حق العودة لليهودي مقابل حق العودة للفلسطيني بقلم:رشيد شاهين


حق العودة لليهودي مقابل حق العودة للفلسطينيrnrnرشيد شاهينrnrnrn صادق مجلس النواب الأميركي يوم الثلاثاء الماضي على مشروع قرار يعتبر من القرارات الأكثرخطورة على المسألة الفلسطينية خاصة فيما يتعلق بحق العودة والتعويض الذي أقرته الأمم المتحدة والمتمثل بالقرار 194 الذي يقضي بأن للاجئين الفلسطينيين الذين شردوا من ديارهم الحق بان يعودوا إلى تلك الديار، بالإضافة إلى تعويضهم عما لحق بهم من أضرار مختلفة نتيجة ذلك الخروج الذي وكما يعلم العالم كان قسريا، حيث مورس بحقهم في حينه – ولا زال كما نعتقد- كل أنواع القهر والقتل والإرهاب والتعسف وما إلى ذلك من أعمال أجبرتهم على مغادرة ديارهم طلبا للنجاة من "غول" العصابات الصهيونية التي أتت من شتى بقاع العالم لكي تقيم دولة الاغتصاب على الأرض الفلسطينية.rnrn القرار – الذي اعتبر اليهود "العرب" لاجئين- وبرغم أنه قد لا يكون ملزما للإدارة الأميركية الحالية أو غيرها من الإدارات التي سوف تعقبها، إلا أنه فتح الباب على مصراعيه من أجل اعتبار اليهود الذين غادروا البلدان العربية -بعد أن تم تأسيس كيان الاغتصاب - متوجهين للإقامة في هذا الكيان، على أنهم لاجئين وبالتالي فإن لهم حقوق اللاجئين مثلهم مثل الفلسطينيين الذين اضطروا إلى مغادرة أراضيهم عنوة. rnrn مجلس النواب الأميركي صوت بالإجماع على القرار، أي أنه لا فرق بين ديمقراطي وجمهوري في المسالة – تماما كما القول " لا فرق لعربي على أعجمي إلا بالتقوى- وهنا لا فرق بين ديمقراطي وجمهوري سوى بقدر ولاءه لدولة الكيان الغاصب، ولا فرق سوى في كم أو حجم ونوع التزلف والنفاق والولاء للوبي الصهيوني الذي بات يتحكم بمفردات الحياة اليومية للأغلبية الساحقة من السياسيين الأميركيين من كلا الحزبين.rnrn صحيفة هآرتس الإسرائيلية التي صدرت في اليوم التالي – الأربعاء- قالت انه وبحسب نص مشروع القرار فإن المسؤولين الأميركيين المشاركين في المفاوضات الجارية في المنطقة والتي تشير إلى موضوع اللاجئين الفلسطينيين سوف يقومون بإدراج صيغة شبيهة أو مماثلة وواضحة حول مشكلة اللاجئين اليهود من البلدان العربية المختلفة الذين أتوا إلى إسرائيل بعد قيامها. وقد أشارت الصحيفة إلى أن النائب جوزيف كراولي عن ولاية نيويورك واحد النواب الذين تقدموا بمشروع القرار أنه قال " إن على العالم أن يفهم بأن الفلسطينيين ليسوا وحدهم الذين سلبت ممتلكاتهم وبيوتهم، كما أنهم ليسوا الضحايا الوحيدين لأعمال إرهابية في منطقة الشرق الأوسط، بل اليهود أيضا كانوا وتعرضوا لذلك". rnrn والحقيقة أن النائب كراولي لم يكن الوحيد الذي أدلى بمثل هذه التصريحات، لا بل وكما هي عادة السياسيين الأميركيين الذين عادة ما يتسابقوا في التزلف والنفاق، فإنه كان هناك من قال بأن "عدد اليهود الذين تم "إجبارهم على مغادرة الدول العربية فاق عدد اللاجئين الفلسطينيين وأنه يتعين عدم إهمال أو تجنب التطرق لذلك خلال محادثات السلام الجارية في المنطقة" هذا ما كان قد قاله النائب عن الحزب الديمقراطي عن ولاية نيويورك جيرولد نادلر بحسب الصحيفة. rnrn التصريحات التي تمت الإشارة إليها لم تكن هي الوحيدة من بين التصريحات العديدة التي صدرت عن النواب الأميركيين، وإنما كانت عينة للتدليل على مدى الانحدار الذي وصل إليه الساسة في الدولة الأقوى في العالم في ممارساتهم ونفاقهم من أجل تحقيق طموحاتهم الشخصية، بغض النظر على حساب من تكون، ميزة النفاق والتزلف هذه يبدو أنها أصبحت السمة الأكثر رواجا وبروزا في الولايات المتحدة الأميركية خلال السنوات الأخيرة بشكل خاص.rnrn طرح مشروع القرار هذا، وفي هذه المرحلة والتوقيت بالذات، إنما هو مؤشر خطير، ولا نستبعد أن يكون هناك في الإدارة الأميركية الحالية من يقف وراء الدفع به إلى الواجهة، وذلك لأننا نعلم بأن الرئيس الأميركي جورج بوش من أشد المعارضين لعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، وأنه من أصحاب الدعوات المتكررة لأن تكون دولة الاحتلال دولية يهودية خالصة لليهود فقط، وبدون وجود أي عنصر إنساني آخر، وهذه الدعوة بحد ذاتها فيها من الدلالات الخطيرة التي من أهمها أنها دعوة مبطنة وغير ظاهرة لكي تقوم دولة الكيان العبري بعملية تطهير عرقي أقل ما يمكن أن يمارس خلاله هو طرد العرب الفلسطينيين الموجودين فيها إلى خارج