منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 4 من 4
  1. #1

    الباحث ندرة اليازجي

    السلام عليكم
    يشرفني ان اقدم سيرة حياة الباحث السوري ندرة اليازجي: والذي التقيه عبر محاضرات وتجمعات ثقافيه واسعه:
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    http://www.dai3tna.com/Main/nadrayazgy.htm
    ولد في بلدة مرمريتا الواقعة في محافظة حمص السورية عام 1934
    حصل على إجازة في الاقتصاد و السياسة
    تركز اهتمامي على دراسة المؤلفات التي تبحث في القضايا السياسية أولا، والمؤلفات التي وضعها باحثون اقتصاديون إنسانيون جعلوا من الاقتصاد علما يؤدي إلى ازدهار المجتمع الإنساني ثانيا ومع ذلك لم أجد ضالتي المنشودة من تلك الدراسة، هذا لأنني كنت أهدف إلى تلقيح علم الاقتصاد و السياسة بالقيم الأخلاقية التي ترفع الواقع إلى مستوى المثال، أي كما يجب أن يكون 0
    قادتني دراستي للفلسفة السياسية إلى دراسة الفلسفة الأخلاقية التي قادتني بدورها إلى دراسة المدارس الفلسفية المتنوعة 0 وبالتالي قادتني هذه الدراسة إلى التوغل في مضامين علم النفس عامة وعلم النفس التكاملي وعلم نفس الأعماق خاصة 0كان اهتمامي قد تحول إلى دراسة العلوم الإنسانية، فإنني اتجهت إلى دراسة الأديان
    ومبادئ الحكمة المنتشرة في أقطار العالم، الأمر الذي ساعدني على الاستزادة من معرفتي بالثقافات و الحضارات المتنوعة ومحاولة التوفيق بينها لكي تتآلف في كياني على نحو تكامل أو توحيد0وفي الوقت ذاته وجهت اهتمامي لدراسة الأساطير المتعددة لأكتشف القرابة القائمة بينها 0في هذا النطاق المعرفي، تألقت محبتي للبشرية جمعاء، وعاينة اللحمة التي تجمع هذه البشرية في نطاق حقيقة واحدة تتنوع مفاهيمها وقيمها ومبادئها و عقائدها 0وتأكدت من أن عقلي أصبح حديقة زرعت فيها ورود العالم كلها لتزهو بجمال التنوع 0في هذا التطور الفكري، المتنوع في ظاهره والمتكامل في جوهره.
    مؤلفاته التي صدرت في الآونة الأخيرة في المجلدات التالية:
    المجلد الأول : ( الرسائل الإنسانية ) ويشتمل هذا المجلد على كتابين هما :
    1- رسائل في حضارة البؤس الذي وضعته في عام 1962م ، 2- رسائل في مبادئ الحياة الذي صدر عن اتحاد كتاب العرب عام 1989م
    ويعتبر هذا الكتاب المدخل إلى فلسفته الأخلاقية 0
    المجلد الثاني: ( دراسات في الحياة النفسية والاجتماعية ) ويشتمل هذا المجلد على كتابين هما :
    1- دراسات في الحياة النفسية والاجتماعية 0 2- دراسات في المثالية الإنسانية 0
    في هذا المجلد تحدثت عن الحياة النفسية المتكاملة و المتوازنة التي يجب على الإنسان تطبيقها في النظام الاجتماعي وبالإضافة إلى ذلك، تحدثت عن مثالية الوجود الإنساني في الواقع الاجتماعي،
    وهدفت إلى رفع الواقع إلى مستوى المثال 0
    المجلد الثالث : ( دراسات في فلسفة المادة والروح ) ويشتمل هذا المجلد على كتابين هما :
    1- المبدأ الكلي وفي هذا الكتاب حاولت أن أحقق لقاء بين الحكمة القديمة والعلم الحديث،ويعد هذا الكتاب ثمرة إطلاعي على الفيزياء الحديثة
    والأخذ بآراء علماء الفيزياء النظريين الإنسانيين 0
    2- فلسفة المادة والروح وفي هذا الكتاب سعيت للتوفيق بين المادة والروح أي تكامل المادة والروح في العلم والفلسفة والحكمة
    المجلد الرابع : (دراسات حضارية ومعرفية ) يشتمل هذا المجلد على ثلاث كتب تبحث في تنوع الحضارات والثقافات ووحدة العقل الإنساني، وتلاقي هذا التنوع الحضاري والثقافي عبر الحوار الذي يؤدي إلى الاعتراف بالآخر 0
    المجلد الخامس نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي الرد على التورات واليهودية ) ويبحث هذا المجلد في المبادئ الإنسانية التي تؤدي إلى تكامل العقائد المتنوعة
    في نطاق التآلف والمحبة، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى وضع حد للتعصب الديني والنزاع العقائدي والاعتقاد بامتلاك الحقيقة المطلقة، والى تكوين جديد لمجتمع أنساني مجرد من النزاعات العرقية والعنصرية 0
    6- المجلد السادس : (تطور العلم وبزوغ فجر الروح ) يشتمل هذا الملف على المحاضرات التي ألقيتها
    في مناسبات عديدة .
