اخر من يموت

جلس الكاتب الكبير يراقب ضيوفه الأعزاء
وهم يقرأون اخر قصة كتبها بعد زواجه السعيد
..فرك يديه..التفت في كل اتجاه وتحفز لسماع
سيل هادرمن المديح..ثم لم يعد يستطيع الانتظار
فنهض إلى المطبخ ليعد القهوة بنفسه..وليعود
بعدها لسماع المديح الذي يوازي سعادته بزوجته
الجديدة..ولكنه لفرط ارتجاف يديه دلق القهوة
في المطبخ..وعاد إلى ضيوفه بلا قهوة..
وتفرس في الوجوه..كانت علائم الرضابادية
عليها..ولكن أين الدهشة؟أين الذهول؟أين
الازدهار؟سأل بقلق:هيه ..ما رأيكم؟
قال أكثر الضيوف جرأة :جميلة رقيقة..
هل هذه خاطرة..قال الكاتب ممتعضاً:
خاطرة ماذا يا أخي سامحك الله؟هذا
أدب تسجيلي رومانسي..هذه لقطة تاريخية نادرة
لأرقى مشاعر الحب..انظر إلى الصيرورة
القصصية..انظر إلى تطور الشخصيات..
قال اخر متشجعاً:إنها يا سيدي جميلة
كما قال لك الرجل وتسجيلية كما قلت سعادتك
ولكن ليس أكثر من ذلك..مجرد تجربة خاصة
في حب لا منطقي بين عجوز وشابة خلوقة..
يغيب عنها المشترك الإنساني الذي صدعت
رؤوسنا به ..وأنا لا أرى نفسي هنا أبداً أبداً..
قال الكاتب ضاحكاً ولكن بلؤم: طبعاً طبعاً
لن ترى نفسك..ولن ترى المشترك..هنا عجوز
استثنائي..انيق ولبق ووسيم..الروح ..الثقافة
تتدخل..قال أكثر الضيوف ميلا ًللشر:
يا سيدي الكريم كل ما فهمته من هذه القصة
أن هناك بطلاً يبالغ في العواطف ولا يفعل شيئاً
غير الانغماس في تضخيم خرافة الحب..
ماذا لو ماتت هذه الحبيبة؟
فجأة وضع الكاتب يده على صدره وشحب
لونه وذبلت عيناه..وهمس: تموت..مستحيل..
نهض الضيوف ونظروا إلى الكاتب بقلق
..قال أحدهم:هل نحضرلك طبيباً؟
قال اخر: أنت متعب ..يجب أن تذهب إلى
الفراش..قال الثالث:سنتركك ترتاح ياسيدي..
هيا يا جماعة..سمع صوت إغلاق الباب..
أما الكاتب فاستند إلى كرسيه وهتف:
تموت يا إلهي لماذا لم أفكر بهذا الأمر؟

مع تحيات عبدالحكيم ياسين