منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 6 من 6
  1. #1

    من خوارم المروءة

    السلام عليكم
    حقيقة المروءة أمر مختلف جدا عن الوقار وربما هو اعمق منه, ومانعرفه هو ان تبويب هذا الموضوع الذي سانقله ينتابه نقص في صميم الموضوع:
    ساورده كما هو وربما وجدت إضافة:
    *************
    خوارم المروءة


    م. عبد اللطيف البريجاوي

    المروءة صفة مهمّة من الصفات المكمّلة لشخصيّة المسلم الحقّ, وهي وإن اختلفت من زمن إلى آخر ومن مكان إلى آخر إلاّ أن لها سمة عامّة وهي المحافظة على رجوليّة المسلم ودينه وهيبته.
    قال في لسان العرب:\" المُرُوءَة كَمالُ الرُّجُوليَّة, والمُرُوءَة: الإِنسانية، وقيل للأَحْنَفِ: ما المُرُوءَةُ؟ فقال: العِفَّةُ والحِرْفةُ. وسئل آخَرُ عن المُروءَة، فقال: المُرُوءَة أَن لا تفعل في السِّرِّ أَمراً وأَنت تَسْتَحْيِي أَن تَفْعَلَهُ جَهْراً.\".(لسان العرب باب الميم).
    قال القرطبي:\" وأما المروءة فالناس مختلفون في ذلك، والعادة متباينة فيه، وأحوال العرب فيه خلاف أحوال العجم، ومذهب أهل البدو غير مذهب الحضر، خصوصاً إذا كانت الحالة حالة ضرورة.\".(القرطبي القصص23).
    واختلف العلماء في تعريف المروءة تبعاًَ للأزمنة والأمكنة والأشخاص, وأحسن ما قيل في تفسير المروءة أنها:\"تَخَلُّق المرء بخلق أمثاله من أبناء عصره ممّن يراعي مناهج الشرع وآدابه في زمانه ومكانه؛ لأنّ الأمور العرفيّة قلّما تنضبط، بل تختلف باختلاف الأشخاص والأزمنة والبلدان، وهذا بخلاف العدالة، فإنّها لا تختلف باختلاف الأشخاص، فإنّ الفسق يستوي فيه الشريف والوضيع بخلاف المروءة فإنّها تختلف. وقيل: المروءة التحرّز عمّا يسخر منه ويضحك به، وقيل: هي أن يصون نفسه عن الأدناس، ولا يشينها عند الناس، وقيل: المروءة إنصاف مَنْ دونك، والسموّ إلـى مَنْ فوقك، والجزاء عمّا أوتي إليك من خير أو شرّ وقيل غير ذلك.
    خوارم المروءة:
    ونذكر هنا بعض خوارم المروءة (العيب) منقولاً عن علماء الأمة:
    - من خوارم المروءة أن يباعد الإنسان بين فترات الاستحمام حتى يتدرّن ثوبه وتفوح الرائحة الكريهة منه, ويتجنّب الناس مجالسته لهذا السبب قال القرطبيّ:\" النظافة وهي مُروءة آدمية ووظيفة شرعية \".(القرطبي سورة براءة 106).
    - من خوارم المروءة أن يأكل الإنسان السحت (المال الحرام) قال القرطبيّ: \"سُمي الحرام سُحْتاً لأنّه يَسحَت مروءة الإنسان.\".(القرطبي المائدة 42).
    - من خوارم المروءة الوقوع في الشبهات كالجلوس مع النساء الأجنبيّات في الأماكن العامة ودخول الأماكن التي فيها انتهاك حرمات الله ولو لم يكن هو كذلك قال ابن حجر في الفتح: (فمن اتّقى المشبهات)؛ أي: حذر منها، قوله: (استبرأ) بالهمز بوزن استفعل من البراءة، أي: برأ دينه من النقص وعرضه من الطعن فيه، لأنّ من لم يُعرف باجتناب الشبهات لم يسلم لقول من يطعن فيه، وفيه دليل على أنّ من لم يتوقّ الشبهة في كسبه ومعاشه فقد عرض نفسه للطعن فيه، وفي هذا إشارة إلى المحافظة على أمور الدين ومراعاة المروءة\". (فتح الباري كتاب الإيمان باب فضل من استبرأ لدينه).
    - من خوارم المروءة أن ينتف المرء شعر إبطه أمام الناس قال النوويّ:\" يتخير بين أن يقصّ شاربه بنفسه أو يولي ذلك غيره لحصول المقصود من غير هتك مروءة بخلاف الإبط، ولا ارتكاب حرمة بخلاف العانة، قلت: محلّ ذلك حيث لا ضرورة \".(فتح الباري كتاب اللباس باب قص الشارب).
    - من خوارم المروءة كثرة المزاح والجلوس في الطرقات لرؤية النساء قال ابن حجر في الفتح::\" كثرة المزاح واللهو وفحش القول، والجلوس في الأسواق لرؤية من يمرّ من النساء من خوارم المروءة \".(فتح الباري كتاب الاستئذان باب من لم يسلم على من اقترف ذنباً).
    - من خوارم المروءة مخالفة لباس أهل بلدته والتفنّن في الغرابة في اللباس قال في الفتح وهو يتكلم عن لبس الثوب الأحمر: \" وقال الطبريّ: الذي أراه جواز لبس الثياب المصبغة بكل لون، إلا أني لا أحب لبس ما كان مشبعاً بالحمرة, ولا لبس الأحمر مطلقاً ظاهراً فوق الثياب لكونه ليس من لباس أهل المروءة في زماننا فإنّ مراعاة زي الزمان من المروءة ما لم يكن إثماً، وفي مخالفة الزيّ ضرب من الشهرة، والتحقيق في هذا المقام أن النهي عن لبس الأحمر إن كان من أجل أنه زيّ النساء فهو راجع إلى الزجر عن التشبه بالنساء, فيكون النّهي عنه لا لذاته، وإن كان من أجل الشهرة أو خرم المروءة فيمنع حيث يقع ذلك. (فتح الباري كتاب اللباس باب الثوب الأحمر).
    - من خوارم المروءة أن لا يأكل مما يليه و يأكل من جوانب القصعة أو وسطها, قال النوويّ رحمه الله تعالى:\"من السنّة الأكل مما يليه لأنّ أكله من موضع يد صاحبه سوء عشرة وترك مروءة فقد يتقذّره صاحبه لا سيما في الأمراق وشبهها \".(النووي كتاب الأشربة باب آداب الطعام).
    - من خوارم المروءة منع إعارة الماعون وشبهها إن لم يكن في المنع ضرورة \" إنما يكون المنع قبيحاً في المروءة في غير حال الضرورة. والله أعلم.(القرطبي الماعون 1).
    - من خوارم المروءة أن يتحدّث الرجل عن علاقته الجنسية بينه وبين زوجته بلا ضرورة. قال النووي:\" تحريم إفشاء الرجل ما يجري بينه وبين امرأته من أمر الاستمتاع ووصف تفاصيل ذلك, وما يجري من المرأة فيه من قول أو فعل ونحوه. فأمّا مجرد ذكر الجماع فإن لم تكن فيه فائدة ولا إليه حاجة فمكروه لأنّه خلاف المروءة، وقد قال صلّى الله عليه وسلّم: \"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت\". (النووي كتاب النكاح باب تحريم إفشاء المرأة).
    - من خوارم المروءة أن يأكل الرجل وحده في البيت من أطايب الطعام ويترك ما بقي لزوجته وأولاده\" إنّ من كمال المروءة أن يطعهم زوجته كلّما أكل ويكسوها إذا اكتسى\". (عون المعبود كتاب النكاح باب في حق المراة على زوجها).
    - من خوارم المروءة أن يجعل الرجل نفسه تيساً مستعاراً \"وإنما لعنهما (أي المحلّل والمحلّل له) لما في ذلك من هتك المروءة وقلّة الحميّة والدلالة على خسّة النفس وسقوطها. أمّا النسبة إلى المحلّل له فظاهر، وأمّا بالنسبة إلى المحلل فلأنّه يعير نفسه بالوطء لغرض الغير فإنّه إنّما يطؤها ليعرضها لوطء المحلّل له، ولذلك مثلّه صلّى الله عليه وسلّم بالتيس المستعار\". (عون المعبود كتاب النكاح باب في التحليل).
    - من خوارم المروءة أن يلهو الرجل كبير السن الساعات الطوال على شاشات التلفاز يتابع الأفلام والمسلسلات ولا يأبه لتقدّمه في السن وقربه من لقاء الله سبحانه وتعالى فعن أبي هريرةَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: \"أعذرَ اللّهُ إلى امرئ أخَّرَ أجَله حتى بَلَّغَهُ ستين سنة\".( البخاري كتاب الرقائق باب من بلغ الستين).
    قال ابن حجر في الفتح:\" الإعذار: إزالة العذر، والمعنى أنّه لم يبق له اعتذار, كأن يقول: لو مدّ لي في الأجل لفعلت ما أمرت به\".(فتح الباري كتاب الرقائق باب من بلغ الستين).
    - من خوارم المروءة أن ينام الرجل بحضرة أناس مستيقظين إلاّ للضرورة لما يصدر عن النائم من أمور مكروهة لا يدري بها \"ويكره نومه بين قوم مستيقظين لأنّه خلاف المروءة\". (كشف القناع كتاب الطهارة).
    - من خوارم المروءة الجدل مع الأصحاب لمجرد الجدلّ لأنّ:\" الموافقة من المروءة والمنافقة من الزندقة\". (الإصابة في تمييز الصحابة).
    - من خوارم المروءة إخفاء الزاد عن الأصحاب في السفر وكثرة الخلاف معهم, \" قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن: للسَّفر مُرُوءةٌ وللحضَر مُروءةٌ؛ فأمّا المروءة في السّفر فبذل الزاد، وقلّة الخلاف على الأصحاب، وكثرة المِزاح في غير مَساخط الله. وأما المروءة في الحضَر فالإدمان إلى المساجد، وتلاوة القرآن وكثرة الإخوان في الله عزّ وجلّ\".(القرطبي سورة النساء 36).
    - من خوارم المروءة أن يقبِّل الرجل زوجته أمام الناس. \" من خوارم المروءة (قبلة زوجةٍ أو أَمَة) له (بحضرة الناس) أو وضْع يده على موضع الاستمتاع منها من صدر ونحوه\". (مغني المحتاج كتاب الشهادات)
    - من خوارم المروءة أن تأكل المرأة في الشارع وكذا الرجل ما لم يكن جائعاً أو صاحب عمل في السوق. \"من خوارم المروءة (الأكل) والشرب (في سوق) لغير سوقيّ كما في الروضة, ولغير من لم يغلبه جوع أو عطش. واستثنى البلقيني من الأكل في السوق من أكل داخل حانوت مستتراً \". (مغني المحتاج كتاب الشهادات).
    - من خوارم المروءة أن يستأثر الرجل بالطعام, ويأكل أكثر من إخوانه إذا كان الطعام مشتركاً وكانوا يدفعون ثمنه تشاركاً بينهم قال النووي:\" يستحبّ اشتراك المسافرين في الأكل واستعمالهم مكارم الأخلاق، وليس هذا من باب المعارضة حتى يشترط فيه المساواة في الطعام وأن لا يأكل بعضهم أكثر من بعض، بل هو من باب المروءات ومكارم الأخلاق وهو بمعنى الإباحة فيجوز وإن تفاضل الطعام واختلفت أنواعه، ويجوز وإن أكل بعضهم أكثر من بعض، لكن يستحب أن يكون شأنهم إيثار بعضهم بعضاً \". (شرح مسلم للنووي كتاب الجهاد والسير باب فتح مكة).
    - من خوارم المروءة أن يتحدث الإنسان عن أهل الفضل والعلم والمشهود لهم بالخير لمجرد أنّهم ارتكبوا صغيرة من الصغائر, فعن عَائِشَةَ قالَت: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم : \"أقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إلاَّ الحُدُودَ.\". (أبو داو كتاب الحدود باب في الحد يشفع فيه). وذوي الهيآت: وهم الذين لا يعرفون بـالشرّ فيزلّ أحدهم الزلة, لذلك نُدب واستُحب التجافي عن زلاتهم\". (عون المعبود شرح سنن أبي داود كتاب الحدود باب الحد شفع فيه).
    - من خوارم المروءة أن يفتخر الرجل بماله ورصيده منه.\" لأنّ المال ظلّ زائل وحال حائل ومال مائل, ولا يفتخر به أهل المروءات والبصائر\". (مغني المحتاج كتاب النكاح).
    - من خوارم المروءة أن يزاحم الرجلُ الناسَ والأطفال على الحلويات التي توزع في الطرقات في المناسبات الدينية أو الموائد التي تنصب لإطعام العامة؛\"فإنّ أهل المروءات يصونون أنفسهم عن مزاحمة الناس على شيء من الطعام أو غيره، ولأنّ في هذا دناءة والله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها. (المعني كتاب الوليمة).
    - من مروءة الرجل أن يخدم الأكبر منه سنّاً والأكثر علماً ولا يعدّ هذا إنقاصاً من قدره, قال النوويّ رحمه الله تعالى:\" ويجوز للفاضل أن يخدمه المفضول ويقضي له حاجة، ولا يكون هذا من أخذ العوض على تعليم العلم والآداب بل من مروءات الأصحاب وحسن العشرة، ودليله من قصّة موسى حمل فتاه غداءهما, وحمل أصحاب السفينة موسى والخضر بغير أجرة لمعرفتهم الخضر بالصلاح والله أعلم\".(النووي كتاب الفضائل باب فضائل الخضر)
    - من كمال المروءة أن يمنح من اكتسب مالاً جزءاً من ماله لإخوانه الذين كانوا معه عند قبضه لهذا المال, قال النوويّ رحمه الله تعالى:\" وفي حديث أبي سعيد الخدري الذي أخذ عدداً من الشياه كأجرة له فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:\" اقسموا واضربوا لي بسهم معكم\" فهذه القسمة من باب المروءات والتبرّعات ومواساة الأصحاب والرفاق، وإلاّ فجميع الشياه ملك للراقي مختصّة به لا حق للباقين فيها عند التنازع فقاسمهم تبرّعاً وجوداً ومروءة\".( شرح مسلم للنووي كتاب السلام باب جواز أخذ الأجرة على الرقية).
    - \" من مروءة الرجل ألاَّ يُخْبِر بسنّه؛ لأنّه إن كان صغيراً استحقروه وإن كان كبيراً استهرموه \" (القرطبي الفيل 1)
    المرجع كتاب ذوقيات إسلامية للمؤلف عبد اللطيف محمد سعد الله البريجاوي
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  2. #2