    وتدور مضامين هذه المحاضرات حول فكرة رئيسة و مركزية هي أن العلم في مسيرته الطويلة بدأ يتلمس طريقه في معرفة الحقيقة الروحية .
    7- المجلد السابع: ( دراسات في مبادئ الفلسفة السياسية الإنسانيةوهذا سوف يصدر قريبا.
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  2. #2
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    تهرب السنون كومضة سريعة تمرعلى جفننا كضوء البرق حين يخطف الموت أهلنا ويغيب أحبتنا وننام خوفا من أن ينزع ذاك المساء في سكونه الرهيب جسدا الى السكون الأخير .. فنستفيق على صورة العم الراحل عيسى نعمان صباغ رحمه الله
    عن قرب عرفته رجلا سيد الرجال , شامخا شموخ الجبال , صبورا في الشدة وخشوعا في العبادة , قانعا بالذي له , يعترف بالحق قبل أن يشهد عليه , لايقهره الشح ولا يطمع فيما ليس له . ابن مرمريتا وادي النضارة والتي أحبها حتى العشق فتجسدت في أقواله وأفعاله وأشعاره .. عرفته شاعرا فطنا وزجالا لا يخيبه اللسان , كتب بعفوية القلم فطهر قلبا وأرهف آذانا , فأمست أشعاره البسيطة كقطرة ماء حفرت في صخر غربته ليس عنفا بل تكرارا لا ينضب في حب الوطن الكبير والذي أعطاه من سنين العمر وضحى
    فقال فيه
    نحنا العرب من يوم تكوين الدني النا الشهامة والكرم ثم الأدب
    النا الرجولة يوم يدعونا الجهاد النا المهند والنصر الله وهب
    أحب مرمريتا بأهلها وجبالها ووديانها حاملا عبق طيبها الى غربته في قلب كبير ينبض فيها حبا وشعرا
    يا مرمريتا العامرة براس الجبل نسمة هواك كافية تشفي العلل
    الزغلول غنى سمعته كل الملل بليلة ميلادك غردت كل الطيور
    يا مرمريتا الرب زين منظرك برسمة صليب سبحان رب الكونك
    ساعة مرح يا رب مرة بصيفك وترتاح نفسي بعدها بين القبور
    من منا لا يذكر ستوديو الوادي والمصور صباغ , فقد كان بحق أول مصور فوتوغرافي في منطقة وادي النضارة , يحمل آلة التصوير متنقلا بها في قرى الوادي وراء لهاث لقمة العيش الكريم واصراه على تعليم أبنائه هربا لواقع مستقبل جديد , ولست بغافل عن الماضي وقسوته لأنه قابض على جمر الزمن
    من منا لا يذكر أكبر عائلة في مرمريتا اقتلعتها رياح الغربة ليس فرارا من القدر بل فرارا اليه,
    عائلة كريمة أنجبها المرحوم العم عيسى والأم الطاهرة المرحومة جميلة نوفل نهري , ومهما قست الغربة وباعدت يبقى على أمل العودة للوطن الأبناء الطيبين الصالحين , اخوتي : نعيم وسلمى وخادم الرب قدس الأب انطوني صباغ والذي تعجز الكلمات فيه وصفا , ومروان وعدنان وسامية وسميرة وماري وناصر وعبدو
    .. ولامع ورازق وفوزي, وزوجتي هند آخر حبات عنقود الذهب
    رحم الله العم عيسى فلم تكسر الرزايا ريشات جناحيه ولم يغادر الى بحر النسيان فبقي مشعلا في ذاكرة وجدان مرمريتا
    دريد يازجي
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3
    ودودة...وقََُفَّةُ أيوب
    يروى في احدى القرى أن امرأة تدعى ودودة... ارتبط اسمها باسم أيوب...وأصبحت اذا ذكرها أحد الحاضرين , ردد آخر : كما تردد لازمة التحية أو كما يستكمل المثل أوكما يستدعي صدر البيت عجزه... عبارة صبر أيوب... كان والدها نجارا...واختار لها هذا الاسم...ربما توددا للحياة..أواستئناسا بوجهها...أوأملا بمستقبل أفضل...
