أبو حصيرة (1805 ـ 1880) هو يعقوب بن مسعود حاخام يهودي من أصل مغربي، عاش في القرن التاسع عشر، ينتمي إلى عائلة يهودية كبيرة اسمها عائلة الباز هاجر بعض أفرادها إلى مصر ودول أخرى وبقي بعضهم في المغرب على مر العصور، ويعتقد عدد من اليهود أنها شخصية "مباركة". ويقام له مقام يهودي في قرية "دميتوه" في محافظة البحيرة الحالية شمال غرب القاهرة في مصر.ولد يعقوب بن مسعود "أبو حصيرة" في جنوب المغرب، حيث تذكر رواية شعبية يهودية أنه غادر المغرب لزيارة أماكن مقدسة في فلسطين إلا أن سفينته غرقت في البحر، وظل متعلقا بحصيرة قادته إلى سوريا ثم توجه منها إلى فلسطين وبعد زيارتها غادرها متوجها إلى المغرب عبر مصر وتحديدا إلى دميتوه في دمنهور ليدفن في القرية في 1880 بعد أن أوصى بدفنه هناك .
أبو حصيرة
***
شعر
صبري الصبري
***
لـ(أبي حصيرة) مرقد لحِمَامِ
بـ(بحيرة) في قرية الأحلامِ
بشمال دلتا النيل يرقد ناعما
في بقعة طينية الآكامِ
برحاب مصر ثوى جميع ضيوفها
بالبسط والإغداق والإكرامِ
من عاش فيها نال حظا وافرا
من طيبها .. من ثغرها البسَّامِ
ويقيم يحظى بالمباهج غردت
بمسرة بنضارة الإنعامِ
ويعيش حرا هانئا مستمتعا
بجمالها في يقظة ومنامِ
يصحو على صوت البلابل غرَّدت
ألحانها في رقة الأنغامِ
وينال أبهى عيشة بمراتع
خضراء قامت في بديع نظامِ
والعلم فيها بانهمار ساطع
بفوائد عمت نهى الأفهامِ
ولها الريادة والسيادة أينعت
بمروج حسن حُبِّبت لأنامِ
جاءوا إليها يبتغون المشتهى
من روض خيرات وغرس نامِي
وحقول زرع أخضر متنوع
بثماره في دوحها المترامي
والنيل فيها بالعذوبة ماؤه
يجري بفضل الواحد العلاَّمِ
وبها استقر (أبو حصيرة) بعدما
وافاه موت محكم الأحكامِ
فبمصر موئل راحة وعناية
للعالمين على مدى الأيامِ
فيها اليهود تمتعوا برعاية
وحماية ووقاية بوئامِ
حتى استباحوا أرضنا في قدسنا
كالحية الرقطاء باستخدامِ
لوسائل الإرهاب في تدميرهم
بالعهر والإغواء والأزلامِ
بثوا سمومهم العديدة وابتغوا
أرجاء مصر خرائبا لحطامِ
ونسوا الضيافة والحفاوة والسخا
من أهل مصر بشيمة لكرامِ
ورأوا الربوع فدنسوها بالهوى
حقدا على التاريخ والأهرامِ !
يا ويح رقطاء الهواجر أضرمت
سما زعافا في صميم عظامِ
ونسوا التآمر منذ نقض عهودهم
بجرائم التقتيل والإعدامِ
وأتى اليهود المغرمون بنجمهم
(يعقوب) صار ركيزة الأعوامِ
بمواكب جاءوا بلهفتهم بهم
شوق يواكب (مولد الحاخامِ) !
يرجون في مصر المقام بقبره
في بهجة وسعادة وهيامِ
يرنون مشهده بنظرة معجب
مستغرق بتمائم الأوهامِ
يجنون من سفر الزمان حصائدا
لـ(مبارك) الآثار والأقدامِ!
مرت عليهم في بلاد قدَّمت
لهم المعونة في أجل قيامِ
وبها استكانوا بالخضوع وأمعنوا
في مكر قوم غادرين لئامِ
حتى استباحوا أرض مقدسنا به
حلوا بخبث واكف الإجرامِ
ضاعت فلسطين الحبيبة واستقت
منهم صنوف الغدر والآلامِ
والقدس والأقصى الشريف بحائط
لبراق عزٍّ مشرق مقدامِ
يا ويح صهيون اللئيم بعصبة
جاءت بفتك فاجر الأقزامِ
ضموا أراضينا بغي سافر
ببناء سلب ظالم بركامِ
والآن يرجون القدوم لمصرنا
بزيارة ملهوفة لزمامِ
لـ(أبي حصيرة) بـ( البحيرة ) أبحرت
بهموم شعب طامح بسلامِ
شعب أبيّ في فلسطين الصفا
بسجل مجد باهر الأقلامِ
شعب أصيل بالعروبة صابرا
يهفو لنصر خافق الأعلامِ
يرجو التكاتف من شعوب أقبلت
واستيقظت من غفوة الإعتام
وتعهدت بنهوضها ووثوبها
للقدس وثبة فارس ضرغامِ
فخذوا الحصيرة ما نريد نزيلها
ودعوا التشبث بالهوى الهَدَّامِ
ودعوا التمسك بالرفات وما به
من كيدكم بوقيعة استسلامِ
لثقافة التطبيع عجت بالدجى
والخبث والتخريب والإظلامِ
وكفى خداعا فالحقائق أوضحت
بتمامها بوسائل الإعلامِ
وكأنني أرنو (جحا) مسماره
بالدار يجثو تحته بظلامِ !
فخذوا المسامير التي دقت هنا
وكفى ولوغا في ضريح حِمِامِ
ستظل مصر محبة في قلبها
قدس المكارم روضة الأقوامِ
لربى فلسطين الحبيبة موقع
بالروح طارت نحوها بغرامِ !
فالنيل حنَّ لتينها .. زيتونها
وهوى ثراها في أجل مرامِ
وإذا أعدتم للأكارم أراضهم
وحقوقهم تأتي لهم بتمامِ
برحاب (حيفا) و(الجليل) فكلها
حق لشعب طاهر متنامي
بالخير يحيا بالسلام مصابرا
متشبثا بشريعة الإسلامِ
والقدس يخلو من جحافلكم له
عز الضياء بأطهر الهندامِ
فلكم قدوم الزائرين لأرضنا
في مصر أهلا بيننا بمقامِ !
ولكم حصيرة ودنا وسلامنا
مفروشة بأطايب لطعامِ!!