السلام عليكم
الشكر الجزيل لكل من شارك في مسابقة الفرسان لشهر رمضان لعام:2009/1430

قد اتتنا نصوصا كثيرة في مجالي القصة والشعر عدا النقد فقد كانت المشاركة يتيمة واحدة
ونلفت النظر الى ان كل من شارك بأكثر من نمط أدبي أخذ منه الأفضل ونمط أدبي واحد لأن من شروط المسابقة الاشتراك بنمط أدبي واحد فعذرا من الجميع.
مبارك للفائز في جائزة النقد:
ولانها كانت فعلا تستحق وجهد قيم فقد كانت الجائزة يتيمة ايضا لصاحب النص النقدي التالي:علما بان النشر سيتم دون اعلان هوية صاحب النص في الفنون الادبية الاخرى

______________________________
صمت أوجاع طبيب شاعر
(ومضة نقدية كمقدمة لديوان الشاعرالدكتور/إبراهيم أبوزيد)
تقديم:
قد تُطرحُ عدة ُدواوين( كما يسميها مُصدِ رُها) بين يدى ناقد،وقبل أن تنتهى نظرته الأولى التى يلقيهاعليها،يقطع برأيه قائلا:هذه ليست دواوين،وما تحتويه ليس بشعر وصاحبها دعىٌ!.
وقد يتناول لشخص آخر بيتا يتيماأو نتفة أو قطعة أو قصيدة واحدة ، تفيض منه أو منها جماليات الشعر الناطقة بموهبة صاحبها !.
فأين موقف الطبيب من (صمت الأوجاع) التى شخّصها؟؟.
لقد استعجل قراءتى وكنت أماطل وهذه المماطلة عادتى - و لم أبتاعها كما يقول المثل-
لسبب رئيس هوأن النص النقدى سلاح ذو حدين فهو قبل أن يحسب للناقد كنص مواز لها يحمل متاعها الجمالى، يحسب عليه أولا مظهرا سماته النقدية:
هل هوناقد موضوعى يعتمد على التحليل المنهجى لاعلى التشريح– كما قال ذلك الدكتور/نبيل راغب فى مقدمة كتابه (النقد الفنى) - وغير متحيّز لمدرسة نقدية بعينها فالتحيز إلى المدرسة السيكولوجية مثلا يخدم علم النفس ولايخدم النص ، والتحيّز إلى المدرسة الإنطباعية يجعل من إنطباعات الناقد حائلا بين المتلقى والنص....ألخ(1) .
و قال بذلك الدكتور/ رشاد رشدى فى آخر كتابه(ما الأدب) حيث تناول المدارس النقدية(2).
ومن ثم فقد كبح جماح انطباعه الشخصى حتى لا ينسب إلى خريجى المدرسة الإنطباعية؟، كما لم يتوغل فى تحليل النص سيكولوجيافيخدم علم النفس أكثر من خدمته للنص!. لأنه لم يكن موضوعيا ووضع جداراعازلا بينه وبين النص فى بدء نقده؟.
وهل يحكم بالعدل فى منطوق قراره فلا يظلم النص وصاحبه، ولا يسرف فى المدح بل يعطى الحق فقط وهنا أنوه لخطر داهم يهجم عبر التزيد فى المدح- لايفطن إليه الكثر من النقاد وهوأمر شديد الخطورة، والأخطر منه تزيدهم المتعمد فى مدح الممدوح صاحب النص رغم أن موهبته وليدة الأمس القريب ولم تصقل بعد بأكثرمما يستحق وهذا الخطرهو تكبره فتأخذه العزة بالإثم ويجلس على كرسى الإمارة عنوة ثم يأتيه نقاد عدول يسحبون الكرسى من تحته فيقع من فضاءات الإنترنت العالية فيسقط من ثقوب الويب(الشبكة العنكبوتية) على أم رأسه مذبوحا بسيف الحق ولا يسّمى عليه أحد ومن ثم ينطبق على المثل القائل:" من مدحنى فقد ذبحنى"؟.
سأ ّردُ على السؤال السابق- على قدر مُكنتى- فى صورة ومضات نقدية مُكتنزة على النحو التالى:-
العنوان:
(صمت الأوجاع):
قبل الحديث عن العنوان بعد رؤيته فى ضوء الومضة النقدية الأولى تجدر الإشارة إلى أنه ليس فى الإمكان تفسير العمـل الفنى تفسيرا جامعا مانعا شاملا(1مكرر)حيث قال رولان بارت فى كتابه" النقد والحقيقة" :مهما ذهب النقد فـى تفسير العمل الفنى فإنه يحتفظ دائما بسر كامن فى أعماقه ،وأحيانا تؤدى محاولة الكشف عن هـذا السرإلى تجريد العمل الفنى من إمكانية إضافة جديدة ،ولذلك ستظل فكرة الإلهام كامنة فيه وبالتالى قادرة على مواكبة تاريخ الأدب الإنسانى مهما واجهت مـن محاولات لدحضها تماما أو لتصويرها على أنها شطحات جنونية.
