منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1

    بندوره في سينما دمشق!!!

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيبندورة

    المصدر : قيس مصطفى

    يمنع في صالات السينما السورية ادخال البندورة والبيض؛ هذا يحدث أيضاً في كلّ صالات العالم. وعموماً يتصف جمهور السينما في سورية بأنه مسالمٌ إلى أبعد الحدود، وهو جمهور ذوَّاق وانتقائي أيضاً؛ لذلك تجده في الصالة المناسبة حيث يعرض الفيلم المناسب.


    يحضرُ الجمهور السوري سينما راقية من كلّ بلاد العالم، حتى من دول الجوار (تركيا، وإيران، وفلسطين)، فمهرجان دمشق السينمائي هو فرصة حقيقية للفرجة والمتعة وإجراء المقارنات.
    يحوّل السينمائيون من كلّ دول العالم أتفه الحكايات المركونة والملقاة جانباً إلى قضايا كبرى، إلا في السينما السورية، حيث تتحوَّل قضايانا الكبرى ومشاريعنا وتطلعاتنا وأحلامنا إلى أعمال فنية بائسة.
    "حسيبة" لريمون بطرس، و"أيام الضجر" لعبد اللطيف عبد الحميد، و"دمشق يا بسمة الحزن" لماهر كدو؛ أعمال سينمائية سورية تشترك في مهرجان دمشق السينمائي، استطاعت أن تستفزَّ الجمهور السوري وتسبّب له الإحباط، قبلها أيضاً أخفق هيثم حقي في "غيلان الدمشقي"، وغسان شميط في "الهوية".

    فهل هذا هو السقوط الأخير لسينمائيي سورية؟ هل أعلن الجميع إفلاسهم وعدم قدرتهم على المواكبة وتقديم المقترح الجديد؟ لماذا هم مشغولون حتى اللحظة بالقضايا الكبرى؟ لماذا يسردون أفلامهم وكأنَّ جدة تحكي لحفيدها حكاية؟ لماذا يختارون ممثلين لا يصلحون لأدوارهم، وأدواراً لا تصلح لممثليها..
    إلى متى تبقى سورية بلا رصيد سينمائي؟ هل يدفع سينمائيو سورية جمهورهم إلى تهريب البيض والبندورة إلى الصالات؟

    الصالات السينمائية السورية.. عراقة وانحسار
    المصدر : مهند دليقان
    تسعة وتسعون عاماً مضت على تاريخ أول عرضٍ سينمائي في سورية، وكانت البداية من حلب، حيث عرض بعض الأجانب صوراً متحركة في العام 1908 على الأرجح. أما في دمشق فقد كان أول عرض في العام 1912 على يد (حبيب الشماس)، في مقهى يقع قرب ساحة المرجة.

    وفيما يخص صالات العرض، فقد أُنشئت في العام1916 أول صالة عرض، باسم "جناق القلعة" في شارع الصالحية، افتتحها (جمال باشا السفاح)، ولكن حريقاً اندلع فيها، بسبب انقطاع شريط الفيلم أثناء العرض، وكان ذلك بعد شهر من افتتاحها، ولم يبقَ منها سوى الجدران.
    في العام 1918 ظهرت سينما "الزهرة"، مكان فندق "سمير" في المرجة، وعُرفت فيما بعد باسم سينما "باتيه"، وكانت هذه الصالة تجذب جمهور السينما، من خلال جوقة موسيقية تعزف أمام مدخل الصالة قبل عرض الفيلم..نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    في عام 1920، أنشأ (أليكو بوليسفتش) سينما "الإصلاح خانة" في المرجة أيضاً، وبعدها بثلاثة أعوام ظهرت سينما "النصر" في سوق قديم جانب سوق الحميدية، حلَّت محلَّ مسرح شعبي كان يديره (محمد الأغواني)، وفي العام 1929، وبسبب إفلات بكرة الفيلم واصطدامها بمصباح كهربائي، شب الحريق فيها، وكان أكبر حريق عرفته دمشق، استمر لمدة ثلاثة أيام، ودمر عدداً من الأسواق والأحياء، بما فيها حي سيدي عامود.. الذي عرف منذ ذلك الوقت بحي الحريقة.
    في العام 1924، افتتح (توفيق حبيب شماس) سينما "الكوزموغراف" في منطقة البحصة، وعُرفت فيما بعد بسينما "أمية". كما ساهم أبناء الشماس في إنشاء صالتي "العباسية" و"دمشق" بمشاركة أبناء (قطان وحداد)، وكانوا من أوائل الذين أدخلوا السينما الناطقة إلى صالات دمشق. من "أوبرا عايدة" أخذت سينما «عائدة» اسمها، وما تزال موجودة منذ ثلاثينيّات القرن الماضي حتى الآن، وتُعرف حالياً باسم سينما "أفاميا". وكانت بعض صالات السينما تستخدم كمسارح للغناء، كما هو الحال مع سينما "سورية"، التي أنشأها (بهجت المصري).
    حسب (جورج سادول)، صاحب كتاب «تاريخ السينما في العالم»، بلغ عدد الصالات في دمشق 18 صالة في العام 1962. بعضها مازال قائماً حتى الآن، لكن أكثرها اختفى بسسب التنظيم العمراني، مثل صالات "راديو" و"سنترال" في شارع رامي، وصالة "رويال" في شارع العابد. وهناك صالات ذكرتها الكتب والمجلات، من دون ذكر مكانها، مثل صالات: "سلوى، جنينة الأفندي، الصالون، وفؤاد".. وأغلب الصالات القائمة الآن بُنيت في أواخر الأربعينيّات وبداية الخمسينيات، التي شهدت فورة بناء الصالات الكبيرة، وهو ما يظهر واضحاً في صالات "دمشق والزهراء والسفراء".. هذا ما يخص تاريخ بعض الصالات من حيث هي أمكنة، لكن من المؤكد أنَّ ثمة تاريخاً آخر وراء هذه الأمكنة، وهو تاريخ الآلاف من البشر، الذين كانوا يرتادون تلك الصالات. ومنذ لحظة انطفاء الضوء.. كانوا يجتازون القماشة البيضاء، ويدخلون إلى عالم السينما المدهش والغريب، عالم من الأحلام والصبوات، من الموسيقى والجنون. عالم خاص وآسر، ولابد أنَّ كثيرين من هؤلاء البشر كان بإمكانهم - لو أُتيحت لهم الفرصة - أن يتحدثوا بطريقة أجمل، عن العوالم المسحورة التي كانوا يذهبون إليها، فيما هم جالسون على مقاعدهم في العتمة!!..


    السينما ثم السينما نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    المصدر : فواز العاسمي

    في ثمانينيات القرن الماضي وكنت حينها أتهجى الوعي,كان في مدينتي داران للسينما,القادسية والأندلس,لم يحمِ هذان الاسمان العظيمان الدارين من الاندثار تباعا لتخلو إلى اليوم المدينة البالغ تعداد سكانها مع ريفها أكثر من مليون إنسان من السينما...لن أدخل كالباقين في مهاترات رمي المسؤولية عشوائيا على سين أو عين من الجهات الحكومية أو الأفراد ,فالمسألة بنيوية بامتياز صالحة لوضعها على طاولة التشريح وترك المتخصصين النافذين منهم والعاقدين العزم بغيرة حارقة لنشر هذه الثقافة بين عموم الناس ومن القواعد إلى القمة(التقسيم هنا عمري ووظيفي)....متعة تتجاوز الخيال عندما تطفأ الأنوار ويُدار جهاز العرض هل كنتم تسمعونه مثلي ؟ ما أشبه صوته بالصوت الذي تطلقه أجهزة الكمبيوتر عند طلب الاتصال بالشبكة العنكبوتية صيحات الاستهجان على قطع العرض عند الاستراحة (لتسويق المكسرات والكازوز) كانت أحب إلي من العرض نفسه,فهي أول دروس المضي قدما في البحث عن اللهو والمتعة وبذور الرفض أيضا !!ما أشد وقع حرماني من السينما في نفسي.وما أصغر مدينتي بلا دور للسينما فبسبب حريق (لا أدري إن كان مفتعلا أم لا) في سينما الأندلس وإغلاق قسري للقادسية حُرمت من هذه المتعة الخالدة ,عظمة الصمت والانبهار الدافىء والصراخ الشتائمي ...يجمع علماء النفس والمتخصصون في علم اجتماع المراهقة على أن ما تحدثه الصورة في بنية المراهق العقلية من أثر يتراكم,هو أهم بكثير مما يُمَرر للمراهق بصورة تلقينية حفظية مدرسية,لطالما استعان الشرّاح بالفانوس السحري في المدارس والجامعات لإيصال المعلومة. هذه الأيام نحتفي جميعا بمهرجان دمشق السينمائي المقتصر عرض أفلامه وفعالياته على مدينة دمشق وقد ترافقه بعض الفاعليات في المدن الكبرى ..هل يأتي يوم نرى فيه المهرجان وقد أصبح تظاهرة وطنية تبلغ حرارتها في الريف ما تبلغه تظاهرة العاصمة نفسها ؟؟ لما يزل هذا السؤال يدور في خلدي منذ زمن,ما يؤسف له أن المبادرات الشخصية في بلداننا لا تصنع فارقا أبدا فتظل في حيز ضيق,أما ما نحتاجه فعلا فهو مشروع ثقافي يبدأ من المدارس تعريفا وتثقيفا كي نرتقي بالفن السابع إلى ما نحب,وهي ليست بالوصفة السحرية أو المستحيلة التنفيذ على كل حال ....ففارق التسعير الذي ندفعه لترميم المراكز الثقافية قد يصنع فارقا في وعي صغارنا تجاه هذا الفن لو نحن استخدمناه بشكله السليم!!!.


    وقد سمح بعرض هذا الفيلم!!..نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    المصدر : طارق عبد الواحد

    تشي هذه الجملة «وأخيراً سُمح بعرض هذا الفيلم» بأنَّ ثمة مفاوضات خشنة، وطويلة.. انتهت بالسماح بعرض الفيلم. ومع إمكانية الاعتقاد.. بأنَّ هذه الأيقونة اللغوية في لوحة الإعلانات، والمفتاح الذهبي لشباك التذاكر، هي من قبيل التشاطر الإعلاني والتجاري، إلا أنها في صميمها تراهن على تحطيم سطوة الرقيب، وغلبته!..

    أما بالنسبة إلى العارف، فقد تثير هذه المسألة الضحك، دون أن تزيل شكوكه وارتياباته حول «الرقيب» وتموضعه المؤسساتي، فتاريخ الرقابة غير واضح إطلاقاً.
    النقطة الأكثر سخونة في هذا الموضوع، هي أنَّ الصالات السينمائية في سورية، موجودة بقرار رسمي، أي في غرفة الإنعاش، دون أي دور في خلق بيئة سينمائية (ماذا عن الصحف والمجلات النقابية والوزارية، في هذا المجال؟!)، أو تشاركات ثقافية، إلا في ما ندر..
    رغم جميع التسهيلات التي تقدَّم للصالات، والتي تتمثَّل في الإعفاءات الجمركية، وتخفيض رسوم دعم السينما، وإلغاء رسم الملاهي على الصالات السينمائية، والسماح بهدم الصالات القديمة وإنشاء صالات حديثة مكانها، إلا أنَّ أحداً لم يحرِّك ساكناً، إذ يبدو أنَّ أصحاب الصالات هم بانتظار قرارات من نوع مختلف!..
    القطاع الخاص يملك بوصلته الخاصة، والقطاع العام يملك أكثر من بوصلة (البوصلة هنا على سبيل المجاز)، وربما تستطيع المؤسسة العامة للسينما تجاوز هذا المأزق، لكن من يغفر للمؤسسة أخطاءها الأخرى؟ ومن تراه يصدِّق أنَّ المؤسسة رفضت فيلم (z) للمخرج كوستا غافراس، أحد أهم الأفلام السياسية في تاريخ السينما؟. ومن يصدِّق أنَّ المخرج العالمي مصطفى العقاد خرج بفيلمه (الرسالة) خائباً ومخذولاً من مبنى المؤسسة؟..
    وأخيراً سُمح بعرض هذا الفيلم، جملة لم تعد تعني، ولا تثير، أحداً. هذا الـ (أحد) الذي يمكن أن يكون في حافظة موبايله، مشاهد أكثر سخونة بكثير.. بكثير، مما قد يشاهده على شاشات صالات السينما. وإذا لم يكن من هواة تخزين مقاطع الفيديو، فقد يحظى بواحد منها عن طريق البلوتوث، من أحد لا يعرفه. وقد يحدث هذا في مقهى يعجُّ بالمثقفين والفنانين، كمقهى الروضة مثلاً!..
    اليوم كم نحن بحاجة لعبارة"ممنوع من العرض فيما يتعلق برداءة بعض ما يقدم.


