أسباب تراجع قيمة الليرة السورية وسبل الدفاع عنها
فرض حظر على استيراد النفط السوري مما أدى إلى حرمان الخزينة من أكثر من ثلث إيراداتها وبالتالي تخفيض الموازنة العامة للدولة.
2- تراجع الصادرات غير النفطية بسبب الأزمة حيث أدت الأزمة إلى تراجع الصادرات الزراعية والصادرات الصناعية وبنسبة كبيرة وتخلي أكبر الشركاء التجاريين لسورية عن الاستيراد من سورية كدول الاتحاد الأوروبي وبعض الدول العربية.
3- زيادة الاستيراد إلى حد كبير وصل تقريباً إلى 40% عام 2011-2012.
4- انعدام الدخل المتحقق من السياحة والتي في عام 2010 كانت وارداتها "6.5" مليار دولار.
5- هناك سبب أيضاً وهو طبيعي ويحدث في جميع الدول عندما يبدأ المواطن بفقدان الثقة وعدم الشعور بالأمن وكثرة الشائعات ومع تدخل بعض الأشخاص في السوق السوداء أدى ذلك إلى حدوث مضاربات ساهمت بفقد الليرة السورية لقيمتها.
وأوضح أنه في تاريخ 1/12/2011 كان كل دولار يساوي "51" ل.س، وفي تاريخ 1/12/2012 كان كل دولار يساوي "71" ل.س، أي بعد أكثر من عام ونصف من الأزمة ووفق أسعار "مصرف سورية المركزي" زاد سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية أكثر من "39.2%" ولكن في السوق غير النظامية الآن سعر صرف الدولار يتراوح بين 85-87 ل.س وحالياً فوق 90 ل.س وتجاوز ألـ 100 ل.س أي بنسبة زيادة تجاوزت 80%، وهذا مع التأكيد على أن "المصرف المركزي" قد تدخل وبشكل فاعل للمحافظة على سعر الصرف واستخدام الاحتياطي ولولا ذلك لكن سعر الصرف قد تجاوز 100 ل.س.
وأكد عثمان أن "المصرف المركزي" لن يستطيع الاستمرار بالتدخل وخاصة أنه وفي تقديرات اقتصادية يحتاج إلى أكثر من 15 مليون دولار يومياً لإبقاء سعر الصرف كما هو، لذلك نجد أن "المصرف المركزي" يحاول كل فترة التدخل بطريقة معينة لمحاولة ضبط سعر الصرف.
ورأى عثمان أنه من ناحية أكاديمية فإن الارتفاع في سعر صرف الدولار والذي وصل إلى حدود 92 ل.س سورية بتاريخ 3/12/2012 يعود للأسباب التالية:
1- نقص في موارد الدولار الناتج من التصدير بسبب توقف بعض الحقول النفطية عن الإنتاج وبالتالي تراجع تصدير النفط، إضافة إلى الانكماش الذي أصاب بعض القطاعات الاقتصادية وتوقف عدد كبير من المعامل في شمال سورية وانكماش عائدات السياحة.
2- زيادة الطلب على الدولار نتيجة الظروف الراهنة حيث لجأت بعض العائلات إلى تسييل موجوداتها بهدف التحوط والسفر، كما زاد الطلب على القطع لتمويل استيراد وتعويض المواد الغذائية التي انخفضت قيمتها بالسوق مثل "السكر والرز والزيت والسمن........إلخ".
3- عملية تسعير الدولار في السوق السوداء كانت تتم سابقاً في محافظتي دمشق وحلب ومع توقف سوق حلب أصبح يتم التسعير فقط عن طريق دمشق مما أدى إلى مشكلة في التسعير.
4- زيادة الطلب على الدولار أوجد طبقة من المستفيدين بعد أن قامت الحكومة بطرح إمكانية الحصول على الدولار وأصبح هنالك دور للحصول على القطع أمام شركات الصرافة فقام هؤلاء المستفيدين وبادروا للحصول الدولار فازداد الازدحام وهنا المحتاج والذي لا يريد الوقوف على الدور أن يدفع زيادة للحصول على الدولار.
وأشار إلى أن جميع الأسباب السابقة توضح سبب زيادة الطلب على الدولار وارتفاع سعره ولكن وبكل وضوح لا يوجد سبب اقتصادي يمكن الركون إليه لسبب هذا الارتفاع المطرد بسعر صرف الدولار، يعني جميع هذه العوامل تؤدي إلى ارتفاع سعر صرف الدولار بالسوق ولكن لا تؤدي إلى هذه الزيادة بين يوم وآخر فمثلاً الدولار بـ24/11/2012 كان 83 ل.س فأصبح 92 ل.س وهذه الزيادة 10 ل.س فقط يمكن التعليق عليها بعملية مضاربه.
ونوه عثمان إلى أن الدور الذي يمكن للدولة أن تؤثر به هما نقطتين: أولهما العمل وفوراَ على إيجاد أسواق بديلة للصادرات السورية التي مازالت تعمل، وأعتقد أن سوق دول روسيا الاتحادية قد تشكل بديل فاعل في هذا المجال وخاصة بالنسبة لصادرات سورية من الأنسجة الصوفية والألبسة والمواد الغذائية ولعلى الاتفاقية التي تعمل "وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية" حالياً على إنجازها خطوة صحيحة في هذا المجال.
كما يمكن أن تؤثر الدولة بإعادة الثقة للمواطن السوري من خلال العمل على تخفيض أسعار المواد الغذائية حصراً وبالتالي يستطيع المواطن السوري شراء حاجياته الأساسية ويستعيد ثقته بالليرة السورية، أي لابد للحكومة من العمل على تخفيض معدلات التضخم التي وصلت إلى مرحلة قياسية حيث تجاوزت 30% مما نتج عنه ارتفاع كبير بالأسعار.
أما بالنسبة لمعالجة الارتفاع المطرد في سعر صرف الدولار فيمكن القيام بما يلي:
طلب قرض من الدول الصديقة لسورية كروسيا أو إيران ووضعه بـ"البنك المركزي" كوديعة بقيمة 3-5مليار دولار وبالتالي مجرد الموافقة على مثل هذا القرض بتقديري سيخفض سعر الدولار في السوق السورية.
كما أنه من الضروري زيادة استقلالية "المصرف المركزي" والقرارات الأخيرة للمركزي يمكن أن تساهم في الحد من ارتفاع سعر الدولار وآخرها القرار رقم"1555" ل/ أ/ القاضي بالسماح للمصارف المرخص لها التعامل بالقطع الأجنبي ببيع القطع الأجنبي للمستوردين وفق سعر الصرف المعلن من قبل "المصرف المركزي" وبما لا يتجاوز نشرة أسعار الصرف الصادرة عنه لأغراض التدخل وذلك بهدف تمكينهم من الدفع قيمة بضائعهم المستوردة، فإن هذا القرار يمكن أن يؤدي إلى تخفيض الطلب على الدولار من السوق السوداء وبالتالي قد يؤدي إلى تخفيض سعر صرف الدولار.
وختم عثمان بقولة: "إن أي أزمة مهما طالت في النهاية سوف تصل إلى مرحلة معينة و تنتهي، وإذا فقدنا في هذه المرحلة مصنعاً أو شجرة فيمكن تعويضهم ولو في مراحل لاحقة ولكن إذا فقدت الليرة السورية قيمتها وثقة المواطن فيها فإن ذلك لا يمكن تعويضه مهما كانت حجم الأموال التي ستضخ لاحقاً، لذلك أعتقد أن من واجب أي فريق اقتصادي في هذه المرحلة الحفاظ على الليرة السورية بكافة الوسائل الممكنة وعدم اللجوء إلى أي طريقة تخفض من قيمتها مثل التمويل بالعجز طبعاً حالياً لأن الليرة لا تحتاج إلى ضغوط إضافية ولنا في الدينار العراقي والليرة اللبنانية مثال واضح، فنجد في لبنان مثلاً سعر المواد يكتب بالدولار والليرة اللبنانية أي تحول الاقتصاد إلى الدولرة وهذا ما لا يحتاجه الاقتصاد السوري لا حالياً و لا مستقبلاً".