    رد: من خوارم المروءة


    من آداب المروءة و خوارمها
    الدكتور صالح بن علي أبو عرَّاد
    أستاذ التربية الإسلامية بكلية المعلمين في أبها
    ومدير مركز البحوث التربوية بالكلية


    الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ؛ وبعد :
    فقد جاء دين الإسلام الحنيف داعياً لكل فضيلة ، و ناهياً عن كل رذيلة ، لأنه دين التربية الإسلامية الصافية ، والفضائل الإنسانية النبيلة ، والآداب الكريمة ، والأخلاق الحسنة التي تسمو بصاحبها ، وترتقي به في مدارج الشرف والرفعة والمثالية البشرية .
    ومن هذه الآداب الإسلامية الكريمة ، والأخلاق الإنسانية الفاضلة ما يُسمى ( المروءة ) التي كثُرت تعاريفها ، وتعددت معانيها حتى اختُلفَ في تحديد تعريفٍ موحّدٍ لها . فقد عَُرِّفت بأنها : " استعمال كل خُلقٍ حسنٍ ، واجتناب كل خُلقٍ قبيح "( 9 : 51) .
    وجاء في تعريفها كما ورد عند بعض السلف وقد سُئل عن المروءة فأجاب : " أن لا تعمل في السرِّ شيئاً تستحي منه في العلانية " ( 11 : 245 ) .
    كما ورد في تعريفٍ آخرٍ أن المروءة تعني :" اجتناب الرجل ما يشينه ، واجتناؤه [ أي اكتسابه ] ما يزينه " ( 8 : 131 ) .
    وقيل إن المقصود بالمروءة : " أن يجتنب الرجل القبائح لقبحها ووخامة عاقبتها " ( 9 : 38 ) .
    كما ورد عن أبي حاتم البُستي قوله : " والمروءة عندي خصلتان : اجتنابُ ما يكره الله والمسلمون من الفِعالِ ، واستعمالُ ما يُحب الله والمسلمون من الخِصال " ( 12 : 232 ) .
    وهكذا يتبين لنا أن التعريفات المذكورة تتفق في الدلالة والمفهوم العام والقصد ، ولا تختلف إلا على مستوى التعبير .
    وعلى كل حال فإن كثرة تعاريف المروءة واختلافها وعدم الاتفاق على تعريفٍ محددٍ لها دليلٌ واضحٌ على سمو منـزلتها ، وعظيم شأنها ؛ لاسيما وأنها خُلقٌ كريم ، وسلوكٌ قويم ، وفضيلةٌ من الفضائل التي لا تكتمل إنسانية الإنسان إلا بتوافرها في سلوكه القولي والفعلي ، نظراً لما تدل عليه من كمال الصفات ومحاسن الآداب ؛ حتى قيل في شأنها " المروءةُ اسمٌ جامعٌ للمحاسن كلِّها " ( 8 : 134 ) .
    ومن هنا يمكن القول : إن المروءة تعني جماع مكارم الأخلاق وكمال الأدب وحُسن السلوك ، وتمام الخُلق الإنساني الرفيع . وصدق من قال :

    إنـي لتُطرِبُني الـخِلالُ كريمةً *** طرَبَ الغريبِ بأوبـةٍ وتلاقي
    وتـهزُّني ذكرى المروءةِ والندى *** بين الشمائل هِـزَّةَ المـُشتاقِ
    وليس هذا فحسب فهي خصلةٌ إنسانيةٌ رفيعة القدر لما يترتب على التحلي بها من جلالٍ وجمالٍ وكمالٍ في الخُلق ، وهي إلى جانب ذلك كله من خِصال الرجولة المحمودة ؛ فقد جاء في لسان العرب أن " المروءة : كَمالُ الرُّجُولِيَّة " ( 14 : 154 ) . وهذا يعني أن من كانت مروءته كاملةً من الرجال فقد كمُلت رجولته و علا مقامه . قال الشاعر :
    وإذا الفتى جمع المروءة والتُقى **** وحوى مع الأدب الحياء فقد كمُل
    كما أن من كانت مروءتها كاملةً من النساء فقد كمُلت أُنوثتها ، وفي ذلك ما فيه من العون على صلاح الأمر بين الزوجين ، لما ورد أن مسلمة بن عبد الملك قال : " ما أعان على مروءةِ المرءِ كالمرأةِ الصالحة " ( 8 : 135 ) . وفي هذا المعنى يقول الشاعر :
    إذا لم يكن في منـزل المرءِ حُرَّةٌ *** مُدبِّرةٌ ضاعتْ مروءةُ داره
    آداب المروءة :
    للمروءة آدابٌ كثيرة قل أن تجتمع في إنسان إلا أن يشاء الله تعالى ؛ ولذلك فإن منازل الناس فيها تتباين تبعاً لما يُحصِّله الإنسان من آدابها ومراتبها . وقد وردت جُملةٌ من الآداب التي يجب أن يتمتع بها صاحب المروءة ، ومنها :
    أن يكون ذا أناةٍ وتؤدةٍ ؛ فلا يبدو في حركاته اضطراب أو عجلة أو رعونة ، كأن يُكثر الالتفات في الطريق ، ويعجل في مشيه العجلة الخارجة عن حد الاعتدال ، وهكذا .
    أن يضبط نفسه عن هيجان الغضب أو دهشة الفرح ، وأن يقف موقف الاعتدال في حالي السراء والضراء .
    أن يتحلّى بالصراحة والترفع عن المجاملة والنفاق ، فلا يُبدي لشخصٍ الصداقة وهو يحمل له العداوة ، أو يشهد له باستقامة السيرة وهو يراه منحرفاً عن السبيل .
    ألاَّ يفعل في الخفاء ما لو ظهر للناس لعُدَّ من سقطاته والمآخذ عليه ، وهو ما يُشير إليه قول الشاعر :
    فسري كإعلاني وتلك خليقتي وظُلمة ليلي مثل ضوء نهاري
    أن يتجنب تكليف زائريه وضيوفه ولو بعملٍ خفيف ؛ فقد ورد عن عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - قوله : " ليس من المروءة استخدام الضيف " .
    أن يُحسن الإصغاء لمن يُحدثه من الناس ، لأن في ذلك دلالةً على اهتمامه به ، وارتياحه لمُجالسته ، وأُنسه بحديثه . وإلى هذا المعنى يُشير أبو تمام بقوله :

    من لـي بإنسانٍ إذا أغضبته *** ورضيتُ كان الحِلم رد جوابه
    وتراه يُصغي للـحديث بقلبه *** وبسـمعه ، ولعـله أدرى بـه
    أن يكون حافظاً لما يؤتمن عليه من أسرارٍ وأُمور لا ينبغي أن تظهر لأحدٍ غير صاحبها . وفي هذا المعنى يقول المتنبي :
    كفتك المروءة ما تتقي *** وأمّنك الود ما تحذر
    والمعنى أن صاحب المروءة لا يُفشي سراً وهو مؤتمنٌ عليه " ( 9 : 36 – 40 ) [ بتصرف من الكاتب ] .
    كما أن من الآداب التي يمكن أن تُضاف إلى ما سبق ذكره من آداب المروءة : أن يترفع الإنسان بطوعه واختياره عن كل ما لا يليق به من الأقوال الباطلة والأفعال الشائنة والسلوكيات المنحرفة ، وأن يربأ بنفسه عن إتيانها أو الاتصاف بها ، قال الشاعر :

    وحذارِ من سفَهٍ يشينُك وصفه *** إن السِفاه بذي المروءة زاري
    ويتبع لذلك أن لا تُخالف أقواله وأفعاله ما جرت عليه العادة من الأعراف والتقاليد الاجتماعية الحسنة ، المتوافقة مع تعاليم الشرع وتوجيهات الدين . وأن يحترم الآخرين بأن يتعامل معهم بما يُحب أن يتعاملوا معه ، وألاَّ يُفضِل نفسه بشيءٍ عنهم ، وفي ذلك يقول الشاعر :
    وإذا جلست وكان مثـلُكَ قائماً *** فمن المروءةِ أن تقـومَ وإن أبـى
    وإذا اتكـأت وكان مثلُكَ جالساً *** فمن المروءةِ أن تُزيـلَ المـُتَّكـا
    وإذا ركبتَ وكان مثـلُكَ ماشياً *** فمن المروءةِ أن مشيتَ كما مشى
    وانطلاقاً من كون المروءة ترتبط بالأعراف الإنسانية الصحيحة والعادات المقبولة في المجتمع ؛ فإنه ينبغي مراعاة أن ما يكون مُخالفاً للمروءة في بلدٍ أو مجتمعٍ ما ، قد لا يكون مُخالفاُ لها في بلدٍ أو مجتمعٍ آخر ، وخير مثالٍ على ذلك عادة كشف الرأس وعدم تغطيته للرجال التي تُعد مقبولةً في بعض البلاد ، وغير مقبولةٍ في بلادٍ أُخرى . وفي هذا الشأن يقول الشاطبي : ".. مثل كشف الرأس ، فإنه يختلف بحسب البقاع في الواقع ؛ فهو لذوي المروءات قبيحٌ في البلاد المشرقية وغير قبيحٍ في البلاد المغربية ، فالحكم الشرعي يختلف باختلاف ذلك ؛ فيكون عند أهل المشرق قادحاً في العدالة وعند أهل المغرب غير قادح " ( 10 : 198 ) .

    ولهذا فإن كل سلوكٍ يفعله الإنسان لا بد أن يخضع لميزان الشرع والعقل ؛ وألاَّ يُصادم النصوص الشرعية ، أو يكون مخالفاً لما يستحسنه العقلاء ؛ فإن الشرع لم يأت بما يُخالف العقل أبداً ، ولذلك " سُئل بعض الحكماء عن الفرق بين العقل والمروءة ؟ فقال : العقل يأمرك بالأنفع ، والمروءة تأمرك بالأجمل " ( 7 : 306 ) . وهذا يعني أن على الإنسان العاقل أن يُحافظ على مروءته لما في ذلك من الجمال والكمال والجلال ، وإلى ذلك يُشير الشيخ محمد الخضر حسين ( شيخ الجامع الأزهر ) بقوله : " إذا نظرنا إلى تفاصيل الأخلاق والآداب التي تقوم المروءة على رعايتها وجدناها تبعث على إجلال صاحبها وامتلاء الأعين بمهابته . ومن الحِكم السائرة : ( ذو المروءة يُكرم وإن كان معدماً ، كالأسد يُهاب وإن كان رابضاً ، ومن لا مروءة له ، يُهان وإن كان موسراً ، كالكلب يُهان وإن طوق وحُليّ بالذهب ) " ( 16 : 124 ) .

