السلام عليكم
اتقدم بشكري وتقديري للكاتب

حسن غريب احمد والذي وافقت على نقده لمجموعتي القصصية الاولى
والذي نشرها عبر مواقعه مشكورا (بامكانكم مراجعتها من خلال الروابط الموجودة في فهرس الموضيع في هذا القسم)

واشكر لك نشرها عبر معظم المواقع الادبية وتضمينه لها رسالته للدكتوراه




واقدم دراسته هنا رغم اني اعتبر نفسي جديدة في المجال القصصي....
للحصول على المجموعة راجعوا دار الفكر -سوريا)


الدراسة

دراسة نقدية
بقلم / حسن غريب احمد
المشهد الجمالى و ذائقة السر الفنى
فى
مجموعة (( امرأة فى الظل )) القصصية
للقاصة السورية ( ام فراس )



- بالرغم من ان القصة القصيرة كونها فناً مستحدثاُ على خريطة الفنون العالمية ، و فناً مازال وليداً بالقياس إلى الشعر العربي ، فإن القصة القصيرة لها مكانة على درجة عالية من الأهمية ، و ربما يكون سبب ذلك هو الارتباط بتراث عريض من الحكى ، جعل من العربية أحد أهم روافد فنون القص ، لاسيما إذا أخذنا فى الاعتبار ألف ليلة و ليلة ، و هو الأمر الذى يوحى بتواجد خاص للسر فى الذائقة العربية ذلك التواجد الذى سمح لهذا الشكل الغربي بالنمو السريع فى المشهد الأدبى السوري فى البداية ، و من ثم العربي ، و ربما ساعد الظرف السياسي و الاجتماعى فى وجود هذا النوع على وجه الخصوص ، و فى نموه على هذا النحو 0
- فالقصة القصيرة هى ذلك الفن الذي يزدهر عند اشتداد الأزمات 0 ربما كان من الواجب قبل الشروع فى النظر إلى ما بين أيدينا من قصص للقاصة السورية " ريما الخانى " فى مجموعتها " امرأة فى الظل " أن ابدأ بمثل هذه التوطئة ، لاسيما إذا لاحظت العديد من السمات التى ربما يبدو أهمها اللجوء بالقصة إلى صياغة خطابات رمزية تعلى من قيم ما فوق الواقع ، و ما وراء الواقع ، ليصير فى الغيب رمزاً لأزمة الواقع الذى يعيشه الشخصيات 0
- و إذا كانت القصة فى سورية الشقيقة تنبع من هذا الواقع ، فإن اختلاف الهويات المحلية لأجزاء القاصة " ريما الخانى : فى مجموعتها القصصية " امرأة فى الظل " و التى ليس لها جهة محددة للإصدار و لا حتى عام النشر0 إلا أن ذلك لم يخلق فارقاً كبيراً بين الأصوات السردية فى قصصها ، تلك الأصوات التى توحدت على أزمة مجتمعية واحدة ، حاولت القاصة ام فراس مواجهتها بالنص القصصي ، كما حاولت التعبير عن أزمتها التى استحكمت و حتى و لو اختلفت الأشكال و الصور التعبيرية فى بعض نصوصها ، إلا أن آليات البناء السردى ستعيد لهذه النصوص من ناحيتها معبرة عن خطاب اجتماعى ، تعلو فيه السمات التعبيرية ، و إن نحت نحو التجريب 0
- ومن هنا يمكن لنا ، عبر اختيار مجموعة " امرأة فى الظل " للقاصة " ريما الخانى " أن نلج هذا النطاق الجغرافي لمفرداتها و استحكاماتها الفنية و نلاحظ بعضا من سمات الخطاب القصصي السوري المعاصر

أولا :: الفانتاستيكى فى مواجهة الواقع ::

- تبدو القصة القصيرة فى المشهد الراهن الفن الأكثر قدرة على اختزال العالم ، أو على الأقل اختزال خطاب القاصة و رؤيتها تجاه هذا العالم ، و لهذا فإن لوجود الخيال فيها دوراً على قدر عال من الأهمية على مستويات متعددة ، و هو الأمر الذى يفتح الباب لملاحظة ذلك الجنوح الفانتازى الواضح لدى ريما الخانى و التى تهتم بعالم الواقعية الممزوج أحيانا ببعض الخيال و لعل أبرزها المتوالية القصصية " امرأة فى الظل " للقاصية السورية ام فراس0
- و هى تلك المجموعة القصية المتصلة المنفصلة من إحدى دور النشر السورية و التى يتوحد فيها صوت الراوى على مدار قصصها ، و يتوحد فيها الخطاب و الجو العام 0
- تحاول " ام فراس " فى قصصها ان تقيم علاقة جدلية مع وراء الواقع متى تبدو الطاقة الكاملة فى الأشياء هى المحرك الأساسي لوعى البطلة – الراوية – قصة " باب الخزانة " ص 6 السيدة التى تبدو خيالها مسوغاً للنفاذ إلى حقيقة الأشياء التى لا نعرفها سوى خيالها المحكم مع كونه ممتزج مع أسرار عاملتها 0
- ص7 : " فعلا كيف حصل ذلك و لم تشعر بالوقت ؟ كانت تحتال على الساعات و هى تختال عليها "
- و هو ما يبدو جليَّا ابتداء من الإهداء إلى من خلقنا وحضنا على تحصيل العلم ---- و إلى من علمتنى الحب فى الله – إلى من أحسنا تربيتى و إلى زوجى و اولادى – و إلى كل من علمنى حرفاً -- إلى إخوتى و كل من أحبنى فى الله --- أهدى هذه البضعة المتواضعة من نفسى
- و تستخدم " ريما الخانى " المشاهد الفانتاستيكيه ، لا بوصفها قاعدة فى التعامل مع علمها القصصى و لكن على اعتبار كونها نقاط تحول فارقة فى حياة أبطالها ، تلك النقاط التى عاينتها كل مرة واحدة فى حياتها فرأت ما لم يكن يرى من قبل ، و هموما يمكن أن نلمح مثالاُ له فى قصة " إصرار " ص 10 ، حيث أن هذه المرأة ذهبت إلى المعرض عدة مرات و اشتمت رائحة الورق على كتب تحبها – و قد رافقت المرأة سيدة عجوز فى ترتيب المكتبة لها و ترسل لها دائماً – و هى تراها أحلى المكتبات 0
- و بالصورة ذاتها نجد القاصة " ام فراس " قد اختارات أماكن قصصها بعناية لتكون قريبة من الطبيعة البكر ، حيث المكتبة ، المعرض ، المنزل ، الطرقات 0
- حيث الرؤية لم تغشها بعد غشاوات الحضارة ، لم تحجب – بعد – إمكانية الرؤية النافذة إلى العمق ، و حيث تبدو آثار دورة الزمن واضحة على فكرتها عن دورة الحياة لتبدو القيمة المحركة للأحداث هى قيمة الحب و قدرته على انتشال الإنسان من مصيره المحتوم ، مع تأكيد الساردة على وقوع هذه الأحداث بالفعل 0
- " تراءت لى عندها سيدة متقدمة فى السن تحمل كتبا كثيرة تتدحرج بإنهاك تبحث عن مركبة تقلها إلى منزلها
- عندها قال لى زوجى بنكته :
- هذه أنت عندما تشترى غداً لأولادك و أحفادك – أريد ذاك الكتاب أين اختفى ؟ " ص 11
- إنها بالفعل لعبة سردية تواترت فى العديد من نصوصها ، و هى اللعبة التى جمعت بين القيمة الروحامنتيكية فى التوحيد بالطبيعة ، و قوة الحب ، و بين القيمة الواقعية فى التأكيد التغريبي على وجود السارد داخل النص لكنها فى مزجها هذا وطئت ذلك العالم المسكوت عنه ، أو المتحدث عنه همساً فى الثقافة : " رتبت مكتبتى و أنا اعتقد اننى تناسيت ، و رتب تلك الجوار و إنا أظن اننى تجاهلت "
- إن القاصة ريما الخانى لم تخلق عالماً عجيباً فى حد ذاته بقدر ما تكمل الرؤية من جوانبها كافة و هو ما يمكن أن نعده تأثراً بالاقتراب من الطبيعة ، و هو الأمر الذى يمكن أن نلمح له مثالا مرة فى التراث القصصي العربي الذى يبدو تأثيره واضحاً ها هنا – مرة أخرى فى العديد من النصوص القصصية الأخرى 0
- و على جانب آخر من هذا الاستخدام ، يبدو العالم ما وراء الطبيعة وجوده الواضح و لكن هذه المرة بالصورة التى تجعل من هذا العالم نواة للواقع المعاش ، و ذلك حين تتناص القاصة مع نفسها ، لتخلق من عوالم شخصيات قصصها السابقة عالماً واحداً يجمعها ، و يحمل فى طياته سمات الخطاب و الأسلوب الذى تتكئ عليه القاصة 0
- وتبقى الفكرة و الأسلوب الفنى السردى الجميل رغم أنها مجموعتها القصصية الأولى – إلا إنها " ام فراس " تركت أولى خطواتها فى عالم القصة القصيرة و التى حتما ستثبت وجودها بين كاتباتنا العرب الفضلوات برائحتها و نكهتها التى ستميزها بسمات تميزها عن غيرها 0