    نقد..
    قراءة في ديوان "أنظر إليك" لـ"مرام مصري".. وعمَّن يقومون باستنساخهانقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    المصدر : محمد الإمام ماء العينين

    لايمكن أن تقرأ "أنظرُ إليك" للشاعرة السورية مرام المصري، دون أن تنجذب إلى حبائلها الجميلة والشيقة, وكأنه مغناطيس شعري يجذب كلك إليه: أحاسيسك, مقروؤك الشعري وتاريخ عشقك الدفين. كتابُ "أنظر إليك" الشعري، رمانة تحتفظ بأسرار لآلئها، لقارئ.. عاشق.. موعود بأسرار لا تنضب, لتطفئ فيه لهب عطش الصحراء.
    إنه "نهر مسكر" يهديك بسخاء "انتفاضة حياة", وكأنك بقراءته تتجدَّد وتولد من جديد، فكلُّ قراءة تمنحك إمكانية جديدة للحياة. أو بالأحرى, هي دعوة مفتوحة إلى ممارسة الحياة. أوَلا تذكِّرنا قصائدها القصيرة بقصر الحياة نفسها ولكن بثرائها أيضاً؟. أوَلا تستحقُّ هذه الحياة الثرية أن تُعاش؟ أوَلا نستحقُّ في المقابل أن نعيش هذه الحياة؟.
    قصائد رشيقة أشبه بخطوات راقصة باليه بارعة, نغمات قيثارة على السلم الموسيقي للقلب, ونجوم نثرَتها يدُ فنانة لتضيء عتمة الليل.
    عتمة الليل!!
    عتمة الليل التي يضيئها "مصباح الرغبة المتوهِّج" كما تقول العبارة الرائعة للشاعرة.
    العتمة سكون.. والرغبة حركة, العتمة انطفاء.. والرغبة اشتعال... هكذا تشتعل أزهار الرغبة لتضيء ليل الجسد المتوحد على سرير بارد وموحش:
    "لماذا نسيت/ أن تطفئ/ قبل أن تنام/ مصباح/ رغبتي المتوهج؟/
    تركتني/مضيئة/ لطيور شرسة.."
    طيور شرسة تحلِّق في سماء الرغبة أمام "امرأة في عرس شهوتها" لتكتمل الاحتفالية المدهشة "بدموع اللذة" إيذاناً بالارتقاء إلى مدارج اللذة العظمى.
    هذه المرأة التي نجدها في عرس شهوتها، هي امرأة إيجابية عكس ما كرَّسها المخيال العربي، وأعاد إنتاجها على مدى عصور, إنها امرأة فاعلة ومنفعلة في آن, وكأنَّ لسان حالها يقول: أنا سيدة جسدي, معلنة أمام العالم انتهاء عصر الحريم على الأقل بالنسبة إليها. عصر الحريم؟ّّ!
    نعم عصر الحريم، بكل تناقضاته ومحرماته المنافقة, حيث المرأة مرغوبة لا راغبة, إنها تلك الموطوءة الموءودة الأحاسيس, التي يحرم عليها إظهار رغباتها ولو على سرير اللذة.
    على عكس هذه الصورة السلبية الضعيفة، تتبدَّى لنا امرأة "أنظر إليك" قوية شامخة دون عقدة نقص, سيدة لا مسودة:
    "لا تكن فاتراً/ فأتقيؤك../ اشتعل/ مثل/ جمرة مثل/ احتكاك غصنين/توهج/ هكذا أحب/ الحياة/ في مضجعي.."
    وإذا كان للجسد احتفالياته وطقوسه شديدة الخصوصية, بحثاً عن مكامن اللذة القصوى- تحت "لحاف رغبة" - تتحرَّر عبرها الذات، فيسفرها اللانهائي نحو المتعة, إلا أنه جسد موشوم بالأحزان.
    أحزان خلَّفتها التجارب التي لم يتبقَّ منها سوى الذكريات وأشيائها:
    "لقد رحل/ منذ مدة طويلة..
    لم يبق منه/ إلا قمصان/ وأحذية.."
    وبين الحزن والصمت، عروة وثقى, وكأنهما خيطا دخان يمتزجان روحاً واحدة في علياء سمائهما:
    "روح خفيفة/ لهذا تثقلها/ ذرة حزن
    فتحط/ صامتة.."
    والحزن طريق يؤدِّي إلى الألم, وكأن الحزن لا يكتمل إلا في الألم المضجر:
    "الألم...؟/ كيف تعرَّف إلي؟/ لم أكن/ أضع وردة حمراء/ على صدري/ ولم أكن/ على موعد معه.."
    وعلى سبيل الختم، وحتى لا أتوغَّل كثيراً في المتاهات الجميلة والآسرة لنصوص "أنظر إليك" الرائعة, أتوقَّف عند محطة الاغتراب في هذا الكتاب, وإن كان القول الشعري برمته اغتراباً في الزمان والمكان.
    "ورثت أطفالها/ أما تحلم/ ترقص/ تبتسم
    أما تبكي/ تعشق/ أما لا تملك مالا/ ولا ترفو جوارب
    أما تكتب أشعاراً/ بلغة لا يفهمونها.."
    ولكن أليس بوسع الترجمة أن تقلِّص حجم الغربة بين الشاعرة وأطفالها بشكل من الأشكال وهي المغتربة في اللغة والمكان؟.
    أقول هذا الكلام، وبين يدي "أنظر إليك" في طبعته المغربية حيث تتجاور لغتان وقصيدتان- العربية وترجمتها الفرنسية- وكأن المترجمة المغربية الكاتبة (ثريا إقبال) تحقِّق بذلك تلك الرغبة المكنونة للشاعرة، بأن يقرأ أطفالها قصائدها ولو بلغة غير لغتها التي لايفهمونها.
    "مباركة/ شهواتك/ آلامك/ مبارك/عبثك.."
    ¶¶ استدراك:
    وأنا أطالع كتاباً شعرياً صدر مؤخراً للشاعرة المغربية ليلى عابر بعنوان: "كل هذا الكلام"عن سلسلة الكتاب الأول ضمن منشورات وزارة الثقافة سنة 2005، أثارني تشابه إلى حدِّ الاستنساخ بين قصيدتين:
    نص شعري ليلى عابر معنون بـ"ما أفعله دائماً" يقول:
    "أقيس مقدار/ حبي لك/ بقدرتي على خيانتك/ وحين أعجز
    أستغفرك وأعود إليك".
    وهو نص ركيك مقارنة مع النص المستنسخ، أو المنحول بعبارة الأوائل، عن كتاب "أنظر إليك" للشاعرة مرام المصري الصادر في طبعته الأولى سنة 2000 والذي يقول:
    "أقيس مدى استطاعتي/ خيانتك/ بأن أتخيلك/ في حضن / امرأة أخرى/ فأتوب وأستغفرك".
    أتمنَّى ألا يكون هذا ما تفعله دائماً ليلى عابر، وأن يكون الانتحال عابراً في شعرها.