حدود – الدولة اليهودية- حتى لا نقول تطهير عرقي قد يسيل فيه الكثير من دم ابناء فلسطين الذين تمسكوا بالبقاء في أراضي عام 1948.rnrn من المعروف بأن مشروع القرار الحالي قد لا يكون ملزما للإدارة الأميركية بالتعامل به أو معه، لكن خطورته تكمن في أن لا احد بضامن أن هذا القرار لن يعرض في المستقبل على مجلسي الكونغرس لإقراره، وبالتالي تحويله إلى قرار ملزم لأي إدارة أميركية قادمة، وأن يتم ربطه بقضية حق العودة للاجئين الفلسطينيين وذلك من أجل أن يصبح هذا الحق قابلا للتفاوض عليه، خاصة في ظل وجود أنظمة عربية جاهزة للتنازل عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة والتعويض، وأنها وإن فعلت فإنها عمليا لا تخسر شيئا وأن الخاسر الوحيد وكما كانت عليه العادة والتجارب السابقة هم أبناء فلسطين. rnrn مشروع القرار يحمل في ثناياه كل صفات الخداع والنفاق حيث لم يشر القرار إلى أن اليهود الذين غادروا البلدان العربية لم يكن قسريا بقدر ما كان نتيجة تآمر الحركة الصهيونية التي فشلت في استقدام اليهود وخاصة الأوروبيين منهم، والذين فضل غالبيتهم التوجه إلى الولايات المتحدة الأميركية، ومن هنا فقد أقدمت الحركة الصهيونية على اتباع كل الوسائل غير الشرعية من أجل استقدام اليهود العرب إلى دولة الاغتصاب، فقامت بعمليات إرهاب وقتل وسفك دماء ضد اليهود في الدول العربية وخاصة في مصر والعراق من أجل ترويع هؤلاء وبث الرعب في قلوبهم، وأنهم مستهدفون من قبل العرب بعد أن قامت دولة الاغتصاب على الأرض الفلسطينية، ويمكن في هذا السياق التذكير بفضيحة لافون وما عرف في حينه بعملية سوزانا، وما قامت به عصابات الحركة الصهيونية في مصر، حيث قامت بعمليات إرهاب تمثلت في التفجيرات والقتل ضد اليهود هناك من أجل ترويعهم، وكان مثل هذا الفعل قد تم ارتكابه في العراق على أيدي عصابات صهيونية مماثلة.rnrn القضية المهمة الأخرى التي لا بد من التطرق إليها هي أنه وفي الوقت الذي تبدي أميركا كل هذا الانحياز لدولة الاغتصاب فان هنالك من يعتقد من بين "العربان" والفلسطينيين بأن بالإمكان أن تقوم الولايات المتحدة بلعب دور الوسيط النزيه، وهي التي لا تتردد ولم تفعل أبدا في الإعلان في مناسبة وغير مناسبة بأنها تعتبر أمن إسرائيل جزء لا يتجزأ من الأمن الأميركي، وأن كل ما يقوم به الشعب الفلسطيني هو إرهاب وأن لا حق بالعودة للاجئين الفلسطينيين وما إلى ذلك من سياسات صارت معروفة للقاصي والداني.rnrnالنواب اليهود لم يحاولوا التوقف أمام مسألة في غاية الأهمية ألا وهي أن هؤلاء اليهود الذين قدموا إلى فلسطين هم في معظمهم أتوا مختارين لا مكرهين، وأنهم أتوا إلى بلد آخر غير بلدهم الأصلي ووجدوا فيه بيوتا جاهزة و بنى تحتية من مدارس وشوارع وخدمات وما إلى ذلك، وأنهم لم يتحملوا أي نوع من أنواع العذاب والمعاناة التي عاناها اللاجئ الفلسطيني، كما لم يشر إلى أنه كان من حق هذا اليهودي أن يأتي إلى فلسطين وهو عمليا مغتصب لوطن آخر بينما لا يسمح لابن البلد " الفلسطيني" بممارسة هذا الحق، وأن الفلسطيني لم يذهب إلى البلد الأصلي لهذا اليهودي ليسكن مكانه أو لكي يغتصب بيته وممتلكاته.rnrn المتتبع للسياسة الأميركية في المنطقة يمكنه أن يلاحظ وبدون كثير عناء بأن لا إمكانية لأن تتغير المواقف الأميركية طالما الدول العربية تعيش حالة من الهوان والضعف كما والانقسام والتفتت عدا عن التبعية لأميركا وغير أميركا، وأن أميركا التي تحكمها عقلية "الكاوبوي" لا تؤمن بالضعف والضعيف، وأن الأمة إذا ما أرادت أن "تشب" عن الطوق الأميركي فإن عليها أن تكون أمة قوية مؤثرة ويحسب حسابها في ما يجري في العالم، لا أن تبقى على هامش التاريخ والجغرافيا والفعل كما أشار العقيد القذافي في خطابه في مؤتمر القمة العربي الذي عقد مؤخرا في العاصمة السورية ، ومن هنا فلن يكون مستغربا بالنسبة لي إذا ما تمت المصادقة في المستقبل -الذي لا أراه بعيدا- على مثل هذا القرار من قبل الكونغرس الأميركي بمجلسيه النواب والشيوخ، وأن يصبح العمل بهذا القرار جزءا لا يتجزأ من السياسة الأميركية الرسمية في المنطقة، وأن يتم "بيع" حق اللاجئ الفلسطيني مقابل ما تركه اليهودي العربي في بلده الأصلي، وأن يكون الثمن على حساب هذا اللاجئ- الفلسطيني- الذي عانى في دول " الأشقاء" العرب أكثر مما عاناه أحيانا من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي.