة الجذور :بين التحويـــل والتغييـــر(1)
أَحال الشيءُ واحْتالَ: أَتَى عليه حَوْلٌ كامل؛ قال رؤبة: أَوْرَقَ مُحْتالاً دَبيحاً حِمْحِمُه وأَحالت الدارُ وأَحْوَلَتْ وحالَتْ وحِيلَ بها: أَتَى عليها أَحْوَالٌ؛ قال:
حالَتْ وحِيلَ بها، وغَيَّرَ آيَها ***صَرْفُ البِلى تَجْري به الرِّيحانِ
وقال الكميت: أَأَبْكاكَ بالعُرُف المَنْزِلُ؟ وما أَنت والطَّلَلُ المُحْوِلُ؟
وقال الجوهري: حالَتِ الدارُ وحالَ الغلامُ أَتَى عليه حَوْلٌ.وأَحالَ عليه الحَوْلُ أَي حالَ.ودار مُحيلة: غاب عنها أَهلُها مُنْذُ حَوْلٍ، وكذلك دار مُحِيلة إِذا أَتت عليها أَحوال.وأَحالَ اللهُ عليه الحَوْلَ إِحالة، وأَحْوَلْتُ أَنا بالمكان وأَحَلْت: أَقمت حَوْلاً.
وأَحال الرجلُ بالمكان وأَحْوَل أَي أَقام به حَوْلاً.
وأَحْوَل الصبيُّ، فهو مُحوِل: أَتَى عليه حَوْلٌ من مَوْلِده؛ قال امرؤ القيس في بعض تعهّره بإحدى قصائده المشهورة وهي المعلقة :
فَـمِـثْـلِـكِ حُـبْـلَـى قَـدْ طَرَقْتُ ومُرْضِعٍ***فأَلْهَيْتُهــــــــا عن ذي تَمائِمَ مُحْــوِلإذا مـــــا بــكـــــى انصرفـتْ لــــــــه *** بشقٍّ وتحتي شقّـهــــــــــا لم يحــوّلقال ابن سيده الحَوْل والحَيْل والحِوَل والحِيلة والحَوِيل والمَحالة والاحتيال والتَّحَوُّل والتَّحَيُّل كل ذلك الحِذْقُ وجَوْدَةُ النظر والقدرةُ على دِقَّة التصرُّف والحِيَلُ والحِوَل جمع حِيلة ورجل حُوَلٌ وحُوَلة مثل هُمَزَة وحُولة وحُوَّل وحَوَالِيٌّ وحُوَاليٌّ وحوَلْوَل مُحْتال شديد الاحتيالوقال صاحب اللسان :
قال يا زيد أَبْشِر بأَخيك قد فَعَل*** حَوَلْوَلٌ إِذا وَنَى القَومُ نزَل
ورجلُ حَوَلْوَل مُنْكَر كَمِيش وهو من ذلك ابن الأَعرابي الحُوَل والحُوَّل الدَّواهي وهي جمع حُولة ، وعند الأَصمعي: يقال جاء بأَمر حُولة من الحُوَل أَي بأَمر مُنْكَر عجيب ويقال للرَّجُل الداهية إِنَّه لَحُوله من الحُوَل أَي داهِية من الدواهي وتسمى الداهية نفسها حُولة وأَنشد :
ومِنْ حُولة الأَيام يا أُمَّ خالدٍ *** لنا غَنَم مَرْعِيَّةٌ ولنا بَـقَــر
ورجل حُوَّل ذو حِيَل وامرأَة حُوَّلة ويقال هو أَحْوَل منك أَي أَكثر حِيلــة ،وما أَحْوَلـه ورجل حُوَّل بتشديد الواو أَي بَصِير بتحويل الأُموروهو حُوَّلُ قُلَّب وأَنشد ابن بري: وما غَرَّهم لا بارك اللهُ فيهم *** به وهو فيه قُلَّبُ الرَّأْي حُوَّل.
ويقال رجل حَواليٌّ للجَيِّد الرأْي ذي الحِيلة قال ابن أَحمر ويقال للمَرَّار بن مُنْقِذ العَدَوي أَو تَنْسَأَنْ يومي إِلى غيره إِني حَواليٌّ وإِني حَذِر وفي حديث معاوية لما احْتُضِر قال لابنتيه قَلِّباني فإِنكما لتُقَلِّبان حُوَّلاً قُلَّباً إِن وُقِيَ كَبَّة النار الحُوَّل ذو التصرّف والاحتيال في الأُمور ويروى حُوَّلِيّاً قُلَّبِيّاً إِن نجا من عذاب الله بياء النسبة للمبالغة وفي حديث الرجلين اللذيْن ادَّعى أَحدُهما على الآخر فكان حُوَّلاً قُلَّباً واحْتَال من الحِيلة وما أَحْوَله وأَحْيَله من الحِيلة وهو أَحْوَل منك وأَحْيَل معاقبة وإِنه لذو حِيلة والمَحالة الحِيلة نفسها ويقال تَحَوَّل الرجلُ واحْتال إِذا طلب الحِيلة ومن أَمثالهم (من كان ذا حِيلة تَحَوَّل ) ويقال هو أَحْوَل من ذِئْب، ومن الحِيلة وهو أَحْوَل من أَبي بَراقش وهو طائر يَتَلَوَّن أَلواناً وأَحْوَل من أَبي قَلَمون ثوب يتلوَّن أَلواناً ، وقال الكسائي : (سمعتهم يقولون هو رجل لا حُولة له) يريدون لا حِيلة له وأَنشد :
له حُولَةٌ في كل أَمر أَراغَـــه *** يُقَضِّي بها الأَمر الذي كاد صاحبه
والمَحالة الحِيلة يقال المرء يَعْجِزُ لا المَحالة وأَنشد ابن بري لأَبي دُواد يعاتب امرأَته في سَماحته بماله :
حاوَلْت حين صَرَمْتِني *** والمَرْءُ يَعْجِز لا المَحاله
والدَّهْر يَلْعَب بالفتى *** والدَّهْر أَرْوَغُ من ثُعاله
والمَرْءُ يَكْسِب مالَه *** بالشُّحِّ يُورِثُه الكَلاله
وقولهم لا مَحالة من ذلك أَي لا بُدَّ ولا مَحالة أَي لا بُدَّ يقال الموت آت لا مَحالة وفي التهذيب ،يقولون في موضع لا بُدَّ لا مَحالة ، قال النابغة: وأَنت بأَمْرٍ لا مَحالة واقع ، والمُحال من الكلام ما عُدِل به عن وجهه وحَوَّله جَعَله مُحالاً وأَحال أَتى بمُحال ورجل مِحْوال كثيرُ مُحال الكلام ، وكلام مُسْتَحيل مُحال ويقال أَحَلْت الكلام أُحِيله إِحالة إِذا أَفسدته وروى ابن شميل عن الخليل بن أَحمد أَنه قال المُحال الكلام لغير شيء والمستقيم كلامٌ لشيء والغَلَط كلام لشيء لم تُرِدْه واللَّغْو كلام لشيء ليس من شأْنك والكذب كلام لشيء تَغُرُّ به وأَحالَ الرَّجُلُ أَتَى بالمُحال وتَكَلَّم به وهو حَوْلَهُ وحَوْلَيْه وحَوالَيْه وحَوالَه ولا تقل حَوالِيه بكسر اللام التهذيب والحَوْل اسم يجمع الحَوالى يقال حَوالَي الدار كأَنها في الأَصل حوالى كقولك ذو مال وأُولو مال قال الأَزهري يقال رأَيت الناس حَوالَه وحَوالَيْه وحَوْلَه وحَوْلَيْه فحَوالَه وُحْدانُ حَوالَيْه وأَما حَوْلَيْه فهي تثنية حَوْلَه قال الراجز :
ماءٌ رواءٌ ونَصِيٌّ حَوْلَيَه ***هذا مَقامٌ لك حَتَّى تِيبِيَه
ومِثْلُ قولهم حَوالَيْك دَوالَيْك وحَجازَيْك وحَنانَيْك قال ابن بري وشاهد حَوالَهُ قول الراجز: أَهَدَمُوا بَيْتَك ؟ لا أَبا لكا *** وأَنا أَمْشي الدَّأَلى حَوالَكا
وفي حديث الاستسقاء : (اللهم حَوالَيْنا ولا علينا ) يريد اللهم أَنْزِل الغيثَ علينا في مواضع النبات لا في مواضع الأَبنية من قولهم رأَيت الناس حَوالَيْه أَي مُطِيفِينَ به من جوانبه وأَما قول امريء القيس (أَلَسْتَ ترى السُّمَّار والناس أَحْوالي ) فعَلى أَنه جَعَل كل جزء من الجِرْم المُحِيط بها حَوْلاً ذَهَب إِلى المُبالغة بذلك أَي أَنه لا مَكان حَوْلَها إِلا وهو مشغول بالسُّمَّار فذلك أَذْهَبُ في تَعَذُّرِها عليه واحْتَوَله القومُ احْتَوَشُوا حَوالَيْه وحاوَل الشيءَ مُحاولة وحِوالاً رامه وابتغاه .
وبناءً على ما سبق فقولنا (لا حول ولا قوة إلا بالله) تعني :
لا حيلة ولا تدبير ولا تخطيط إلا بالله ، فالتدبير بيد الله تعالى ، وكذلك القوة على تنفيذ هذا التدبير والتخطيط المرسوم هو بيد الله عز َّ وجلّ .
ونتابع البحث في الأسبوع المقبل بإذن الله تعالى ومشيئته .