*- أرى هذا العنوان حديثا تخطى به الشاعـر جماليات القصيدة الكلاسيكية التقليدية القديمة فى بنية العنوان حيث أنه ليس مأخوذ ا من نسيج القصيدة كقطعة وا حدة كماكان متبعا فى الماضى فقد نمنم الشاعر العنوان من هنا وهناك .
*- ويتكون مـن مفردتين هما الصمت وهو وإن كان من أثار الكائن المتكلم الإنسان الحى الناطق الموجود(المادى) إلا أنه معنوى فى ذاته عكس البوح الذى قد يجسد فى ورقة أو شريط أو سى دى،والأوجاع وهى معنوية بطبيعتها ليست لها جرم ملموس يسأل عنها المريض فيقول جمسى كله يوجعنى رغم أن الجرح محدد المكان، ورغم تأؤهه بين لحظة وأخرى!.
*- ومن يتضح الجمع بين الشئ ونيقضه بالعنوان ،إذ أن الصمت وآهات التوجع من مدركات الحاسة الواحدة وهى اللسان حاسة التذوق الأدبى الكلام وضده وتقريب مدركات الحاسة الواحدة (3) بعضها من بعض يجعل وجود أحدهما ينفى وجود الآخر ومع ذلك لا تجد الشاعر حرجا أن تجمع بينهما للإيحاء بأن عالم الحس عنده قد بلغ من التجريد درجة يستشف فيها النقيض مـن النقيض وتلك ذروة التجريد.
وتكررت تلك اللمحة الجمالية بالقصائد داخل الديوان لكى يأتى الشاعر بالمعادل الموضوعى(الرمز) الحامل لخياله وإحساسه الشخصى.
*- كما أنه عنوا نٌ يتجادل مع البنية النصية(4)جدلا فنيا موفقا قائما على التعدد فـى المعنى والتخالف فى الدلالة بمعنى أنه أى العنوان يمثل نصا صغيرا موازيا للنص الأصلى قادرا علــى التكثيف والتركيز واستقطار جوهر النص فيما يعرف بمصطلح "بيت القصيد" .
*- كماأنه عنوان صادم بعث الدهشة والحيرة:
هل هو صمت الحبيب عن التأؤه من أوجاع تسببها الحبيبة له،ومفاده ابتلاعه لزلط الحبيب عن طيب خاطره المحب ولايعتبره بل ولا يتمنى إعتباره غلطا !!،ومن ثم يتحول بقدرة العواطف الصادقة الجياشة إلى حالة من الصبر الجميل الذى لا شكوى فيه وهذا شأن المحبين بصدق وأراه كذلك؟!.
أم هو صمت عن التأؤه خشية شماتةلائم؟!.
أم هو صمت المستسلم المغلوب على أمره؟!.
أم هو صمت المتسامح فى حقه إعمالا للمثل" لا توجد حلاوة من غير نار"؟!. أم.....ألخ.
عموما أراها صدمةإبداعية تعمدها الشاعر وهو قادر على ذلك، صدمة عطرية
يضوع شذاها بعطور طلاقة التلقى رسمها الشاعر بالكلمات فى لوحة جميلة بخبرته فى مجال الأشعة التشخيصية متعمدا ألا تكون واضحة المعالم وإن لم يكن ذلك مقبولا فى المجال العلاجى فهومرغوب في المجال الأبداعى لتبقى الطلاقة فى التلقى معطارة للديوان كله ورغم تلك الطلاقة فأننى أرى أن الناقد المحب للخير كالباحث عـن الأحجـار النفيسة ، والمعادن الغالية فى جبل النص الغنى بها كلما حفر فى جسد النص وجد منها الكثير ، وقد يأتى من بعده من أفاض الله عليه من علمه وأنواره مـن يكتشف ملامح جمالية جديدة مستكنة فـى الأعماق، لأنه ليس فى الإمكان تفسير العمـل الفنى تفسيرا جامعا مانعا شاملا.
كما قال رولان بارت فى البند رقم(1مكرر)".
الجنسية الأدبية فى هـُويّة للشاعر:
شاعرنا سكندرى المولد صادق البحر ومايزال فاستهوته السباحة فيه،ومن ثم فلا غرابة فى أن نراه ممتطيا صهوة البحور الخليلية ممسكا بلجامها داخل الديوان الذى يحتضن 35قصيدة منها12على وزن متقارب و10على وزن الكامل،وتوجدباقى القصائد على وزن بحور الرمل والمتدارك والمجتث...ألخ.
وقد أراد إستعراض عضلاته الشعرية أمام أهل الشعر الحر فتمرد فى قصيدتين على الشكل الكلاسيكى ليقول لهم من يكتب الكلاسيكى يستطيع أن يكتب الحر.
فى هذا الديوان الغزلى الذى قد يوحى لقارئه بأن الشاعر لم يكتب إلا فى الغزل رغم تنوع إنتاجه فى الفصحى والعامية الزجلية الموزونه فى الغزل والوطنية فقد أصدر ثلاثة دواوين من قبل وتبقى هذا و (لا .. صرخة بالعامية المصرية).
التقاليد الأدبية والنبوغ الفردى:
تطرق الدكتور/ رشاد رشدى فى آخر كتابه(ما الأدب)(2مكرر) لمدرسة النقد الجديد تكلم عن نظرية(التقاليد والنبوغ الفردى)التى نادىبها أحد قادة الأدب الإنجليزى/توماس إستيرن إليوت - أكد ما جاء بكتاب(النقد الفنى) السابق ذكره – حيث قال أن
التحليل لبناء ونسيج العمل الأدبى هوالوسيلة للوصول إلى الهدف وهو رؤيته من الداخل دون أن يخرجنا عنه مع المقارنة بين القديم والجديد توصلا إلى التقاليد الأدبية التى ينتمى اليها الكاتب وماذا أضاف اليها مع الإيمان بالدقة بدلا من الإبهام وبالتجسيم بدلا من التجريد وبالتصوير بدلا من التقرير وبالرمز بدلا من الإفصاح.
لم يرتد الشاعر- كباقى الهاربين عجزا إلى أحضان الشعر الحرأو النثر- بل بقى تحت مظلة جده الخليل، كما لم يتناس كلاسيكية أجداده المبدعين، حيث أستنشق عبقا نزاريا فى بعض القصائد مع الفارق فى مجال الغزل فشاعرنا ملتزم عفيف لم يتعرض
للمرأة تعرض المجاهر بالفسق ولم يجردها من ملابسها ليرسم صورتة ماجنة يرى المراهقون والمراهقات فيها عباءة من جلدهن أو أهراما من الحلمات ، فباتت ألفاظه بريئة طاهرة،ورغم اتباعه لأجداده لم يقع فيما وقع فيه بعضهم،أو يقع فيه رفقاء الدرب الشعرى الآن من فخر لغوى يعتمد الكلمات الغريبة ظنا منهم أن ذلك المسلك سيجعل لهم قاموسا شعريا خاصا بهم رغم احتياج قرائهم إلى العديد من القواميس لفك شفرات نصوصهم التى باتت كالكتابة فى أوراق العمل الذى يكتبها الدجال لمريض واهم ولم يعلموا أن غرابة اللفظ تتقطع حبل التلقى وتضع المتلقى فى متاهات اللغة، بسبب تشفيرهم المخل وترميزهم الممل.
ولم يعلمواأن السياق الدلالى اللغوىوترابط الكلمات فيه على هيئات معينة هو الذى يخلق المعنى وبتبديل مواقع الألفاظ تقديما وتأخير على سبيل المثال لا الحصر يعطى معانى جديدة مع عدم الإخلال بالميزان الشعرى أو القواعد النحويةوفتنوا بمصطلحات الأنزياح المدمر لتك القواعد تحت شعار الحداثة الزائف...ألخ.
خاتمة:
أختم إطلالتى بأجمل ما قرأت فى:"حوار دار بين ديف المديرالمسؤل عن المحتوى والتسويق فى موقع باولزعلى الإنترنت وبين بيلى كولينز أميرالشعراء الأمريكيين على مدى دورتين متتاليتين انتهيتافى عام 2003وهو من أنصار الفن للحياة كان هدفه الخروج بالشعر الى الشارع والأندية والمصاعد والفنادق فى مشروع لا يجرؤ عليه إلا شاعر أدرك لذةالتفاعل مع ذلك الكائن الحى الذى أصبح شبه منقرض فى العالم كله بدرجات متفاوتة وهو قارئ الشعر ،وقال إن الشعر الذى يطالب قارئه بكثير من المطالب المفاهيميه والعقلية واللغوية ليس إلا انعاسكا لآداب متردية،وهو فى الحقيقة لا يولى القارئ اهتماما يذكر.
وقال: عن نفسى أشعرأنى أحاول ان أكون مؤدبا على الأقل فى مطلع القصيدة.
وقال : من يكتب شعرا صعبا فهو شاعر قليل الأ دب(5)".
=======================
المراجع والهوامش:
(1)- د.نبيل راغب - عناصر البلاغة الأدبية – مكتبة الأسرة 2003
(2)- د.رشاد رشدى- ما الأدب.
(3)- د. محمد فتوح أحمد – الحداثة الشعرية من منظور رمزى -1991
(4)- د. أيمن تعيلب- شعرية العنوان فى الخطاب الشعرىالمعاصربحث فى مؤتمر أدباء إقليم شرق الدلتا الثقافى، ومهرجان إبداع الأدبى الثالث بقصر ثقافة بلبيس شرقية .
(1)مكرر- د.نبيل راغب - عناصر البلاغة الأدبية – مكتبة الأسرة 2003
(2)مكرر- د.رشاد رشدى- ما الأدب المرجع السابق.
(5)- حوار بجريدة أخبار الأدب المصرية فى 4/4/2004

نرجو التواصل للاتفاق على الارسال