    خوارم المروءة :

    يُقصد بالخوارم جمع خُرم ، وقد جاء في المعجم : " انْخَرَمَ الكتاب : نقص وذهب بعضه " ( 15 : 193 ) . وبذلك يكون المعنى المقصود من كلمة الخوارم تلك النقائص التي تفقد الشيء تمامه .
    ولأن كثيراً من الناس قد اختل عندهم ميزان المروءة منذ أزمنةٍ سابقةٍ ، إلا أن الأمر زاد في هذا الزمان ، ولم يعد أكثرهم محافظًا على كثيرٍ من آدابها الفاضلة وأخلاقها الكريمة ، وصفاتها الحميدة ؛ فإن هناك عدداً من خوارم المروءة وقوادحها التي انتشرت بين الناس وأصبحت غيـر مستنكرةٍ عندهم لكثرة من يمارسونها -ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم -حتى لقد صدق فينا قول الشاعر :

    مررتُ على المروءةِ وهي تبـكي *** فقلتُ : عَلامَ تنتـحبُ الفتاة ؟
    فقالت : كيف لا أبـكي وأهلي *** جمـيعاً دون خَـلق الله مـاتوا
    وفيما يلي ذكرٌ لبعض خوارم المروءة التي تنتشر في مجتمعنا المعاصر سواءً أكانت قوليةً أم فعلية ، ومنها :
    ( 1 ) كثرة المزاح والمداعبة القولية والفعلية ولاسيما مع من لا يعرفهم الإنسان ؛ لما في ذلك من إسقاطٍ هيبته ، والإقلال من مكانته ، و لأن كثرة المزاح مدعاةٌ لحصول الخصام ، وإثارة الأحقاد في النفوس . قال الشاعر :

    فإيـاك إيـاك المزاحَ فـإنه *** يُجري عليك الطفل والرَجل النذلا
    ويُذهب ماء الوجه بعد بهـائهِ *** ويورث بعـد العـزِ صاحبـه ذُلا
    وهنا يجدر التنبه إلى أن هذا لا يعني أن يكون الإنسان عبوساً منقبضاً ؛ فإن هذا مما يُذم و يُكره ، ولكن هدي الإسلام أن يكون الإنسان جاداً في قوله وعمله وكل شأنه ، مع شيءٍ من البشاشة وطلاقة الوجه لما روي عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تحقِرَنَّ من المعروف شيئاً ، ولو أن تلقى أخاك بوجهٍ طَلْقٍ " . ( مسلم ، الحديث رقم 6690 ، ص 1145 ) .
    كما ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كتب إلى عُماله :" امنعوا الناس المزاح ؛ فإنه يذهب بالمروءة ، ويوغر الصدور " ( 9 : 241 ) . وما ذلك إلا لما ينتج عن كثرة المزاح - في الغالب - من الاستخفاف وقلة الهيبة وذهاب الحشمة .

    ( 2 )
    أن يأكل الإنسان طعامًا أو يشرب شراباً وهو يمشي في الأسواق والطرقات ، فهذا فعلٌ وطبعٌ يتنافى مع كمال المروءة ، ولا يتفق ومكارم الأخلاق ومحاسن الصفات . ولذلك فقد ورد أثرٌ عن ابن سيرين أنه قال : " ثلاثةٌ ليست من المروءة : الأكل في الأسواق ، والإدِّهان عند العطار ، والنظر في مرآة الحجام " ( 12 : 233 ) . ويتبع لذلك عادة قضم ما يُسمى ( الفصفص أو الحب وغيره من أنواع المكسرات المعروفة ) أمام الناس ، ولا سيما في أماكن التجمعات والشوارع والأسواق والميادين العامة والمجالس لما في ذلك من مخالفةٍ للمروءة ، وعدم احترامٍ للآخرين في هذه الأماكن .

    ( 3 )
    عدم احترام الصغار للكبار سواءً أكان ذلك في المجالس أم في المناسبات ، وعدم توقيـر كبار السن و إنزالهم منازلهم ، حتى أصبحنا في وقتنا الحاضر نرى الصغار يُسابقون الكبار في كل شئ ، وقد يعارضونهم في الكلام ؛ أو يسخرون منهم والعياذ بالله ، وهذا أمرٌ محرمٌ ؛ لأن الله تعالى وهو رب العالمين يُكرم ويُجل ذي الشيبةٍ المسلم .فقد روي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المُسلم " ( أبو داود ، ج 4 ، الحديث رقم 4843 ، ص 261 ) .
    وهنا تجدر الإشارة إلى أن على الآباء تربية أبنائهم على آداب المروءة وتعويدهم إياها منذ نعومة أظفارهم حتى لا تسبق إليهم الأخلاق والطباع السيئة فتحول بينهم وبين مكارم الأخلاق وجميل الطِباع قال الشاعر :
    إذا المرءُ أعيتْهُ المروءةُ ناشِئاً *** فمطلبُها كهلاً عليه عَسِيـرُ

    ( 4 )
    أن يعتاد الإنسان التبول واقفاً لغير حاجة لاسيما في دورات المياه العامة ونحوها ؛ لأن الأولى أن يتبول الإنسان جالساً لما في ذلك من المنافع الصحية ، والاحتياط لعدم انتشار النجاسة أو التلوث بها . أما إذا دعت الحاجة إلى ذلك من مرضٍ ونحوه فلا بأس في ذلك إن شاء الله .

    ( 5 )
    الإكثار من تناول الطعام والإقبال عليه بنهمٍ شديدٍ لاسيما عندما يكون الإنسان مدعواً إلى وليمةٍ أو نحو ذلك ؛ لما في ذلك من منافاةٍ للأدب ، ولما فيه من مخالفة لهدي الإسلام عند تناول الطعام " وقد ذكر ابن عبد البـر عن علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه أنه كان إذا دُعي إلى طعامٍ أكل شيئاً قبل أن يأتيه ، ويقول : قبيحٌ بالرجل أن يُظهِر نُهمته في طعام غيره " ( 6 : 141 ) .

    ( 6 )
    التجشؤ بصوتٍ مرتفعٍ أو ما يُعرف بعادة " التَكَـعُّرْ " ، ويُقصد بذلك إخراج صوتٍ مرتفعٍ ومزعجٍ من الفم في حضرة الناس ، وعادةً ما يكون التجشؤ نتيجةً للشِبع وكثرة الأكل . وهنا تجدر الإشارة إلى أن من أسوأ العادات وأكثرها أذى في الصلاة أن يتجشأ آكل الثوم ، أو البصل ، أو الكُراث في صف المصلين فيُزعجهم ويقطع خشوعهم وتخرج من فمه رائحة كريهةٌ يؤذي بها عباد الله من الملائكة والمصلين ؛ فعن ابن عمر ( رضي الله عنهما ) قال : تجشأ رجلٌ عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " كف عنا جُشاءك فإن أكثرهم شِبعاً في الدنيا أطولهم جوعاً يوم القيامة " ( الترمذي ، ج 4 ، الحديث رقم 2478 ، ص 649 ) .

    ( 7 )
    أن يأتي الإنسان ببعض الأقوال أو الأفعال الهزلية التي تُضحك منه الناس كأن يُقلد شخصاً في كلامه ، أو حركاته ، أو نحو ذلك لغرض السخرية منه وإضحاك الآخرين عليه .ويعظُم أمر هذا السلوك الخاطئ عندما يكون المُقَلَّد مبتلىً بذلك الشيء أو تلك الصفة . فعن بُهز بن حكيم قال : حدثني أبي عن جدي قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " ويلٌ للذي يُحدِّث بالحديث ليُضحك به القوم فيكذب ، ويلٌ له ، ويلٌ له " ( الترمذي ، ج 4 ، الحديث رقم 2315 ، ص 557 ) .

    ( 8 )
    ارتداء بعض الناس وبخاصة من هم في سن الشباب للملابس الغريبة الوافدة ، لما قد يكون فيها من التشبه بأهلها ، أو لأنها لا تليق بالإنسان المسلم العاقل المُتزن لا سيما في المساجد ، والأسواق ، و المجالس ، والأماكن العامة . ومن هذه الملابس القبعات ، و الأقمصة الملونة ، والملابس الشفافة ، والملابس غير الساترة ، والبنطلونات والسراويل القصيرة ، وغيرها من الملابس المضحكة المزرية التي وفدت إلينا من مجتمعاتٍ غير محافظة على القيم والأخلاق الإسلامية ، والتي قد تكثُر عليها الرموز والشعارات والعبارات المخالفة لتعاليم ديننا الحنيف ، أو المخلة بالآداب ، والمنافية للأذواق السليمة .

    ( 9 )
    إضاعة الوقت بالجلوس لوقتٍ طويلٍ في المقاهي والاستراحات وما في حكمها لغير حاجةٍ مُلحة . وكلنا نعلم أن المقاهي وما شابهها تُعد – في الغالب - من الأماكن التي يجتمع فيها أراذل الناس ورفاق السوء . وقد ورد عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أنه قال : " آفة المروءة إخوان السوء " ( 12 : 234 ) .
    يُضاف إلى ذلك ما في ارتياد هذه الأماكن من هدرٍ للوقت وإضاعته فيما لا فائدة منه ولا نفع فيه ، ولا سيما في هذا الزمان الذي كثُر فيه الفساد والانحراف ؛ وهنا يجدر بنا أن نتذكر ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله فيه إلا كان عليهم تِرَة ( أي حسرة وندامة ) ، وما مشى أحدٌ ممشى لم يذكر الله فيه إلا كان عليه ترة ، وما أوى أحدٌ إلى فراشه ولم يذكر الله فيه إلا كان عليه ترة " ( ابن حبان ، ج 3 ، الحديث رقم 853 ، ص 133 ) .

    ( 10 )
    كشف العورات أمام الناس ، وهذا أمرٌ محرَّمٌ ومخالفٌ للمروءة سواءً أكان ذلك الكشف صادراً عن الرجال أم النساء ، ولا سيما في الاحتفالات والأعراس ، وعند ممارسة الألعاب الرياضية في الملاعب والمسابح والصالات المغلقة . وهنا تجدر الإشارة إلى أنه لا يجوز كشف الفخذ ، ولا الصدر ، ولا الظهر ، ولا الأكتاف ونحوها لما في ذلك من المخالفة الصريحة لأمر الله الذي أمر بالستر والعفاف والاحتشام . فعن زُرعة بن عبد الرحمن عن جده جُرهد أن النبي صلى الله عليه وسلم مَرَ به وقد كشف فخذه فقال : " غطها فإنها عورة " ( الترمذي ، ج 5 ، الحديث رقم 2795 ، ص 110 ) .

    ( 11 )
    قص شعر الرأس بأشكالٍ غريبةٍ وغير مألوفة ، وكُلنا يعلم أنه قد انتشرت في هذا الزمان بعض قصات الشعر المضحكة المبكية وخاصة بين الشباب والشابات ، والتي يعلم الله أنها تُشوه الشكل ، وتدل – دلالةً واضحةً - على فساد الذوق ، وحب التقليد ؛ كما تؤكد أن من يفعلها عامداً مُتعمداً ضعيف العقل ممسوخ الهوية ، لأنه مُقلدٌ للآخرين ممن لا دين لهم ولا مروءة ولا حياء .

    ( 12 )
    كثرة الضحك والقهقهة بصوتٍ عالٍ ولا سيما في الأماكن العامة ؛ فقد جاء عند بعض أهل العلم قوله : " ويُكره مضغ العِلك لأنه دناءة " ( 6 : 259 ) . ويتبع ذلك عادة مضغ العلك ( اللبان ) أمام الناس ، وفي الأسواق ، وأماكن التجمعات ؛ وهو أمرٌ لا يليق بالرجال على وجه الخصوص ؛ فقد ورد عن بعض السلف قولهم : " يُكره العِلكُ للرجل للتشبه بالنساء ، ما لم يكن للتداوي ، أو كان خالياً ببيته ونحوه لا في حضرة الناس " ( 9 : 80 ) .

    ( 13 )
    أن يتحدث الإنسان إلى جُلسائه ببعض الأحاديث المخلة بالآداب ، وأن يُخبرهم ( صادقاً أو كاذباً ) ببعض القصص والمغامرات والأحداث الفاضحة بحجة الإمتاع و المؤانسة . وهذا أمرٌ مخالفٌ لما أمر الله به عباده من الستر وعدم نشر الفاحشة بين المسلمين .كما يتبع هذه المخالفة أن يتحدث الإنسان عن ما يقع بينه وبين امرأته من أُمور خاصة ، أو وصف تفاصيل ذلك لما روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من أشر الناس عند الله منـزلةً يوم القيامة ، الرجل يُفضي إلى امرأته ، وتُفضي إليه ، ثم ينشر سرها " ( مسلم ، الحديث رقم 3542 ، ص 609 ) . وما ذلك إلا لما في هذا الأمر من خيانةٍ للأمانة ومخالفةٍ للمروءة وآداب المسلم التي تمنعه من مجرد التعرض لهذا الأمر تصريحاً أو تلميحاً " وأما مجرد ذكر الوقاع فإذا لم يكن لحاجةٍ فذكره مكروه لأنه خلاف المروءة " ( 13 : 241 ) .

    ( 14 )
    الرقص والتصفيق والتمايل مع الأنغام المحرمة ، وهز بعض أعضاء الجسم أو تحريكها وغير ذلك من الحركات الساقطة التي يؤديها البعض في الاحتفالات والأعراس ونحو ذلك مما لا يليق بالإنسان المسلم ذكراً كان أو أُنثى . حتى إنّ بعض أهل العلم وصف الرقص والتصفيق والتمايل إذا صدر عن الرجال بأنه : " خِفَّةٌ ورعونةٌ مُشبِهةٌ لرعونة الإناث لا يفعلهما إلا أرعن " ( 9 : 107 ) .

    ( 15 ) امتهان الشحاذة و مدُّ اليد للناس من غير حاجةٍ ضروريةٍ تدعو إلى ذلك . وما عُدَّ التسول مما يُخالف المروءة إلا لما في ذلك الفعل من احتمال الكذب ، والخداع ، والتحايل ؛ الأمر الذي يُسقط مروءة الإنسان ويُذهب ماء وجهه في الدنيا ولحمه في الآخرة ؛ فقد روي عن حمزة بن عبد الله عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تزالُ المسألةُ بأحدكم حتى يلقى اللهَ ، وليس في وجْهِهِ مُزْعَةُ لحمٍ " ( مسلم ، الحديث رقم 2396 ، ص 418 ) . وفي هذا المعنى يقول الشاعر :

    وما شـيءٌ إذا فـكَّرت فيه *** بأَذهب للمروءةِ والجمالِ
    من الكذب الذي لا خير فيه *** وأبعد بالبهاءِ من الرجالِ
    كما قال بعض أهل العلم : " إن من كان أكثر عمره سائلاً ، أو يَكْثُر ذلك منه ؛ فينبغي أن تُرَدَّ شهادته لأن ذلك دناءةٌ وسقوطُ مروءةٍ " ( 9 : 111 ) .
    و هنا تجدر الإشارة إلى أن كثيراً من الشحاذين و المتسولين الذين اتخذوا سؤال الناس مهنةً لهم ، وممن يتنقلون بين المساجد والجوامع وهم يحملون الأوراق والصكوك والتقارير الطبية ليستشهدوا بها على فقرهم وحاجتهم الزائفة ، وقد يحمل بعضهم أطفالاً صغاراً أو معاقين ليستدروا بهم عطف الناس وشفقتهم ، أكثرهم من الكاذبين والمحتالين الذين يحتاجون إلى تأديبٍ وردعٍ من الجهات المعنية ، فالواجب على الناس عدم الانخداع بهم أو التعاطف معهم ؛ لاسيما أنهم يحدثون كثيراً من التشويش والفوضى في بيوت الله تعالى ، ويتسببون في قطع خشوع الناس ومنعهم من الانشغال بالتسبيح والذكر بعد الصلاة .
    وبعد ؛ فهذه بعض آداب المروءة وخوارمها التي تكثُر في مجتمعنا ، والتي اتضح لنا -مما سبق -أن من آدابها ما يوافق الشرع ولا يتعارض مع الأعراف والعادات و التقاليد الحسنة ، وأن من خوارمها ما يُخالف ذلك كله ؛ ولذلك فهو إما حرامٌ بيِّنٌ لا يجوز ولا يُباح ؛ وإما أنه ليس بحرامٍ إلا أنه غير مقبولٍ وغير مستحب . وهذا يعني أن هذه الصور المخالفة للمروءة تحتاج منَّا إلى أن نعيد النظر فيها متى وجدت عندنا ، وفي كل الأفعال والأقوال والتصرفات التي لا يُقرها شرعٌ ولا يقبلها عقل .كما أن علينا أن نجتهد جميعاً في تصحيح أخطائنا ، وأن نُجدد العهد مع الله سبحانه وتعالى على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القول والعمل ، والالتزام بتعاليم الدين ، وتوجيهات سُنَّة رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، وآداب تربيتنا الإسلامية السامية . وما أجمل قول الشاعر :

    تأدب غير مُتكِلٍ *** على حسبٍ ولا نسبِ
    فإن مروءة الرجل الشـ *** ريف بصالح الأدب
    وختاماً ؛ نسأل الله جل في عُلاه أن يوفقنا جميعاً لجميل القول ، وصالح العمل ، وأن يهدينا لما فيه الخير والسداد ، والهداية والرشاد ، والحمد لله رب العباد .

    ******
    ***
    **
    -----------------------------------
    المـــــــراجع :
    1- صحيح البخاري . أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري . ( 1419هـ / 1999م ) . ط ( 2 ) . الرياض : دار السلام للنشر والتوزيع .
    2- صحيح مسلم . أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري . ( 1419هـ / 1998م ) . الرياض : دار السلام للنشر والتوزيع .
    3- الجامع الصحيح ( سُنن الترمذي ) . أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي . ( د . ت ) . تحقيق / أحمد محمد شاكر وآخرون . بيروت : دار إحياء التُراث العربي .
    4- سُنن أبي داود . سليمان بن الأشعث . ( د . ت ) . تحقيق / محمد محي الدين عبد الحميد . ( د . ن ) .
    5- الإحسان في تقريب صحيح ابن حِبان . ( 1412هـ / 1991م ) . تحقيق : شعيب الأرنؤوط . بيروت : مؤسسة الرسالة .
    6- الآداب الشرعية والمِنَحُ المرعيّة . محمد بن مفلح المقدسي الحنبلي . تخريج وتعليق أبو معاذ أيمن عارف الدمشقي . ( 1417هـ / 1996م ) . ج 3 . بيروت : دار الكتب العلمية .
    7- أدب الدنيا والدين . أبو الحسن الماوردي . ( د . ت ) . تحقيق وتعليق : مصطفى السَّقا . ط ( 3 ) . الرياض : مكتبة الرياض الحديثة .
    8- المـروءة . أبو بكر محمد بن خلف المرزُبان . تحقيق / محمد خير رمضان يوسف . ( 1420هـ / 1999م ) . بيروت : دار ابن حزم .
    9- المروءة وخوارمها . أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان . ( 1415هـ / 1995م ) . الخبـر : دار ابن عفان للنشر والتوزيع .
    10- الموافقات في أصول الأحكام . أبو إسحاق إبراهيم بن موسى اللُخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي . تعليق الأُستاذ السيد محمد الخضر حسين التونسي . ( 1341هـ ) . الجزء ( 2 ) ، المجلد ( 1 ) . دار الفكر .
    11- جامع العلوم والحِكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلِم . عبد الرحمن بن شهاب الدين بن رجب الحنبلي . ( 1400هـ / 1980م ) . ط ( 5 ) . القاهرة : دار الحديث .
    12- روضة العقلاء ونزهة الفضلاء . أبو حاتم محمد بن حِبَّان البُستي . تحقيق محمد محي الدين وآخرون . ( 1397هـ / 1977م ) . بيـروت : دار الكتب العلمية .
    13- سُبل السلام . الحافظ ابن حجر العسقلاني . ( 1408هـ ) . ج ( 4 ) . ط ( 4 ) . الرياض : جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية .
    14- لسان العرب . أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور .( 1300هـ ) . المجلد الأول . بيروت : دار صادر .
    15 – المعجم الوجيز . مجمع اللغة العربية . ( د . ت ) . بيروت : المركز العربي للثقافة والعلوم .
    16 – المروءة الغائبة . محمد إبراهيم سليم . ( 1986م ) . القاهرة : مكتبة القرآن .

    ************

    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3
    مدرس لغة عربية ومترجم من الفرنسية
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المشاركات
    473

    رد: من خوارم المروءة

    <div align="center">



    من خوارم المروءة
    نقلته: ريمة الخاني
    فرسان الإسلام العام

    علق عليه: فيصل الملوحي


    السلام عليكم

    حقيقة المروءة أمر مختلف جدا عن الوقار وربما هو اعمق منه، ومانعرفه هو ان تبويب هذا الموضوع الذي سأنقله ينتابه نقص في صميم الموضوع:
    ساورده كما هو وربما وجدت إضافة:

    *************

    <font size="5">خوارم المروءة


    م. عبد اللطيف البريجاوي


    المروءة صفة ذات بال من الصفات المكمّلة لشخصيّة المسلم الحقّ، وهي وإن اختلفت من زمن إلى آخر ومن مكان إلى آخر إلاّ أن لها سمة عامّة وهي المحافظة على رجوليّة المسلم ودينه وهيبته.
    قال في لسان العرب:&quot;المُرُوءَة كَمالُ الرُّجُوليَّة, والمُرُوءَة: الإِنسانية، وقيل للأَحْنَفِ: ما المُرُوءَةُ؟ فقال:العِفَّةُ والحِرْفةُ. وسئل آخَرُعن المُروءَة، فقال: المُرُوءَة ألا تفعل في السِّرِّ أَمراً وأَنت تَسْتَحْيِي أَن تَفْعَلَهُ جَهْراً.&quot;.(لسان العرب باب الميم).
    قال القرطبي:&quot;وأما المروءة فالناس مختلفون في ذلك، والعادة متباينة فيه، وأحوال العرب فيه خلاف أحوال العجم، ومذهب أهل البدو غيرمذهب الحضر،خصوصاً إذاكانت الحالةحالة ضرورة. &quot;.(القرطبي القصص٢۳).
    واختلف العلماء في تعريف المروءة تبعاًَ للأزمنة والأمكنة والأشخاص، وأحسن ما قيل في تفسير المروءة أنها:&quot;تَخَلُّق المرء بخلق أمثاله من أبناء عصره ممّن يراعي مناهج الشرع وآدابه في زمانه ومكانه؛ لأنّ الأمورالعرفيّة قلّما تنضبط، بل تختلف باختلاف الأشخاص والأزمنة والبلدان، وهذا بخلاف العدالة، فإنّها لا تختلف باختلاف الأشخاص، فإنّ الفسق يستوي فيه الشريف والوضيع بخلاف المروءة فإنّها تختلف. وقيل: المروءة التحرّز عمّا يسخر منه ويضحك به، وقيل: هي أن يصون نفسه عن الأدناس، ولايشينها عند الناس،وقيل:المروءةإنصاف مَنْ دونك،والسموّإلـى مَنْ فوقك، والجزاء عمّا أوتي إليك من خيرأو شرّ وقيل غير ذلك. <b><font face="&quot">

    (جنحت هذه التعريفات إلى الأدب أكثرمن العلم، فاختلفت عباراتهم.العاطفة ونفسيةالقائل والطروف المحيطة، كل ذلك يتدخل في التحديد، وهذا يؤدي حتماً إلى عدم الاتفاق علىلفظ واحد للتحديد ، دون أن يكون في الأمرتخالف أوتناقض في حقيقة المعنى. )
    خوارم المروءة

    ونذكر هنا بعض خوارم المروءة (العيب) منقولاً عن علماء الأمة:
    - من خوارم المروءة أن يباعد الإنسان بين فترات الاستحمام حتى يتدرّن ثوبه وتفوح الرائحة الكريهة منه، ويتجنّب الناس مجالسته لهذا السبب قال القرطبيّ:&quot;النظافة وهي مُروءة آدمية ووظيفة شرعية&quot;.(القرطبي سورة براءة ١۰٦).
    - من خوارم المروءة أن يأكل الإنسان السحت(المال الحرام)قال القرطبيّ:&quot;سُمي الحرام سُحْتاًلأنّه يَسحَت مروءة الإنسان . &quot;.(القرطبي المائدة ٤٢).
    - من خوارم المروءة الوقوع في الشبهات كالجلوس مع النساء الأجنبيّات في الأماكن العامة ودخول الأماكن التي فيها انتهاك حرمات الله ولو لم يكن هوكذلك قال ابن حجر في الفتح: (فمن اتّقى المشبهات)؛ أي: حذر منها، قوله: (استبرأ) بالهمز بوزن استفعل من البراءة، أي: برأ دينه من النقص وعرضه من الطعن فيه، لأنّ من لم يُعرف باجتناب الشبهات لم يسلم لقول من يطعن فيه، وفيه دليل على أنّ من لم يتوقّ الشبهة في كسبه ومعاشه فقد عرض نفسه للطعن فيه،وفي هذا إشارة إلى المحافظة على أمور الدين ومراعاة المروءة&quot;. (فتح الباري كتاب الإيمان باب فضل من استبرأ لدينه).
    - من خوارم المروءة أن ينتف المرء شعرإبطه أمام الناس قال النوويّ:&quot; يتخير بين أن يقصّ شاربه بنفسه أو يولي ذلك غيره لحصول المقصودمن غيرهتك مروءة بخلاف الإبط، ولاارتكاب حرمة بخلاف العانة، قلت:محلّ ذلك حيث لاضرورة &quot;.(فتح الباري، كتاب اللباس، باب قص الشارب).
    -من خوارم المروءة كثرةالمزاح والجلوس في الطرقات لرؤيةالنساءقال ابن حجرفي فتحه:&quot;كثرة المزاح واللهو وفحش القول، والجلوس في الأسواق لرؤية من يمرّ من النساء من خوارم المروءة &quot;.(فتح الباري كتاب الاستئذان باب من لم يسلم على من اقترف ذنباً).
    - من خوارم المروءة مخالفةلباس أهل بلدته والتفنّن في غرابة اللباس قال في الفتح في حديثه عن لبس الثوب الأحمر: &quot;وقال الطبريّ: ماأراه جواز لبس الثياب المصبغة بكل لون، إلا أني لاأحب لبس ما كان مشبعاً بالحمرة، ولا لبس الأحمر مطلقاً ظاهراً فوق الثياب لأنه ليس من لباس أهل المروءة في زماننا، فعلى المرءمراعاة زي الزمان من المروءة مالم يكن إثماً، وفي مخالفة الزيّ ضرب من الشهرة، والتحقيق في هذا المقام أن النهي عن لبس الأحمر إن كان من أجل أنه زيّ النساء فهوراجع إلى الزجرعن التشبه بالنساء، فيكون النّهي عنه لا لذاته، وإن كان من أجل الشهرةأوخرم المروءة فيمنع حيث يقع ذلك. (فتح الباري كتاب اللباس باب الثوب الأحمر).
    - من خوارم المروءةألا يأكل ممايليه ويأكل من جوانب القصعة أووسطها، قال النوويّ رحمه الله:&quot;من السنّة الأكل مما يليه لأنّ أكله من موضع يدصاحبه سوء عشرة وترك مروءة فقديتقذّره صاحبه لاسيما في الأمراق وشبهها&quot;.(النووي كتاب الأشربة باب آداب الطعام).
    - من خوارم المروءة منع إعارة الماعون وشبهها إن لم يكن في المنع ضرورة&quot; إنما يكون المنع قبيحاً في المروءة في غير حال الضرورة. والله أعلم.(القرطبي الماعون ١).
    - من خوارم المروءة أن يتحدّث الرجل عن استمتاعه بامرأته بلاضرورة. قال النووي:&quot;تحريم إفشاءالرجل مايجري بينه وبين امرأته من أمرالاستمتاع ووصف تفصيلاته، وما يجري من المرأة فيه من قول أوفعل ونحوه. فأمّامجردذكر الجماع فإن لم تكن فيه فائدة ولاإليه حاجة فمكروه لأنّه خلاف المروءة،وقدقال صلّى الله عليه وسلّم:&quot;من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت&quot;. (النووي كتاب النكاح باب تحريم إفشاء المرأة).
    - من خوارم المروءةأن يستأثرالرجل في البيت بأطايب الطعام ويترك ما بقي لزوجته وأولاده&quot;إنّ من كمال المروءة أن يطعم امرأته كلّما أكل ويكسوها إذا اكتسى&quot;. (عون المعبود كتاب النكاح باب في حق المراة على زوجها).
    - من خوارم المروءة أن يجعل الرجل نفسه تيساً مستعاراً&quot;وإنما لعنهما (أي المحلّل والمحلّل له) لما في ذلك من هتك المروءة وقلّة الحميّة والدلالة على خسّة النفس وسقوطها. أمّا النسبة إلى المحلّل له فظاهر، وأمّا بالنسبة إلى المحلل فلأنّه يعيرنفسه بالوطء لغرض غيره، فإنّه إنّمايطؤها ليعرضهالوطء المحلّل له، ولذلك مثلّه صلّى الله عليه وسلّم بالتيس المستعار&quot;. (عون المعبود كتاب النكاح باب في التحليل).
    - من خوارم المروءة أن يلهوَالرجل كبيرالسن الساعات الطوال على شاشات الرائي يتابع الأشرطةوالمسلسلات ولا يأبه لتقدّمه في السن وقربه من لقاء الله سبحانه وتعالى. فعن أبي هريرةَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: &quot;أعذرَ اللّهُ إلى امرئ أخَّرَ أجَله حتى بَلَّغَهُ ستين سنة&quot;.( البخاري كتاب الرقائق باب من بلغ الستين).
    قال ابن حجرفي الفتح:&quot;الإعذار:إزالة العذر، والمعنى أنّه لم يبق له اعتذار،كأن يقول: لومدّ لي في الأجل لفعلت ما أمرت به\&quot;.(فتح الباري كتاب الرقائق باب من بلغ الستين).
    - من خوارم المروءة أن ينام الرجل بحضرة أناس مستيقظينإلاّ للضرورة لما يصدر عن النائم من مكروهات لا يدري بها &quot;ويكره نومه بين قوم مستيقظين لأنّه خلاف المروءة&quot;. (كشف القناع كتاب الطهارة).
    - من خوارم المروءة الجدل مع الأصحاب لهدف الجدلّ ليس غير، لأنّ:&quot;الموافقة من المروءة والمنافقة من الزندقة&quot;. (الإصابة في تمييز الصحابة).
    - من خوارم المروءة إخفاءالزاد عن الأصحاب في السفر وكثرة الخلاف،&quot;قال ربيعة بن أبي عبدالرحمن: للسَّفرمُرُوءةٌ وللحضَرمُروءةٌ؛ فأمّا المروءة في السّفر فبذل الزاد،وقلّة الخلاف على الأصحاب، وكثرة المِزاح في غيرمَساخط الله. وأما المروءة في الحضَرفالإدمان إلى المساجد،وتلاوة القرآن وكثرة الإخوان في الله عزّ وجلّ&quot;.(القرطبي سورة النساء ۳٦).
    - من خوارم المروءة أن يقبِّل الرجل امرأته أمام الناس.&quot; من خوارم المروءة (قبلةامرأة أو أَمَة) له (بحضرة الناس) أو وضْع يده على موضع الاستمتاع منها من صدر ونحوه&quot;( مايعدّ عرفاً موضع استمتاع). (مغني المحتاج كتاب الشهادات)
    - من خوارم المروءة أن تأكل المرأة في الشارع وكذاالرجل مالم يكن جائعاًأوصاحب عمل.&quot;من خوارم المروءة (الأكل) والشرب(في سوق)لغيرسوقيّ كما في الروضة،ولغيرمن لم يغلبه جوع أو عطش. واستثنى البلقيني من الأكل في السوق من أكل داخل حانوت مستتراً&quot;. ( كالمطاعم )(مغني المحتاج كتاب الشهادات).
    - من خوارم المروءةاستئثارالرجل بالطعام، وأكله أكثرمن إخوانه من الطعام المشترك(يتقاسمون ثمنه). قال النووي:&quot; يستحبّ اشتراك المسافرين في الأكل واستعمالهم مكارم الأخلاق،وليس هذا من باب المعارضة حتى يشترط فيه المساواة في الطعام ولايأكل بعضهم أكثرمن بعض، بل هومن باب المروءات ومكارم الأخلاق وهوبمعنى الإباحة فيجوزوإن تفاضل الطعام واختلفت أنواعه، ويجوزوإن أكل بعضهم أكثر من بعض، لكن يستحب أن يكون شأنهم إيثار بعضهم بعضاً &quot;. (شرح مسلم للنووي كتاب الجهاد والسير باب فتح مكة).
    - من خوارم المروءة أن يتحدث الإنسان عن أهل الفضل والعلم والمشهود لهم بالخير لأنّهم ارتكبوا صغيرة من الصغائر فحسب، فعن عَائِشَةَ قالَت: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم : &quot;أقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إلاَّ الحُدُودَ. &quot;. (أبو داود كتاب الحدود باب في الحد يشفع فيه). وذوي الهيآت: وهم الذين لا يعرفون بـالشرّ فيزلّ أحدهم الزلة، لذلك نُدب التجافي عن زلاتهم واستُحب&quot;. (عون المعبود شرح سنن أبي داود كتاب الحدود باب الحد شفع فيه).
    - من خوارم المروءة التفاخر بالمال ورصيده. &quot; لأنّ المال ظلّ زائل وحال حائل ومال مائل، ولا يفتخر به أهل المروءات والبصائر&quot;. (مغني المحتاج كتاب النكاح).
    - من خوارم المروءة مزاحمة الناسَ والأطفال على حلويات توزع في الطرقات في المناسبات الدينية أو موائد تنصب لإطعام العامة؛&quot;فإنّ أهل المروءات يصونون أنفسهم عن مزاحمة الناس على شيء من الطعام أو غيره، ولأنّ في هذا دناءة، والله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها. (المعني كتاب الوليمة).
    - من مروءة الرجل أن يخدم الأكبر منه سنّاً والأكثر علماً ولا يعدّ هذا إنقاصاً من قدره. قال النوويّ رحمه الله تعالى: &quot; ويجوز للفاضل أن يخدمه المفضول ويقضي له حاجة، ولا يكون هذا من أخذ العوض على تعليم العلم والآداب بل من مروءات الأصحاب وحسن العشرة، ودليله من قصّة موسى حمل فتاه غداءهما، وحمل أصحاب السفينة موسى والخضر بغير أجرة لمعرفتهم الخضر بالصلاح والله أعلم&quot;.(النووي كتاب الفضائل باب فضائل الخضر)
    - من كمال المروءة أن يمنح من اكتسب مالاً جزءاً من ماله لإخوانه الذين كانوا معه عند قبضه لهذا المال, قال النوويّ رحمه الله تعالى:&quot;وفي حديث أبي سعيد الخدري الذي أخذ عدداً من الشياه كأجرة له فقال له النبي صلى الله عليهوسلم: &quot; اقسموا واضربوا لي بسهم معكم&quot; فهذه القسمة من باب المروءات والتبرّعات ومواساة الأصحاب والرفاق،وإلاّ فجميع الشياه ملك للراقي مختصّة به لاحق للباقين فيهاعندالتنازع فقاسمهم تبرّعاً وجوداً ومروءة&quot;.( شرح مسلم للنووي كتاب السلام باب جواز أخذ الأجرة على الرقية).
    - &quot; من مروءة الرجل ألاَّ يُخْبِر بسنّه؛ لأنّه إن كان صغيراً استحقروه وإن كان كبيراً استهرموه&quot;(القرطبي الفيل ١)
    ( في الفكرة نظر)المرجع كتاب ذوقيات إسلامية للمؤلف عبد اللطيف محمد سعد الله البريجاوي

    [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ALMALL%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.gif[/IMG]



    ·


    ·




    [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ALMALL%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image002.gif[/IMG]

    بتاريخ : ٦-۵-٢۰١١ الساعة : ١٢:۳٧ رقم
    [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ALMALL%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image004.gif[/IMG]رد: من خوارم المروءة




    ·


    من آداب المروءة و خوارمها
    الدكتور صالح بن علي أبو عرَّاد
    أستاذ التربية الإسلامية بكلية المعلمين في أبها
    ومدير مركز البحوث التربوية بالكلية



    الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ؛ وبعد :
    فقدجاء دين الإسلام الحنيف داعياًلكل فضيلة، ناهياً عن كل رذيلة، لأنه دين التربية الصافية، والفضائل الإنسانية النبيلة، والآداب الكريمة،والأخلاق الحسنة التي تسموبصاحبها، وترتقي به في مدارج الشرف والرفعة والمثالية البشرية. ومن هذه الآداب الكريمة، والأخلاق الإنسانية الفاضلة مايُسمى(المروءة) التي كثُرت
    تعريفاتها، وتعددت معانيها فاختُلفَوا في تحديد تعريفٍ موحّدٍ لها. فقد عَُرِّفت بأنها:&quot;استعمال كل خُلقٍ حسنٍ، واجتناب كل خُلقٍ قبيح &quot;( ۹ : ۵١). وجاءفي تعريفها كما ورد عند بعض السلف وقد سُئل عن المروءة فأجاب:&quot;ألا تعمل في السرِّشيئاً تستحي منه في العلانية &quot;( ١١ : ٢٤۵ ) .
    كما ورد في تعريفٍ آخرٍ أن المروءة تعني:&quot;اجتناب الرجل ما يشينه، واجتناؤه [ أي اكتسابه ] ما يزينه &quot; ( ٨ : ١۳١ ) .
    وقيل إن المقصود بالمروءة:&quot;أن يجتنب الرجل القبائح لقبحها ووخامةعاقبتها&quot;(۹ : ۳٨).قال أبوحاتم البُستي: &quot;والمروءة عندي خصلتان: اجتنابُ مايكره الله والمسلمون من فِعالِ، واستعمالُ ما يُحب الله والمسلمون من خِصال&quot; ( ١٢ : ٢۳٢ ) .
    وهكذا يتبين لنا أن التعريفات المذكورة تتفق في الدلالة والمفهوم العام والقصد، ولا تختلف إلا في التعبير عنها.
    وعلى كل حال فإن كثرة
    تعريفات المروءة واختلافها وعدم الاتفاق على تعريفٍ محددٍلها دليلٌ واضحٌ على سمو منـزلتها، وعظيم شأنها؛ لاسيماوأنها خُلقٌ كريم، وسلوكٌ قويم، وفضيلةٌ من الفضائل التي لا تكتمل إنسانية الإنسان إلا بتوافرها في سلوكه قولاً وفعلا، نظراًلما تدل عليه من كمال الصفات ومحاسن الآداب؛ حتى قيل في شأنها&quot; المروءةُ اسمٌ جامعٌ للمحاسن كلِّها&quot;( ٨ : ١۳٤ ) . ومن هنا يمكن القول : إن المروءة تعني جماع مكارم الأخلاق وكمال الأدب وحُسن السلوك، وتمام الخُلق الإنساني الرفيع. وصدق من قال :
    إنـي لتُطرِبُني الـخِلالُ كريمــــــةً *** طرَبَ الغريبِ بأوبـةٍ وتلاقي
    وتـهزُّني ذكرى المروءةِ والندى *** بين الشمائل هِـزَّةَ المـُشتاقِ
    وليس هذا فحسب فهي خصلةٌ إنسانيةٌ رفيعة القدر لما يترتب على التحلي بها من جلالٍ وجمالٍ وكمالٍ في الخُلق، وهي إلى جانب ذلك كله من خِصال الرجولة المحمودة؛ فقد جاء في لسان العرب أن&quot;المروءة:كَمالُ الرُّجُولِيَّة&quot;( ١٤ : ١۵٤ ). وهذا يعني أن من كانت مروءته كاملةً من الرجال فقد كمُلت رجولته وعلا مقامه . قال الشاعر :
    وإذا الفتى جمع المروءة والتُقى **** وحوى مع الأدب الحياء فقد كمُل
    كما أن من كانت مروءتها كاملةً من النساء فقد كمُلت أُنوثتها، وفي ذلك ما فيه من العون على صلاح أمرالزوجين، لما ورد أن مسلمة بن عبد الملك قال:&quot;ما أعان على مروءةِ المرءِ كالمرأةِ الصالحة&quot;(٨: ١۳۵ ) . وفي هذا المعنى يقول الشاعر :
    إذا لم يكن في منـزل المرءِ حُرَّةٌ *** مُدبِّرةٌ ضاعتْ مروءةُ داره
    (جنحت هذه التعريفات إلى الأدب أكثرمن العلم، فاختلفت عباراتهم.العاطفة ونفسيةالقائل والطروف المحيطة، كل ذلك يتدخل في التحديد، وهذا يؤدي حتماً إلى عدم الاتفاق على تحديد واحد، دون أن يكون في الأمرتخالف أوتناقض في التحديد. )
    آداب المروءة

    للمروءة آدابٌ كثيرة قل أن تجتمع في إنسان إلا أن يشاء الله تعالى؛ فتباينت منازل الناس فيها تبعاً لمايُحصِّله الإنسان من آدابها ومراتبها. وقد وردت جُملةٌ من الآداب التي يجب أن يتمتع بها صاحب المروءة، ومنها:
    أن يكون ذا أناةٍ وتؤدةٍ؛ فلا يبدو في حركاته اضطراب أوعجلة أورعونة، كأن يُكثر الالتفات في الطريق، ويعجل في مشيه العجلة الخارجة عن حدالاعتدال، وهكذا .
    أن يضبط نفسه عن هيجان الغضب أودهشة الفرح، وأن يقف موقف الاعتدال في حالي السراء والضراء .
    أن يتحلّى بالصراحة والترفع عن المجاملة والنفاق،فلايُبدي لشخصٍ الصداقة وهو يحمل له العداوة، أو يشهدله باستقامة السيرة وهو منحرف عن السبيل. ( نعم من واجبات المرء الصدق والصراحة لكن لا العنف والوقاحة،إلا في أحوال ككلمة الحق عند سلطان جائر )
    ألاَّ يفعل في الخفاء ما لو ظهر للناس لعُدَّ من سقطاته والمآخذ عليه، وهو ما يُشير إليه قول الشاعر :

    فسري كإعلاني وتلك خليقتي*** وظُلمة ليلي مثل ضوء نهاري

    أن يتجنب تكليف زائريه وضيوفه ولوبعملٍ خفيف؛ فقدوردعن عمربن عبدالعزيز-رحمه الله- قوله:&quot; ليس من المروءة استخدام الضيف&quot;. (ليس الأمرعلى إطلاقه، فمن مروءةالضيف عندعاجزعن الحركة أن يخدمه،وهناك أحوال أخرى تُستثنى من هذه القاعدة )
    أن يُحسن الإصغاء لمن يُحدثه من الناس، لأن في ذلك دلالةً على اهتمامه به، وارتياحه لمُجالسته، وأُنسه بحديثه. وإلى هذا المعنى يُشير أبو تمام بقوله :
    من لـي بإنسانٍ إذا أغضبته *** ورضيتُ كان الحِلم رد جوابه
    وتراه يُصغي للـحديث بقلبه *** وبسـمع
    ــه، ولعـله أدرى بـه
    • أن يكون حافظاً لما يؤتمن عليه من أسرارٍوأُمورلاينبغي أن تظهر لأحدٍ غير صاحبها. وفي هذا المعنى يقول المتنبي:
    كفتك المروءة ما تتقي *** وأمّنك الود ما تحذر
    والمعنى أن صاحب المروءة لا يُفشي سراً وهو مؤتمنٌ عليه &quot; ( ۹ : ۳٦ – ٤۰ ) [ بتصرف من الكاتب ] .
    ومن آداب المروءة التي يمكن أن تُضاف إلى ما سبق ذكره: أن يترفع الإنسان بطوعه واختياره عن كل ما لا يليق به من الأقوال الباطلة والأفعال الشائنة والسلوكيات المنحرفة، وأن يربأ بنفسه عن إتيانها أوالاتصاف بها ، قال الشاعر :
    وحذارِ من سفَهٍ يشينُك وصفه *** إن السِفاه بذي المروءة زاري
    ويتبع لذلك ألا تُخالف أقواله وأفعاله ماجرت عليه الأعراف والتقاليد الاجتماعية الحسنة، المتوافقة مع تعاليم الشرع وتوجيهات الدين. وأن يحترم الآخرين بأن يتعامل معهم بما يُحب أن يتعاملوا معه، وألاَّ يُفضِل نفسه بشيءٍ عنهم، وفي ذلك يقول الشاعر :
    وإذا جلست وكان مثـلُكَ قائماً *** فمن المروءةِ أن تقـومَ وإن أبـى
    وإذا اتكـأت وكان مثلُكَ جالساً *** فمن المروءةِ أن تُزيـلَ المـُتَّكـا
    وإذا ركبتَ وكان مثـلُكَ ماشياً *** فمن المروءةِ أن مشيتَ كما مشى
    وانطلاقاً من ارتباط المروءة بالأعراف الإنسانية الصحيحة والعادات المقبولة في المجتمع؛ فإنه ينبغي مراعاة أن ما يكون مُخالفاً للمروءة في بلدٍأومجتمعٍ، قدلا يكون مُخالفاُ لها في بلدٍ أو مجتمعٍ آخر، وخيرمثالٍ على ذلك عادة كشف الرأس وعدم تغطيته للرجال التي تُعد مقبولةً في بعض البلاد، وغير مقبولةٍ في بلادٍ أُخرى. يقول الشاطبي في هذا الشأن:&quot;.. مثل كشف الرأس، فإنه يختلف بحسب البقاع في الواقع؛ فهولذوي المروءات قبيحٌ في البلاد المشرقية وغير قبيحٍ في البلاد المغربية، فالحكم الشرعي يختلف باختلاف ذلك؛ فيكون عندأهل المشرق قادحاً في العدالة وعندأهل المغرب غير قادح&quot;(١۰: ١۹٨) .

    فعلى الإنسان أن يخضع كل سلوكٍ له لميزان الشرع والعقل؛ فلايُصادم النصوص الشرعية، ولايكون مخالفاً لما يستحسنه العقلاء؛ فإن الشرع لم يأت بما يُخالف العقل أبداً.&quot; سُئل بعض الحكماء عن الفرق بين العقل والمروءة؟ فقال : العقل يأمرك بالأنفع، والمروءة تأمرك بالأجمل&quot; ( ٧ : ۳۰٦ ) . وهذا يعني أن يُحافظ الإنسان العاقل على مروءته لما في ذلك من جمال وكمال وجلال، وإلى ذلك يُشيرالشيخ محمد الخضر حسين ( شيخ الجامع الأزهر ) بقوله :&quot; إذا نظرنا إلى تفصيلات الأخلاق والآداب التي تقوم المروءة على رعايتها وجدناها تبعث على إجلال صاحبها وامتلاء الأعين بمهابته. ومن الحِكم السائرة : (ذوالمروءة يُكرم وإن كان معدماً، كالأسد يُهاب وإن كان رابضاً، ومن لا مروءة له، فسيُهان وإن كان موسراً، كالكلب يُهان وإن حُليّ بالذهب ) &quot; ( ١٦ : ١٢٤ ) .


