أبتاه // للشاعر غالب أحمد الغول
@@@@@@@@@@@
يا والدي مُذ غبتَ غاب نهاري
وأتتْ عليّ دوائر الأكدار ِ
قد كنتَ نور العين يا أبتي وها
أنا فاقد العينين والإبصار
ولقد فقدتُك والدي واحسرتي
ضاعت ليالي الأنس والسمّار ِ
فاضت دموعي حين لحدك ارتدى
كفناً يزمّل بالأسى أشفاري
ولقد بكيتك والجفونُ تمزقتْ
ومن النحيب تقطعتْ أوتاري
ودنوت نحوك كي أقبل هامة ً
كانت وساماً للرضا وشعاري
واحسرتاه على رحيلك يا أبي
أفِلتْ نجومي واختفتْ أقماري
وسنا جبينك في الحياة منارتي
ونسيم عطرك من شذا الأثمار ِ
إيمانك الروحيّ عطـّر نوره
قلباً يشعُّ بطيّب الأفكار ِ
ولسان تقوى في فؤادك يرتدي
ثوب الهناء بميسم الأزهار ِِ
لما رحلتَ تحطمت أنفاسنا
وتعثّرت قدماي بالإعصار
قد صُمْتَ شهرك في الصلاة مسبّحاً
وسكنت قبرك صائماً للباري
يا والدي إن الحياة كآبة ٌ
ومذلة مع زمرة الكفّار
فالقدس تبكي من يكفكف دمعها
يا للمصيبة من يد الغدار
ومتى جبال القدس يفرح أهلها
لتؤمّ فينا داخل الأسوار
ظلموك أبناء العمومة ليتهم
طردوا عدواً جاثماً في الدار
وقهرت خصمك صامداً لا تنثني
وحرقت قلب الظالمين بنار ِ
وأرى نذالة بعضهم تحت القذى
وَصَمَتْ جبين العالمين بعار ِ
قل للذين تمايلتْ أعناقهمْ
حقداً وكبراً في هوى الأشرار ِ
سقطتْ شعارات المودة بينهمْ
ورموا الفضائل في قذى الأوكار ِ
غرتهم الدنيا بروث جيادها
وتيمموا بالقرش والدينار ِ
فابصق على الأنذال حيث ثقفتهمْ
واصحبْ رجالاً من ذوي الأخيار
يا ابن التقي ويا ابن شيخ عشيرتي
سأكون خصم الظالم الفجّار ِ
فينا التقيّ أو النقيّ طهارة
ندعوا إليك برحمة الغفّار ِ
والله لو أسطيع أن أذر الدنا
لوضعت رمسك جاثماً بجواري
أحسنتُ من إحسان ربي للورى
ما قلتُ (أُفّاً ) أو عققتُ كباري
يا ربّ إن زلّ اللسان بهفوة
هل تقبل التوبات باستغفاري
أنت الذي ربيتني ونصرتني
بُشرى إليك بجنّة الأنصار
الأمّ قلبٌ فيه رحمة خالق ٍ
والعقل أنت َ تحث في أفكاري
قد كنت َ بحراً لا يكلّ بموجه
حتى تراني لؤلؤاً بمحاري
بل كنت في بيت السخاء مكرّماً
ويداك تعطي عسجد الأنهار ِ
فاهنأ بظل الله يا أبتي ولمْ
تجد ِ الأسى بمشيئة الأقدار
وأظن أنك كالشهيد فلمْ تمتْ
لترى الجنان بنعمة الأبصار
وأنا أعد العمر ساعة نلتقي
عند النعيم بجنّة الأبرار
من قلم// غالب أحمد الغول