إلى أبناء النور في غزة.....
أنحني...
إجلالاً ..
وإكباراً ...
وخجلاً....
لن تنتظر حتى الصباح ....لن تنتظر...
لن تبقى في عتمتها وحدها ...تتدثر بالليل ... وتعانق وحشتَها وخوفَها ..
هي مخلوقة في الضوء .. منذورة لمنابعه الجليلة ..
مكونة من قطرة من ضياء .. فكيف لزورق صغير مثلها أن يجتاز بحار العتمة ومحيطاتها ... وحيداً ....... والعمر قصير؟؟!!
زحفت فوق التربة الرطبة , وتحسست الحصى , الرؤية معدومة.
اهتزت محاولةً أن تنفض عن أجنحتها الندى..فشلت .. حاولت من جديد..تكاد تطير ..ستطير ... فتحت عينيها لتحدد مسارها ,لكن الظلام ملأهما وامتد عابراً قلبها إلى كيانها.. فانكمشت.
منذ برهة رحل النهار ململماً أشياءه حاملاً معه فرحها وصخب حياتها , كانت تعانق خيوط الشمس مرتفعة مع النسيمات الرقيقة ثم تنخفض لتسفّ فوق الأزهار الجميلة... ولكن حلّ الليل وقيّدها في ملكوته.
رفضت يأسها ,وقاومت خوفها .انتفضت . تسلقت أول نبتة ,وارتفعت فوق زهرها,استكشفت بعينيها , ورأت بقلبها بصيص ضوء يلوح في البعيد.داخت نشوانة بسعادتها . أغراها الضوء بوهجه الأخاذ .شلّ إرادتها . جذبها كتيار جارف ..فاستسلمت.. فَرَدت أجنحتها..اعترضها جندب .ٌ قال وهو يقضم ورقةً خضراءَ ندية:
ـ أين تذهبين؟
ـ هناك ...انظر.... الضوء.
ـ احذري فذاك المكان خطير.
ـ لا أستطيع أنا ابنة النور . أبناء النور لا يحيون في الظلام.
ـ سيعود النهار من جديد.
ـ دعني.. لا يعرف أبناء الظلام معنى النور.
..وانطلقت.إلى نورها لتعانقه بفرح ونشوة غير عابئة باللهيب..فاحترقت وماتت,ثم سقطت فوق أكوامٍ من جثث أخواتها الفراشات اللواتي عشقن النور...
تاركات لأبناء الظلام . عتمتهم ومغانمهم الوضيعة .