    خوارم المروءة :

    يُقصد بالخوارم جمع خُرم، وقد جاء في المعجم :&quot; انْخَرَمَ الكتاب: نقص وذهب بعضه&quot;( ١۵ : ١۹۳) . وبذلك يكون المعنى المقصود من كلمة الخوارم تلك النقائص التي تفقد الشيء تمامه.
    إن ميزان المروءةقداختل عند كثيرمن الناس منذ أزمنةٍ سابقةٍ، إلا أن الأمرزاد في هذا الزمان، ولم يعدأكثرهم يحافظً على كثيرٍمن آدابها الفاضلةوأخلاقها الكريمة، وصفاتها الحميدة. لقدانتشرعددمن خوارم المروءة وقوادحها بين الناس وأصبحت غيـر مستنكرةٍ عندهم لكثرة من يمارسونها -ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم -حتى لقد صدق فينا قول الشاعر :
    مررتُ على المروءةِ وهْي تبـكي *** فقلتُ : عَلامَ تنتـحبُ الفتاة ؟
    فقالت: كيف لا أبـكي وأهلي *** جمـيعــــــاً دون خَـلق الله مـاتوا
    وفيما يلي ذكرٌ لبعض خوارم المروءة التي تنتشر في مجتمعنا المعاصر سواءً أكانت قوليةً أم فعلية:

    ( ١ ) كثرة المزاح والمداعبة القولية والفعلية ولاسيما مع من لا يعرفهم الإنسان؛ لما في ذلك من إسقاطٍ هيبته، والإقلال من مكانته، ولأن كثرة المزاح مدعاةٌ لحصول الخصام، وإثارة الأحقاد في النفوس. قال الشاعر :
    فإيـّاك إيّـاك المزاحَ فـإنه *** يُجرّي عليك الطفل والرَجل النذلا
    ويُذهب ماء الوجه بعد بهـائهِ *** ويورث بعـد العـزِّ صاحبـه ذُلا
    وهنا يجدر التنبه إلى أن هذا لا يعني أن يكون الإنسان عبوساً منقبضاً، فذلك من خوارم المروءة أيضا؛ ويُذم ويُكره، ولكن هدي الإسلام أن يكون الإنسان جاداً في قوله وعمله وكل شأنه، مع شيءٍ من البشاشة وطلاقة الوجه لما روي عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: &quot; لا تحقِرَنَّ من المعروف شيئاً، ولو أن تلقى أخاك بوجهٍ طَلْقٍ &quot; . ( مسلم ، الحديث رقم ٦٦۹۰، ص ١١٤۵ ) .
    كما ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كتب إلى عُماله :&quot; امنعوا الناس المزاح ؛ فإنه يذهب بالمروءة ، ويوغر الصدور&quot;( ۹ : ٢٤١ ). وما ذلك إلا لما ينتج عن كثرة المزاح - في الغالب - من الاستخفاف وقلة الهيبة وذهاب الحشمة
    . ( لابد من بعض المزاح، وكان يفعله – صلى الله عليه وسلم – ولايقول إلا صدقا مستعيناً باللغة وغيرها من وسائل تحلية الكلام، وهو كالملح للطعام: لابد منه، ولكن مع التخفيف، وبخاصة لمرضى الأعصاب!!)

    ( ٢ )الأكل والشرب ماشياًفي الأسواق
    والطرقات،فهذافعلٌ ينافي المروءة، ولايوافق مكارم الأخلاق ومحاسن الصفات. بهذا وردأثرابن سيرين:&quot;ثلاثةٌ ليست من المروءة:الأكل في الأسواق، والادِّهان عندالعطار،والنظرفي مرآةالحجام&quot;(١٢: ٢۳۳). ( في الأمر مبالغة، ألم يكن رسول الله– صلى الله عليه وسلم – ينظر في المرآه، أما الادهان ففيه تفصيل) ويتبع لذلك عادة قضم ما يُسمى(الفصفص أوالحب وغيره من أنواع المكسرات المعروفة ) أمام الناس،لاسيما في أماكن تجمّع الناس ومجالسهم والشوارع والأسواق والميادين العامة لما فيه من مخالفةٍ للمروءة، وعدم احترامٍ للآخرين في هذه الأماكن.

    ( ۳ ) عدم احترام الصغار للكبار سواءً أكان ذلك في المجالس أم في المناسبات، وعدم توقيـركبار السن وإنزالهم منازلهم، حتى أصبحنا في وقتنا الحاضر نرى الصغار يُسابقون الكبار في كل شيء، وقد يعارضونهم في الكلام؛ أو يسخرون منهم والعياذ بالله، وهذا أمرٌ محرمٌ ؛ لأن الله تعالى وهو رب العالمين يُكرم ويُجل ذي الشيبةٍ المسلم .فقد روي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:&quot; إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المُسلم&quot;( أبو داود ، ج ٤ ، الحديث رقم ٤٨٤۳ ، ص ٢٦١ ) .
    وهنا تجدر الإشارة إلى أن على الآباء تربية أبنائهم على آداب المروءة وتعويدهم إياها منذ نعومة أظفارهم حتى لا تسبق إليهم الأخلاق والطباع السيئة فتحول بينهم وبين مكارم الأخلاق وجميل الطِباع قال الشاعر :

    إذا المرءُ أعيتْهُ المروءةُ ناشِئاً *** فمطلبُها كهلاً عليه عَسِيـرُ
    ( بين القديم والحديث تناقض صارخ، ففي القديم لم يكن للصغيرأن يُبديَ رأيه، ولا يُسمح له بأن يثحالس الكبار، أمّا اليوم فقد سُلب الكبير حقّ الكلام- طبعا مع المبالغة في هذا التعبير– .
    الواجب أن يتكلم الصغير، وأن يكون له حقّ انتقاد الكبير بشروط: ألا يظن أن رأيه الصواب الذي لايقبل الجدال، وأن يضع الخطأ في حسبانه- بدون أن يمنعه الحذرالادلاء برأيه - وأن يتكلم بصوت حيي - لاخجول -، وأن يلتزم بآداب الحوار، وأن يعلم أنه يكلم من هو أكبر منه، بالشروط السابقة. وهذا ماأحاول غرسه في نفوس الطلاب.)
    ( ٤ ) أن يعتاد الإنسان التبول واقفاً لغير حاجة لاسيما في دورات المياه العامة ونحوها؛ لأن الأولى أن يتبول الإنسان جالساً لما في ذلك من المنافع الصحية، والاحتياط لعدم انتشار النجاسة أوالتلوث بها. أما إذا دعت الحاجة إلى ذلك من مرضٍ ونحوه فلا بأس في ذلك إن شاء الله .

    ( ۵ ) الإكثار من تناول الطعام والإقبال عليه بنهمٍ شديدٍ لاسيما عندمايكون الإنسان مدعواً إلى وليمةٍ أو نحو ذلك؛ لما فيه من منافاةٍ للأدب، و من مخالفة لهدي الإسلام عند تناول الطعام &quot; وقد ذكر ابن عبد البـر عن علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه أنه كان إذا دُعي إلى طعامٍ أكل شيئاً قبل أن يأتيَه، ويقول: قبيحٌ بالرجل أن يُظهِر نُهمته في طعام غيره&quot;(٦ : ١٤١ ) .

    ( ٦ )التجشؤ بصوتٍ مرتفعٍ أومايُعرف بعادة&quot;التَكَـعُّرْ&quot;، ويُقصدبذلك إخراج صوتٍ مرتفعٍ مزعجٍ من الفم في حضرة الناس، ويكون التجشؤعادةً نتيجةً الشِبع وكثرة الأكل. وهناتجدرالإشارة إلى أن من أسوأالعادات وأكثرها أذى في الصلاة أن يتجشأ آكل الثوم، أو البصل، أو الكُراث في صف المصلين فيُزعجهم ويقطع خشوعهم وتخرج من فمه رائحة كريهةٌ يؤذي بهاعباد الله من الملائكة والمصلين؛ فعن ابن عمر ( رضي الله عنهما ) قال: تجشأ رجلٌ عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال:&quot; كف عنا جُشاءك فإن أكثرهم شِبعاً في الدنيا أطولهم جوعاً يوم القيامة &quot;( الترمذي ، ج ٤ ، الحديث رقم ٢٤٧٨ ، ص ٦٤۹ ).

    ( ٧ )أن يأتي الإنسان بأقوال أوأفعال هزلية تُضحك الناس كأن يُقلد شخصاً في كلامه، أو حركاته، أونحوه لغرض السخرية منه. ويعظُم أمرهذا السلوك الخاطئ عندمايكون المُقَلَّد مبتلىً بذلك الشيء أوتلك الصفة. فعن بُهز بن حكيم قال: حدثني أبي عن جدي قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:&quot;ويلٌ للذي يُحدِّث بالحديث ليُضحك به القوم فيكذب، ويلٌ له، ويلٌ له &quot; ( الترمذي ، ج ٤ ، الحديث رقم ٢۳١۵ ، ص ۵۵٧ ) .( تقليدإنسان في كلامه أوحركاته مذموم إذاكان لشخص يعرفه السامعون، وفيه سخرية به، ولكن الأمر في غيرهذا قد يكون مباحاً أومطلوبا كأن يقلد من يُحترم بغية التربية والاقتداءً في إلقاء الشعر وقراءة النصوص، ومنه التمثيل – طبعا في أمره تفصيل طويل يتعذّر إيراده هنا ).
    (٨)
    ارتداء بعض الناس وبخاصة الشباب الملابس الغرب الوافدة، إناكان للتشبه بأهلها، فهي لاتليق بالإنسان العاقل المُتزن لا سيمافي المساجد، والأسواق، والمجالس، والأماكن العامة. ومنهاالقبعات، والأقمصةالملونة، والملابس الشفافة، وغير الساترة ، والسراويلات القصيرة ، وغيرها من الملابس المضحكة المزرية التي وفدت إلينا من مجتمعاتٍ غير محافظة على القيم والأخلاق الإسلامية، و قد تكثُر عليها الرموز والشعارات والعبارات المخالفة لتعاليم ديننا الحنيف، أوالمخلة بالآداب، والمنافية للأذواق السليمة.(هذا يختلف باختلاف المجتمعات، فلا نفعل ماكان يفعله شيخ بيوغسلاف زوّاريسترون رؤوسهم بالقبعات في وقت مضى، قبل خمسين سنة حين كانت القبعات من تقاليدهم الاجتماعية التي يلتزمون بها).

    ( ۹ )إضاعة الوقت بالجلوس وقتاًطويلٍاً في القهوات والاستراحات ومافي حكمهالغيرحاجةٍ.وكلنانعلم أن القهوات تُعد– في الغالب- من الأماكن التي يجتمع فيها أراذل الناس ورفاق السوء. وردعن معاوية بن أبي سفيان- رضي الله عنه- أنه قال:&quot; آفة المروءة إخوان السوء&quot;( ١٢:٢۳٤). يُضاف إلى ذلك مافي ارتياد هذه الأماكن من هدرٍللوقت فيما لافائدة منه ولا نفع فيه، ولا سيما في هذاالزمان الذي كثُرفساده وانحرافاته؛ وهنايجدر بنا أن نتذكر ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:&quot;ما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله فيه إلا كان عليهم تِرَة ( أي حسرة وندامة)، وما مشى أحدٌ ممشى لم يذكر الله فيه إلا كان عليه ترة، وما أوى أحدٌ إلى فراشه ولم يذكر الله فيه إلا كان عليه ترة&quot;( ابن حبان، ج ۳، الحديث رقم ٨۵۳ ، ص ١۳۳ ) ( نعم!هذاحكم عام صحيح، ولكن ليس كل جلوس في القهوة للعبث، فقديكون لقاء للعلماء والأدباء، أومكاناً للقاء أوواستراحة من عناء السيرالطويل في المدن الكبيرة، وبخاصة في بلدان يتعذّراستقبال الزوّارفي البيوت لضيقها–،ولا شكّ أن الأفضل لقاء الحدائق أوالقهوات التي هي في الأصل حدائق- طبعا في الأمرتفصيل-)

    ( ١۰ ) كشف العورات أمام الناس، وهذا أمرٌمحرَّمٌ ومخالفٌ للمروءة سواءً أكان ذلك الكشف صادراً عن رجال أم نساء ، ولا سيما في الاحتفالات والأعراس، وعند ممارسة الألعاب الرياضية في الملاعب والمسابح والصالات المغلقة. وهنا تجدر الإشارةإلى أنه لا يجوزكشف الفخذ، ولا الصدر، ولا الظهر، ولاالأكتاف ونحوها لما في ذلك من المخالفة الصريحة لأمر الله الذي أمر بالستروالعفاف والاحتشام. فعن زُرعة بن عبد الرحمن عن جده جُرهد أن النبي صلى الله عليه وسلم مَرَ به وقد كشف فخذه فقال:&quot;غطها فإنهاعورة &quot; ( الترمذي ، ج ۵ ، الحديث رقم ٢٧۹۵ ، ص ١١۰ ) .

