في ذكرى الشاعر السوري نزار قباني الذي وافته المنيّة قي لندن يوم 30/4/1998
الفارس
أضرمْتَ نارَ الوجدِ في أشعاري=وحَملتَني شوقاً إلى سمَّاري
لدمشقَ ، للبلدِ الأنيقةِ ، تستقي=بردى ، وترقد في عيونِ هزار
ألفيتها : عطشى ، تموت من الظما..=ثكلى ، تعاتب قسوةالأقدارِ
وعلمت أنَّ نزارَ أخلد متعباً ،=واختارِ للإغفـــاء خيرَ جوارِ
فذهبت أندبُ للمحافل شاعراً=ملِكاً ، تسنَّم سدرةَ الأشعارِ
ومضيت أبحثُ عن خرائطه التي=يهوى ، وعن قاموسه الثرثارِ
عنْ بلبلٍ ، صدَحتْ بلكنتِه النسا=ءُ ،و ناغمتهُ قلائدُ الأفكار
عن خوخةٍ ، كانت تشدُّ ضميره ،=لدمشقَ ، عن حوريَّةٍ وكناري
عن نمنمات الشرق ... عن محبوبةٍ=تختالُ في إشبيليا ، بخمارِ
عن عاشقٍ ، كانت خريطتُه :النسـا=ءَ ، بخصرِهِنَّ يُشيدُ ألفَ مَزارِ
عن مدنفٍ ، غرقت مشاعرُهببحـ=رٍ ، لا يُجيدُ به سوى الإبحار
* = *
فنانُ يرسم بالحروف حوادثاً=وممالكاً . . ومفاتناً . . وحواري
يحكي لكلِّ الناس . . يرسم بالهروغـ=ليفيِّ ، بالعربيِّ ، بالمسماري
فبكلِّ بيتٍ ، تستشفُّ له صدىً ،=وتطلُّ بسمتُه ، كطفلٍ بـــارِ
وتدورُ أفلاكُ النعيمِ بشِعرهِ ،=وتقومُ من بينِ الحروفِ سواري
تنسابُ في متنِ الأناقةَِ ، مثلما=الأفلاكُ تمخُرُ في عُبابِ بِحــارِ
حيناً ، ترى كيوبيدَ ، يلمَسُ قلْبَه=فتَسيلُ دمعتُه كنهرٍ جاري
ويعوم في ماء الخليج ، ليختلي=بعيونهنَّ . . يهيمُ في الإبحارِ
عَشِقَ الجمالَ ، وهل تَرى بين الورى=حسناً يفوقُ جمالَ خلقِ الباري
وتراه حيناً يستبدُّ به اللظى=فيثورُ كالبركانِ ، كالإعصارِ
مازلتُ أجهلُ كيفَ يَكْتبُ جُملةً=بالياسمينِ . . وجملةً بالنار
لا ينظم الشعراءُ إلا قطرةً=ممَّا تدفَّق في معين نزاري
إنْ كان تؤخَذُ للأمارةِ بيعةٌ=فالسيفُ يمهرُ فارسَ الأشعارِ