دعني أثورُ فَقَدْ عَقَدْتُ لِساني=زَمَناً و هَيّجَتِ الخُطوبُ بَياني
إنْ كُنْتَ تَسْمَعُ في حروفي ضجّةً=فالآنَ تُبْصِرُ ثورةَ البركانِ
و الآنَ تَعْصِفُ بالقوافي زَفْرَتي=و يشجُّ صَمْتَ الهمِّ هَمْسُ جَناني
جاسَ المُصابُ خِلالَ قلبي و اشتفى=منّي الزمانُ(ولا أقولُ زماني)
فَلأيِّ شيءٍ كَظْمُ شعري غاضباً=و لأيِّ شيءٍ بَعْدَهُ كِتْماني
فَلَقَدْ يَطيرُ الغَيْظُ بينَ مدامِعي=شَرَراً و تأكلُ أضلُعي نيراني
فأنا المُعنّى و المُكنّى بالأسى=و الهمُّ يَغْلي أيّما غليانِ
أَمْضي و تَتْبَعُني العواصفُ كُلُّها=كَيْما تصبّ الهوْلَ في وُجْداني
كَفّي بكفّي و الشدائدُ حولَنا=و أنا عَنِ الأفْكارِ مُنْحَسِرانِ
أذوي إلى حيثُ الضمائرُ تنتهي=و نسيرُ في خطٍّ من الهَذَيانِ
كُلّي كَنَفْسِكَ و انشطارٌ أعْزَلٌ =من نَفْسِهِ في الوهمِ مُنْطَلِقانِ
و الوهمُ تأويلُ السنابلِ تنطوي=حِقَباً على جَدَلٍ من النسْيانِ
و الوَهْمُ تأويلُ الأنامِلِ ترتخي=حول اليراعِ مُكفّناً بِلساني
تصويرُ بُعْدِكَ في المسافةِ بَعْضِها=عن أينَ حيثُكَ ليسَ في الحُسْبانِ
فَدَعِ الفظاظةَ في الخيالِ و هاتِها =في أيّ وقْتٍ شئتَهُ و مكانِ
نَزَفتْ مزاميرُ الغيابِ غُيوبَها=لَغةً على لُغةٍ بِغيْرِ مَعاني
و تقوّسَتْ لامُ الطلاسِمِ عُقْدَةً=و تفكّكَتْ دالُ البعيدِ الداني
بيّارةُ الأحلامِ تنبُذُ شوكَها=و تصبُّ ماءَ الوردِ في شرياني
و أنا نَغُبُّ من الدلالَةِ شَمْسَنا=و أسيلُ مثل الضوءِ معْ جَرَياني
كُلّ كَكُلّكَ و انتظارُكَ صامتٌ=فوقَ الحُقولِ مريضة الأجفانِ
يا سادراً بين الغياهبِ أيننا!!=و فراغُها و النصُّ مُمْتَزِجانِ
تَتَبدُّ الأشياءُ حولي كُلُّها=إلاّ صدى لَحْظيْكِ إذْ حَمَلاني
ضلعي و نارُكِ و الطريقُ طويلةٌ=و الفجرُ منزوعاً من الألوانِ
و شُرودُ بوْصلتي و وَجْهُكِ باردٌ=و الصوتُ مرسوماً على الجُدْرانِ
و حكايتي و بُذورُ ذاكرتي و لا=سُبُلٌ إلى سُبُلٍ و سِرْبُ أماني
و العبْقَريّةُ في البلاغةِ و الخُرا=فَةُ في الغَرابةِ و الخُلودُ الفاني
بُعْدٌ لِفِكْرِكَ غائراً في عُمْقِهِ=و سَحَابةٌ حطّتْ على ذوبانِ
و تَجَلّياتُكَ و امتداداتُ الرؤى=في حدّ بَحْرِكَ أمْرَدِ الشُطْآنِ
أَنْقاضُ عِطْرِ البوْحِ خَلْفَ غُبارِهم=العابرينَ إلى المجالِ الثاني
الحاملينَ الشمْسَ فوقَ كُتوفِهمْ=شَعْباً و قِنْديلاً من الأحزانِ
الضاربينَ الصَخْرَ فأساً أسْمَراً=الصافِعينَ الريحَ بالرّيْحانِ
الناسجينَ من الدّماءِ رَصاصةً=و من البنادقِ ثورَةَ الأكفانِ
يَصْحو و تَغْمُرني العبارةُ لَحْظَةً=بِسرابِها ويكفُّ عنْ هَذياني
و يَغيبُ في وَعْيي و يَقْطَعُ دَهْشتي=و النّبْضُ رمْلٌ حارقُ الخَفَقانِ
و تنامُ ذرّاتُ الذنوبِ و هبّةٌ=للشكِّ بينَ شقائقِ النّعْمانِ
جَدَليّةٌ أُرجوزَتي جبليّةٌ=فوقَ الجُروحِ سَحيقة الوديانِ
مِلْحي, مناجمُ فَحْمِ حِبْرِكَ, أسْطُري,=قَمَري,و كوْنُ شُحوبِكَ الربّاني
و كواكبي العشرينَ ,تلعقُ صُفْرَةً=حول الفراغِ,هزيلةُ الدَوَرانِ
فُلْكي و تابوتُ انطفاءِ مجرّتي=و قصائدي منحورةَ الأوزانِ
و نُبوءةُ السَحَرِ المُعمّدِ سِفْرُهُ=بُمُوَشّحاتِ مدامِعِ الرُمّانِ
و البيْدَرِ المفْروشِ بالعَرَقِ الطوي=لِ سَنابِلاً صيْفِيّةً و أغاني
عَيْنٌ على المَجْهول تَقْرؤ خَطْوَهُ=و تجسُّ نَبْضَ سرابِهِ الظمْآنِ
و ضفائرٌ للشمسِ تفرشُ خدّها=فَجْراً و تسْكُبُ عِطْرَها النوراني
و عنادِلٌ تشْدو ربيعاً ناعِماً=و تَبُلُّ رَمْلَ النبْضِ بالألحانِ
جَدَليّةٌ أُرجوزَتي جَدَليّةٌ=و هَديلُها مُتَقصّفُ الأشْجانِ
جَدَليّةٌ و تَوَجَّعي و تَقطّعي=في كُلِّ جُبٍّ شاحبٍ أَنْساني
جَدَليّةٌ و أغضُّ حَرْفي دامعاً=و أَسيرُ نَحْوي عَلّني ألْقاني