منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 4 من 4
  1. #1

    دستور القراءة والكتابة

    دستور القراءة والكتابة
    1
    (الرؤية والرسالة)
    ==================================
    مشكاة القراءة والكتابة الواحدة
    تخرج مهارتا القراءة والكتابة من مشكاة واحدة وسواء أستوت درجتا ممارستهما أم زادت إحداهما على الأخرى إذ يقرأ القارئ ما كتبه غيره في سياق حصيلته هو القرائية وخبرته الكتابية كلتيهما جميعا ويكتب الكاتب ما يقرؤه غيره كذلك في سياق حصيلته هو الكتابية وخبرته القرائية كلتيهما جميعا فلا يجوز في الحكمة أن يتكلم عن إحدى المهارتين دون الأخرى
    وراثة العمران
    تنشر القراءة والكتابة على البشر نتائج المشاركة في الحياة السعيدة بعمران الأرض وتوريثها للخالفين كما تمنى السالفون وإلا ذهبت هباء منثورا ذهاب مال نفد بموت صاحبه بعدما عاش به زمانا رغيدا فبقي أولاده من بعده عالة على غيرهم يتكففونهم ما يمسك رمقهم فلا يعطونهم شيئا حتى يأخذوا أكثر منه
    مأوى الدستور الظليل
    ودستور القراءة والكتابة هو منظومة القوانين العليا المتحكمة فيما يفعله القارئ والكاتب وما لا يفعلانه وإنما يحكمها فيهما إيمانهما بها وتعويلهما عليها ولجوؤهما إليها قبل القراءة والكتابة وفي أثنائهما وبعدهما مثلما يلجأ المتحصن إلى حصنه فيزول بلباله ويهدأ باله ويبدأ احتفاله
    استهلاك النفس
    ولو لم يكن لمسلك الخالفين فيما يقرؤون ويكتبون دستور واضح يأوون إليه ويتفيؤون ظله لم يكن لهم مما استهلكوا فيه أنفسهم غير الجوع والعطش ثم الندم الذي يخوفه قول أمين الجندي (1766-1841):
    وما من كاتب إلا سيفنى ويبقى الدهر ما كتبت يداه
    فلا تكتب بكفك غير شيء يسرك في القيامة أن تراه
    ورحم الله أبا عبادة البحتري بما نصحنا فيما حدثنا به عن طلبه الشعر قبل لقاء أبي تمام الطائي رحمه الله أنه كان أشبه بالجهد الضائع منه بالفن المتقن حتي لقيه فوقف منه على أصوله وفروعه وعلاماته فتحقق بها ودب في طريقه دبيبا حتى قدم عند بعض المشتغلين بالشعر على أبي تمام نفسه
    مذاكرة المعروف
    وكثير مما سبق ويلحق معروف عند كثير من المشتغلين بالقراءة والكتابة ولكن ينبغي في هذا المقام ألا نمتنع بمعرفته عن ذكره ومذاكرته فإن في مذاكرة المعروف حسن استهلال وتحبب وزيادة تأمل وتعمق وقوة تأسيس وتمهيد
    التشارك في معرفة المجهول
    وليس أخف حلما ولا أبعد وهما ولا أطيش سهما ممن اقتصر من غيره على مذاكرة المعروف يظن أن قد أحاط بما لديهم وأحصى كل شيء وهذا عرض من تأليه النفس يعرض لكل غافل وإن كان أعلم العلماء فهو عندئذ هفوته التي تستزله إلى هوة الضلال ثم تذله بتضييع الهدى