    وكان يحب الشعر...ويرتل في الكنيسة...ويحفظ من الكتاب المقدس ماتيسر من نشيد الأناشيد والمزامير...ويروي قصة يوسف النجار بمتعة ابن الكار... هكذا تربت ودودة على حب الزجل والقريدي...وعلى سماع قصص الكتاب المقدس...من سفر التكوين الى مركبة مار الياس النارية ومن قصة يونان في بطن الحوت الى عذاب الجلجلة ورؤيا يوحنا...حتى حفظتها عن ظهر قلب.. . وتمنت أن تكون بطلة احداها...ولكنها لم تكن تعلم أن الله سيختارها لبطولة قصة أخرى... هي قصة أيوب... وان الله هذه المرة عندما سيلتقي أبناءه البررة سيطلق يد الشيطان الجوال في الأرض عليها...لتقع عليها التجربة...وسيجعل من منزلها أو مأواها أو كوخها...مكانا لغدر ابليس... كانت تتمنى أن: يسامحها الله مثل حواء... ويكرمها مثل حنة... ويغفر لها مثل المجدلية... وكانت تحلم أن : يكاثرها كالبرسيم... ويباركها كالزيتون ... ويجمِّلها كعناقيد العنب... وكانت تطلب منه أن يجعل : حنجرتها كحنجرة عندليب... وصوتها كصوت كنار.. وكلماتها ككلمات يوحنا الذهبي الفم... وكانت تريد من الله أن : يمنحهاعشا كنقار الخشب... أو درعا كسلحفاة... أوكهفا كجدها آدم ... وكانت تظن أن : غراب نوح... وقفة أيوب... وسكين ابراهيم.. ما هي الا من سير الأنبياء...وتجارب رب ذلك الزمان...ولم تكن تعلم أن النعيق ...والقفة... والسكين...مازالت ترافق الجنس البشري حتى يومنا هذا... ولم تكن تتوقع أن الله عندما سيتفقد هذه المرة...أبناءه الأتقياء...سيحضر بينهم الشيطان...ويقبل التحدي...ويقول له...اليك بالتقية ودودة...سأرفع يدي عنها...فاختبرها.
    حتى جاءها في أحد الأيام من ينادي ويقول : اهتزت الأرض في الخارج وتشققت الطرقات وابتلعت كل ما عليها من آلة و بشر و دابة...وتسببت في وفاة زوجك وابنتك العروس وفي تكسير عظام بعض أولادك...فسارت في الجنازة ورددت ما تعلمته من أبيها عن لسان أيوب ( الله أعطى والله أخذ ) . وجلست تستعجل الأيام...وتبصِّر في فناجين القهوة...وتبيع الخبز والقريش...وظنت أن التجربة انتهت...وأن خزان الحزن قد نضب واسفنجة الخل قد جفت… جلست تستعجل الأيام...وتحفظ ليس فقط الكتاب المقدس وانما الود لأهل القرية...وتسأل زبائن خبز التنور والشنكليش عن أسمائهم الثلاثية لتبحث فيها عن جيرة أوصداقة أو نقطة دم مشتركة...تربطها بهم ولتحدثهم عن أهلهم وعن أجدادهم بكل الود ، ولتعزيهم في أحزانهم لأنها تعرف قيمة العزاء... كانت ودودة تظن أن التجربة انتهت...وأنها فازت على الشيطان ...فبدأت أذناها تتشنفان لسماع ألحان العود من ابنها الذي أصبح فنانا...وعيناها تتحسسان خيوط محبة الله مع تقدم اولادها...و قلبها يستكين وينبض على ايقاع ابتسامات شفتيها... ظنت ودودة أن التجربة انتهت وان الله تأكد من تقاها...فهي كأيوب لم تجدف على القدوس...وبقيت تردد ماتعلمته من والدها...الله أعطى والله اخذ ...الى أن جاءها المنادي وقال لها : هبت ريح عاصفة اقتلعت الأشجار وحطمت المنازل وكسرت الآلات الموسيقية...واختطفت اثنين من أولادك ... قرتي عينيك ومساكن روحك ...عندها أدركت أن الله لم يزل يراهن على تقاها...فامتلأ جسدها بالقروح ...وسكنت القفة ...ولم تزل تنتظر رحمة الله...ولم يزل أهل القرية يسمونها أيوب...ويترقبون بثقة ...تعويض السماء...
