قدر لي حضور العرض ( المجاني) لمسرحية عن نص للكاتب الكبير سعد الله ونوس بعنوان:" طقوس الإشارات و التحولات" برعاية المركز الثقافي الفرنسي و العرض مترافق مع ترجمة مكتوبة باللغة الفرنسية .
و جدتها فرصة فاصطحبت زوجتي و ذهبنا و فوجئت أن محور العرض يتناول حياة بعض رجال الدولة و رجال الدين و علاقتهم بالعاهرات و الغواني و لكن ما فاجئني أكثر الابتذال و المغالاة في عرض بعض النقاط إن بالصورة أو من خلال النص ، و سأورد أهمها – كما فهمتها – و لست أدري ما هي الرسالة أو القيمة التي تريد المسرحية إيصالها ...
1- لم يكن مقبولاً أن يقضي أحد الممثلين معظم وقت المسرحية عارياً إلا من لباسه الداخلي السفلي فالرسالة التي يريد النص أو المخرج إيصالها يمكن أن تصل بأكثر من طريقة غير التعري المباشر أمام الجمهور الذي من حقه أن يحصل على الاحترام!!
2- لم أجد أنه من اللائق مناقشة قصة اثنين من الرجال اللوطيين بتفاصيل معمقة مقززة و في أكثر من مشهد حتى لتكاد تبدو العلاقة الشاذة و كأنها علاقة مشوقة و طبيعية !!
3- من غير المقبول تصوير أحد رجال الدين المسلمين (أو غير المسلمين) المهمين في بلده على أنه شاذ جنسياً و يمارس الجنس مع خادمته القاصر (قبل سن الحيض) مما حدا بها لتصبح عاهرة في تلك البلدة !!
4- من غير المقبول أخلاقياً و دينياً أن تتحول ابنة هذا الشيخ المؤمنة (و اسمها في المسرحية مؤمنة) من مؤمنة إلى عاهرة و تصر على ذلك و تشرح أسبابه العديدة .. لمجرد أن زوجها وقع في الحرام... هكذا و ببساطة تتخلى عن دينها و إيمانها بربها... لم أعرف ما الذي يريد النص قوله ... ؟؟
5- كان هنالك إصرار على دور شخصية المفتي .. ذلك الرجل الذي يصدر الفتاوى الشرعية لمصالحه الخاصة و تبعاً لهواه خصوصاً تلك الفتاوى التي تسمح بممارسة الدعارة أو التي تمنع ذلك إلى حد إباحة دم العاهرات كونه وقع في حب إحداهن !! لماذا هذا الإسفاف و التشويه و التهكم ؟؟؟
6- طقوس الإشارات و التحولات – كما أراها- ، غمز و لمز من قناة المجتمع المتدين و رموزه ، و دعوة للتحرر من القيم الفاضلة إلى حرية الجسد و الفعل، و تحلل من ضوابط الشريعة إلى اجتهادات العقل و مجونه.

و العديد من النقاط و الإشارات الواعية و غير الواعية، الضمنية و الصريحة و التي أدركت بعضها و بعضها لم أدركه مع علمي بتسلله إلى عقلي الباطن... كلها وردت في المسرحية ...
كلنا يعلم أنه لا يكاد يخلو مجتمع من السلبيات و الخلل و لكن ليس هكذا يكون العلاج، و لن تمر الأدواء عبر هكذا قنوات، و إذا كنا نبحث عن مسرح جاد ملتزم فليس هذا هو المسرح الذي نتوقعه، وعذراً من الكاتب الكبير ونوس و عذراً من المركز الثقافي الفرنسي و عذراً من أسرة العمل و لكن ما هكذا تورد الإبل في بلدي... و لن تمروا من ها هنا.