  2. #2


    دستور القراءة والكتابة
    2
    ( خصائص الأداء اللغوي المهاري)
    ==================================
    الملكة اللغوية والمهارة الأدائية
    يولد الإنسان مفطورا على اكتساب أية لغة، ثم يكتسب لغة معينة؛ فتنضاف منها إلى ملكته الكامنة في فطرته معالم جديدة تتطور بها وتتحدد وكأنها لم تخلق من قبل إلا بها، وتظل ممارسته المهارية الأدائية هي مجلى الإنجاز وينبوع التطوير جميعا معا؛ ففي أثنائها تتوالى أحوال الاتباع فالابتداع فالاتباع فالابتداع... دواليك.
    الاستماع والتحدث والقراءة والكتابة
    وليس أجمع لأحوال الاتباع والإبداع كلها في المهارة الأدائية من ممارسة الاستماع والتحدث والقراءة والكتابة كلها؛ إذ في ممارسة الاستماع والتحدث ما يستوعب أحوال الحضور، وفي ممارسة القراءة والكتابة ما يستوعب أحوال الغياب، وليس وراء الحضور والغياب من حال تطلب.
    تكامل كل مهارتين
    لولا المتحدث ما استمع المستمع والعكس بالعكس، ولولا الكاتب ما قرأ القارئ والعكس بالعكس؛ فمن ثم تنضفر مهارتا الاستماع والتحدث في ضفيرة أولى، وتنضفر مهارتا القراءة والكتابة في ضفيرة ثانية، ولا يمتنع أن تنقص إحدى طاقتي كل ضفيرة عن صاحبتها ما تماسكت الضفيرة واستقامت -فينقص التحدث عن الاستماع في الأولى أو العكس، وتنقص الكتابة عن القراءة في الثانية أو العكس- إذ تقوم الطاقة الزائدة في ضفيرتها على الطاقة الناقصة؛ فتسد خللها.
    تكامل المهارات الأربع
    لا غني بالتحدث عن الاستماع والعكس بالعكس -فهذا قانون المشافهة الطبيعي- ولا بالكتابة عن القراءة والعكس بالعكس؛ فهذا قانون المكاتبة الطبيعي. ولكن ربما وجدنا من يستبدل بالاستماع القراءة أحيانا أو بالتحدث الكتابة، ومن يستبدل بالقراءة الاستماع أحيانا أو بالكتابة التحدث. وعلى رغم ما في هذه الحال من دلالة على غلبة النزعة الاجتماعية، وما في تلك الحال من دلالة على غلبة النزعة الانفرادية- ينبغي التنبيه على ما فيهما جميعا من دلالة على التكامل الأدائي المهاري.
    مراحل الأداء
    ينبغي التنبيه على أن المستمع والمتحدث والقارئ والكاتب كلهم جميعا، لا يبلغون مقاصدهم اللغوية التركيبية التقويمية ثالثا، حتى يمروا بمرحلة الإجمال التفكيري أولا، ثم بمرحلة التحليل التعبيري ثانيا. وهي ثلاث مراحل نقدية متكاملة؛ فلا غنى بأي منهم عن أن يلم أولا بمقصد عمله أو عمل غيره إلماما إجماليا يعرف به مواطئ قدمه فيه، ثم أن يفكك عناصر العمل بعضها من بعض حتى يكتشف تعبيراته من داخله ويميز وظائف كل منها، ثم أن يركب عناصره حتى يطمئن إلى مقصده الذي تآزرت عليه بحيث يمكنه أن يفصل في أمره.
    درجات المهارة
    وعلى رغم ما يوحي به مصطلح مهارة من إتقان، تتميز في كل أداء مهاري من هذه الأداءات الأربعة (الاستماع والتحدث والقراءة والكتابة)، ثلاث درجات واضحة متصاعدة: أولاها درجة الغفلة التي يخطئ فيها المؤدي -ولا ينتبه حتى ينبهه غيره- ويصيب، والثانية درجة الوعي التي يخطئ فيها المؤدي -وينتبه أنه أخطأ من قبل أن ينبهه غيره- ويصيب، والثالثة درجة البداهة التي يصيب فيها المؤدي -ولا ينتبه أنه أصاب- ولا يخطئ.


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


  3. #3
    في طريقي إلى إحدى مكتبات وسط القاهرة سألت عنها شابا في الثلاثين، فكأنما كانت سبته؛ إذ سب الكتب والمكتبات والقراءة والكتابة والأيام التي عرفها فيها؛ فلم أرتب في أنه إنما طلبها لحاجة زائفة ضعيفة زائلة؛ إذ لو كانت دعته إليها دواع أصيلة خارجة من حقيقة نفسه قوية مؤثرة فيما يأتيه ويذره باقية مستمرة استمرار وجوده، ما احتمل دونها معيشته، ولوجده عندئذ والبهائم سواء!
    ماذا نقرأ ونكتب؟
    ولكن ربما تيسرت للقراءة والكتابة دواعيهما الأصيلة القوية الباقية، ولم تتيسر لهما مظانهما ومجالاتهما ومراتعهما ومتنفساتهما الحقيقية؛ فلم يجد طالب القراءة ما يقرؤه فيولد به ولادة أخرى، ولم يجد طالب الكتابة ما يكتبه فيلد به ولدا آخر؛ فانطوت تلك الدواعي على نفسها، وذوت مثلما تذوي في الجدب الزهرة، وجفت، ثم ماتت وكأن لم تكن قط!
    متى نقرأ ونكتب؟
    ولكن ربما تيسرت للقراءة والكتابة دواعيهما الأصيلة القوية الباقية ومظانهما الحقيقية، ولم يتيسر لهما نظام صادق محكم يضبط أقدار الأعمال -فلا يسهل منها ما هو صعب، ولا يصعب ما هو سهل، بل يقدر كلا قدره- ويرتب أولويات الأعمال -فلا يقدم الماديات على المعنويات فهذه ملاك تلك، ولا إفادة الآخرين على استفادة النفس ففاقد الشيء لا يعطيه- ويحكم طبائع الأعمال -فلا يهمل ما في طبيعة القراءة من صعوبة تخمين المراد، ولا ما يعطلها من انكشافها لخواطر النفس، ولا يهمل ما في طبيعة الكتابة من سهولة تجهيز المراد، ولا ما يؤيدها من اجتماع خواطر النفس فيها- ويغلق دوائر الأعمال -فلا يضيع ما في النوم بعقبها دون غيره من تمكين العقل من الاستيعاب- فإذا لم يتيسر لطالبي القراءة والكتابة مثل هذا النظام قلت لديهما جدوى عنائهما، وقعد بهما عنها العجز.
    كيف نقرأ ونكتب؟
    ولكن ربما تيسرت للقراءة والكتابة دواعيهما الأصيلة القوية الباقية ومظانهما الحقيقية ونظامهما الصادق المحكم، ولم تتيسر لهما شروطهما التي لا يتفقه دونها القارئ فيما يقرأ ولا الكاتب فيما يكتب. ومن لم يتفقه فيما يعمل لم يتقن عمله، ومن لم يتقن عمله خرج من مظنة المحبة الربانية التي من خرج منها تخطفته طير الأخاديع أو هوت به ريح الأوهام في مكان سحيق!
    بأجوبة هذه الأسئلة القطبية الأربعة المترتبة تنتظم منظومة القوانين العليا المتحكمة (دستور القراءة والكتابة)؛ فيبدو السعي في سبيلها رقيا في مدارج السالكين، من مقام اللماذا، إلى مقام الماذا، فمقام المتى، فمقام الكيف!

