بسم الله الرحمن الرحيم –
انتحار أرنب
قبل صدري بأرجله وانتزع من فمي حبة بزر ظننتها صدفة وعندما تكرر الأمر أصبحنا نشترك بنفس العادة أنا أحب هذه
الحركة وأستمتع بها أكثر منه فبدأت أشتري بذر الجبس
كل يوم من أجله كنت أمرر يدي على رأسه وعلى ظهره
بعطف الأب وحنان الأم مجتمعين أمر غريب حل بإحساسي
اتجاه هذا الحيوان الذي جاء به لي صديقي البدوي قال لقد قتل
الصيادون من يعيل هذا الحيوان بداية الأمر اعترضت
قال دعه لأطفالك يلعبون معه أو عليه ولم أدرك يوماً أنني سأصبح ذلك الطفل لهذا الأرنب
قال لي أسقه حليباً حتى يصبح قادراً على الطعام وفعلت ذلك وحبي
له يكبر معه وبدأ يأكل الخضار
عندها بدأ يرافق هذا التطور متاعب في المنزل حيث أنه يأتي
إلى المخدة لتترك آثار البول الذي يختلف بطبعه عن البول للأرنب
العادي حيث يترك أثراً أبيض كأنه دهان
والروث يكثر في المنزل – أصبح الضيق يكثر في بيتي
كنت أخرجه معي إلى البادية فأرى أن هذا الحيوان يخلد لنوم
عميق تحت أشجار البادية مستمتعاً جداً وعندما نعود
يعيش نشاطاً غريباً يمتد ليوم كامل
وهكذا بدأت أذهب به أسبوعياً إلى البادية
صدقوني إن قلت لكم كنت كالطفل أركض وهو يركض ورائي –أمر لا يصدق وعندما كبر أحسست أن هذه الحيوان عندما أخرجه الى البادية يريد الهرب ولم أسمح له بسبب حبي الشديد له ولم أستطع أيضاً أن أحبسه في المنزل ببقعة صغيرة كما اقترحوا عليّ أهل البيت كان كلما أنظر إليه وحركاته الرائعة في البادية وهو يطلب الحرية أتذّكر ابن خلدون في مقدمته الرائعة عندما يقول إن الإنسان في البادية الذي يحس بالخشونة لا يفرط بالحرية وهو الأصل
بالشجاعة والنشاط والكرم وعندما يعيش حياة الترف تذهب كل الصفات الحميدة منه ويفّرط في الملك
– فأصبحت أمام خيارين لا ثالث لهما المنزل لم يعد يحتمل من كثرة الروث يجب أن أجد حلاً له كان ابني الذي يحبه جداً قال لي الأفضل يا والدي أن نضعه في مكانه الأصلي البادية قلت له لن يعيش ستقتله الطيور الجارحة أو غيرها من الحيوانات وهو اعتاد على أنواع من الغذاء لم تتوفر في البادية ربما مات عطشاً إن لم يمت جوعاً وبعد أيام قلائل جاء لي بالحل أن أحد الشباب من الجوار يربي أرانب برية في قطعة أرض مسورة ومزروعة فذهبت فعلاً لرؤيتها فوجدتها فعلاً مناسبة جداً وفيها أربعة من الأرانب البرية – قلت للشاب أنا أعطيك الأرنب بشرط أن لا يباع ولا يذبح وهو لك قال لم أربي لكي أبيع أو أذبح أصلاً أنا عندي حب شديد لتربية الأرنب البري التي تختلف بطبعهاً عن الأرنب العادي حيث أنه لا يؤذي مكاناً أو جاراً فهو لا يحفر في الأرض سوى حفرة بسيطة بينما الآخر يعمّق في الأرض ويذهب الى الجوار بواسطة الأنفاق التي تحفرها
– اتفقنا على هذه الصيغة
– وبعد مرور يومين أصبح قلبي مثل النار شوقاً إليه ذهبت مسرعاً لأعيده ولكني لم أجد الشاب ونظرت إليه كان منعزلاً ذابلاً قلت في الغد سأعيده وفي الغد أعاده الشاب إلي ولكن كان جثة صرخت عليه بكل ما أملك من ألم وانهارت دموعي وارتبك الشاب قال هو بين يديك موت طبيعي قلت له كيف حدث ذلك قال منذ أتيت به لم يذق أكلاً أو ماء قلت أي أنه انتحر
– قال نعم قلت ولما لم تخبرني قبل ذلك قال كنت على أمل أن يجوع ويأكل ليعيش قلت والله فقدت ولداً عزيزاً على قلبي أيها الشاب سامحك الله
– – تلك هي قصتي مع الأرنب البري وكانت في العام قبل الفائت ولا زلت متأثراً وحزيناً عليه هل هذا الوفاء عندنا نحن البشر