حيثما كانت المصلحة فثم شرع الله....
........
لما أراد عمر ان يوظف الجزية على نصارى تغلب...... أبوا وقالوا نحن من العرب نأنف من اداء الجزية فان وظفت علينا الجزية لحفنا بأعداءك من الروم......
....
كان في يده نص القرآن: حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون......
وكان يملك أن يقول لهم بيني وبينكم السيف.....
وكانت جيوشه تضرب في الروم والفرس جميعاً...
وكان بملك أن يقول لهم: أفحكم الجاهلية تبغون؟؟
أفأجيبكم الى أفكاركم الحداثية وأترك كتاب الله يأمرني بالجزية..... ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون.....
ولكنه قدر مصلحة الأمة ... وخطا خطوة أخرى نحو الدولة المدنية والمواطنة والمساواة......
فشاور الصحابة فصالحهم عمر على ما أرادوه وقال سموها ما شئتم.........
سبحان الله العظيم ! فموقف عمر – رضي الله عنه – يظهر عظمة قوله عليه الصلاة والسلام (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديّين، وعُضُّوا عليها بالنواجِذ) حديث صحيح، صححه الترمذي والحاكم ووافقه الذهبي
وقوله عليه الصلاة والسلام : ( إقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر)أخرجه الترمذي وابن حبان والحاكم وصححه ووافقه الذهبي وصحّحه الألباني في " السلسلة الصحيحة " 3 / 233 فالرسول - صلى الله عليه وسلم - وذاك الرّعيل من جيل الصحابة - رضوان الله عليهم -الذين تربّوا على يديه هم خير من فقه كتاب الله تعالى ووضعوا آياته مواضعها وأنزلوها مواقعها في صدى الواقع وسياق الأحداث ، فكانوا أبرع الناس في فهم سياقات الآيات !
كيف لا وقد قال تعالى عن نبيّه – صلى الله عليه وسلم – ( وما ينطق عن الهوى ، إنْ هو إلا وحيٌ يوحى ) ( النجم 3،4)
ومن باب تتميم الفائدة يُشار إلى أنّ : بني تغلب بن وائل من العرب من ربيعة بن نزار، انتقلوا في الجاهلية إلى النصرانية فدعاهم عمر إلى بذل الجزية فأبوا، وأنفوا وقالوا: نحن عرب خذ منا كما يأخذ بعضكم من بعض باسم الصدقة فقال عمر: لا آخذ من مشرك صدقة فلحق بعضهم بالروم، فقال النعمان بن زرعة: يا أمير المؤمنين إنّ القوم لهم بأس وشدة وهم عرب يأنفون من الجزية، فلا تعن عليك عدوك بهم وخذ منهم الجزية باسم الصدقة فبعث عمر في طلبهم فردّهم، وضعّف عليهم من الإبل من كل خمس شاتين ومن كل ثلاثين بقرة تبيعين ومن كل عشرين دينارا دينارا، ومن كل مائتى درهم عشرة دراهم وفيما سقت السماء الخمس وفيما سقى بنضح أو غرب أو دولاب العشر فاستقر ذلك من قول عمر، ولم يخالفه أحد من الصحابة فصار إجماعا وقال به الفقهاء بعد الصحابة منهم ابن أبى ليلى والحسن بن صالح، وأبو حنيفة وأبو يوسف والشافعي ( لا تؤخذ الجزية من بني تغلب وتؤخذ منهم الصدقة مضاعفة )كتاب المغني
في ضوء ذلك : إذا أنف أهل الذمّة من أن يُخَصَّصُوا بدفع الجزية(رغم أنّها في الغالب أقل من الزكاة) فيمكن أن يدفعوا قيمة ما يدفعه المسلمون من زكاة تحت مسمّى غير الجزية والزكاة ،أسوة بفعله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع نصارى بني تغلب عندما أنفوا أن يدفعوا الجزية.قال الشافعي أن نصارى بني تغلب أخبروا عمر أنّهم يأنفون من دفع الجزية فقالوا "نحن عرب ولا نؤدّي ما تؤدي العجم ولكن خذ منّا كما يأخذ بعضكم من بعض يعنون الصدقة فقال عمر رضي الله تعالى عنه : لا هذا فرض على المسلمين فقالوا فزد ما شئت بهذا الاسم لا باسم الجزية ففعل فتراضى هو وهم على أن ضعّف عليهم الصدقة" .
قال الشافعي – رحمه الله تعالى - : "ولا أعلمه فرض على أحد من نصارى العرب ولا يهودها الذين صالح ، والذين صالح بناحية الشام والجزيرة إلا هذا الفرض، فأرى إذا عقد لهم هذا أن يؤخذ منهم عليه ،وأرى للإمام في كلّ دهر إن امتنعوا أن يقتصر عليهم بما قبل منهم."[الأم 4/300]
وإذا كان غير المسلمين من رعايا دولة الإسلام الذين لم يظهر عليهم المسلمون بقتال، وإنّما هم من سكانها، فليس هناك ما يمنع شرعاً من ألّا يطالبوا من دفع الجزية أصلاً،وأن يؤخذ منهم ما يعادل قيمة الزكاة إبتداءً(كضريبة)،لتكون قيمة موحدة على الجميع، ،فإنّ الرسول صلى الله عليه وسلّم لم يأخذ الجزية من يهود المدينة ، قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : لَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالسِّيَرِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ وَادَعَ يَهُودَ كَافَّةً عَلَى غَيْرِ جِزْيَةٍ وَأَنَّ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ { فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: 42] إنَّمَا نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ الْمُوَادِعِينَ الَّذِينَ لَمْ يُعْطُوا جِزْيَةً وَلَمْ يُقِرُّوا بِأَنْ يَجْرِي عَلَيْهِمْ الْحُكْمُ [الأم 222/4]
جزاكما الله خير الجزاء
مودتي