    د.شفيق يازجي
    Ch.yazigi@yahoo.com
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  4. #4
    ( كيّا ) و ( هيونداي ).. وأشياء أخرى


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    وصلتُ إلى ضيعتنا أولَّ الليل، بعد دفن صديق عزيز في ضيعة قريبة. . كنت في حالة تصعب معها الملاحظة الدقيقة للأشياء التي تدور من حولي.. كنت أرى الكثير من العتمة في طريقي إلى البيت، ولم أدركْ أن الكهرباء مقطوعة حتى وصلت إلى باب البناية. صعدت الدرج ،ودخلت ، على ضوء ( قدّاحة )، أشعلُها لحظة وأطفئها لحظات،
    خوفاً على أصابعي الممسكة بها من حرارة رأسها المعدني. تذكرت ب( الشاحن الكهربائي ) الموجود في الزاوية، فأضأته،ووضعته في مكانٍ تدخل بعض أشعته إلى الغرف الأخرى. لم يكن في ذهني شيء محدّد أقوم بعمله، ولعلّني لم أكن قادراً على عمل شيء. الإحساس بالفراغ كان هو سيدّ الموقف. بدأت أعي معنى أن ( لا كهرباء ). فالتلفزيون لن يشتغل، و الكمبيوتر أيضاً، ، إذ خطر لي أن أرى فيما إذا كان نعي صديقي قد ظهر في موقع ألكتروني لضيعتنا. مضى وقت أشعلت فيه سيكارة، ثمَّ واحدة أخرى، لأجد بعدها أن ( الباكيت ) أصبحت فارغة. عادةً،لم أكن أهتمّ لذلك، أمّا الآن فسأنزل الدرج على ضوء القدّاحة مرة أخرى، وسأذهب إلى أقرب بقاليّة لأشتري الدخان.
    سلّمت على الشابّ، صاحب البقّالية، الذي كان جالساً على الرصيف، وضوء شحيح لشمعة يخرج من بقاليته، ويعرّف عليه. أسرع في الدخول، مع مرورٍ متتابعٍ لعدد من الشاحنات يصعد الطريق من أمامنا. رفعت صوتي لكي يسمعني،سائلاً إيّاه عن الكهرباء ومتى يتوقّع عودتها، فأجابني: إنه التقنين.. أليس عندنا تقنين في هذه الأيام ؟ قلت: قبل الظهر انقطعت ساعتين، فلمَ الآن.. ؟ أجاب وكأنّه يتحدث عن شيء آخر: انظرْ، هذه هي الحضارة.. كان يشير إلى الشاحنات التي تصعد الطريق بدخانها وصوتها المزعج ، وأكياس الإسمنت ترتفع بوضوح فوق مستوى الصندوق..
    ارتحتُ لِ ( نصف ) الجواب هذا.. وكأنني فطنِت إلى أنه ربما هناك ارتباط بين مرور الشاحنات وانقطاع الكهرباء،وأجبت بسذاجة- ناسيا رؤيتي المتكرّرة،في هذه الأيام، للوجه المتهللّ كثيراً لبائع الموتورات الكهربائية -
    هكذا إذن.. يقطعون الكهرباء لكي تمّر الشاحنات. لم يجَب هو، إنما أتاني الجواب من رجلٍ كان يدخل البقالية: ( هلّق هنّن سائلين اذا في كهربا ولاّ ما في كهربا، يا عمّي بيكونو مشترين الخطّ كلّو.. ). ... في طريق العودة للبيت ،كانت الشاحنات ( الكيّا والهيونداي ) ،البيضاء، الحديثة، المتوسطة الحجم تكرّ واحدة بعد أخرى..
    أيّتها الشاحنات البيضاء.. السعيدة.. المتوسطة الحجم..
    تصعدين، بقوة وحريّة.. الطريق العابرة للحدود..
    والذي يمرّ في قرانا التي تستقبل الليل على نشيد الواويّات ( بنات آوى )..
    تذهبين إلى مكانٍ لا نعرفه..
    وتأتين من مكانٍ لا نعرفه..
    يقودونك شبابٌ سمرٌ لا يهابون وعورة الطريق.. ولا ظلمة الّليل..
    أنتِ لم تُولدي هنا.. ولا تعرفين حتى من نحن..
    صنعك أناسٌ في ( كوريا ) أو فيما حولها..
    أناسٌ مثلنا قضوا العمر في الركض وراء لقمة العيش..
    ولعلّهم يعيشون مثلنا، أو أحسن منّا بقليل..ٍ أو كثير
    .. أيّتها الشاحنات.. أيّتها الشاحنات..
    ترفّقي بنا.. ولا تنفثي بوجهنا الكثير من الدخان.
    تمهّلي عندما تصعدين
    فأنتًِ جديدة..
    وأنت سعيدة..
    وأنتِ غير مسؤولة عن أيّ شيء ممّا يحصل..
    قطعَ عليّ شرودي وصولي إلى كومة من التراب، مرمية على جانب الطريق، كدتُ أن أصطدم بها..
    وفي الحقيقة لم تكن هذه المناجاة الشعريّة للشاحنات مكتملةً هكذا وقتذاك، إنما كانت في البدايات، لكنني وفي اليوم الثاني دفعني إلى إتمامها على هذا النحو المشهد الذي سأقصّه عليكم الآن:
    إذن، في اليوم الثاني ،قبل الظهر، وعندما كنت مع صديقٍ لي ذاهبين في السيّارة، إلى مجلس العزاء في القرية القريبة، وصلْنا في مرحلة من الطريق، إلى طلعة قصيرة ولكنّها قاسية، انتبهتُ إلى وجود شاحنة من الشاحنات ( ( إيّاها ) أمامي تصعد في أولّ الطلعة. خففّتُ سيري كثيراً، وجاءني من يمين السياّرة صوت رجلٍ لم أتبيّن ملامحه، وبلهجةٍ، رغم تهذيبها، فقد كانت تفحّ منها قوّة الأمر(( عمي انتبه شويّة )). خففّت السرعة أكثر لدرجة الوقوف، والشاحنة أمامي تصعد ( بشقّ النفس ) تذهب بعرض الطربق تارةً الى اليمين بضعة أمتار،وتارةً أخرى إلى اليسار، تسهيلاً لعملية الصعود وأكياس الإسمنت تعلو على ظهرها مثل سِنام جمل أو ( حردبّة ) ضخمة. وبسرعة البرق يهجم عليها من اليمين واليسار شابّان ( كالأشاوس )، ظننتهما أولّ الأمر يريدان اعتلاء ظهرها، ولكن الأمر لم يكن كذلك، فقد وضعا أيديهما على مؤخرتها، ليساعدانها على تجاوز الطلعة.. وبكلّ لامبالاة أصبحا أمامي تماماً،وكدتُ أصطدم بأحدهما، قبل أن أتوقّف تماماً.. سمعت صديقي ،إلى جانبي يعلّق غاضباً: (( الأنذال المهربين مابيكفيّن ربحن بحمولة الشاحنة، حاطّين فوق الحمولة حمولة ))
    لم أُجبْ، فقد كنت ( معجَباً ) ومأخوذاً بهذا المنظر.لقد ارتحت وخفّ توتري..فهل من اللائق لمواطن مثلي بعدما رأى هذه الدِقّة والشطارة وبعد النظر في التخطيط لتجاوز أيّة طلعة أو عقبة، أن يخاف على رئتيه من بعض دخان المازوت ، أو على وطنه من تهريب بعض شاحنات الإسمنت.
    ندره. ع يازجي - مرمريتا
    موقع ضيعتنا
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-09-2015, 08:54 AM
  2. المقاومة الفلسطينية وحرب الجنرالات
    بواسطة غسان مصطفى الشامي في المنتدى فرسان الأبحاث الفكرية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-19-2014, 07:46 AM
  3. عندما تقرأ ندرة اليازجي
    بواسطة د.أنس تللو في المنتدى أسماء لامعة في سطور
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-08-2012, 01:59 AM
  4. ارض النفاق وحرب الطماطم
    بواسطة السيد الحسيسى في المنتدى فرسان الأدبي العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-18-2010, 04:55 PM
  5. ندرة الروايات المترجمه
    بواسطة فراس الحكيم في المنتدى شؤون القصة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-26-2008, 09:42 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •