السلام عليكم
قلعة القدس ام ماسمي فيما بعد خطا/قلعة النبي داوود:
http://www.google.com/search?client=gmail&rls=gm&q=%D9%82%D9%84%D8%B9%D8 %A9%20%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AF%D8%B3
المصدر: القدس- مؤسسة فلسطين للثقافة
تقع قلعة القدس، في الجهة الشمالية الغربية للبلدة القديمة، داخل باب الخليل، وهي تعتبر من أهمّ معالم مدينة القدس، يُطلق عليها اسم (القلعة) أو (قلعة باب الخليل)، ويسمّيها الصهاينة قلعة داود، وهو اسم حديثٌ لها، أطلق عليها في أواخر العهد العثماني، من قبل جماعات غربية.
وتعود القلعة إلى القرن الثاني قبل الميلاد، ولكن يعتبر مؤسس القلعة الفعلي أو الذي أضاف إليها الكثير، هيرودس، الحاكم العربي الأدومي لولاية فلسطين الرومانية، وما زالت الأبراج التي تعود لفترته شامخة حتى الآن.
ولم يكنْ اختيار مكان القلعة، اعتباطاً، فالقدس المحصّنة بموانع طبيعة من عدة جهات، تفتقر إلى ذلك في جهتها الشمالية الغربية.
والآن حول الكيان الصهيوني هذه القلعة الشامخة إلى متحف أسماه (متحف قلعة داود لتاريخ القدس)، حيث يتم تقديم تاريخ المدينة المقدسة، عبر أحدث الوسائل الإلكترونية من وجهة نظر أيديولوجية صهيونية.
وتعتبر القلعة المهيبة، نقطة التقاء بين بلدة القدس القديمة، والمدينة الحديثة التي تمددت خارج الأسوار، وأبرز معالم القلعة هي مئذنة مسجد القلعة، التي أضيفت في زمن السلطان سليمان القانوني، وتحديداً في عام 1310م.
وتكتسب هذه المئذنة، التي لا يرفع منها الآذان الآن، مكانة رمزية كبيرة، لا يستطع إغفالها أحد، حتى إدارة المتحف داخل القلعة فإنها تشير في الكتيب التعريفي بالمتحف بأنّ القلعة "عبر مئذنتها الشامخة هي رمز الحنين والشوق لهذه المدينة المقدسة، بهذا المكان تواصلت الحياة خلال آلاف السنين. من فوق برج هذا الحصن المنيع تنبسط أمامك المدينة بشرقها وغربها, بماضيها وحاضرها كأنها لوحة مرسومة بيدي أمهر الفنانين. وهنا حقا تبدأ القدس".
وتتميز القلعة، التي يحيط بها خندق كبير، بأنها تطل على البلدة القديمة من أعلى نقطة في البلدة، ومنذ القرن الثاني قبل الميلاد والقلعة تقف بوجه الغزاة مدافعة عن القدس.
وبسبب أهميتها ولكونها رمزاً لمدينة القدس منذ مئات السنين، اهتم كلّ حاكم بتحصينها وتجديد بنائها لكي يتفوق على من سبقه وليجعلها مفخرة له.
ويوجد الآن في ساحة القلعة أقدم آثارها، وهي عبارة عن سورٍ وبرجين والتي كوّنتْ على ما يبدو حدّ المدينة الغربي في الفترة اليونانية.
وكذلك تتناثر المئات من حجارة المنجنيق، ورؤوس الأسهم وحجارة القذف، والتي يرجّح أنها تعود لفترة الحصار الذي ضربه أنطيوخوس الرابع الحاكم اليوناني السلوقي على عاصمة هوركانيوس الأول سنة 132 قبل الميلاد.
لقد بدأ العمل في بناء القلعة في العصر الهيليني ولكن ليس هناك من حاكم عمّر وأظهر تقديراً لمدينة القدس أكثر من هيرودوس، أحد البنّائين العِظام في تاريخ فلسطين، وهذه القلعة أكبر رمز على عظمة وفخامة مبانيه. فهو الذي حصّنها وبنى ثلاثة أبراج عظيمة سماها على اسم أخيه: فصايل، وأعز أصدقائه: هيبوكوس، وزوجته: مريم.
وأعظم هذه الأبراج هو البرج الشمالي الشرقي الذي يحاول الصهاينة تقديمه باسم (برج داود) ولكنهم فشلوا حتى الآن في تثبيت هذا الاسم، حيث ما زال الباحثون والزوار الأجانب يعرفونه ببرج فصايل (Phasael).
وكشفت حفريات جديدة عن بقايا حريق، وقطع من الكساء الأبيض لأسقف الغرف وكذلك قطع قرميد وقطع من أنابيب مياه من الفخار التي تحمل شعار الفيلق الروماني العاشر.
ومع تأسيس الإمبراطورية البيزنطية، في القرن الرابع للميلاد وتحوّل القدس لمركز جذب للحجاج المسيحيين، يسود الاعتقاد بأنّ القلعة لم تستخدمْ كحصنٍ عسكري فقط، وإنما، وجدت مجموعات من الرهبان مسكنا لها، في أجزاء منها، وعاش الرهبان في حجيرات صغيرة، البعض منها أرضيته من الفسيفساء الأبيض الخشن.
وبعد الفتح الإسلامي للقدس سنة 638م، اهتمّ الفاتحون الجدد بالقلعة، وكشفت حفريات أجريت قبل سنوات، عن قلعة أصغر من الحالية، ما زالت بقاياها تظهر في ساحة القلعة.
