منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1

    (صاحب عصابة الموت)

    لقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أسوة وقدوة في كل شيء لكن بعضهم كان يتميز أحياناً عن غيره بصفة تظهر فيه جلية واضحة كالشمس في رابعة النهار.وها نحن على موعد مع بطل كان إذا ربط على رأسه العصابة الحمراء هبت رياح الموت من كل مكان.لقد كان الناس يعرفون للحرب قدرها ورهبتها ويعملون لها ألف حساب... أما بطلنا فقد كان يدخل الحرب فينظر إلى أعداء الله كأنهم حشرة حقيرة يمشي عليها ويطأها بقدميه . فنجده يمشي يختال في مشيته عند الحرب.كان أبو دجانة صاحب همة عالية في القتال وكانت تلك الهمة في حاجة إلى ان تأخذ طريقها إلى رقاب (أعداء الله) لولا أن صاحبها لم يسلم بعد.فلما أسلم أبو دجانة ولامس الإيمان شغاف قلبه ازدادت همته وذلك لأنه سيقاتل من أجل العقيدة التي من أجلها خلق الله السماوات والأرض وأرسل الرسل وأنزل الكتب وخلق الجنة والنار.... فأصبحت همته موجهة لحصد رقاب أعداء الله. *صاحب عصابة الموت.*في حياة الصحابة الفرسان ملامح طريفة من نوادر البسالة والفروسية والإقدام هذه الملامح تلتصق بشخصية صاحبها حيث يعرف بها بين أقرانه وتبقى خالدة على مر الأيام والأزمان ماثلة للعيان عبر تتالي الدهور والأعوام.*وأبو دجانة واحد من أولئك الأبطال الذين عرفوا بالشجاعة وخاصة إذا وضع شارة الحرب على رأسه.*ولقد شهد لهذا الفارس البطل بالفروسية والجرأة والإقدام أقرانه الشجعان ويكفيه فخراً وقدراً أن الزبير بن العوام – وهو من أشجع فرسان الصحابة وأشدهم وأقواهم جناناً- قد شهد لبطلنا بكمال الفروسية وجلال البطولة وشدة البأس وإحكام المراس.شهد أبو دجانة (سماك بن خرشة) بدراً وأحداً.وفي أحد قام الحبيب صلى الله عليه وسلم أخذ سيفاً يوم أحد فقال :" من يأخذ هذا؟" فبسطوا أيديهم كل إنسان منهم يقول: أنا , أنا قال :" فمن يأخذه بحقه؟" قال: فأحجم القوم فقال سماك بن خرشة ( أبو دجانة) : أنا آخذه بحقه قال: فأخذه ففلق به هام المشركين.وبينما كان ثقل المعركة يدور حول لواء المشركين كان القتال المرير يجري في سائر نقاط المعركة وكانت روح الإيمان قد سادت صفوف المسلمين فانطلقوا خلال جنود الشرك انطلاق الفيضان تتقطع أمامه السدود وهم يقولون:" أمت ، أمت" كان ذلك شعاراً لهم يوم أحد.أقبل أبو دجانة معمماً بعصابته الحمراء آخذاً بسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم مصمماً على أداء حقه فقاتل حتى أمعن في الناس وجعل لا يلقي مشركاً إلا قتله وأخذ يهد صفوف المشركين هداً. قال الزبير بن العوام: وجدت في نفسي حين سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف فمنعنيه وأعطاه أبا دجانة وقلت- أي: في نفسي-: أنا ابن صفية عمته ومن قريش وقد قمت إليه فسألته إياه قبله فآتاه إياه وتركني والله لأنظرن ما يصنع؟ فاتبعته فأخرج عصابة له حمراء فعصب بها رأسه فقالت الأنصار أخرج أبو دجانة عصابة الموت فخرج وهو يقول:- أنا الذي عاهدني خليلي ونحن بالسفح لدى النخيل- أن لا أقوم الدهر في الكبول أضرب بسيف الله والرسول.فجعل لا يلقي أحداً إلا قتله كان في المشركين رجل لا يدع لنا جريحاً إلا ذف عليه فجعل كل واحد منهما يدنو من صاحبه فدعوت الله أن يجمع بينهما فالتقيا فاختلفا ضربتين فضرب المشرك أبا دجانة فاتقاه بدر قته فعضت بسيفه فضربه أبو دجانة فقتله.ثم أمعن أبو دجانة في هد الصفوف حتى خلص إلى قائدة نسوة قريش وهو لا يدري بها قال أبو دجانة : رأيت إنساناً يخمش الناس خمشاً شديداً فصمدت له فلما حملت عليه السيف ولول فإذا امرأة فأكرمت سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أضرب به امرأة.وكانت تلك المرأة هي ( هند بنت عتبة) قال الزبير بن العوام: رأيت أبا دجانة قد حمل السيف على مفرق رأس هند بنت عتبة ثم عدل السيف عنها فقلت : الله ورسوله أعلم رحمك الله ورضي عنك يا أبا دجانة ... يا صاحب عصابة الموت يا من لا تقوم الدهر في الكبول بل تفلق هام المشركين.أما نحن فتفلق هامنا ... وتصبغ العصابات من دمنا وأعراض نسائنا- قد استرد السبايا كل منهزم لم تبق في أسرها إلا سبايانا- وما رأيت سياط الذل دامية إلا رأيت عليهم لحم أسرنا- وما نموت على حد الظبا أنفاً حتى لقد خجلت منا منايانا. *دفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم.* ولقد ثبت أو دجانة يوم أحد وترس بنفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فحنى ظهره عليه والنبل يقع فيه حتى كثرت به الجراح ولم تتوقف غزوة أحد حتى جندل بسيفه بضعة رجال من أبطال المشركين... وسأروي لك – عزيزي القارئ – كيف قتل رجلاً يوم أحد فشقه نصفين. *جهاده في سبيل الله تعالى**شهد أبو دجانة – رضي الله عنه- المغازي النبوية جميعها وفي شهر ربيع الأول من السنة الرابعة للهجرة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتهيؤ لحرب يهود بني النضير وقتالهم , فسار أبو دجانة لقتالهم, فاعتصموا بحصونهم, فحاصرهم المسلمون, وملأ الرعب قلوب بني النضير, واشتد الحصار عليهم, وأيقنوا أن حصونهم لا تمنعهم من سوء المصير, وعند ذلك صالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجلاء, فخرجوا, وتركوا وراءهم للمسلمين مغانم كثيرة من غلال, وسلاح, وعقار, ودور .*هذا؛ ولما كان المسلمون قد أخذوها صلحاً دون حرب أو قتال, كانت فيئا من حق رسول الله صلى الله عليه وسلم, يتصرف فيها كيف يشاء, وقد قسمها على المهاجرين دون الأنصار, وبذلك أغني الله عز وجل المهاجرين, وأزال حاجتهم وفاقتهم, ولم يأخذ من الفيء من الأنصار إلا أبو دجانة, وسهل بن حنيف, والحارث بن الصمة, فقد شكوا عند ذلك فأعطاهم رسول الله صلى عليه وسلم .*وفي غزاة خيبر أبلى أبو دجانة – رضي الله عنه – أحسن البلاء ,فقد خرج أحد فرسان اليهود ,ويدعى "غزال" فدعا إلى البراز, فبرز له الحباب بن المنذر , فقطع يده اليمنى , ثم أجهز عليه , وخرج يهوي آخر فصاح : من يبارز؟ فبرز إليه رجل من المسلمين ,فقتله اليهودي , وقام مكانه يدعو إلى البزار, ويبرز له فارس الأنصار أبو دجانة , وقد عصب رأسه بعصابة حمراء فوق المغفر, يختال في مشيته , فضربه أبو دجانة فقتله وأخذ سبله ودرعه وسيفه , فجاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم فنفله ذلك .* وأحجم اليهود عن البراز ,عند ذلك كبر المسلمون ,ثم تحاملوا على الحصن فدخلوا وأمامهم أبو دجانة , فوجدوا فيه أثاثاً, ومتاعاً, وغنماً ,وطعاماً , وهرب من كان فيه من المقاتلين.*يوم حنين , كان لأبي دجانة مواقف لا تنسى ,فقد كان لرجل من بني هوازن يركب على جمل أحمر ,ومعه رمح طويل قد أكثر في المسلمين القتل ,فثبت له أبو دجانة ,وعرقب جمله ,وجاء فارس الإسلام والمسلمين على بن أبي طالب _ رضي الله عنه_ وقطع يد المشرك , وقطع أبو دجانة يده الأخرى , ثم قتلاه , وصيراه عدماً كأمس الدابر.وظل أبو دجانة – رضي الله عنه- من فرسان مدرسة النبوة ,يجاهد بسيفه , حتى سجل أضوأ الآثار في تاريخ الفروسية في عصر النبوة ,وفي المغازي النبوية أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم . *أين تلك المكارم*.قال ابن أسلم : دخل على أبي دجانة وهو مريض ,وكان وجهه يتهلل .فقيل له ما لوجهك يتهلل ؟ فقال :عمل شيء ؟أوثق عندي من اثنتين: كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني , والأخرى فكان قلبي للمسلمين سليماً.فأين تلك الأخلاق والمكارم أيهما المسلمون .لقد أصبح الكثيرون ممن ينتسبون إلى الإسلام لا يفترون لحظة واحدة عن الخوض في أعراض المسلمين حتى استفحل الأمر وأصبحوا يخوضون في أعراض علماء المسلمين- ولا حول ولا قوة إلا بالله-.وأما عن الأخرى فأنا أسألكم بالله: من منا يبيت ليلة وليس في قلبه غل ولا حقد ولا حسد ولا ضغينة لأحد المسلمين.فهنيئاً لمن اكتحلت عيناه برؤية هذا الجمع الطيب المبارك من أصحاب الحبيب صلى الله عليه وسلم بل هنيئاً ثم هنيئاً لمن رأى الحبيب صلى الله عليه وسلم.