    كتاب..
    لاغبار عليكِ لـ"لقمان ديركي"..
    وهم الذات كمسلمة إبداعيةنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    المصدر : ياسر اسكيف

    نعم، هي جرأة تُسجّل للقمان ديركي، لكن الجرأة قد تغدو تهوّراً فظاً إذا أُعيد تعريفها استناداً إلى النتائج، وهي مغامرة أيضاً، ليس لأنها امتلكت شروط المغامرة ومأمولها, بل لأنَّ لقمان ديركي هو من قام بها, ولأنه وحده من آمن بذلك. ولقمان في مغامرته هذه (لا غبار عليك) كتابه الأخير الصادر عن دار ممدوح عدوان للنشر والتوزيع – دمشق – 2008، يدفعنا إلى إعادة البحث في معنى المغامرة عبر العلاقة بين طرفيها (الوجود بالقوّة = الإمكانية, التحقّق = الأثر) والمغامرة في جوهرها، فرض لشروط جديدة على طرائق الإتيان بالأفعال، وجعل هذه الشروط طبيعية ومقبولة ضمن السائد من الشروط . وفي هذا المقام تحضر المقولة المعروفة (يمكن للفاخوري أن يضع أذن الجرّة حيث يشاء) بقوّة تدفع إلى تفكيكها. وخلال عملية التفكيك هذه سنكتشف بأن الكثير من أشكال الوجود بالقوّة هو نوع من الوهم الذي يتلبّس المقولات. ويبدو ذلك الوجود, بمجرّد التحقق, وجوداً مشكوكاً به, ويحتاج إلى تعريفات ومقولات أخرى لتأكيده. ففي حال الحدوث والتحق بالنسبة إلى المقولة السابقة, أي في حال وضع الفاخوري أذن الجرّة في قاعدة هذه الأخيرة, أو في أي مكان يلغي قيمتها الاستعمالية, فإنَّ شكلاً من النفي يكون قد أصاب الجزءين (الجرّة والأذن) حيث لم تعد الجرّة جرّة ولا الأذن أذناً. بل باتا شيئين جديدين تماماً. وباتا بحاجة إلى التعرّف من جديد, مؤكدين الفصل بين المقولة كبنية لغوية وبينها كتحقق فعلي ملموس. ولا أجد كبير بُعدٍ بين وضع أذن الجرّة حيث يشاء الفاخوري وذهاب لقمان ديركي بقصيدة النثر إلى منتهى حصتها من الاستثمار السردي, وتقافزها على الخط الغامض الذي يفصل بين الشعر والنثر. ولقمان الذي أوصل السرد إلى منتهى شعريته في أغلب نصوص مجموعته (الأب الضّال) يقع هنا ضحيّة مجموعة من التواطؤات بعضها يتحمله النقد الذي لم يجتهد في إظهار التبعثر وضياع الملمح, الذي قد يحدث نتيجة الحشو الزائد في المساحة التي تحتملها قصيدة النثر من إدخال لمختلف الأشكال السردية, وبعضها الآخر شخصيّ محض أنتجته القراءات الانطباعية, الشفوية على الأغلب, والتي بدأت تُظهر أنَّ الشعرية في النص لا تأتي مما يوفره هذا النص من عناصرها, بل من شخص مُنتج النص. وكأنما هناك علامة تجارية يكفي وضعها لتكتسب البضاعة صفة الجودة والنوعية. إنَّ لقمان ديركي, الذي احتفينا بإضافته التي لا تنكر في أعمال سابقة, تلك الإضافة التي تجلّت في انزياح النص الشعري جهة الدفق الشعوري, الذي يتحرّك بطزاجته ومحسوسيّته, بعيداً عن الدفق الإنشائي, الذي تكبّده اللغة عبء حملها, بدل أن تحمله, كمسوّغ لحياتها, ومبرر لوجودها. لكن لقمان في (لا غبار عليكِ) يُنتج إضافته التي تُربك النص وتطمس ملامحه حتى ليمكن القول إنَّ تلك الإضافة تبدو همّ النص وغايته بمعزل عن النتائج التي تظهر تلك الإضافة كعلّة تطيح بالنص وتنزع منه أي ملمس أو طعم أو رائحة.
    ولعلّ (لا غبار عليكِ) يُظهر, بالطريقة التي شاءها لقمان لإنجازه, أن الخيار, أو الأفق, الذي قد ينقذ قصيدة النثر, ويمنحها أفق استمرارها وديمومتها هو ذاته الذي سيكون مقتلها, وأقصد بذلك السرد. لقد جرّب لقمان ديركي أن يجعل من السيرة الذاتية الممنتجة مسرداً يستطيع, بانضوائه على الشخصي غير المنمذج إلى جوار الشخصي العام, أن يحقق نقلة نوعية في حقل النثر الشعري. وهذا يتطابق تماماً مع الفهم التطبيقي للشعر الذي يمارسه لقمان في (بيت القصيد) على اعتبار أنَّ كلّ لقاء هو, بطريقة ما, نص شعريّ. حيث تتجاور في الآن تجارب على درجة عالية من الحِرَفية والنضج مع تجارب لم تتجاوز بعد مرحلة الإنشاء الرديء . وفي الحالتين، لم ينجح لقمان في إنتاج المغاير والمختلف ضمن النوع , بل جنح بالنوع إلى إضاعة سماته دون امتلاكه لسمات نوعية جديدة.
    ومع القراءة المتأنية لـ(لا غبار عليكِ) يصل القارئ إلى مفارقة لم تكن مأمولة الحدوث عند شاعر أحببناه, واحتفينا بإضافته وتمكنه في أعمال سابقة. تلك المفارقة التي تتمثَّل في الاتكاء على كلاسيكيات قصيدة النثر العربية حيناً والجنوح إلى أدوات وآليات النص الشعري اللغوي أحياناً أخرى. مفارقة تستدعي معها السؤال عن مدى إبداعية الانفلاق, وليس الانفلاش, السردي الذي شاءه لقمان كغاية إضافوية في كتابه.
    وكي ننجو من الوقوع في مسلك كتّاب القراءات, التي تصح قراءتهم للرواية على أي كتاب شعري وبالعكس إذا استبدلنا العنوان واسم الكاتب, فإننا سنذهب إلى النصوص مباشرة ونسائلها عن مدى شعريتها, ناهيك عن قيمتها في ما يخصّ القطع مع السائد. نقرأ في الصفحة 16 المقطع التالي : (لا أريد أن أكون معكِ / ولا أريد أن أبقى دونكِ/ أنا لا أريدك تماماً/ كما يريدك الآخرون/ فقط أريدُ/ أن أعيش حياتي/ كلها بوجودكِ.) ولننتبه إلى درجة المصادرة والادِّعاء اللذين ينطوي عليهما السطران الثالث والرابع, وهل التقصي والبحث والإحصاء, كعمليات يُفترض بأنه قد تمّ إنجازها, ملمح شعري !! أم أنَّ الذي ينضح منها مجرّد مساءلة إنشائية المصدر والنشأة والمآل !!! وفي حال قرأنا المقطع السابق بحذف السطرين المقصودين. ألن نستنتج ببساطة متناهية أننا أشدّ حساسية وتفهّماً من هذا الشرح والتفسير الاستغبائيين .!!! ؟؟ والذي يزيد الطين بلّة, ويجعلنا نشكّ في أن من نقرأه ليس لقمان ديركي أبداً, وأن في الأمر التباس مؤكد, هو المقطع التالي في الصفحة 21: (كنت ألمحهما دائماً/ كانا عاشقين/ يلعبان طاولة الزهر/ ويرميان النرد..) هل يمكن لأحد أن يلعب طاولة الزهر دون أن يرمي النرد؟؟؟!!! وهل من أحد يحتاج إلى التوضيح, وتبدو له جملة (يرميان النرد) ضرورية؟؟؟!! يتفاقم الاستخفاف بالقارئ وبالنص الشعري مع تتالي الصفحات, حتى لتبدو بعض النصوص نوعاً من الجمل التي يردّدها مبتذلو الحكمة والأقوال المأثورة: (قالوا لي: حبك وهم| قلت لهم: حياتكم كلها وهم . ص28) أو (كنت منيعة جداً| فخجلت منك آمالي. ص 29) وإذا كانت أغلب النصوص تمارس, إلى هذه الدرجة أو تلك, خيانة متوارية لقصيدة النثر باعتمادها على روح الإنشاء والتقرير, فإنَّ بعضها لا يواري خيانته ويعلن انحيازه, من حيث البنية والمنطق, إلى أشكال شعرية أخرى تعيش في المُفترض والمتخيّل, ومنه تستمدّ جوهر وجودها: (أحب كلّ قصائدي| حتى التي قبلك| أحبها..| لأنني أعتقد| أنني كنت أكتبها عنك. ص 36) وبالمناسبة، أسائل هذا النص عن الذي قد يبقى منه إذا تذكرنا ما كتبه الفرنسي (بول ايلوار) يوماً: ( كل ماقلته| وما سوف أقوله| إنما لتسمعيه يا "غالا "| شفتاي لا تطيقان مفارقة عينيك.) ومما يعزِّز الإحساس بجنوح نص لقمان ديركي, في كتابه هذا, إلى مطارح لم تكن لقصيدة النثر يوماً هو ظهور الكثير من الألعاب اللفظية التي تتوسل اللغة, وفقط اللغة, في تأكيد وجودها– ص 37– ص 32– ص 31 – ص63 _ ... الخ حتى إنَّ بعض النصوص تستحضر الروح الهمذانية ونقيق المقامات: (دانتيلا صاغتها أنامل ربات الجمال| وحرير تحته غريب البياض| ..... | لا يجب أن تسحبها إلا يد الفنان| كي يشع جسد الموسيقا بالألوان| .. | ويردّد منهكاً بامتنان.... ص 61) إنَّ أي كلام إضافي سيبدو تكراراً لا طائل من ورائه لذا سأكتفي بهذا القدر وأنا أهمس: (لا غبار عليكِ) سيرة عاشق مُرتكسٍ إلى الافتراض والتجريد بعد حياة حافلة بالمعيوش والمحسوس, حياة بدأت تضيق بالصعلكة المدروسة والمنتقاة. وبات الإنشاء الخفي سمة ظاهرة, وسنّة مُعتمدة.


