الوشاح
شعر : د. جمال مرسي
هُوَ الليلُ نافذةٌ للجراحْ .
تطلُّ عليَّ
على الجَسَدِ ال أوهنته الخطوبُ
و عاثَت به عاتياتُ الرياحْ .
و شَقَّت يَدُ الشَّيبِ فيه تجاعيدَ عُمرٍ مضى
بين صحبٍ نَسَوْا أو تَنَاسَوا
و بين كتابٍ و طفلٍ نما فيَّ ،
صارَ المُشاغبَ
لا ارتحتُ منهُ
و لا من عصايَ التي أدَّبتهُ استراحْ .
أحاورهُ
أقرأُ الذكرياتِ مَعَهْ .
و أمسحُ إمّا بكى فوقَ صدرِ الدُّجى أدمعَهْ .
أُصَرِّخُ فيه ، و أحنو عليهِ
و أغفو إذا ما دعاني النُّعاسُ على راحتيهِ
نَشُدُّ و نُرخي حبالَ الكلامِ المُباحْ
إلى أن تُشقشقَ عُصفورتي
في الصَّباحْ .
***
و يأتي الصباحْ .
فَيُشرقُ وجهُكِ في خافقي
و يعكسُ مثلَ المرايا خيالاتِ ليلتيَ البارحةْ
رفيقةَ روحيَ :
هل كنتِ في حضرةِ الهمسِ و الذكرياتِ هنا البارحة ؟
رأيتك كالطير في أُفْقِ ذاكرتي سابحةْ .
و في ظلمة الليل أوقدتِ شمعةَ روحكِ
هَمهَمتِ يا مُهرتي الجامحة .
أحقا أتيتِ على غفلةٍ من عيونِ الحرسْ ؟
تسلقتِ أسوار قلبي الكبيرِ
فأنطقتِهِ
بعدما مَزَّقَتهُ نُيُوبُ الخَرَسْ ؟
رأيتُكِ كالنيلِ تلقين سِرَّكِ فيكِ
ليُدفنَ فيكِ
و حين ظَمِئتُ
مَدَدتُ شفاه الصدى نحو فيكِ
فهل كان يا ياسمين الفؤادِ رحيقُ المُعَنَّى يفيكِ ؟
و هل خبّأَ النيلُ سِرَّكِ
أم أعلنَتهُ لكأسِ انتظاري فيوضُ الزُّلالِ القَرَاحْ .
إذا الصبحُ راحْ .
فأسلمني عنوةً للمساءِ ،
و ألقى على فرقديهِ الوشاحْ .