عن التحرش الجنسي بالأطفال وتركيا/ مصطفى إبراهيم
18/12/2015
نحن متسرعون وغير عادلين مع أنفسنا، نبحث عن فضيحة وشماتة وهزيمة ونصر، نهرب من واقعنا والظواهر الإجتماعية التي تفتك بمجتمعنا، ونبحث في الدول ومصالحها، نحن مجتمع محافظ يخاف من كل شيء حتى من الفرح، ورغبتنا أن يكون العالم العرب والمسلمين على شاكلتنا، وكأننا غير مدركين ما يدور حولنا، والمصالح التي تحكم تلك الدول بنا، والإعتقاد أنها جمعيات خيرية وتقدم لنا الدعم من أجل سواد عيوننا.
تركيا دولة علمانية ويحكمها حزب إسلامي وتوظف قيادتها الدين لصالحها، النظام السياسي ديمقراطي والحزب الحاكم يحكم وفقاً للنظام والدستور، وتبحث عن مصالحها ولم تعلن يوم أنها خارج حلف الناتو، وتسعى كي تكون عضو فاعل في الإتحاد الأوروبي، ولم تقطع علاقتها بإسرائيل، وتربطهما علاقات أمنية وإقتصادية وسياحية.
حركة حماس تلقت خبر الإتفاق بين تركيا وإسرائيل بحزن وأنه خبر غير سعيد، فهم يعولون كثيراً عليها، مع أنني لم أرى أي موقف سياسي حقيقي لتركيا تجاه حماس، ربما أسطول الحرية مرمرة، حتى أثناء العدوان الإسرائيلي على القطاع الذي إستمر 51 يوماً، والدعم المادي للجمعيات الخيرية والجامعة الإسلامية توقف منذ عامين وتعاني أزمة مالية حادة، لكن تركيا تسمح بنشاط للحركة وللقيادي صالح العاروري بالإقامة، وقبول الطلاب الفلسطينيين للدراسة فيها.
وسائل الإعلام الإسرائيلية تلقت الخبر بفرح، فهم يدركون دور تركيا وطبيعة العلاقة بين البلدين، ولم تصل حد القطيعة، وإن بدت خلال الخمس سنوات ونصف الماضية شكلاً عدائياً، إسرائيل وبعض الشامتين تلقى الخبر بسعادة وشماتة في حماس، وأبرزوا بند في الإتفاق بعدم السماح للعاروري دخول تركيا وفرض قيود على نشاط الحركة.
نبحث في نسج علاقات مع دول عديدة وندرك أنها استبدادية ورجعية وتتآمر على قضيتنا، نحاول وصل حبال الود والوصل معها، نعمق علاقتنا بروسيا ضد أمريكا التي نخطب ودها ونثق فيها، وفي يدها أوراق الحل والعقد، روسيا تقاتل مع سورية التي أصبحت عدواً بعد أن كانت حليف إستراتيجي ودولة مركزية من دول المقاومة والممانعة.
نبحث في تجديد العلاقة مع إيران ونخسر تركيا وسورية، ونبدل من تحالفاتنا ونغازل السعودية ونتقرب منها، واليمن الذي كان حضناً دافئاً لم يعد ذي صلة بالنسبة لنا، ونخسر مصر في قضية ليست قضيتنا وهي عمقنا التاريخي والسياسي، ونكسب قطر ونقيم فيها، ونطلب ود دول خليجية جديدة، ونخسر علاقتنا بالأردن والإمارات، و نستمر في علاقتنا بجارتنا إسرائيل ونخاف تحديد نوع العلاقة معها، نجرب المجرب برغم مسيرتنا الطويلة والمريرة مع محيطنا العربي، ولم نحسم علاقتنا الداخلية وتجديد شكل علاقتنا بمحيطنا حسب مصالحنا فنحن بحاجة للجميع.
نغيب حاضرنا ونهرب من نقاش واقعنا وما جاء في تقرير المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات و 700 حالة تحرش جنسي بالأطفال في قطاع غزة خلال العامين 2014 و2015، والواقع الإجتماعي والتحرش والإعتداءات الجنسية ليست مخفية، فالنساء والأطفال والفتيات يتعرضن للتحرش الجنسي في البيوت والشوارع والعمل والجامعات والمواصلات العامة.
هي ظاهرة ليست حكراً على فئة بعينها، الفقراء والأغنياء على حد سواء، نخشى طرح هذه الظواهر بجرأة وشفافية خشية وخجلاً، الجميع يخاف البوح والتوعية، وكيف نحصن مجتمعنا والبحث في أسبابها وقدرتنا على علاجها من دون تحميل طرف المسؤولية، وليس الاختباء خلف الحرام والحلال. جميعنا يتحمل المسؤولية والسلطة الحاكمة عليها المسؤولية الأولى لوضع البرامج والخطط والتوعية والتثقيف والتشجيع على حرية التعبير، ليست هذه الظاهرة الوحيدة التي تفسخ نسيج مجتمعنا، هؤلاء أطفال ضحية الخوف والخجل، أو حاجات أخرى نفسية وفسيولوجية يعاني منها حتى المتحرشين.