حديث الحذاء ..!!
الباحث : عبدالوهاب محمد الجبوري


لقد فعلها البطل العراقي منتظر الزيدي وجعلها خاتمة تاريخية لن ينساها الرئيس بوش والشعب الامريكي وكل رئيس قادم للولايات المتحدة وسيذكرها العالم على مر الايام والشهور والسنين كتحد بطولي سجله بفخر وشجاعة منبر عراقي حر وشريف تصدى للجبروت والطغيان بسلاح لا يتجاوز سعره خمسة دولارات في احسن الاحوال فحقق نتائج واحدث تاثيرات مالم تحققه كل وسائل وامكانيات الحرب العسكرية والاقتصادية والاعلامية التي يمتلكها الاعراب ، فكانت ضربة الزيدي رسالة الرجال الاوفياء لوطنهم وامتهم فحققت كل معانيها وابعادها الوطنية والعربية والاسلامية فاذلت الذليلين وكسرت شوكة الجبابرة والطغاة واخزت الصامتين في السراديب المظلمة مع الغانيات وتجار السحت الحرام والشعارات المضللة والخداعة وسماسرة الذل والعار .. الا تبا لكل متخاذل وتبا لكل علقمي ..
وستبقى قصة الزيدي ، اسطورة التحدي للظلم والعدوان ، تتداولها الالسن وتحكيها الاجيال جيلا بعد جيل مذكرة ببطولة وشهامة وغيرة ابطال لم ولن يتخلوا عن قضيتهم واحتلال بلدهم رغم شراسة القوة المحتلة واساليبها الوحشية وفقدان اي امل بوجود نخوة لدى اؤلئك الذين فقدوا كل صلة باصلهم العربي ودينهم الحنيف ،قصة تحكي بطولة غيارى تحدوا الموت وفتحوا له صدورا عامرة بالايمان والطاعة للواحد الاحد ، العزيز الجبار المنتقم ، فصاروا مثالا يستنير بهم شباب الامة وفتيانها ورجالاتها وشيوخها ونسائها واطفالها في مقاومة المعتدين والمحتلين ومن يسير على نهجهم من قوى التخاذل والشر والظلام والرذيلة ، من الذين ساهموا وشاركوا في تدمير بلد الحضارات ودنسوه وباعوه بثمن بخس ، ومع ان الزيدي هو الان في ضيق ويتعرض لاقسى انواع الاضطهاد في سجون الاحتلال وندعو الله ان يفرج كربته وكربة اخوانه العراقيين والفلسطينيين وكل المجاهادين والمرابطين في ارض الله الواسعة ، لكن رسالته الخالدة ستبقى رمزا لقيم الرجولة والاخلاق والوفاء للتراب الطاهر تُذكّر العالم ، حاضرا ومستقبلا ، بمعاني الحق والايمان والارادة والصبر ، وكيف اذا تغلغل الايمان في النفس وتسامت الروح بنقائها الى قيمها ومعانيها العليا كما ارادها الله لها فان كل شيء يهون امام هذا الانسان ويصبح قادرا على التعامل مع اصعب المواقف واخطرها وسيجد ان يده هي العليا وانه هو الاقوى وانه قادر على فعل كل شيء لانه سيكون على قناعة تامة بان الله معه ومن يكن الله معه فلا خوف عليه ولا يحزن ، وهذا بتصوري ما حدث للمجاهد منظر الزيدي عندما راي رئيس اكبر دولة في العالم صغيرا وعاجزا وضعيفا فرماه بارخص سلاح لكنه الاكثر تاثيرا واذلالا ، ولم يكن الزيدي الذي يبلغ من العمر 29 سنة ينتظر شهرة ولا كسبا ماديا ، مثلما يحاول البعض تشويه صورة العمل البطولي الذي قام به ، فشجاعته برشق بوش بحذاء كانت قد تؤدي الى مقتله على الفور في قاعة تعج بحراس الرئيس الاميركي ومضيفه نوري المالكي ، وربما كان يتوقع ان يحصل له مثل هذا الامر ، اذن فقد كان عمله من طراز الاعمال البطولية النادرة والذي له دلالاته ، ابرزها : التعبير عن رفض العراقيين لاحتلال وافرازاته السياسية والاقتصادية والعسكرية والامنية والطائفية والفساد وسرقة اموالهم والتلاعب بمصيرهم ومحاولات تقسيم البلاد وتدخل دول الجوار وخاصة ايران في الشان العراقي وتهجير المواطنين من دورهم وقتلهم على الهوية والتمييز بين المواطنين على اساس العرق والمذهب والدين والطائفة وغيرها مما يتعرض له العراقيون اليوم من محن وماسي ، كل هذه التحديات عبرت عنها بتصوري رسالة المجاهد الزيدي فبارك الله فيه واعانه على الصبر وتحمل محنته وسهل له الفرج مثلما ندعو للعراقيين ان يعينهم على الصبر والتحمل وان يفرج كربتهم ..
وهنا نود ان نسجل ملاحظات مهمة نقلتها وكالات الانباء والتلفزة ، فعلى اثر هذا الحدث تهافت عشرات الصحفيين والمعلقين بعد وقت قصير من بث مواقع الانترنت المختلفة للخبر معلنين عن اعجابهم بموقف الصحفي العراقي الذي وُصف بانه ( واحد من اشرف أبناء العراق المحتل) ، وطالب احد المعلقين على موقع عراقي بتكريم الزيدي ، بينما اقترح أخر طرح الحذاء الذي استهدف بوش على المزاد ، ورد آخر بأول عرض اقترح فيه 100 الف دولار.. وقد نعت الزيدي بوش بأنه ( كلب ) باللغة العربية وأخطأ الحذاء هدفه بنحو 4.5 متر، كما يتذكر المشاهدين الكرام كيف ان احد الاحذية طار فوق فوق رأس بوش وأصاب جدارا خلفه فيما كان يقف المالكي بجانبه ، وابتسم بوش بامتعاض فيما بدا رئيس الورزاء العراقي متوترا ، ويعمل الزيدي مراسلا لقناة البغدادية الفضائية التي تبث من مصر وتعرف بخطها المعارض للاحتلال وسبق له ان تعرض الى الاختطاف على يد مسلحين مجهولين في 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2007 ثم اطلق سراحه بعد ثلاثة أيام..
واخيرا نقول ان ما تعرض له الزيدي من اهانة وضرب واذى كبير امام الكامرات وعدسات التلفزيون على ايدي حراس الرئيس بوش وحماية مضيفه يعتبر خرقا لحقوق الانسان والديمقراطية التي جلبها الاحتلال معه ، فلنتصوراذن كيف ستكون معاملته وهو في دهاليز سجونهم ؟ فلا حول ولا قوة الا بالله العظيم .. ومع ان الزيدي قد يتعرض الى محاكمة قاسية او يصبح مفقودا الى الابد ، لا سمح الله ، الا انه سجل اسمه في التاريخ بموقف ايده على الفور زميلين له وتم اعتقالها بعد الاشادة بفعلته ، وهنا نؤكد على توفير محاكمة علنية عادلة للزيدي مع محامين للدفاع عنه سائلين الله ان ان ينصر الحق على الباطل وان يحول حال المظلومين والمضطهدين الى احسن حال وان يذل اعداءهم ويخزيهم انهم نعم المولى ونعم المجيب ..
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي