بسم الله الرحمن الرحيم

القلب العقل الأول

في الحقيقة شغلني هذ1 الأمر كثيراً منذ زمن بعيد – لماذا القلب
دائماً على اللسان في أغلب مناسبات الفرح أو الحزن
في الشجاعة أو الجبن قد ترى شاباً لديه من العضلات والجسم
الرياضي المتناسق مجرد أن تراه يخيفك من مظهر القوة الذي
تراه فيه وفجأة يصدم تفكيرك عندما ترى شاباً آخر يطلق عليه
باللغة الدارجة صعلوك ينتصر عليه بمشاجرة وتراه واقفاً


يتلقى الضرب من هذا الصعلوك وهو لا يحرك ساكناً ويحاول الهروب أو الاستغاثة
ولو تجرأ لحظة وضربه بقوته العضلية ضربة واحدة لهزمه
ولكنه لا يستطيع رفع يده لأن أعصابه قيدها الخوف والرعب
وعندما تتساءل كيف أن هذا الشاب الرياضي تراه يضرب
أثناء التمرين جماداً بقوة ثلاثة رجال فيرميه أرضاً

فتقول الجملة المشهورة دائماً في هذا المجال قلبه خراب
هذا القلب الجبان دمر القوة كاملة عند هذا الشاب


وترى المحب يخط بقلمه كلمات يكرر مشاعره بمعاني مختلفة
مستخدماً القلب كمادة شعرية أو مادة نثرية وعندما يريد
التحدث عن الواقع يقول قذفت بعقلي خارج أسطري
وتراك جالساً بأمان وعند سماعك لخبر مخيف تشعر أن قلبك
قد سقط من مكانه وهرب عقلك مختفياً تتقاذفه ألسنة الناس يميناً وشمالاً
وتراك عندما تسمع خبراً ساراً تشعر أن قلبك يقفز وكأنه خارج قفصه
لا يمتلكه فضاء ولا يدركه عقل

هل فعلاً القلب عضلة كما يصفها لنا الأطباء تؤدي وظيفة
عضوية في الجسم كما يؤدي الكبد وظيفته أو الطحال أو الكلى
هل سمعتم بأن عاشقاً يمسك كليته ويخاطب حبيبه قائلاً
يا كليتي الحبيبة
– أم يا قلبي الحبيب


كثيراً ما نرى ونسمع أن الموت الدماغي والقلب يعمل وممكن أن
يبقى سنين ميت والقلب يحفظه من العفونة وقد تابعت كثير من حالات أصيبت
بجلطة قلبية وبعد مرور وقت من الإصابة أجد أن هذا المريض
قد بدأ يحس بضعف في ذاكرته ونسيان متكرر كنت أعزي الأمر
إلى استخدام الدواء الكيمائي حيث يقوم بالتأثير على الذاكرة
إلى أن علمت من خلال التقارير الطبية الأخيرة أن القلب كما
ذكرت يحمل خلايا دماغية عندها أيقنت أن تلك الخلايا
أصيبت أثناء الإصابة القلبية ولم تتجدد شأنها شأن من أصيب بجلطة
دماغية وتأثرت ذاكرته –

ونأتي إلى الخطاب الديني فهناك الكثير من الآيات القرآنية
التي تخاطب الناس بقول الله عز وجل – يا أولي الألباب
كثيرا أي العقول وتارة تجد الخطاب موجها إلى القلوب
في كثير من المواقع
وسأكتفي بذكر هذه الآية الكريمة التي تضعنا أمام أمر يحتاج
لوقفة تأني وتفكير في المعنى
يقول الله عزوجل في سورة محمد الآية رقم 24
أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها
صدق الله العظيم
هنا ربط واضح وصريح أن القلب فيه موقع للتفكير
ومن ثم بعد هذه المقدمة أنتقل إلى المفاجأة التي أراحت بالي
كثيراً عندما كنت أجلس أمام شاشة التلفاز في العام الماضي
لتبدأ الحقيقة تظهر وبشكل علمي وقطعي

لا يقبل الشك أن القلب هو العقل الثاني بل أصبح الجدل قائماً
أنه العقل الأول


في الفترة الأخيرة وبعد تقدم الطب وأصبحت عملية زرع الأعضاء
واقعاً أمام أعيننا رأينا أشخاصاً أجريت معهم مقابلات بعد استبدال
قلوبهم العليلة بقلوب سليمة من المتبرعين نتيجة حوادث مرورية
قاتلة توفي أصحابها دماغياً فتبرع أهل الشخص بالأعضاء للمرضى
وما حدث لمن حصل على قلب من متبرع أن حياته تغيرت

وأصبحت لديه اهتمامات لم يكن في السابق ليعيرها أي اهتما م
أحدهم أصبحت هوايته تسلق الجبال

والآخر أصبح يحب الموسيقى ويعزف على آلة موسيقية وقبل
ذلك لم يكن يحب سماع الموسيقى ولا يهتم بها وآخرون وهم كثر
تغيرت طبائع حياتهم من كسل إلى نشاط والعكس موجود

وعندما ظهرت هذه الأمور وأصبحت أسئلة كثيرة بحاجة للإجابة عنها
بدأ الباحثون بتقصي الحقيقة فكل من استبدل له قلب ذهبوا إلى أهل المتبرع
ليتعرفوا على اهتمات المتبرع فوجدوها تتطابق تماماً مع الشخص الذي استفاد القلب منه

وهكذا توسع البحث ليبدأ العمل التشريحي يأخذ بحثاً علمياً جديداً ليصل أخيراً
أن القلب يفكر ولديه خلايا عصبية هي نفس خلايا الدماغ
ليدخل الآن هذا الاكتشاف عالمه الجديد في تطوير البحث من خلال الاستمرار في المنطق العلمي
والبحوث المستمرة ليصل إلى صيغة نهائية وقريباً سترى النور بإذن الله
وسيكون عنوان صريح عقل القلب أو قلب العقل