الكأس كأسكِ..؟!
شعر : محمد الزينو السلوم
---------------------
الكأس كأسكِ فاشربي
من خمرتي ما شئتِ وانتظري الصباحْ
لا كأس لي بين الكؤوس وخمرتي
نضبت وليلي طال واحترق الفؤادْ
هي خمرتي عتّقتها بجرار روحي
العمر حتى جئت في نزق الليالي تشربيها
*
الكأس كأسكِ فاسكني ليل التجلّي
واسبحي بين النجوم على ضفاف الذكرياتْ
لا لن تنالي غير أحلام تؤول إلى زوالٍ ،
فالليالي قد تطول وأنت أعلم بالمرادْ
أنا قد كسرت الكأس من زمنٍ ،
رحلت إلى أقانيمٍ تطال ولا تطالْ
ورسمت في الآفاق ما سكنت إليه الروح ،
ثم صعدتُ أدراج السماءْ
قبّلت أزرقها وراودت النجوم فأبرقت
مثل الشموس ، توهّجت مثل الذهبْ
قد همت في سكري وأدمنت اشتعال الروح
في جسدٍ تردّى يوم أحرقه اللهبْ
*
الكأس كأسكِ غير أني لم أفارق
ذكرياتكِ منذ أيامٍ بعيدهْ
ورفعتُ قاماتي كما النخل الذي
يشدو بإيقاعاته فوق الظلال
وفوق كثبان الرمالْ
واليوم أحمل دمعتي حرّى على الأيام
ما زرعت بقلبي من جراح لم تزل تذكي النهايهْ
لا الورد يطفئ لوعتي ،
لا العطر يشفي حِرقتي ،
فأنا قتيل هوىً وقتلي صار أغنية ولحناً للندامى
لا كأس لي بين الكؤوس كأنني المسبيّ
في زمنٍ توالد فيه أشباه اليتامى
*
الكأس كأسكِ فاشربي من خمرتي احلوّتْ
وعتّقها الزمان ولم يعد في هذه الدنيا أمانْ
هي خمرتي لكنها باتت بكأسٍ غير كأسي
آه من غدر الكؤوس وآه من غدر الزمانْ
واليوم أسكن وحدتي ،
واليوم أزرف دمعتي ،
واليوم أقبع في الظلال ولوعتي مثل الجبالْ
لا شيء يحزنني سوى الماضي
الذي فتح القلوب على الحياة ،
وعاد أغلق كل أحلام الحياةْ
هي دمعتي لا غير ترسم ذكرياتي من جديدٍ في فضاءات القصائدْ
ألوانها امتزجت برحي ثم طارت
كالنوارس فوق بحر العمر تسكن في الغيومْ
لا ترتجي نجماً ولا بحراً يحاصرها السحاب
بكل ألوان الضباب وكل أسئلة الغيابْ
وفتحت بعد الليل أحلامي على شرفات روحي
والصباح يلوح من أمدٍ بعيدْ
فإذا بشمسٍ أشرقت في مهجتي ،
ملأت حياتي بالضياءِ ،
فرحت أرتجل القصيدْ
عزفي على القيثار آنس مهجتي ،
وطوى العذاب برحلتي ،
فبدأت أشعل شمعتي عند الغروبْ
*
الكأس كأسكِ غير أني لم أعد أُعنى برنات الكؤوس
ولم أعد أهوى الكؤوسْ
قد همت في نجوى القلوب أذوب
في وجدي الذي للروح يصعد في سموّ النفسِ..
زادي قبلة أرنو لها وألوب
أبحث عن ملاذٍ لا يخاصرني بوردٍ ،
بل يحاصرني بضوءٍ لا يُطالْ
وطويتُ صفحة ذكرياتي بين منتقمٍ
ومعتصمٍ بحبلٍ الله ، أسكن في الظلالْ
حالي تؤول إلى نهايتها فأركب زورق النجوى
وأرحل حيث شمس العمر تنصب من حبال الضوءِ..
جسراً كي تراود رحلتي الأحلام
أعبر فوقها وأطير فوق الغيم
أسأل عن حبيبٍ علّه فوق النجومْ.