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي




  4. #4
    دستور القراءة والكتابة
    4
    (لماذا نقرأ ونكتب؟)
    ==================================
    الثقافة
    من دواعي القراءة والكتابة الثقافة (العقيدة، وما اشتمل عليها، وتولد منها، ونشأ لها من علوم ومعارف وخبرات، وأقوال وأفعال وإقرارات، منذ اعتقدت إلى يوم تطلب)، التي يطلب بها كل متثقف تنوير بصيرته وتهذيب مسلكه وتعميق إنسانيته، بقراءة تراثها، والكتابة فيه كلتيهما جميعا. فأما التثقف بالقراءة فواضح معروف مسلم -إذ يطلع بها القارئ على متثقفاته- وأما التثقف بالكتابة فكالغامض المجهول المنكر، على رغم ما تقتضيه الكتابة في الشيء من تأمل طبائعه وخصائصه ومعالمه والاجتهاد في تدقيق وصفه وتصحيح تفسيره! وهل أوجه من ذلك تثقفا أو أرجح أو أسمح! أم هل أدل عليه من حرص بعض نحارير أساتذتنا إذا ما استطلعنا رأيه في شيء، على ألا يقضي حتى نكتب له فيه؛ فلقد علم أننا نحصل بهذه الكتابة ما يكفيه مؤونة إقناعنا أو يريحه من ثقلها!
    الراحة
    ومن دواعي القراءة والكتابة الراحة (التخفف من الجواثم المادية والمعنوية)، التي يطلب بها كل متروح مشاركة غيره فيما يعانون، أو إشراكهم فيما يعاني. وبالقراءة يشاركهم؛ فيطلع من مصائبهم على ما يرقق لديه مصائبه -وما أكثر ما ضاقت بي الأرض؛ فلم تتسع بسوى ما أقرأ لغيري- وبالكتابة يشركهم؛ فيبوح لهم بما يشرح له صدره، وييسر أمره؛ وما أكثر ما اكتأبت؛ فلم ينجني سوى الكتابة في الموقف المكئب، وكأنما أستعيده لأعدل منه وأتحكم فيه:
    "عش ألقا وارتكب
    قصيدة وامض
    زد سعة الأرض"!
    المتعة
    ومن دواعي القراءة والكتابة المتعة (السرور والبهجة)، التي يطلب بها كل متمتع هزة جسمه وطرب نفسه. فأما التمتع بالقراءة فواضح معروف مسلم -إذ يطلع بها القارئ على مساره ومباهجه- وأما التمتع بالكتابة فكالغامض المجهول المنكر على رغم اجتماع الناس فيمن أمتعهم على أنه لو لم يتمتع لم يمتع، وأنه يظل يركب عناصر المتعة ويحكم أمرها ولا يقبل شيئا منها حتى يطرب لتركبه المحكم فيها أولا ويهتز! ولا ريب في أنه ربما تمتع المتثقف بما اهتدى إليه بعد ضلال طويل من ثقافة، والمتروح بما اهتدى إليه بعد عناء معن من راحة -وإن لم يكن هذا ولا ذاك في عرف الناس من مظان المتعة- ومن طريق هذين الاحتمالين جواب من سئل: فيم متعتك؛ إذ قال: "في حجة تتعاظم اتضاحا، وشبه تتضاءل افتضاحا"!

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي







    Like


المواضيع المتشابهه

  1. القراءة واجبة والكتابة إدمان
    بواسطة سري سمّور في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-19-2018, 05:09 AM
  2. دستور القراءة والكتابة
    بواسطة أ . د . محمد جمال صقر في المنتدى فرسان اللغة العربية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-15-2017, 07:44 AM
  3. سلسلة تعليم القراءة والكتابة للاطفال
    بواسطة حسن نوبي في المنتدى فرسان التعليمي.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-29-2017, 11:19 PM
  4. حمل كتابي في مقام القراءة والكتابة
    بواسطة أ . د . محمد جمال صقر في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-15-2014, 07:49 AM
  5. كلمة في القراءة والكتابة
    بواسطة بوبكر جيلالي في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 05-28-2013, 03:16 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •