|
التدوير في شعر التفعيلة
من قلم / غالب أحمد الغول
** ** ** ** **
عندما يبدأ الشاعر في نسج قصيدته , فلم يكن في حسبانه معرفة عدد التفاعيل المتكررة التي ينبغي أن يكمل فيها المعنى ويكمل فيها تفاعيله وإيقاعه .
فقد تنتهي قصيدته ببضع تفعيلات, ولا يرصها جميعاً أو يصفّها على سطر واحد.
بل يوزعها على شكل جمل مركبة من تفعيلتن إلى أربع أو خمس حسب قناعته , وقد يكتفي بوجود تفعيلة واحدة في السطر , بشرط أن يكتب الكلمة تامة في معناها ومبناها , وليس من الضروري أن تكتمل التفعيلة بمقاطعها العروضية , لأنها ستكتمل عند القراءة المتصلة التي تربط آخر البيت بأوله, وهذا هو التدوير.
وبعد انتهاء القصيدة ومحاولة قراءتها , فإنه يحاول أن يعطي المتلقي جملاً إيقاعية كافية لقناعـة المتلقي للوصول إلى فكرة بمعانيها التامة .
وهنا لا بد من إجراء عملية الإتصال بين آخر تفعيلة أو أجزائها مع أجزاء أول تفعيلة يليها في السطر الثاني , ثم يستمر في الإلقاء إلى أن يصل إلى نهاية الجملة الإيقاعية , والتي فيها تكون الكلمة تامة والتفعيلة تامة والجملة الإيقاعية تامة أيضاً , وهذا النفس الأيقاعي قد يتكون من تفعيلتين إلى أربعة أسطر متتالية , أو أقل أو أكثر .
وهذا ما يسمى بالتدوير أيضا , إي ان الإتصال الدائري المستمر, بلفظ متكرر ومتكرر ومتكرر إلى أن تنتهي الجملة الإيقاعية التي تقنع المتلقي بالوصلة الموسيقية الإيقاعية أو اللفظية التامة .
ومن أمثلة ذلك نأخذ الأبيات الشعرية التالية لفدوى طوقان من نابلس بفلسطين
.
أحبائي @@@@@ ب ــ ــ ــ 3 2 2
مسحتُ عن الجفون ضبابة الدمعِ
الرماديهْ
ب ــ ب ب ــ/ ب ــ ب ب ــ/ ب ــ ــ
ــ /ب ــ ــ ــْ
3 2 1 1 2 / 3 1 1 2 / 3 2
2 / 3 2 2 ْ
لألقاكم
وفي عينيّ نور الحبّ
والإيمان بكمْ
بالإنسان
فواخجلي لو اني
جئتُ ألقاكمْ
نلاحظ أن الشاعرة قد أنهت كلامها بكلمة ( الدمع )
ثم أكملت المعنى في سطر مستقل , وجعلته كلمة واحدة فقط ,
ومن هنا نقول إن الجملة الإيقاعية والجملة المعنوية لا تقنع المتلقي إلا بسماع السطرين معاُ وعلى اتصال واحد , وهذا هو التدوير .
وقد تستمر القراءة لبضعة أسطر وكل بيت متصل عروضياً بالبيت الذي يليه , وكأنك إذا أردت أن تنشد البيت منفرداً, تعتقد أنه من بحر آخر , غير بحر القصيدة .
|
|