دمشق
***
شعر
صبري الصبري
***
أ(دمـشـقُ) جـئـتـك بـالـهـوى المـتـدفـقِ
بــيـــن الــجــوانــح لـلـحـبـيـبـة (جِـــلّـــقِ)
أشـــدو المـحـبـة هـائـمــا فــــي لـهـفـتـي
لـبـهـيـة الـحــســن الـبــديــع الـمــشــرقِ
وأبــــــــث تــحــنــانــي بــلــهــفــة مــــغــــرم
ب(دمــشــق) ألـقـاهــا بــجـــم تـشــوقــي
يــا مــن لـهــا الـوجــدان يـهـفـو دائـمــا
بـمــودة الـصــب الـشـغــوف الـمـشـفـقِ
مِــنْ صــد مَــنْ يـهـوى إذا رام الـهـوى
أيــنـــال مـنــهــا شــوقـــه كـالـغــيــدقِ ؟!
ويــعــود مــــن تــلــك الــمـــروج بــراحـــة
لـلـقـلـب مـجـبــورا بـســعــي مًــوَفَّـــقِ ؟!
إنــــــي أتــيــتــك لــلــشــذا فـــــــي جـــنــــة
بـــالأرض لاحــــت بـالـجـمـال الـمـطـلـقِ
وقــدمــت (جــلــق) بـالـشـجـون أبـثـهــا
لـحــبــيــبــة الــــوجـــــدان دون تـــمـــلـــقِ
أشــــدو لــهــا الأشــعــار شــــدو مـتــيــم
بـسـنـيــة الــوجـــه الـجـمـيــل الـمــطــرقِ
كـالــحــور يـكـسـوهــا الـحــيــاء مـهــابــة
ويـزيــدهــا الإجـــــلال وهـــــج تـــرقـــرقِ
فـلــهــا ســطـــرت مـحـبـتــي بـصـبـابـتـي
مــــن بــعـــد طـــــول تـلـهـفــي وتــأرقـــي
وركــبــت بــالأشــواق نــحـــو دمـشـقـنــا
فـــي يـــم آمـــال الـتـلاقــي .. زورقــــي
كـالـهــائــم الـمـلــهــوف غـــنَّــــى حـــبــــه
جـــهــــرا بــلــحـــن كـالـنــســيــم مــــرقــــقِ
تــنــهـــلّ بـــالأجــــواء مــــنــــه أطــــايــــبٌ
فــــــــلٌ وريــــحــــانٌ بــجـــانـــب زنــــبــــقِ
زيــــن الـعـواصــم والــبــلاد لــهــا أتــــت
روحــــي ووجــدانــي بـسـعــي مُــشَـــوَّقِ
فــهـــي الـجـمـيـلـة والـرقـيـقــة هـمـسـهــا
همس الزهور بـروض غـرس مـورقِ
وهـــــي الـبـديـعــة والـمـلـيـحـة سـمـتــهــا
سـمــت الـبـهـاء المـسـتـطـاب الـشـيِّــقِ
وهـــــي الـــــودودة والـشـغــوفــة قـلـبــهــا
لـلـعُــرْب يـهـفــو بـالـوصــال المـنـطـقـي
فــيــحــاء تـــزهـــو بــالــشــذا أنـفــاســهــا
بـرُبَـى الـمـروج مـــع الأريـــج الـمـغـدقِ
مــــــا أروج الأســــــواق فــيــهـــا إنـــهــــا
راقـــــت لـمـشـتــاق بــنــهــم تـــســـوّقِ !
مــــا بــيــن ســــوق بـانـبـسـاط مــوســع
يــــودي لآخــــر بـالــحــواري ضــيِّـــقِ !
ومــــــدى طـــويـــل بـانــفــتــاح ســـــــارح
بـــجـــوار درب بـالـبـضـائــع مــغــلـــقِ !
بــســجــلّ تـــذكـــار الـطـفــولــة فــكــرتــي
عــنــهــا مـكـارمــهــا بــحــســن تَــخَــلُّـــقِ
يـهـتــز فـيـهــا الـعـشــق هــــزة مـنــتــشٍ
بــــربــــوع بــــســــط نــــاضــــر مـــتـــألـــقِ
وبــهــا الـفـراديــس الـحـســان تــــلألأت
بــضـــيـــاء هــــنــــدام بــــعــــذب تــــأنــــقِ
ولـهــا الـفــوارس مــــن قــديــم زمـانـهــا
جـــــــاءوا بــــإقــــدام شــهـــيـــر مــفـــلـــقِ
بــــــــزوا أعـــاديـــنـــا وذلــــوهـــــم بــــهـــــا
ذلا بــــويــــلات الــجــحــيــم الــمـــحـــرقِ
وسـل (الدمستـق) عـن مـآسـي كـربـه
مــن فــرط كــرب دائــم ل(دمـسـتـقِ) !
وسـل (الشميشـق) عـن بـلايـا خـزيـه
في كل درب من دروب (شميشقِ) !
فـبـسـيــف دولــــــة مــجــدنــا وبــصــنــوه
قــــهـــــرٌ لآل الــــــــــروم دون تـــــرفُّـــــقِ
مــــــن آل (بـــهـــرام) وآل (بـلــنــطــس)
ب(الحارث بن سعيـد) عالـي البيـرقِ
بـأبـي (فــراس) اللـيـث فارسـنـا الـــذي
بـالـســيــف مــزقــهــم بـــشـــر مـــمــــزقِ
مــن آل (تغـلـب) بالسـيـوف جهـادهـم
بـعـزيـمـة مــــن صـدقـهــا لـــــم تـســبــقِ
بـالــشــام كــانـــوا فــارهــيــن قــصــورهــم
وجـيـوشــهــم فـــخـــر بــأعــتــى فــيــلـــقِ
كـانــت (دمــشــق) رحـابـهــم ومـنـارهــم
يــأتـــى لـــهـــا بــالــحــب كــــــل مـــوفـــقِ
يــنــضـــم لــلـــثـــوار صــــــــوب قــــوافــــل
لــلـــروم يـســمــو بــارتــقــاء الـمـرتــقــي
و(دمشـق) تعشقـه وتعشـق مـن أتـى
لـلــنــور والــهـــدي الــقــويــم الــمــبــرقِ
مــــــن درة الـــشـــام الـعـظــيــم مــنــاهــلٌ
بـالــخــيــر لـلــدنــيــا بــفــيـــض تــــدفــــقِ
بــعــقـــود عـــــــز أغـــدقــــت إغــداقــهـــا
لــلــنـــاس تـتـبــعــهــا بــغـــيـــر تــــفــــرقِ
خــلـــفـــاء إســــــــلام تــجـــلـــى قــــدرهــــم
ب(دمـشـق) كـانـوا فــي جلـيـل تـحـقـقِ
حـــتــــى تـــلاشــــى بــأســهـــم بــتــنـــازعٍ
فــيــنـــا وفــيــهـــم بــاحـــتـــدام تــشـــقـــقِ
مـــــا بــيـــن مــفــتــون بـفـتـنـتــه يــــــرى
رأي الــصــواب بـالاقـتـتــال الـمـصـعــقِ
ســـــاءت مـسـالـكـنـا وتــاهـــت خـــطـــوة
عرجـاء فــي سـعـي المـريـب الأخــرقِ
نـخـتـل فـــي لـهــو الـمـلاهــي والــهــوى
بــمــجــون غــــــيِّ مُـــغَـــرِّبٍ ومُـــشَـــرِّقِ
وتـــلـــوح بـــالأجـــواء نــــــار يـصـطــلــي
فيهـا الجميـع لظـى السعـيـر المـحـرقِ
ضاعـت (فلسطيـن) الحبيبـة أعتـمـت
مـــهــــج بــــهــــمٍّ مـسـتــطــيــر مــطـــبـــقِ
و(الـقـدس) فــي دمــع يـئـن ويشتـكـي
والـمـسـجـد الأقــصــى بــويـــل مــحـــدقِ
وكــذلـــك (الــجـــولان) طـــــال غـيـابـهــا
عـــنــــا تــعـــانـــي بــاحـــتـــلال مــــرهــــقِ
هـل ضاعـت (الجـولان) ضـم ربوعهـا
تـهــويــد كــبـــت لـلـكـرامــة مـــغـــرقِ ؟!
كــــــلا فــأبــطــال ل(جـــلــــق) أقــســمـــوا
قـســم الـتـحــرر فــــي يـقـيــن مــصــدقِ
يــا (جـلـق) الفيـحـاء حـانــت عـودتــي
هـــل تسـمـحـيـن بـقـبـلـة الـمـتــذوقِ ؟!
لجمـال حسنـك يــا (دمـشـق) فـودعـي
صـبــا أحـبــك فـــي هـــوى المـسـتـوثـقِ
الله ! مــــا أبــهـــى الـحـبـيـبـة عـنــدمــا
جهـرا تجـود ... فيـا بلابـل صفقـي !
سـأعـود يـومـا يـــا (دمـشــق) لـغـوطـة
عصمـاء حتـى فــي ظـهـور الأيـنـقِ !
غــنــيـــت أغــنــيـــة الـــغــــرام قــصــيـــدة
ل(دمـشـق) فاتنـتـي بمـحـض تعشّـقـي
واخْـتَــلْــتُ بــالأبــيــات خــــــط حـنـيـنـهــا
إلــهــام عـاشـقـهــا الـعـفـيــف الـمـتـقــي
أنـا لا أزكــي النـفـس .. إن حسابـهـا
دأبـــــــي وشــغــلـــي بـانــتــبــاه مـــدقــــقِ
أســتــغــفـــر الله الــعــظــيـــم بــفــضـــلـــه
بـوحــي فـمـنـه عــلــى الــــدوام تـفـوقــي
صــلـــى الإلـــــه عــلـــى الـنــبــي وآلـــــه
مـا انهـل مــاءٌ مــن سـحـاب مــودقِ !