وتعود هذه القلعة الصغيرة إلى عهد الأمويين، واحتوت على أبراج دائرية، منها برج مستدير كان في زاويتها وآثاره ما تزال واضحة في جنوب الساحة الداخلية للقلعة الحالية.
وبعد الاحتلال الصليبي أطلق على القلعة اسم (برج أهل بيزا)، ويعتقد أنّ السبب يكمن في منح القائد الصليبي الذي احتل القدس وهو جودفري البويني، القلعة لبطريرك المدينة دايمبوت البيزي، أي من بيزا.
ومنذ سنة 1118م بدأت القلعة تُستخدم كمقرٍّ لملوك القدس الصليبية، ومن هذه الفترة تبقّت آثار قليلة فقط منها الخندق والحائط الشرقي المائل في الجزء الشرقي.
أمّا القلعة بشكلها الحالي، فهي إسلامية الطابع، وليست هي قلعة هيرودوس وليست قلعة الصليبيين، ويقرّ بذلك علماء الآثار الصهاينة الذين نقبوا في الموقع، وفي الكتيب التعريفي الذي أصدروه عن القلعة يذكرون بأنّ القلعة بشكلها الحالي "إنما هي المثل الحي على مبادرة حكام القدس الأيوبيين والمماليك، فقد بدأ الأيوبيون أمثال الملك المعظّم عيسى بن أيوب ببنائها وترميمها بعد انتهاء الحروب الصليبية ولكن وبما أنها الحصن الوحيد الذي بقي في القدس قام المماليك بإصلاحها وترميمها في القرنين الثالث والرابع عشر".
وأكثر شيءٍ يمكن أنْ يثير المشاعر في القلعة هي الرقوم (النقوش) الإسلامية المنتشرة فيها، وتدلّ على تاريخها التليد، ومن بينها الرقوم التي تعود إلى السلطان المملوكي ناصر الدين محمد بن قلاوون، وهو الذي بنى القلعة بشكلها الحالي، بأسوارها وأبراجها، ومسجدها ويوجد نقش يشير إلى أنّ ذلك تمّ في عام 1531م.
ومن آثار قلاوون أيضاً قاعات القلعة وجِسرها المتحرك، ويربط هذا الجسر بين بوابة القلعة المهيبة وأبوابها الداخلية، فوق الخندق المحيط بها.
وفي الفترة المملوكية استقرّت بها وحدة عسكرية لتحافظ على الأمن الداخلي، وكان هذا جزءاً من مشروع ضخم للعناية بمدينة القدس.
وعندما أضحت القدس جزء من الإمبراطورية العثمانية في القرن السادس عشر، كانت محطّ اهتمام السلطان سليمان القانوني، الذي رمم وأضاف للقلعة، ويظهر ذلك من الرقوم التي تخلد أعماله.
ومن أهم ما أضافه للقلعة هو المدخل الجميل للبوابة الشرقية، والتي وقف عليها الجنرال اللنبي عندما هزم العثمانيين ودخل القدس، ليلقي كلمته والتي ختمها بالقول "الآن انتهت الحروب الصليبية".
ومن بين مآثر العثمانيين في هذه القلعة، إقامة المسجد المفتوح من الجهة الشرقية، والأهمّ هو مئذنة مسجد القلعة والتي تبرز في سماء القدس فوق سور البلدة القديمة من الجهة الغربية، والتي تعتبر الآن من رموز القدس الإسلامية.
خلال العهد العثماني، ما بين القرنيْن السادس عشر والتاسع عشر، كانت القلعة هي المكان الذي يتم حماية المدينة من داخله وكانت البوابات تقفل خلال الليل وقد اتخذت فرقة عسكرية القلعة مسكناً لها بشكلٍ دائم وكان المكان رمزاً لسلطة السلطان العثماني على المدينة، وعندما كانت تحدُث ثورة كان يتم احتلال القلعة إعلانا للعصيان، مثل ثورة نقيب الإشراف بين عامي 1703 و1705، وكذلك خلال الثورة على إبراهيم باشا المصري، عام 1834، حيث اتخذ الثوار القلعة موئلاً لهم.
ويمكن أنْ تعتبر القلعة، مقياساً، للمصير الذي انتهى إليه حكم العثمانيين، ففي حين ما تزال بعض الآثار العثمانية فيها، تقف شامخة، فانّه لدى انتهاء حكمهم، كانت القلعة مهملة وأصابها الدمار الجزئي، وحتى الآن، توجد نقوش وكتابات عثمانية، محطمة وملقاة في زوايا القلعة.
واهتم البريطانيون بالقلعة، ورمّموها، وحوّلوها إلى مركز ثقافي، وقاعات استضافت معارض محلية، وأشياء شبيهة.
وبعد الحرب العربية-الصهيونية عام 1948، أصبحت القلعة على خط وقف إطلاق النار الذي يفصل بين جزأيْ مدينة القدس، وتحولت إلى موقع عسكري تمركز به الجنود الأردنيون.
وبعد الاحتلال الصهيوني لما تبقّى لفلسطين في حزيران (يونيو) 1967، فتحت القلعة شهية الآثاريين الصهاينة، وأجريت حفريات أثرية واسعة فيها، وكذلك أعمال ترميم وصيانة، وفي شهر نيسان (أبريل) 1989، تم افتتاح متحف تاريخ القدس فيها، تجسيداً لسيطرة الاحتلال عليها.
إنّ قصة قلعة القدس، لا تكفيها السطور السابقة، وتحتاج للكثير، في مواجهة السيطرة الصهيونية عليها، والمحاولات الحثيثة لتزييف التاريخ.
http://www.alquds-online.org/index.php?s=11&ss=8&id=54