الحرب


قصة مترجمة إلى الانجليزية قرأتها من زمن بعيد وعاشت في ذاكرتي
الكاتب: إيطالي، لا أذكر اسمه
موقع وزمان الحدث: في مكان ما في إيطاليا ويمكن أن يكون في كل مكان وزمان.....




احتشد الركاب في المحطة ينتظرون قدوم القطار الذاهب إلى........ وكان المفروض أن يصل في تمام الساعة التاسعة مساء وتأخر .... وانتصف الليل ولم يصل .. لقد تأخر كثيرا ولم يتجرأ أحد من المسافرين على مغادرة المحطة لأنه هو واسطة النقل الوحيدة إلى ......في هذا اليوم.
وعند انبلاج الفجر استيقظت القرية كلها على صوت صفارته وهرع الركاب يتدافعون وكل يريد أن يجد لنفسه مقعدا .
وفي الدرجة الثانية كادت العربات المحشوة بالناس أن تتكسر فالواقف أكثر من الجالس .
من بين الركاب وقفت امرأة بدينة وقصيرة القامة وكانت تبكي بحرقة، فوقف أحدهم وأعطاها مكانه فشكره زوجها و كان صغير الحجم شاحب الوجه غائر العينين، وعقّب على بكاء زوجته موضحا بأن ابنهما الوحيد وهو في العشرين من عمره قد ذهب إلى الجبهة من يومين وأن أمه لم تحتمل فراقه، ثم أدار وجهه نحو زوجته وقال لها بحنان ظاهر:
"هل أنت بخير يا عزيزتي؟"
قالت: "نعم" ثم لوت رأسها وعادت إلى البكاء. "إنه ابني الوحيد" قالت ذلك بعصبية ظاهرة وبلهجة غير لائقة حتى أنها استفزت مشاعر الآخرين.

فانبرت لها إحداهن وقالت: " اشكري ربك!! فقد ذهب ولدانا إلى الجبهة منذ أول يوم نشبت فيه الحرب وجرح إحداهما مرتين ثم استُشهد.

فأجابتها "ولكن من لديه أكثر من ولد ............"

فقاطعها أحد الركاب قائلا : إني أستغرب كلامك! هو وحيدك، وتحبينه كثيرا ولكن ذلك لا يعني أننا لا نكّن نفس الحب لأولادنا، نحن نحبهم مثلك تماما لأن الحب ليس رغيفا من الخبز نقسّمه ونوزعه حصصا على أولادنا فالحب هو كل لا يتجزأ نمنحه هو نفسه رغيفا كاملا لكل ولد ويكبر هذا الرغيف كلما ازداد عدد الأولاد.

وقال آخر: إن أولادنا فداء للوطن، فالوطن أغلى من أولادنا وهم يستشهدون في الذود عنه لنحيا ويحيا الوطن الذي يجمعنا لنكّون أمة قوية وإن لم يكن الأمر كذلك فما نفع الأولاد؟

فأجابه واحد من آخر العربة: عندما أنجبنا أولادنا لم نكن نفكر في الوطن ولم تكن الحرب في الحسبان.

وشارك في الحوار رجل عجوز كان جالسا في أول العربة وقد فقد اثنتين من أسنانه قائلا: لقد استلمت رسالة من ولدي يقول فيها قبل أن يستشهد " إني أموت وأنا راض إذ أنهيت حياتي كما تمنيت"
وها أنتم ترون أنني لا أرتدي ملابس الحداد، فأنا سعيد باستشهاد ولدي.

وعادت المرأة البدينة تقول: إنكم لا تفهموني، إن فقدتم ولدا فهناك ولد آخر يعوضكم ويواسيكم.
ثم توجهت بغتة إلى الرجل العجوز وسألته:
هل مات ابنك حقا؟
فما كان من الرجل الذي انعقد لسانه من الدهشة إلا أن انفجر ببكاء وعويل يهز القلوب. لقد انتحب كما لم ينتحب أب من قبل.
فالحرب هي الحرب والحب هو الحب والأولاد هم الأولاد في كل مكان و زمان.




ترجمها سنا الخاني