    ( ١١ ) قص شعرالرأس بأشكالٍ غريبةٍ غير مألوفة، وكُلنا يعلم أنه قد انتشرت في هذا الزمان بعض قصات للشعر مضحكة مبكية وبخاصة بين الشباب والشابات، ويعلم الله أنهاتُشوه الشكل، وتدل– دلالةً واضحةً - على فساد الذوق، وحب التقليد؛ كما تؤكد أن من يفعلهاعامداً مُتعمداًضعيف العقل ممسوخ الهوية، لأنه مُقلدٌ للآخرين ممن لا دين لهم ولا مروءة ولاحياء . ( هنا مربط الفرس، ليست أشكال القصّات مشكلة، فهي تختلف باختلاف المجتمعات، ولكن المطلوب منا- وبخاصة شبابنا- ألا نكون إمعة نجري وراء مايرسمون لنا!! )

    (١٢)كثرة الضحك والقهقهة بصوتٍ عالٍ ولاسيما في الأماكن العامة؛فقدجاء عند بعض أهل العلم قوله:&quot;ويُكره مضغ اللبان (العِلك) لأنه دناءة&quot;(٦:٢۵۹) أمام الناس، وفي الأسواق، وأماكن التجمعات؛ وهوأمرٌلا يليق بالرجال على وجه الخصوص؛ فقد ورد عن بعض السلف قولهم: &quot; يُكره مضغ اللبان للرجل للتشبه بالنساء، ما لم يكن للتداوي، أو كان خالياً ببيته ونحوه لا في حضرة الناس&quot;( ۹ : ٨۰ ) .

    ( ١۳ ) أن يتحدث الإنسان إلى جُلسائه ببعض الأحاديث المخلة بالآداب، وأن يُخبرهم( صادقا أوكاذباً ) بقصص ومغامرات وأحداث فاضحة بحجة الإمتاع والمؤانسة.وهذا أمرٌ يخالفٌ ماأمرالله به عباده من الستر وعدم نشرالفاحشة بين المسلمين. كما يتبع هذه المخالفة أن يتحدث الإنسان عمّا يقع بينه وبين امرأته من أُمورخاصة، أووصف تفصيلاتها لما روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :&quot; إن من شرالناس عندالله منـزلةً يوم القيامة، الرجل يُفضي إلى امرأته، وتُفضي إليه، ثم ينشر سرها&quot;( مسلم ، الحديث رقم ۳۵٤٢ ، ص ٦۰۹ ) . وما ذلك إلا لما في هذا الأمر من خيانةٍ للأمانة ومخالفةٍ للمروءة وآداب المسلم التي تمنعه من أدنى تعرض لهذا الأمر تصريحاً أو تلميحاً &quot; وأما ذكرالوقاع وحده دون تفصيلات فذكره مكروه إن لم يكن لحاجةٍ لأنه خلاف المروءة &quot; ( ١۳ : ٢٤١ ) .

    (١٤)الرقص والتصفيق والتمايل مع الأنغام المحرمة، وهزّ العورة من الجسد أو تحريكها وغيرذلك من حركات ساقطة يؤديها من لا مروءة له في احتفالات وأعرا س ونحوها مما لا يليق. حتى إنّ بعض أهل العلم وصف الرقص والتصفيق والتمايل إذا صدرعن الرجال بأنه:&quot;خِفَّةٌ ورعونةٌ مُشبِهةٌ لرعونة الإناث لا يفعلهما إلا أرعن&quot; ( ۹ : ١۰٧ ) .

    ( ١۵ ) احتراف الكدية (الشحاذة) و مدُّ اليد للناس من غير حاجةٍ ضروريةٍ تدعو إلى ذلك يمتهن كرامة الإنسان و يُسقط مروءته، ويُذهب ماء وجهه في الدنيا ولحمه في الآخرة. وما عُدَّ التسول مما يُخالف المروءة إلا لما في ذلك الفعل من احتمال الكذب، والخداع، والتحايل. فقدروي عن حمزة بن عبدالله عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:&quot; لا تزالُ المسألةُ بأحدكم حتى يلقى اللهَ، وليس في وجْهِهِ مُزْعَةُ لحمٍ&quot;( مسلم ، الحديث رقم ٢۳۹٦ ، ص ٤١٨ ) .
    وفي هذا المعنى يقول الشاعر :
    وما شـيءٌ إذا فـكَّرت فيه *** بأَذهب للمروءةِ والجمالِ
    من الكذب الذي لا خير فيه *** وأبعد بالبهاءِ من الرجالِ
    قال بعض أهل العلم:&quot;تُرَدَّ شهادة من كان أكثرعمره سائلاً،أومن يَكْثُرذلك منه؛لأن ذلك دناءةٌ وسقوطُ مروءةٍ&quot;(۹: ١١١).
    وهناتجدرالإشارة إلى أن كثيراًمن أهل الكدية يتخذون سؤال الناس حرفة، و يتنقلون بين المساجد والجوامع يحملون أوراقاً وصكوكاً وتقاريرطبية ليستشهدوا بها على فقرهم وحاجتهم الزائفة، وقديحمل بعضهم أطفالاً صغاراًأو معاقين ليستدروا بهم عطف الناس وشفقتهم،وأكثرهم كاذبون محتالون يحتاجون إلى تأديبٍ وردعٍ من الجهات المعنية، فالواجب على الناس عدم الانخداع بهم أوالتعاطف معهم ؛ لاسيما أنهم يحدثون كثيراً من التشويش والفوضى في بيوت الله تعالى، ويتسببون في قطع خشوع المصلين ومنعهم من الانشغال بالتسبيح والذكر بعد الصلاة.
    وبعد؛فهذه بعض آداب المروءة وخوارمها
    السائدة في مجتمعنا. يتضح لنا-مماسبق-أن بعض آدابها من الشرع لا يختلف عن الحسن من الأعراف والعادات، وأن من خوارمها ما يُخالف ذلك كله ؛ولذلك فهوإما حرامٌ بيِّنٌ لا يجوز؛ وإما أنه ليس بحرامٍ إلا أنه غير مقبولٍ وغيرمستحب. وهذا يعني أن هذه الصورالمخالفة للمروءة تحتاج منَّا إلى أن نعيد النظر فيها متى وجدت عندنا، وفي فعل وأقول وتصرف التي لايُقربه شرعٌ ولايقبله عقل. عليناأن نجتهدجميعاً في تصحيح أخطائنا،وأن نُجددعهدنا مع الله سبحانه وتعالى على الأمربالمعروف والنهي عن المنكر في القول والعمل، والالتزام بتعاليم الدين، وتوجيهات سُنَّة رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وآداب تربيتنا الإسلامية السامية. وما أجمل قول الشاعر :
    تأدب غير مُتكِلٍ *** على حسبٍ ولا نسبِ
    فإن مروءة الرجل الشـ *** ريف بصالح الأدب
    وختاماً ؛ نسأل الله جل في عُلاه أن يوفقنا جميعاً لجميل القول ، وصالح العمل ، وأن يهدينا لما فيه الخير والسداد ، والهداية والرشاد ، والحمد لله رب العباد .
    في آخر المطاف:
    ميزان الأخذ بالعادات الاحتماعية التي ترتبط بالمروءة:
    ١ – ألا تخالف الدين والأخلاق التي نصّ عليها.
    ٢ – ألا تشلّ حركة الإنسان، وتحوله إلى عبد أسير.
    ۳ – أن يكون في مراعاتها حفاظ على كرامة المجتمع وعدم إيذائه.
    أي أن تتوازن هذه العناصر توازناً عادلا، وإلا ففي العادات الاحتماعية مايخالف الدين والعلم والصحة والذوق السليم.....
    مثلاً كانوا قديماً لا يأخذون برأي المرأة في زواجها، وهو في الشرع ركن، إذا تخلف كان العقد باطلا، ألم يكن الأب يرد ردّ مَنْ خُرمت مروءته إذا سألته عن رأي ابنته في زواجها!! ويقابله حديثاً الرمي برأي الأهل وراء الظهر.
    إننا نأخذ من العادات والتقاليد كل نافع مراع لحق الفرد وحق المجتمع، لا يعارضه عقل ولا دين ولا علم ولا ذوق......
    ******
    ***
    **
    -----------------------------------
    المـــــــراجع :
    ١- صحيح البخاري . أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري . ( 1419هـ / 1999م ) . ط ( 2 ) . الرياض : دار السلام للنشر والتوزيع .
    ٢- صحيح مسلم . أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري . ( 1419هـ / 1998م ) . الرياض : دار السلام للنشر والتوزيع .
    ۳- الجامع الصحيح ( سُنن الترمذي ) . أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي . ( د . ت ) . تحقيق / أحمد محمد شاكر وآخرون . بيروت : دار إحياء التُراث العربي .
    ٤- سُنن أبي داود . سليمان بن الأشعث . ( د . ت ) . تحقيق / محمد محي الدين عبد الحميد . ( د . ن ) .
    ۵- الإحسان في تقريب صحيح ابن حِبان . ( 1412هـ / 1991م ) . تحقيق : شعيب الأرنؤوط . بيروت : مؤسسة الرسالة .
    ٦- الآداب الشرعية والمِنَحُ المرعيّة . محمد بن مفلح المقدسي الحنبلي . تخريج وتعليق أبو معاذ أيمن عارف الدمشقي . ( 1417هـ / 1996م ) . ج 3 . بيروت : دار الكتب العلمية .
    ٧- أدب الدنيا والدين . أبو الحسن الماوردي . ( د . ت ) . تحقيق وتعليق : مصطفى السَّقا . ط ( 3 ) . الرياض : مكتبة الرياض الحديثة .
    ٨- المـروءة . أبو بكر محمد بن خلف المرزُبان . تحقيق / محمد خير رمضان يوسف . ( 1420هـ / 1999م ) . بيروت : دار ابن حزم .
    ۹- المروءة وخوارمها . أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان . ( 1415هـ / 1995م ) . الخبـر : دار ابن عفان للنشر والتوزيع .
    ١۰- الموافقات في أصول الأحكام . أبو إسحاق إبراهيم بن موسى اللُخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي . تعليق الأُستاذ السيد محمد الخضر حسين التونسي . ( 1341هـ ) . الجزء ( 2 ) ، المجلد ( 1 ) . دار الفكر .
    ١١- جامع العلوم والحِكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلِم . عبد الرحمن بن شهاب الدين بن رجب الحنبلي . ( 1400هـ / 1980م ) . ط ( 5 ) . القاهرة : دار الحديث .
    ١٢- روضة العقلاء ونزهة الفضلاء . أبو حاتم محمد بن حِبَّان البُستي . تحقيق محمد محي الدين وآخرون . ( 1397هـ / 1977م ) . بيـروت : دار الكتب العلمية .
    ١۳- سُبل السلام . الحافظ ابن حجر العسقلاني . ( 1408هـ ) . ج ( 4 ) . ط ( 4 ) . الرياض : جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية .
    ١٤- لسان العرب . أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور .( 1300هـ ) . المجلد الأول . بيروت : دار صادر .
    ١۵ – المعجم الوجيز . مجمع اللغة العربية . ( د . ت ) . بيروت : المركز العربي للثقافة والعلوم .
    ١٦ – المروءة الغائبة . محمد إبراهيم سليم . ( 1986م ) . القاهرة : مكتبة القرآن .

    ************

  4. #4
    Moderator
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    فلسطين - رام الله
    المشاركات
    355
    اللهمّ أعِدْ علينا ما غاب من مروءتنا ( المروءة الغائبة )
    شكراً لجهودكم النيّرة

  5. #5
    بحث هام ومفيد للغاية , أشكرك أديبتنا على اختيارك لمثل هذه الأبحاث وبارك الله بك .

  6. #6
    موضوع جدير بالاهتمام فمن اتقي خوارم المروءة فقد تحلي بفنون الذوقيات شكرا لك د . ريما

المواضيع المتشابهه

  1. ضياع المروءة بقلم آرا سوفاليان
    بواسطة arasouvalian في المنتدى فرسان التعليمي.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-11-2013, 06:38 PM
  2. المروءة
    بواسطة رشا البغدادي في المنتدى فرسان العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 10-31-2011, 06:02 AM
  3. كتاب المروءة وخوارمها
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-14-2011, 01:05 PM
  4. من حصص وحظوظ المروءة.
    بواسطة يعقوب القاسمي في المنتدى فرسان الخواطر
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 01-10-2011, 10:11 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •