الغرب والإسلام
الإغريق عرباً لغة وثقافة (55)
مصطفى إنشاصي
والجذور العربية للثقافة اليونانية معلومة: "إن الثقافة اليونانية، في الحق قديمة. وهي معروضة في آسيا الصغرى، وعلى طول الساحل المصري الفلسطيني منذ عهد بعيد، مندمجة في الثقافة الآرامية. إننا نملك تحالفاً استراتيجياً ثقافياً بين اليونانيين الإيجيين وأبناء فلسطين منذ القرن التاسع قبل الميلاد. أي منذ حلول المحاربين الفلسطينيين الذي اتفق مع تحلل القوة الحثية، وسترى حرب طروادة قتالاً يشترك فيه معاً اليونانيين والكنعانيين ضد العاصمة الحثية".
ولقوة العلاقة عرقاً وثقافة بين اليونانيين والكنعانيين فإنه يرى "إن من الأفضل أن نتكلم عن الحضارة الإيجية بدلاً من الكلام عن الحضارة اليونانية. فالتأثير الذي مارسه الكنعانيون في صور وصيدا في بحر إيجة ليس له أهمية لغوية فقط، بل يفرض نفسه في جميع المجالات وبخاصة في مجال الدين والأسطورة، والفلسفة، والعلم والفن".
فاللغة الكنعانية هي التي وضعت أسس اللغات الأوروبية و... "وتهمنا بصورة مباشرة من بين الأوطان أرض فلسطين، وبحر إيجة، الواقعتان ضمن نقطة الالتقاء الاستراتيجي الثقافي للإمبراطوريات الكبرى. لقد ولدت فيهما لغة أعطت أسس قواعد اللغات الأوروبية، وتمازجت فيهما أديان عدلت عقليتنا، وقدمت فناً اتخذ سبيله ‘اليها ونشرت نماذجه حتى أبعد أرض غربية، وقدمت فلسفة بخلفياتها الميتافيزيقية والدينية لولاها لم نكن ما نحن عليه اليوم".
ويؤكد على أصالة الأصالة العربية لليونان والإغريق بقوله: "إننا حين نتكلم عن إمبراطورية إغريقية، لا يمكن أن نعني بها سوى تشويه شديد للحقيقة. فلقد استمرت الهلينستية التي لم تكن شيئاً آخر سوى نقل مكتوب للثقافة الإيجية الآرامية، استمرت في إنشاء شكل حياة إمبراطورية الشرق مضمونها. وعندما أعطى بطليموس الثالث، في القرن الثالث قبل الميلاد، للاسكندرية ذلك البريق الذي لا يضاهى، والذي نعرفه والذي جعل منها عاصمة العالم حقيقة ... كانت الإسكندرية آنذاك فينيقية بميناءها، وتقاليدها الدينية التي جمعتها النصوص، وكانت إفريقية الصفة، بصفة النيل الذي يمر فيها، وكانت، بالطبع مصرية بعمارتها وعالميتها، ولكنها لم تكن تملك، من الإغريق، سوى مجتمع سياسي صغيروعالم".

أسماء إغريقية وغيرها أصولهم عربية
حتى الأسماء وإن كانت إغريقية أو صقلية أو آخية أو... لا يعني ذلك أنهم ليسوا عرباً ونحن نجدهم جنود في جيوش عربية وشاركوا في معارك كبيرة وذلك، إنما يعني أن بلدانهم ترجع لأصول عربية: "هاجم ملك ليبيا مارادي الذي كان يحكم منطقة تمتد من الفيوم إلى ضفاف ميرت، هاجم مصر واحتل قسم من الدلتا، ومما يثير الدهشة أنه كان في جيشه آخيون، وصقليون، وليسيون، وهم شعوب غربية تحمل الأسماء نفسها التي يحملها الذين اشتركوا في معركة قادش، مما يدفع إلى الاقتناع بأنه ليست الجغرافية ضرورية لإعطاء شعب اسمه وحقيقته، إلا إذا كانت هناك مستعمرات آسيوية متعددة في المتوسط الغربي، وهي مستعمرات شكلت جزءاً من الآخيين".
ويشير إلى ملاحظة الفيلسوف الألماني أزوالد شبنغلر الذي لفت فيها الانتباه إلى أن أسماء علماء الرياضيات الإغريقي الأسماء إنما هم آراميون وأكمل ذلك العلم المسلمين، ما يعني أنه ليس للغرب علينا أو على العالم أي فضل بل الفضل لنا نحن العرب والعار للغرب الذي زور وزيف التاريخ: "إن ما نعرفه عن الرياضيات الإسكندرية يفترض في هذا المقال حركة كبرى تحتل مركز الصدارة جامعات أوديسا وكيشابور وطيفسون والتي كانت ترى بعض خصوصياتها؛ فقد تدخل المجال اللغوي للعهود القديم، فيزيندور الذي عالج مسألة الصور المتساوية المحيط، وسرينوس الذي اهتم بقضية المجموعة المتجانسة في الفراغ، وهيبسيلكس الذي أدخل تقسيم الدائرة الكلداني، وديوفانت الرياضي الأسكتلندي بخاصة ... إنهم جميعاً آراميون على الرغم من أسماءهم الإغريقية، ولا تشكل كتاباتهم إلا جزءاً بسيطاً من تراث لغوي سوري بصورة رئيسية. ولقد وجدت هذه الرياضيات تتمتها في العلم العربي ـ الإسلامي الذي تبعته بدوره بعد فترة انقطاع طويلة الرياضيات الغربية، (التي يُظهرها لنا خداعٌ بصريٌ، وكأنها الرياضيات إجمالاً)".