تحت مظلّة روحي أسكنُ ..!
شعر:محمد الزينو السلوم
---------------------------------------
تحت ظلال الشعر فرشت همومي فامتدّتْ
تجري ساقية بين الأوزان وبين الإيقاعْ
تمتدّ زماناً ومكاناً ..
يتشرّبها الحرف ، فتتشعّب لفروعٍ
تتوزّع فوق الأرض ، وتحت الأرضْ ..
لا تسقي الأرض العطشى ، لكنْ
تُشبعها أوجاعاً حبلى بالآلامْ ..
*
تحت ظلال الشجر جلستُ أُفكّر في ذاتي..
لأعاتبها ، وأحاسبها
كم تهتُ برحلة عمري..تاه القلب ،
ولم يُبصرْ في الرحلة ضوءاً ، أو دربْ
لم يبْصر حتى أملاً ،
لم يُبصر حتى خيطاً من نورْ ..
وحملتُ التيه على كتفي ..
أمضي ، لا أعبأ بالآلامِ ..
وما تُخفيه ، ولا ،
ما بعد تُخبّئه الرحلة ، والأيامْ
كنتُ أهيم على وجهي ،
كالريح العاصفة الهوجاءِ ..
تفتّش عن غصن تقطعه ،
أو عودٍ تقلعه ، أو جزعٍ تلويهْ
حتى قُرع الجرس ،
وجاءت كل طبول الحرب تدقّ ..
تُفتّش عني .. عن روحي ..
كي تُشبعها قرعاً ..
أو تُسمعها أصواتاً تقدح شرراً في أذنيها
فألوذ بصمت اللحظة ،
أغرق فيها ، وأروحُ ..
أحاسب نفسي عمّا ارتكبت من آثامْ
*
تحت ظلال الروح وقفتُ ، لأسأل من حولي :
ما بال هموم العمر تطال الناسَ ؟
وماذا نأخذ معنا يوم نسافرُ ..؟
لا زاد ، ولا زوّادة !
كيف نغامر في الرحلة ، والدرب طويلْ ؟!
قد ندخل غاباتٍ ، أو نعبر بحراً ،
أو نجتاز صحارى ..
كان الهمّ الأكبر كيف نواصل رحلتنا ،
والتيه يغطّي قامتنا ؟
ووجدتُ الدمعة تذرف من عيني ،
وأنا أنظر للشمس بوهج الحرْ
وجرى الدمع غزيراً ، وأنا أتلفّت حولي ..
لا أدري كيف طويتُ همومي
وأنا أسرق من ذاتي ..
نظراتٍ أتّكئ عليها..
كعصا موسى .. أبحثُ ،
عن ضوءٍ أسكنه أو يسكنني ..
أو نارٍ أحرق فيها ما أحملهُ ..
وأذرّيه رماداً .. كي لا يقرب من ثانية ،
تحمله الريح بعيداً عني
ليراود كثباناً ، تحمل رملاً ..
في جعبتها ، وتسيرْ ..
*
أبحث عن ضوءٍ أقصده ..
وأطير إليه كعصفورٍ ،
لا يحمل إلا أوراقاً ..
يصنع منها عشاً ..يملؤها بقصائدَ ..
جُبلتْ من دمع العينِ ،
وغزلتْ من ماء القلبِ ..
وجدلتْ من عطر الروحْ ..
فلوّن أحرفها الضوء القادم من نجوى
*
أعود لأجمع كلّ ظلالي في سلّة بوحٍ ..
أحملها ، وأوّزع منها ما يتيسّرً ..
وأعود إلى ذاتي فرحاً ،
مبتهجاً بيقيني أن القادم عيدْ
لا أعبأ بالآتي أبداً ..
أسكن تحت مظلّة روحي .. أحيا
ويقيني أنّ الأرض الظمأى ،
مهما طال الوقت عليها ..
لا بدّ وتُسقى من مطرٍ ،
ينقذها من عطشٍ كان يراودها ..
أو همٍ بات يُعاندها ، أو تيه جاء يساندها ،
أو وهم حلّ يعاودها ..
*
تحت مظلّة روحي أسكنُ ..
وأبوح لذاتي ما في نفسي
ما أحمله من همٍ ، ما يجري حولي ..
فالضوء غدا يسكنني أو أسكنه ..
لا فرقَ ..فذاتي قد ضوّءها الحبْ .