    رأي..
    هل ما زال الشعر ديوان العرب

    المصدر: معد العلاف


    بحدوث الانقلاب الفكري والسياسي والاجتماعي الأكثر أهمية في المنطقة المتمثل بالإسلام، لم تنقطع السيرورة الفياضة للشعر، ولو أنها انحسرت في ميادين محدَّدة نتيجة التغير البنيوي في العقلية العربية، لتستمرَّ في المواضيع التي تخدم المشروع الوليد. ولكن بعد استتباب الأمور، وانتقال الدولة إلى طور آخر (أقصد في الحقبة الأموية)، أخذ الشعر بموروثه وعراقته في المنطقة شكلاً أكثر تطوراً؛ نتيجة استحداثٍ حتمي لمواضيعَ وأفكارٍ جديدةٍ على الوسط وعلى الثقافة العربية. وهذا مبرّر نتيجة التمازج، والتأثر بشعوب أخرى أصبحت ضمن النسيج الحضاري للمنطقة، وأصبحت المدن العربية ملتقىً للوافدين من كلّ الأمصار التي وصلها سلطان الدولة، لتستمرَّ حالة المنتدى ولكن بشكلٍ أكثر تعميماً.
    وبوصول الحقبة العباسية بما رافقها من مخاض وتغيرات، وببروز حالات هاربة من السلطة المركزية، وبتطور الحالات الفكرية الناشئة؛ كان لا بدَّ من تأثر الشعر بهذه العوامل، وظهرت حالاتٌ حتى وقتنا هذا مازال الجدل دائراً حول عمقها وتنطحها لأفكار رفعت سقف الحداثة في المضمون الشعري، ووسَّعت الفضاءات إلى حدٍّ وقف عنده النقاد إلى يومنا هذا، مراجعين لهذه المرحلة المميزة، لتدخل المنطقة بأسرها في نفق الحروب والاقتتال الداخلي، لتنتهي الأمور بذلك السقوط الهائل لكلّ ما بني وكلّ ما حقق، وبالتحديد على المستوى العلمي والأدبي، بدخول المغول، وتفتت أجزاء الدولة، ومن ثم تكوّن دويلات مصغرة ضاق الشعر فيها، إلا على بعض الحالات الهاربة هنا وهناك؛ في بغداد تارة، وفي حلب تارة أخرى، لتتلاشى بعد فترة على حساب ازدياد التصدعات، لتغوص المنطقة في أوحال الفتن وسيادة المسوخ على المشهد الأدبي، وذلك مقتضى الحال؛ فكلّ ما كان موجوداً لا يوحي إلا بالهزيمة. وترقد القصيدة في سبات حتى نهايات الحكم العثماني، الذي لم يترك حيّزاً للفنون والآداب والعلوم، على حساب أمور خلفت المنطقة قروناً، لتظهر مع نهايات هذه الفترة تجارب متفرقة تتطوَّر حيناً بعد حين، مستفيدةً بعد انقطاعها التاريخي من تجارب ثقافاتٍ أخرى، لتغيّر حتى في المبنى المعتاد للقصيدة، ولتحمل الشعر مضاميناً لم تكن مألوفة حينها، وتولد قصيدة التفعيلة، ومن ثم قصيدة النثر، ولتتشكَّل هامات شعرية عملاقة امتدَّ أثرها ونتاجها ليغطي العالم، ولكنها تبقى حالات فرادى لا تعبّر عن المجموع كونها شقَّت مشاريع أدبية تخصّ كلّ واحد من أصحابها، على الرغم من عظمة الإنتاج إلا أنه يقاطع الواقع الذي يعيش هموماً وهواجسَ مختلفة.. طبعاً هنا لا نتحدَّث بصيغة التعميم المغلوطة، ونستثني بعض الحالات التي خالفت هذه الرؤية.
    وبعد هذه الإطلالة على التغيرات في المناخ الشعري هنا، يطرح السؤال الأكثر أهميةً: هل عندما سمي الشعر بديوان العرب، أنصف الشعر أم ظلم العرب؟ وهل مازالت هذه المقولة صالحة حتى الآن؟ أي هل مازال الشعر ذلك المواكب للأحداث، الراصد للتغيرات، وبقراءته تستطيع أن تلتمس شيئاً يعبّر عما يجري في هذه البقعة من العالم؛ أم تحوَّل إلى نتاج نخبةٍ لا تقرؤه إلا نخبة أقلّ؟ وهل هذه النخبة تعيش معنا في نفس الواقع أم أنها تحلق بعيداً ليس بشعرها بل بأفكارها أيضاً؟...

    نصوص عاطل عن العملنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    المصدر : منار ديب

    ¶¶ مزايا الإفلاس
    أن تكون مفلساً يعني ألا تخرج من البيت، وأن تمدح فضائل العزلة، وأن تتذكر ماضيك.. أن تصنف الصور في الألبوم، أو تكتب قصة قصيرة.. وقد تقرّر أن تغيّر حياتك حين يتوافر المال.. ربما تغسل السجادة أو تدقّ مسماراً للوحة المركونة على الحائط منذ سنة.. أن تكره الفوضى فجأة، وتحبّ العائلة.. تكوي قميصين أو ثلاثة من أجل الخروج حين يصير ممكناً، وحتى ذلك الوقت تتسلى باكتشاف الحي المجاور.
    ستتصل بالأصدقاء وتجري مكالمات هاتفية طويلة، وتصنف بريدك الإلكتروني وتقوم ببحث طويل على غوغل.. لا بأس فالفاتورة تستحق بعد شهر. تقرأ كتاباً قديماً من كتب كثيرة اشتريتها ولم تقرأها. ستعتذر عن دعوة من حسناء، لأنك قرَّرت ألا تستدين، فلن تلعب دور الفارس بمال ليس لك. ستشاهد مسلسلاً قديماً وفيلمين كلاسيكيين على الـDVD، وتستمع إلى أسمهان وعبد المطلب، وتعتقد أنَّ الإنسان زائل والزواج ليس فكرة سيئة، وتقرّر الامتناع عن التدخين والتوقف عن شرب الكحول، إلا في المناسبات.. وما أكثرها.. وتتمنى لبرهة لو يدوم هذا الحال، لكنك تخشى الملل.
    ¶¶ يخشى من الحب
    يخشى من الحب من أجل الجورب المثقوب، كيلا يفتضح. ويجادل سائق التاكسي على 10 ليرات كيلا يعود ماشياً من بيتها إلى بيته البعيد.. لا يقدّم زهوراً أو هدايا، ويكتفي بفنجاني قهوة في مقاهٍ شعبية يراها "أوريجنال" بينما يعرف أنها "بيئة".
    ولأنَّ المسارح والمعارض مجانية، فإنه مهتم بالمثقفات، يعيرهن الكتب ولا يقرأنها ولا يرجعنها، وينسينه وينسينها.
    يشتهي كأسي نبيذ وامرأة ترتدي فستان سهرة على مائدة عشاء فرنسي، وعازف كمان يقف قريباً، بينما يشعل السيجار بقداحة ذهبية.. لكنه يصحو على صحني فول وصوت سائق يشتم شرطياً في زحمة المرور.
    يخترع الأناقة بالنظافة، ويركّب من مخلفات الإخوة ومفاجآت البالة زياً يليق ببنطاله الوحيد.
    ينزوي كسحلية في الغروب، ولا يمشي منتصب القامة في وضح النهار.
    ¶¶ متع العاطلين
    أن تكون بلا عملٍ يعني أن تكون بلا أملٍ مفخّخاً بالحقد، لكن خيالك ينبض بالغريب، وتطور حسّ سخرية تنحته نحتاً، تصير المتأمل، المشّاء، الفضولي، وفيلسوف اليأس المهذب. الكسل يليق بالملوك، تمارسه بتبذير، وللآخرين أن يحسدوك. لديك الوقت، أغلى من الذهب، وشجاعة الانتحار البطيء.. لن تفكر بالزواج وستبشر بالعلاقات الحرة النظرية، كالمساكنة حتى لو لم يكن لديك مكان تسكن فيه. أما العلاقات العابرة فتعرفها كثيراً، حيث تكون -أنت- عابراً.. تصيرُ الشهيد، النبي، أو النجم المنطفئ، ولا تقترب من الوهج كيلا تحترق فأنت هشّ كفراشة. من فرط رقتك تفكر بالثواني، كسجين حر في العالم المفتوح، ترى الحياة عن كثب، في كنهها لا في تفاصيلها النافلة.

