رحلة الموت كلفتهم بيع منزلهم الكائن في مدينة دمشق
كان محمد الناجي الوحيد من بين خمسين شخصاً سورياً غرقوا في عرض البحر. قرروا الهروب إلى أوروبا طامحين بغدٍ أفضل، لكن أمواج البحر حطمت أحلامهم، وغرقت عائلة محمد”22 عاما” أمام عينيه، قبالة سواحل أزمير.
يقول محمد “سافرنا إلى تركيا والتقينا هناك، بمهربٍ يدعى أبو خليل، اتفقنا على السفر إلى أثينا، تفاجأنا بالقارب الصغير الذي سنركبه برفقة عدد كبير من الناس، لكننا قررنا المتابعة، بعد مرور وقتٍ قصير، تعالت أمواج البحر وباتت تلعب بقاربنا، المكون من طابقين كعلبة الكبريت، تابعنا رحلتنا بينما عاودت الأمواج للارتفاع أكثر، إلى أن انقلب رأساً على عقب”.
اثنتا عشرة ساعة من السباحة المتواصلة، أنقذت حياة أحمد، لكنه لم يتمكن من إنقاذ والديّه وأخته الصغرى، يسترجع محمد ذكرياتٍ باتت ترافقه في كل مكان وزمان، يستحضر محاولته الفاشلة، في سحب أفراد عائلته إلى سطح الماء، يحكي عن فقدانه الأمل، وتعرضه لصدمةٍ شديدةٍ، كان يبتعد عن أهله شيئاً فشيئاً، ويراهم يغرقون بلا منقذ، ليتعاظم شعوره بالذنب.
ويضيف: “مازلت أذكر جيداً يدا أختي، وهي تحاول رفع ابنها الصغير على وجه الماء، كانت تغرق بينما كان هو ميتاً، كانوا يسحبونني إلى القاع، كلما اقتربت منهم أو أمسكت بيد أحدهم لإنقاذه، تحولت هذه المشاهد إلى كوابيس تراودني كل ليلة، كيف لي أن أنساها؟، راحوا كل شي راح”.
رحلة الموت كلفتهم بيع منزلهم الكائن في مدينة دمشق، دون أن يخطر لهم أن ألفي يورو، ستكون ثمناً بخساً لتحولهم إلى جثثٍ غارقةٍ في قاع البحر.
يعتبر محمد أن حياته توقفت في اللحظات التي عجز فيها عن إنقاذ عائلته، فلا معنى لها بموت أقرب الناس إليه، فهل هي ضريبة كوننا سوريين؟ أم أن الموت كتب علينا في كل مكان؟
نعم إنه الموت الذي ضرب خيامه في هذه الارض الطاهرةا واصبحت شوارعها مصبوغة بدم أبنائها ... هذا ماقدره الله لنا نسأله اللطف والفرج القريب

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي