2
المفهوم والتطبيق
------------------
الثورة هي تغيير كامل يتفق مع مصالح العالبية العظمى من الناس في مكان وزمان محددين / تغيير يشمل النظام السياسي والعلاقات الاقتصادية والاجتماعية والرؤى الثقافية تشارك فيها كل الشرائح الانسانية بنختلف فئات المجتمع ومكوناته
اذن الثورة شيء مغاير ومختلف يغير النظام السياسي من ملكي الى جمهوري مثلا ومن وراثي الى ديمقراطي ومن كونه نظام دائم الثبات الى نظام دائم التغير
ويقلب المفاهيم الاجتماعية من الطبقية الى احترام الايدي العاملة ومن هيمنة الفرد على الجماعة الى سيطرة الجماعة على ادوات الانتاج وكل حسب اجتهاده وامكانياته بعيدا عن احساس الغني بالتعالي والفقير بالتدني - علاقات تسودها حرية الاختيار وحرية العمل وحرية الاقامة وحرية التنقل والسفر وربما تكون الحرية مقيدة بنظام اشتراكي وقد تكون حرية ليبرالية غير مقيدة او مرتبطة بهيمنة الدولة المؤمنة بالثورة كأساس للتطور التاريخي وما بين حرية مفتوحة تلتزم امام الدولة بدفع ما عليها من الضرائب
هذا ببساطه مفهوم الثورة تريد التغيير وتكون ممثلة لرغبات الاغلبية
هكذا تبدأ نظرتنا الى واقع الثورات العربية
هل كانت تبحث عن التغيير الشامل - وكيف -؟؟ وهل تمثل الاغلبية ؟؟ وهل تسعى لتقوية البلاد وتمتين وحدتها ؟؟ ام انها ثورة جماهيريتها محدودة واهدافها غير واضحة ؟؟ تلك هي النقطة الارتكاز الاولى في ما يمكن ان نصل اليه من خلال تقييمنا للثورات العربية
- هل تنطبق مغاهيم الثورة الحقيقية على الساحة المصرية :
تغيير النظام وبارادة تمثل الاغلبية
هل تم هذا الهدف في مصر ؟
واقع الحال يقول ان كل رجال النظام السابق من مبارك الى رئيس تحرير اصغر صحيفة حكومية تم تغييرهم وتحويل كل الفاسدين الى المحاكم ووضع المتهمين في السجون
اذن ما حدث في مصر تغيير ايدته الاغلبية وتم تنفيذه في اول خطوات الاصلاح التي ينشدها كل شعب ثائر ولكن التغيير فقط لا يصنع الثورة دون الاستمرار في عملية الاصلاح من اجل رفاهية الاغلبية وتلك ما يمكن ان نتوقعه ونأمل حدوثه في مصر بعد الانتخابات المقبلة في سبتمبر المقبل
هل ينطبق هذا الخط على الثورات العربية الاخرى في ليبيا وتونس واليمن وسوريا والبحرين والعراق وفلسطين ؟؟
فعلى الرغم ان الشرارة انطلقت من تونس فلا زال الفعل الثوري بطيئا ولم نشعر بالتغيير الواجب للنظام ككل بتحديد موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية او بتغيير شامل لكل الوزراء السابقين او باعتقال الفاسدين والمختلسين منهم ولم تتضح في الافق المنظور قوى قيادية لها رؤيتها الكاملة للتطوير والاصلاح لازال هناك غموض يخص المستقبل من كافة القوى والتيارات السياسية التونسية او من القوى الثورية الشبابية
هنا تكون الثورة في حركة شعبية نجحت في طرد الحاكم الفاسد لكنها لم تكمل الطريق الى التغيير الكامل للنظام - التغيير الشامل - ومن خلال قوى سياسية لها منظورها للاصلاح والتطوير والتغيير الكامل - فهل كانت ثورة في تونس ام كانت حركة شعبية تبحث عن قائد وموجه يأخذ بيد الشعب الثائر الى بداية الطريق للثورة ؟؟
وفي ليبيا الوضع يزداد غموضا وسط مواجهة عسكرية او حملة حربية تدور فيها معارك بالمدفعية والدبابات والطائرات ويتدخل قوى اجنبية من الخارج لمساندة الطرف الذي يدعي الثورة على الحاكم ومع تسليمنا بأن بقاء أي حاكم كل هذه الفترة الزمنية يعتبر دليل على تعميق الفساد بالتجهيل وبالدخل المحدود رغم الثراء النفطي
فاذا كان القذافي منتهي الصلاحية فليست قوات اوربا وامريكا البديل !!!
ولذا فاننا لا يمكننا ان نطلق على ما حدث في ليبيا مغهوم الثورة ربما كانت اقرب الى الانتفاضة المسلحة والتي تمثل جزء من الشعب الليبي وليس كل الشعب الليبي بدليل ان المعارك مستمرة والجماهير هنا وهناك موجودة تؤيد من تناصره ولا تتخلى عن رمزها على الرغم من وجود التدخل الاجنبي فلا زالت المقاومة في الطرف الاخر فاعلة وولازال حولها جماهير تؤيدها