مـع مــثــقـّـفــي الـثــورة 1
اخترت لكم الرسالة المميزة التالية من الصحفي المعروف إياد شربجي و التي كتبها منذ أيام إلى "مايسمى" أقليّات, و أتبعتها برد كريم من أحد مثقفي السويداء الدروز, أقول ماأحلاكم أيها السوريّون! رسالة إلى من يسمّون أنفسهم ...(أقليّات)..!! / إياد شربجي
حقيقةً لا أفهم الدعوات المستمرة من بعض من يحبّون أن يسموا أنفسهم ( أقليات) للمطالبة بتطمينات وضمانات من بقية السوريين بعدم التعرّض لهم في مرحلة ما بعد الأسد...!! ولا أفهّم لماذا يجد بعض أفراد (الأكثرية.!!) أنفسهم مضطرين لتقديم مثل هذه الوعود، وكتابة رسائل الطمأنة هذه. أخوتي....مَن يطمئن من..وممن..وممَ...ولم....وكيف..؟!من أنتم، ومن نحن؟هل خلقنا قبلكم في هذه الأرض، أم ورثناها بحكم محكمة وصارت ملكاً شخصياً لنا دونكم؟ نحن سوريون على بعضنا وكفى، يمكنكم إذا اردتم أن تطمئنوا أكثر أن تنزلوا إلى الشارع وتشاركوا في الثورة، ولا تستجدوا عطفاً أو تكرّماً أو منّة من أحد، خذوا حصتكم من الثورة ودافعوا عنها، وهذا حقكم مثلما هو حقّنا. رغم ذلك يخطئ من يعتقد أن عزوف كثيرين منكم عن المشاركة بالثورة ستكون له عواقب إقصائية مستقبلاً، إن التبعة الوحيدة على من لم يشارك ستكون مسؤوليته الأخلاقية والإنسانية أمام نفسه وأمام الآخرين،(هذا الأمر ينسحب على الأغلبية الصامتة التي تنتمي بمعظمها للطائفة التي تخشون سيطرتها على البلاد..!!) لكن هذا الأمر يبقى شأناً شخصياً وخياراً ذاتياً، وأنتم من تقررون كيف سيذكركم التاريخ.... كل ذلك لن يلغي بحال من الأحوال حقيقة أن كثيراً جداً من أفراد (الأقليات) شاركوا -وما يزالون-بالثورة منذ بدايتها، ودفعوا كل الأثمان وذاقوا كل الويلات التي ذاقها بقية السوريين..... لقد فعلوا ذلك ليس لأنهم مسيحيون أو دروز أو علويون......بل لأنهم سوريون في النهاية، وهذا ما لم تدركوه أنتم بعد...أو ربما نجح النظام بإقناعكم بعكسه، وبأن طائفتكم أكبر من بلدكم، وأنكم ستكونون بخطر إن خرجتم من تحت عباءته....وهذه مسألة ستكتشفون لاحقاً أنها مجرد كذبة كبيرة انطلت على عقولكم، فأفقدتكم الصواب. على أية حال إذا كنتم مصرّين على طلب ضمانات، فنحن أيضاً نريد ضمانات.... من قال لكم أننا سنكون آمنين إن لم تكونوا أنتم كذلك، من قال لكم أن العنف والكراهية يميّزان بين الطوائف، من قال لكم أننا نريد العيش في بلد يتهدّده الخوف وخشية الانتقام، من قال لكم أننا دفعنا كل هذه الدماء والتضحيات لنحصل على هذه التركة البشعة..؟!!. نحن فقط نريد أن نعيش بكرامة افتقدناها عقوداً، نريد أن نكون أحراراً، أن تصبح السلطة حاكمة بقرارنا وقراركم، ولخدمتنا وخدمتكم، نريد أن نعيش، أن نستمتع بالحياة، أن يذهب أولادنا إلى المدارس ويتعلموا ويكبروا بأمان، ثم يجدون مكاناً يسهمون من خلاله في بناء بلدهم ومستقبلهم، نريد هذا لأنفسنا وللآخرين، فالحرية لا تتجزّأ، ولا تقصي أحداً، وهي إما تتحقق هكذا وتشمل الجميع، أو ستكون عودة مجددة إلى عصور الظلام، وهذا ما لن نسمح به. لذلك أرجوكم ..... كفّوا عن الاستجداء وارفعوا رؤوسكم بسوريتكم، فهي الضامن الوحيد لكم ولنا جميعاً وخذوا علماً أنه في سورية الجديدة لا توجد أقليات وأكثريات، في سورية الجديدة هناك فقط سوريون، وإذا ما جاء من يعتقد بغير ذلك فسأكون من بين ملايين الذين سيواجهون أي نظام مقبل يفرّق بيننا تحت أي مبرر أو مسمّى مهما كان، وسنعلن رفضنا له، وسنتظاهر ضده حتى يسقط....كما فعلنا بنظام الأسد.....، نحن لم نقدّم كل هذه التضحيات لنُحكم بالعقلية البائدة ذاتها..... ألا تكفيكم هذه الضمانة.؟ إياد شربجي يكتب الى الأقليات ... وأنا إبن أحد هذه الأقليات والرسالة تعنيني
بقلم: مالك أبو الخير أنا ابن مدينة السويداء السورية، وقد قرأت ما كتبه الصحفي اياد شربجي في رسالته التي وجهها لبعض أفراد الأقليات ممن يطلبون ضمانات من الأكثرية لمرحلة ما بعد النظام، وأقول مخاطباً كل من يدّعي أن هذا النظام يحمي هذه الأقليات: ... مع كل احترامي له هذا كلام عار تماما عن الصحة ... هو بالأصح يورط هذه الأقليات ويدفعها نحو الهاوية.انا كابن لمحافظة السويداء وابن احد هذه الأقليات لم يقدم لي هذا النظام اي شي، نعم اعترف لقد قدم لشبابنا الهجرة نحو مختلف دول العالم وقدم لنا تراجعا مخيفا في مجال الإنتاج الزراعي، قدم لنا منعا لإنشاء اي صناعة او أي حراك تجاري او اقتصادي يخفف من نزيف هذه الهجرة، نعم لقد مسح اي نوع من انواع الحراك الثقافي ..... ففي الماضي كانت الزراعة كفيلة بتامين معيشتنا والفلاح قادر على تامين مستلزماته، اليوم أصبحت الزراعة عبئا على سكان الجبل والصناعة معدومة والعمل معدوم والهجرة هو الحل الوحيد. انا هنا لست لكي أرد على اياد الشربجي.... نعم ان هذا النظام لا يحميني .... ولا يقدم لي اي شيء يذكر ولا حتى الحماية .... فنحن كطائفة الموحدين الدروز اعلم كيف نحمي أنفسنا ..ولكن ليس ممن تسمى بالأغلبية وانما من المعتدي الحقيقي الذي هو العدو الخارجي ومن يمثله على الأرض هنا.هناك سؤال يؤلمني دوما .... لماذا الحراك في مدينة السويداء ليس كما هو متوقع .... أصمت ولا اعرف بماذا أجاوب ...لكنني أقول هناك حراك يتصاعد ويرتفع كل يوم أكثر وأكثر ....لكنني في المقابل التمس العذر دوما .... ليس لكونها محافظتي وأجاهد المستحيل لكي تنهض وتلحق بالحراك، وانما لان اغلب ممن يمكن ان يشارك بهذا الحراك خارج حدود هذا الوطن ... في " الخليج .. فنزويلا التي باتت أعدادنا بها تقارب أعداد الموجودين في مدينة السويداء نفسها ..أمريكا .. استراليا .. فرنسا ولا ننسى ليبيا التي ابتلعت هي الأخرى الآلاف منا" لقد ابتلعت الهجرة صفوة شبابنا وأخذتهم ولم تعد لنا منهم سوى الرسائل والدموع على الفراق في سبيل لقمة العيش، ولم يبقى هنا سوى الموظف أو من ينتظر هو الآخر دوره بالرحيل. لقد همش النظام خلال فترة حكمه كل البنية الفكرية والثقافية و التركيبة الاجتماعية في السويداء، اختصر كل تراثها وحضارتها ضمن أزقة فكر حزب البعث ومنظماته التي حجمت هي الأخرى أي نوع من أنواع الفكر الحر، ولدرجة باتت الأغاني والأهازيج الشعبية التي كانت تطلق أثناء الثورة في الماضي سجينة ضمن فروع الأمن ومخصص لانجازات القائد الواحد. حتى في مجال الدين لم يكن نصيبنا أحسن من نصيب باقي الطوائف ولا حتى الأغلبية نفسها ... فقد سلط من هم ليس بكفء لقيادة الفكر الديني ووضعهم بشكل او بأخر كزعامات كانت السباق في نهبنا وتشتيت مفهوم الدين لدى أبناء الطائفة نفسها، عبر طرح أفكار لا تمت لمفهوم الدين التوحيد وبثها ضمن أفكار شبابنا وخصوصا تلك التي تدعو للطائفية والتنبه من الخطر القادم من الآخر. حتى في مجال الزعامات أيضا ... اختار النظام شخصيات تمثل المحافظة ... ولكنه اختارها لتكون اليد التي تنفذ ما يريد وليس ما المحافظة تريد، شخصيات ضعيفة هزيلة تركع أمام اي مسؤول يقدم لها الدعم والمال... شخصيات لعبت دور المتآمر والجلاد حتى على اقرب الناس لها.لقد لعب النظام بطريقة ذكية جدا ... هجر من كان قادرا على الوقوف في وجهه أو اعتقله أو صفاه، ومن كان متعاونا على بقائه، وحاصر بنية المجتمع من كل الجهات ودفع به الى الهاوية، لدرجة انك تذهب الى اي قرية تجد عدد النساء والأطفال أكثر من الشباب الذين باتوا يعدون على أصابع اليد الواحدة، وباتت هجرتهم ضرورية لكونها السبيل الوحيد لتأمين لقمة العيش. اليوم لعبته اخطر من اي وقت مضى ... عبر توجيه الصراع من قتال ضد نظام الى اقتتال بين عائلات الجبل نفسها تحت يند ( موالي ومعارض ) بينما هو يلعب دور المحايد فتجد عائلة واحدة تتقاتل فيما بينها تحت هذا البند، وتجد الموالين له والذين تم تدريبهم بعناية على أيدي أجهزة الأمن يتصدون للمظاهرات عوضا عن رجال النظام الذي يلعب دور من يساهم في حل هذا الصراع بالرغم من انه هو من يدير خيوطه. نحن وفي هذه المرحلة لا نستجدي أحدا ولا نطلب أية ضمانات من أي جهة ما، فنحن في كل زمان ومكان قادرين على الدفاع عن أنفسنا، لكن النظام هو من يرسل عبر أعوانه هذه الضمانات أملا منه في شل الحراك الثوري ولزرع الخوف في نفوس البقية الصامتين في المحافظة وإقناعهم بان رحيله ... يعني فناء كل الأقليات.لا يسعني القول أكثر ... لكنني في النهاية ارفض مقولة الأقليات والأكثرية .... واتفق مع من قال اننا في النهاية سوريين ابناء ارض وحضارة واحدة ... نحن ابناء سوريا العظيمة .... العظيمة على مدى كل العصور