الهرولة إلى الاستقرار
حازم خيري
الجميع في بلادي، أعني مصر، بما فيهم أنصار دولتي العسكر والاسلام السياسي، يلهثون في اتجاه الاستقرار، ولولا تعارض المصالح – ولله الحمد – لاتفقوا علينا، ومات الأمل! لعُدنا إلى استقرار مُشبع بالخراب، لطالما عانينا ويلاته، تحول بيننا وبينه اليوم سيولة اجبارية، تعيشها مجتمعاتنا والتى هي أصلا مُستنقعات راكدة، تخلو من كل شيء، عدا الركود والسأم!

رؤيتى هذه يؤكدها – مثلا – اقبال العسكر والاسلاميين على توظيف عبارة الشيخ الراحل متولى الشعراوي: [الثائر الحق هو الذى يثور ليهدم الفساد ثم يهدأ ليبني الأمجاد]. حد علمي أن الشيخ أطلق عبارته هذه لتهدئة ما بدا له يومها نُذر ثورة ضد نظام الحكم. غير أن المُضحك في الأمر هو تناوب العسكر والاسلاميين على العبارة، وفقا لمُقتضى المصلحة..!

كنت في زيارة لاحدى القرى الريفية، حيث يحتفظ الاسلام السياسي بمخزون استراتيجي من التعاطف والأصوات الانتخابية، لمحت على أحد أعمدة الانارة "بوستر" قديم للدعاية الانتخابية، يحمل صورة مُرشح اسلامي، مشفوعة بعبارة الشعراوي عن توصيف الثائر الحق.

أعاد هذا لذاكرتي حرص الاسلاميين ابان الانتخابات البرلمانية ما بعد ثورة 25 يناير المجيدة على الهرولة إلى الاستقرار، دون حرث الأرض وتطهيرها، من باب بشر ولا تُنفر، واستعانتهم في سبيل ذلك بعبارة الشيخ الشعراوي، عبر كتابتها على كل ما تصل إليه أيديهم.


تصرفهم هذا ألحق الضرر بشباب ثورة 25 يناير، وأجهض الشرعية الثورية. وها هم العسكر اليوم يفعلون ما سبق وفعله الاسلاميون، حل دور العسكر على ما يبدو في التناوب على عبارة الشيخ، أجهزة اعلامهم تُرجع صداها، في ظل سكوت الاسلاميين عنها، بينما الشباب في حيرة إزاء تسبب الاسلاميين بقصر نظرهم في الباس انقلاب عسكري ثوب ثورة!