    مشاغبات عاشق برتقال

    المصدر : دلدار فلمز

    ¶ في مكان ما تحت هذا المطر
    ثمة عاشقان يمارسان الحب
    ويتبادلان المياه في السقوط
    هي تتحدث عن شجرة
    البرتقال
    ولمعانها تحت حبات المطر
    في حديقة الجيران
    وهو يستمع كما لو أنه
    يشاهد فيلماً رائعاً
    في مكان ما تحت هذا المطر.
    ثمة عاشقان يتحدثان بصدق
    عن حبهما الفريد والجميل
    غير مباليين بأخبار العالم
    إنهما الحقيقة الجميلة
    في هذا الزمن العاطل
    عن شجرة البرتقال

    ¶ في أفق الحياة والربيع
    يكشفان عن سعادتهما
    في تحدي ورفض رفضهما
    لرغبات الآخرين في أن
    يدحرجا شيئاً طرياً من حبهما
    ويخترقا سماوات رسمت لهما
    وفي كلّ مساء
    قرب جبل الذهب
    يعلنان عن مشاغبات عاشق
    ويكتبان يومياتهما باللون الأزلي
    على ألواح الفرح والزمن
    وفي آخر المساء
    يسقطان من الضحك
    بين غيوم المحبة والعناق الطويل
    ¶ ترتعش شجرة قلبي
    في الحوش الشرقي
    وتخضر أعشاب روحي
    بين قش غرفة ترابية
    وعيناي تنسجان أشواقاً
    على عتبة باب منزلك
    وتعلقان الورود والابتسامات
    على جدران مملكتك البنفسجية
    وأنت بكامل بهائك تسكنين شراييني
    لأنك نسغ روحي
    أمشي فوق مياه البحيرة
    لأنها ذات مرة
    عكست وجهك
    وشاهدت
    فماً مختوماً على منتصف بطنك

    ¶ تتحدثين معي من غرفتكِ
    أخاف أن يكشفك
    أحد ما على الطرف الآخر
    - رفع سماعة في غرفة ثانية مثلاً -
    تتحدثين لي عن صديق صديقتك
    يلمع شيء ما في الخط
    عندها أتحدث غاضباً
    يئنُّ الكرسي من تحتي
    ويهتزُّ سقف الغرفة من فوقي
    لكن بعد ثوان
    يبدأ الكرز بالتساقط
    من أشجار وجهك
    وأبدأ أنا بالرقص

    مسرح..
    مرة أخرى.. هاملت يا أمير الدنمارك العظيم!!نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    المصدر : لميس علي

    "أن نموت، أن ننام، لا أكثر من ذلك.. بالنوم ننهي وجع القلب، وكلَّ هجمات الأمراض الطبيعية التي يرثها الجسد.
    تلك نهاية نتمناها بخشوع.. أن نموت، أن ننام. ومن ذا الذي يتحمل عذابات العالم وإهاناته.. من يتحمل الهموم
    وينخر ويعرق تحت وطأة حياة مملة، لولا ذلك الشيء المرعب بعد الموت، ذلك الوطن المجهول الذي لا يعود
    منه من دخل في حدوده".
    هو تساءل.. ونحن بدورنا نتساءل: كيف هو حال من أصبحت دنياه على غير ما أمست عليه؟.. وماذا لو أنَّ هذا الذي عبست الدنيا في وجهه بعد أن أقبلت فأدبرت، ماذا لو كان قادراً على سبر خفايا النفوس.. عالماً بسبل رصد خباياها وكشف ما ستر منها؟.. أو لم يكن هاملت كذلك..؟ يرى معظم دارسي دراما شكسبير أنَّ مسرحية (هاملت) تعتبرُ من أعماله الأكثر تكاملاَ فلسفياً وفكرياً وحتى فنياً. مرّة أخرى هاملت الآن، عودة لهذه الشخصية الغنية المحيرة، بطبعة جديدة عن دار المدى 2008م، بتقديم وترجمة: صلاح نيازي. يحاول نيازي منذ البداية إظهارَ أخطاء بعض الترجمات العربية لهاملت، ومن أهمها ترجمة كل من جبرا إبراهيم جبرا، وترجمة عبد الله القط؛ إذ يرى أنهما نظرا نظرةً أدبية للكلمة في النص الشكسبيري، وليس نظرةً اصطلاحية أو مفهوماتية؛ ما أوقعهما بأخطاء كثيرة أبعدتهما عن روح النص الأصلية. فما يلاحظه المترجم أنَّ شكسبير هو شاعر مفاهيم، كلماته مصطلحات.. الأمرُ الذي يجعل اعتماد اللغة الأدبية وحدها في فهمه وترجمته لغة مضلّلة.. هو يكرّر الكلمات والصور من شخص إلى شخص ومن حالة إلى حالة، ولهذا يصبح النصّ وحدة متكاملة.. هي إحدى تقنياته المتّبعة في مسرحه عموماً، وفي هاملت خصوصاً. يقول نيازي: "لم يلتفتا إلى أهمية تكرار الكلمات والصور.. نسمع كلمة، هي في الغالب مصطلح، على لسان أحد الأبطال في مشهد ما. تعود الكلمة نفسها، ولكن بلبوس مختلف، على لسان البطل نفسه، أو لسان بطل آخر، في مشهد ثانٍ وثالث ورابع. هذه الطريقة التي ينفرد بها شكسبير في التأليف المسرحي تجعلُ النصَّ متواشجاً عضوياً، وينمو نمواً استبطانياً، بالضبط كالتأليف السيمفوني، وكلوحة تشكيلية". على العموم ما يقدّمه المترجم هو فهمٌ دقيق وعميقٌ ومركب لبنية النص الشكسبيري. مثال ذلك حديثه عن الحوار الذي دار بين أوفيليا ووالدها، ونصحه لها بألا تحسب وهج حبّ هاملت لها ناراً.. إنه مجرّد وهج يعطي ضوءاً أكثر مما يعطي حرارةً. ثم يتنبّه (نيازي) لذكر البرودة التي تأتي بعد هذا الوهج، كيف ساقها شكسبير في المشهد التالي في حديث بين كلّ من هاملت وهوراشيو، حيث جاءت في سياق يؤكد كلام والد أوفيليا.. أي أنَّ وهج عاطفة هاملت خالٍ من النار. على هذه الخلفية ينتهي المشهد الثالث، ليبدأ الرابع، تأكيداً على أنَّ البرد في زمن شكسبير يعني التوجس خيفةً، وكأن لا أمان مع هاملت. تبرزُ هنا إحدى أهم مهارات شكسبير التأليفية، إنها تقنية التوقيتات، والمقصود بالتوقيتات (تزمين وقوع الأحداث وتزمين توظيف الكلمات، بحيث تنسخ عن قاموسيتها، وتتَّخذ هوية موسيقية ولونية خاصة).
    تكمن العقدة (ذروة العمل) في مسرحية هاملت في "التردد"، في إحجامه أو إقدامه على تنفيذ عملية الأخذ بثأر أبيه، الملك المقتول غدراً. هاملت، الذي كان عارفاً بقسط وافر من أسرار النفس البشرية، لجأ إلى تطبيق معرفته في كيفية إثارة خبايا النفس، عن طريق تهيئة عوامل إثارتها؛ إذ لم يكتفِ برؤية خيال أبيه وما رواه له من تآمر تمّ ضده، إنما لجأ إلى وسيلة ودليل آخر يؤكد تورّط وجرم عمه؛ لجأ إلى المسرحية، ليراقب ردود أفعال عمّه. هو هنا تحديداً ذو مقدرة على سبر النفوس وتحليل سلوكها... ولكن.. لِِمَ التردّد.. هل كان قلقاً دينياً؟..
    "يرى البعض أنَّ تردّده لا يرجع إلى هذه النرجسية الدينية المتمركزة في عمق روحه، بل السبب في التردد هو الطبيعة التأملية التي طُبع بها؛ فإنَّ بعض النصوص يكشف عن قدرة هائلة كان يمتاز بها على تأمل تفاصيل الطبيعة ومسيرة الحياة وخفايا السياسة، بل كان ذا قدرة فريدة على تعليل الكون بلغة أخلاقية جميلة.."، مع أنه هو القائل "التأمل يحوّلنا إلى جبناء". إذاً مترادفات من مثل: التأمل، التفكير، العقل .. هي الأساس، هي مكمن العلّة والسبب في عدم قدرته على اتخاذ موقف صارم فاصل. البعضُ الآخر يرى أنَّ أصل المشكلة يعود إلى أنَّ هاملت كان يعاني من عقدة أوديب، لأنَّ شكسبير نفسه كان يعاني منها. ولربما كان هو الشعور اللاواعي الذي قاده إلى ما آلت إليه الأمور من نهايات وخيمة. عكس التيار.. الناقد الإنكليزي (ت. س. اليوت) يقدّم فهماً خاصاً لهذه الشخصية، ورأياً مخالفاً للآراء الأخرى؛ يرى أنَّ هذه المسرحية ليست أبداً أروع ما كتب شكسبير، بل إنها تمثل إخفاقاً فنياً.. كيف ذلك؟!.. حسب وجهة نظره، فإنَّ المسرحية تعالج أثر جريمة أمّ في ابنها، وشكسبير فشل في فرض هذه الموضوعة الأساس على نصّه.. "هاملت ملأى بمادة لم يكن بوسع المؤلف أن يجرّها إلى حيث النور.. إنَّ هاملت (الرجل) تسيطر عليه عاطفة يعجز عنها التعبير، لأنها تفيض عن حجم الحقائق كما تبدو للعيان. والتوحيد المفترض بين هوية هاملت وهوية مؤلّفه صحيح إلى هذا الحدّ: وهو أنَّ حيرة هاملت لغياب المعادل الموضوعي لمشاعره إنما هو امتداد لحيرة خالقه إزاء مشكلته الفنية". إذاً فإنَّ شكسبير -حسب ت. س. اليوت- استعصى عليه حلّ مشكلته.. ربما.. وربما تبقى هكذا نصوص لغزاً لا حلّ له.. سرّاً لا يمكن فضحه أو كشفه.. ومثل هذه الأسرار لا يُخلق إلا في نص أدبي غاية في الرقي.

  2. #2
    ملدا شويكاني


    شكرا لك مواضيع جميلة و رائعة لبعض الأعمال السورية

    سواء في السينما أو الأدب ..


    تحيتي لك


    ظميان غدير

  3. #3
    اهلا بك اخي صالح واتمنى ان ننشر المزيد مما اغلفلته الصحف العربيه عنا
    شكرا لك

المواضيع المتشابهه

  1. دمشق ...........!!!!
    بواسطة عبد الرحيم محمود في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-01-2014, 05:59 AM
  2. قناة الجزيرة تنافس سينما هوليوود في صناعة الأحداث
    بواسطة وفاء الزاغة في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-13-2011, 09:26 PM
  3. سينما العشوائيات ومبانى الفوضى
    بواسطة عبد الرحمن سليمان في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-12-2011, 03:06 AM
  4. قالت "صعب أن نتكلم عن سينما في بلد لاصالات سينما فيه"..
    بواسطة ذيبان في المنتدى فرسان الفني
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-16-2010, 03:33 AM
  5. المطلوب / سينما تؤثر ولا تتاثر
    بواسطة يسري راغب شراب في المنتدى فرسان الفني
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 10-11-2009, 02:37 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •