قول في كتاب (شاهد على العتمة )للكاتب محمد فتحي المقداد بقلم الدكتورة ريمه الخاني[/TD]
[]
الجسرة الثقافية الالكترونيةالعنوان محفز رائع والغلاف موفق إلى حدا ما ، فاللون الأسود يوحي بعتمة ظالمة بسوادها المعتم جدا...وطالنا في المقدمة نص صغير لافت:
رأى الشاطئ الغربي للمحيط الأطلسي ينطبق على الشاطئ الشرقي للمحيط الأطلسي فقال في نفسه : " والله نحن سنصبح فَتّة في مَرَقةِ أبي لهب ".
****
أظن أنه تختصر الرواية كلها...رغم أنها تركت عبارة "على ذمة الراوي لعبارات مماثلة وكانه تمهيد لحضور الشاهد..
*****
تطالعنا بدايات الرواية بالنص الآتي:
روى الشاهد: أنه التقى بزرقاء اليمامة العمياء التي قلعوا لها عينيها حينما أخبرتهم أن الأشجار تمشي إليهم, وكونهم لم يستوعبوا قدراتها الخارقة, ظنوا أنها خرفت وكان ذلك عقابها.. لكنهم ندموا عندما قضموا شفاههم وأصابعهم بعد فوات الأوان.
وقالت له: اسمع يا ولد.. أسمع قرض الجراد قادم إليكم من الشرق, وكأنه لن يبقي لكم شيئاً لا أخضراً ولا يابساً, وكذلك أسمع أصواتاً كأنها هدير الرعد, تسير بسرعة البرق, ستلعن أبا أبيكم, وتحرث قبوركم, و لا تبقي شيئاً قائماً فوق أرضكم حتى شواهد القبور.
هيّا انصرف وأخبر قومك, وانظر ما هم فاعلون من حيطة وحذر, مشى راجعاً، وهو يحدث نفسه:" عجوز النحس قاتلها الله, وما أنا إلاّ كبالع الموسى على الحدّين, إن أبلغت قومي لم يصدقوني, وإن طنّشتْ ولم أخبرهم, فنصبح كقوم الزرقاء الذين لم يصدقوها".
**********
نص يضمر أكثر مما يحكي...ويوحي للقارئ بوباء عصري جدا ومؤلم غير متوقع..
******
يليه نص صغير آخر وكأنه يشرح رويدا ويوضح مرمى الكاتب:
يُعتبر هذا الشاهد على العتمة, سليل عائلة عربية عريقة, ويملك بحوزته سيفاً عربياً جميلاً صقيلاً, ولكنه عتيق, ولما أفلس العبد الفقير من جرّاء إسرافه على ملّذاته.. توجه لبيع مقتنياته من أثاث ولباس فاخر وأحذية وأدوات كهربائية وغير كهربائية.
باع.. وباع, ولم يتبق لديه من ممتلكات غير السيف
******
وتتالى نصوص تبدأ بعبارة : رأى فيما يرى النائم خيراً ... ليذكر المؤلف ردة فعلا عربية على ما يحصل في حاضر ذابل خائب.. لتطالعنا عبارة مضحكة مؤلمه معا وقس عليها البقية:
" يا صلاح الدين, دبّر نفسك تُرانا قد أكلنا هَوَا.. حيث أنه لا رجاء مني".
****
عبارة يائسة تجعلنا نتساءل ماذا يريد منا الكاتب من خلال تلك النصوص المتفرقة؟.
ونستعرض المزيد ونحن قرأ :
رأى فيما يرى النائم خيراً, أنه رأى جموع الناس المتجهة لمكاتب المفوضيّة في بوتقة فراغ هائل, قد استغرقت كل ساعات يومهم من مطلع الشمس إلى مغيبها, وهم يصطفّون بالدور على الطوابير الطويلة بطول الطريق إلى مخيّم الزعتري, الجميع منقطع عن العالم الخارجي، هموم مستحدثة، يبدو أنها تحاول أن تنسيهم مشكلة بلدهم ومعاناة أهليهم، هناك.
كُشُوحٌ باهتٌ قد أذهب نضارة وجوههم, التي تقرأ فيها سوء حالهم التي مالت, وكأنها جريدة حكومية يومية.
********
فيدخل الكاتب لعالم مخيم الزعتري رويداً رويداً، وكأنه يحكي نفسه وأيام، ويمزجها بما شاهد وعاين...وتتكرر جملة:
رأى فيما يرى النائم خيراً، أن التاريخ وقف أمام الزمن، شاهداً على أن الشعوب لا تغفر لمن ينزلق ولمن يسقط في هاوية الخيانة ..
حتى انك تحاول ربط المشاهد فترى ان الرابط بينها هو الخيانة ورمي الشعب في أتون الموت .
*******
رغم أن المشاهد مؤلمة، وتبين ما يضمره الكاتب من مشاهد حارقة لشعب يتبخر وتطير روحه ومقدراته ومستقبله.. لوطنيته التي تصرخ وتنادي أين العالم مما يحصل؟
ولكن كفنية سرد ماذا نقول عن الخيط الجامع لها؟هل يكفي أن البطل يقدم ما يشاهده؟
أين ما جرى له ؟
أين ما لحدث الذي يجعلنا نتفاعل مع محور السرد؟
تبقى تلك الأسئلة مفتوحة على المؤلف ليقدمها لنا.
أما لو قلنا أنها كما تقدم الغلاف إفادات..فهي نعم خواطر شاهد عيان على شعب ينحر بلا ذنب.. أجاد الكاتب في تقديمها يذكرنا بشهرزاد وحكاياتها إلى حد ما..
http://www.aljasraculture.com/?c=10861