وظل أبو دجانة ملازماً للحبيب صلى الله عليه وسلم ملازمة الرجل لظله ..يقبس من هديه وعلمه وأخلاقه .. ولقد أحب النبي عليه الصلاة والسلام حباً شديداً حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم لو أمره أن يهدم الجبال وأن يحول مياه البحر لذهب لتنفيذ تلك المهمة بكل حب ووفاء.ولما توفي الحبيب صلى الله عليه وسلم حزناً شديداً كاد أن يمزق قلبه حتى ضاقت عليه الدنيا بما فيها. *حديقة الموت وساعة الرحيل*.وظل أبو دجانة الشجاع الثائر يبحث عن الشهادة في مظانها وأطلق لسيفه العنان لحرب أعداء الله إلى أن جاءت موقعة اليمامة.فلقد بعث أبو بكر الصديق- رضي الله عنه- خالد بن الوليد لقتال مسيلمة وبني حنيفة وكانوا في قريب من مائة ألف أو يزيدون وكان المسلمون بضعة عشر ألفاً فلما التقوا جعل كثير من الأعراب يفرون فقال المهاجرون للأنصار : خلصنا يا خالد . فميزهم عنهم وكان المهاجرون والأنصار قريباً من ألفين وخمسمئة فصمموا الحملة وجعلوا يتدابرون ويقولون يا أصحاب سورة البقرة بطل السحر اليوم فهزموهم بإذن الله ولجأوهم إلى حديقة هناك( تسمى حديقة الموت) فتحصنوا بها فحاصروهم فيها ففعل البراء بن مالك أخو أنس بن مالك- وكان الأكبر- وما ذكر من رفعه على الأسنة فوق الرماح حتى تمكن من أعلى سورها ثم ألقى نفسه عليهم ونهض سريعاً إليهم ولم يزل يقاتلهم وحده ويقاتلونه حتى تمكن من فتح الحديقة ودخل المسلمون يكبرون وانتهوا إلى قصر مسيلمة وهو واقف خارجه عند جدار كأنه جمل أزرق أي من سمرته فابتدره وحشي بن حرب الأسود قاتل حمزة بحربته وأبو دجانة سماك بن حرشة الأنصاري فسبقه وحشي فأرسل الحربة عليه من بعد فأنفذها منه وجاء إليه أبو دجانة فعلاه بسيفه فقتله.وما زال البطل يصول ويجول بسيفه الذي فلق بها هام المشركين .. فانكسرت رجله وعلى الرغم من ذلك نهض وظل يقاتل ببسالة وفداء وكأن الله أبدله بجناحين يطير بهما في أرض المعركة.وسقط من المسلمين مئات وكان من بينهم بطلنا الحبيب أبو دجانة ونزفت دماؤه الشريفة التي لطالما امتزجت بحب الله وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم والغيرة على دينه.وها نحن نذكر سيرته العطرة التي تمت ولن تموت في قلوبنا بل ستبقى حية ما دامت السماوات والأرض. **** فرضي الله عنه وعن سائر الصحابة أجمعين**** * فوائد وتعليقات *ابو دجانة رضي الله عنه قدوة لكل مسلم عامة ولشباب المسلمين ومجاهديهم خاصة , لصفات نادرة لم يحزها غيره من الناس اليوم , وهي : 1- الشجاعة المتجذرة في كيان هذا الرجل خلقاً وسلوكاً ومنهجاً حياتياً تمثله مدة حياته كلها حتى استشهد ولقي الأحبة محمداً صلى الله عليه وسلم وصحبه . 2- ميزة تفرّد بها لم ولن يسبق إليها وهي تعممه بالعصابة الحمراء إرهاباً وتخويفاً لأعداء الله . 3- اعتزازه بإيمانه وحبّه لله ورسوله صلى الله عليه وسلم وسعيه الدائب لنيل شرف الشهادة في سبيل الله . 4- الثبات على عهده لمّا أخذ سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم بحقه , مما أوقد فيه وهج الحمية لدين الله فانطلق كالإعصار يفلق هامات المشركين في ساحات المعارك . 5- تمثله مكارم الأخلاق لما سلم صدره من الحقد والغل ولسانه من الكلام فيما لا يعنيه , وجدير بالمسلمين أن يتمسّكوا بهاتين الصفتين اللتين جمعتا طهارة القلب ونزاهة اللسان . 6- فارس لايشق له غباركما شهد له أقرانه من فرسان الصحابة الشجعان وفي مقدّمتهم الزبير بن العوّام رضي الله عنه . فلماذا لايكون فينا طيار أو او قائد مخلص كأبي دجانة رضي الله عنه . وكلنا يعلم أن الرعيل الأول همهم الله والدار الآخرة أما مسلمي اليوم فهمهم الدنيا وملاذها , وحب الملك وشهوة السلطة والتحكم برقاب العباد . تلك إضاءات ألقيتها على سيرة هذا الصحابي لعلها تنفع أبناء أمتي في زمن التغيير والتحول الّذي يفرض نفسه بقوة في هذه الأيام .
    وما بكم من نعمة فمن الله

  2. #2

    رد: (صاحب عصابة الموت)

    رضي الله عنه وأرضاه لم ينشر الموضوع من زمن بعيد!!
    هذا اولا ثانيا ارجو استاذنا الفاضل الاستفادة من ميزة التعديل لتكبير الخط قليلا وحتى نقرأ براحة أكثر
    نضيف الرابط للموضوع الأصلي
    ودمتم بخير
    رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء
    رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ
    **************
    قال ابن باز رحمه الله
 :

    لباسك على قدر حيائك
    وحياؤك على قدر ايمانك

    كلما زاد ايمانك زاد حياؤك
    وكلما زاد حياؤك زاد لباسك

  3. #3

    رد: (صاحب عصابة الموت)

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم . حياك الله يا راما . أشكرك على نشر الموضوع في سلسلة من سير الصحابة , جزاك الله خيراً وجعل هذا العمل الصالح في ميزان حسناتك . وقد أجبت طلبك وقمت بتكبير الخط , لك تحيتي .
    وما بكم من نعمة فمن الله

المواضيع المتشابهه

  1. عصابة الهاغاناه ونسف فندق الملك داوود بالقدس
    بواسطة د.غازي حسين في المنتدى الدراسات الاسرائيلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-21-2014, 12:53 AM
  2. صاحب النقب
    بواسطة حامد الشرابي في المنتدى فرسان الأبحاث التاريخية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-05-2013, 06:02 PM
  3. لي صاحب
    بواسطة راما في المنتدى من روائع الشعر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-03-2013, 04:31 AM
  4. خروف يكشف عصابة تزوير نقود
    بواسطة بنان دركل في المنتدى استراحة الفرسان
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-11-2009, 12:36 PM
  5. يا صاحب الفيل...
    بواسطة د. محمد رائد الحمدو في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 03-10-2008, 10:02 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •