سم "الثقافة" الزعاف؟!! أو :
تسرب الــ "إدرينالين" من دمائنا أو
هل أصبحنا نتعامل مع "ثوابت الدين" بعدم اكتراث يتساوى مع غياب اليقين؟!!

بسم الله، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله ...(هااااي)
ليس تضاربا ما بدأت به،إنها (الثقافة المتعولمة)!! بل أردت أن أعبر عن توجيه هذه الكُليمة للجميع،فأردت أن أتصيد بــ(هاي) فئة قد تفر إن رأت (البسملة والحمدلة وما تلاهما من الصلاة على الحبيب صلى الله عليه وسلم ).
ألف (تسونامي) عصفت بي وأنا أحاول كتابة هذه الكُليمة ... حين رأيت ردة فعلي - وردة فعل بعض المثقفين - على الإساءة للسنة المشرفة،والتطاول على ثوابت الدين!!!
صعقتني فكرة أتوقف عندها دائما،وهي ثنائية (فما اختلفوا حتى جاءهم العلم بغيا بينهم) لم يكن (العلم) إلا نورا وضياء فكيف كان سببا لاختلاف - بغيا - تلك الأمة؟!! وأتذكر غضب الحبيب صلى الله عليه وسلم،حين رأى سيدنا الفاروق - رضي الله عنه - ممسكا بورقة من (التوراة)!!!!!!!!
هل أطلت؟ يستعمل الشناقطة عبارة لافتة عند النصح،فيقول الناصح للمنصوح،ما ترجمته : ( لن تمسك بيدي يوم القيامة).
لن أجرأ على قولها لكم لكنني - وبخطوة متقدمة نحو (مستشفى "؟؟؟") أخاطب نفسي بأنها لن تمسك بيدي يوم القيامة!!! فقط اطرح على نفسي تلك الأسئلة التي طرحها أخونا الدكتور أحمد العمري... ومن أراد أن يطرحها على نفسه،فهو وذاك.
أعلم أن أحدا لن يجد وقتا للقراءة .. فالف رسالة تنتظر في علبة البريد الوارد ... وألف جريدة تنتظر ... وألف منتدى .. ومسلسل تركي - واحد على الأقل - وفيلم عربي .. وفلمين أجنبين ... وبرنامج حواري يذاع على الهواء مباشرة .. ومباراة في كرة القدم ... من يجد وقتا للقراءة مع كل هذا؟!! .. ولكن من يهتم إنها (نفثة مصدور) .. لو لم يقراها أحد لكان ذلك أفضل!!!!!! فقط قلت ما أريد .. طرحت أسئلتي .. ولن (تمسكوا يدي يوم القيامة) نقطة
طالعت جزء من الحوار الذي دار حول إساءة إحدى الكاتبات للسنة المشرفة،وسخريتها منها،حتى أن موقعا صهيونيا نقل عنها،وسخر هو الآخر من أحديث نبوية شريفة – اللهم صلى على سيدنا محمد –
أدهشني أكثر من أي شيء آخر،الحوار الذي دار عبر مجموعة الدكتور عبد العزيز قاسم البريدية،وتحديدا تعليق الدكتورة عزيزة المانع،والتي أخذت على الدكتور (قاسم) نشره لتعقيب كتبه الشيخ سليمان الدويش - على الكاتبة التي سخرت من السنة – دون تشذيب،أو تهذيب،لأنها رأت فيه قسوة وأن بعض عباراته سوقية،قد تفسد الذائقة،والحوار .. ولكنها لم تقل كلمة واحدة عن موضوع الإساءة للسنة المشرفة!!!! باستثناء قولها : (وسبب الاستياء ليس لأن النشر أساء إلى الكاتبة، فهذا لا يعنيني في حد ذاته). وليتها نفت عن الكاتبة إساءتها للسنة المشرفة،ففي تلك الحالة يكون النقاش حول وقوع الإساءة من عدمه. أما أن تغضب لأن لغة الحوار الهادئ العقلاني انتهكت،ولا تغضب لأن إنسانا أساء إلى نبيها – ونبينا – صلى الله عليه وسلم،فذلك أمر يثير العجب!! ولعلي أسألها لماذا لم توجه للكاتبة رسالة مثل تكل التي وجهتها للدكتورة نوال السعداوي،وقالت لها - عبر تلك الرسالة - أنها خلطت الأمور وأساءت لقضية المرأة؟!!!!!! ولعلي - أيضا - اذكرها بقولها :
(وأخيرا يتناول الجاسر ناحية اجتماعية سائدة ومعروفة تناولا يظن انه مبطن غير انه بدا واضحا جليا حتى لأغبى الأغبياء ،وذلك عندما يتساءل بهلول الراوي ببراءة تامة "كيف تعرفون المرأة الجميلة من الدميمة .." ..) {جريدة عكاظ العدد 10835 في 24 / 11 / 1416هـ}. فهل عبارة (أغبى الأغبياء) من العبارات التي تساهم في الحوار الهادئ؟!!!!!!!
ولم يكن تعليق أخينا الدكتور عبد العزيز قاسم - على عتب الدكتورة عزيزة - أقل غرابة!!! فقد راح يقدم الأعذار لفعلته التي قبضت عليه الدكتورة حالة تلبسه بها!! هو أيضا لم ينف وقوع الإساءة على السنة المطهرة،ولم يستنكرها – حالة اقتناعه بوقعها - بل وجه رسالة أولى للدكتورة (المانع) ولعلها تعني رسالتك وصلت وسوف أشذب المقالات،أو هذا ما فهمته من قوله : (تعليق: أستاذتنا النبيلة عزيزة المانع، أشكر لك ابتداء هذا النصح الأخوي الذي وصل إلى تؤملين منه بنفسي..)هكذا جاء في الأصل ولعل (ما) سقطت من شدة أسف أخينا الكريم!!!! أما الكاتبة التي أساءت للسنة المطهرة .. مرة أخرى إن كان يرى أنها أساءت للسنة المشرفة ... فقد قال عنها : (ثانيا: الزميلة حصة آل الشيخ أخت أكنّ لها كثير من التقدير رغم اختلافي معها في موضوعات شتى، غير أنني أرفض أية إساءة شخصية لها في مجموعة أديرها..). أما أخوته للكاتبة فللهم هني سعيد بسعيدة!!!!!!!!!!
هذه ورقة استعملت فيها حقي في أن أبدي وجهة نظري،وانتهت عند هذه النقطة.
على ورقة الثانية .. انقل لكم جزء من كتاب للدكتور (العمري).
كتب الدكتور أحمد العمري عن صديق له حدثه عن تشابك خط هاتفه مع هاتف فتاة لعوب،تحادث مجموعة من الشباب،في مكالمات طويلة،مما أضاع على الصديق فرصة الدخول إلى الشبكة العنكبوتية :
(وكنت تروي لي، أن صدرك ضاق بهذا كله – فخرجت بصوتك من السماعة وتحدثت إليها مباشرة،طالبا منها بتهذيب وأدب جم،أن تترك لك مجالا من الوقت لتدخل إلى الشبكة كل ليلة،منبها إياها – إلى ما تعرفه جديا من دون أن تعير له أدنى اهتمام – من أنه يمكن لك أن تسمع كل كلامها،رغم أنك كنت تغلق السماعة في كل مرة تكون هي في خضم لعبتها. قلت هذا،وقلت أيضا شيئا عن حقها الشخصي في استعمال الهاتف كما تريد حتى الصباح،بشرط ألا يؤثر ذلك على حقك الشخصي في استعمال الهاتف أنت الآخر ..
كنت تتحدث وصتك مسترخ تماما،منتهى الهدوء. منتهى الروتين. لم يكن في نبرة صوتك أي انزعاج حقيقي (باستثناء ذلك الذي يخص الإنترنت) ..
لا. لم يكن هناك غضب ولا انزعاج،بل هدوء واسترخاء. لو كنت تحدثني عن الطقس الحار في العام قبل الماضي لما كان صوتك أكثر تأثرا وتهدجا.. بل إننا لو أدخلنا صوتك لواحد من أجهزة الكمبيوتر الحساسة التي تحلل الصوت،لما وجدنا غير بيانات منتظمة،اعتيادية،لا بركان فيها ولا زلزال .. تأملت في صوتك مجسما،وددت لو أني أنظر إليك لحظتها ..
وعبر أسلاك الهاتف دلفت،وكانت الشبكة كما تعلم فضللت طريقي قليلا،ثم وجدتك،وخرجت من سماعة الهاتف عندك،لم تلاحظني طبعا،كنت لا تزال تتحدث معي على طرف السماعة الآخر،وكان صوتك لا يزال مسترخيا تماما،منتهى الهدوء والروتين.
وكان وجهك أيضا هادئ القسمات والملامح،يعكس هدوء صوتك واسترخاءه،لم يكن هناك ما يضايقك باستثناء مشكلة الإنترنت.
ورأيت الهدهد،هناك عند النافذة.
ذلك أن وجهك – الهادئ والمسترخي تماما – ذكرني بوجه آخر،صحيح أني لم أره،ولكني اعتقدت أنه يشبه وجهك تماما في هذه اللحظة،بينما هو هادئ ومسترخ.
إنه وجه آخر،هادئ،لم يتمعر ولم تتعكر قسماته ..
********
في الحديث القدسي الذي يرويه ذلك الذي لا يكذب أبدا عن ربه،يقول : أمر رب العزة عبده جبريل أن يخسف بقرية عم فيها الفساد،فراجعه جبريل ليستفهم قائلا : إن بها عبدك الصالح فلانا.
فقال رب العزة : به فابدأ.
فاستغرب جبريل : لماذا يا رب؟.
فأجابه الله ذلك الجواب الذي يحتاج منا إلى أن نخاف على أنفسنا،قال له : إن وجهه لم يتمعر يوما فيّ.
******************
هذا العبد الصالح في تلك القرية الفاسدة،لم يتمعر وجهه يوما في الله،لم يغضب يوما لله،لم يتغير وجهه من أجل حد من حدود الله،أو حق من حقوقه،لم يجر الدم الغاضب إلى وجهه،لم يحمرّ وجهه من أجل حرام مرتكب أو حلال منتهك..
عبد صالح،لكن لم يتمعر وجهه يوما في الله : ظل وجهه محايدا وهادئا،مسترخيا،رغم قريته الفاسدة،ولذلك قال رب العزة لجبريل : به فابدأ.){ص 12 - 15 (إدرينالين) / الدكتور أحمد خيري العمري / دمشق / دار الفكر / الطبعة الأولى / 2005م }.
(المشكلة أن تمعر الوجه مسألة ليست بهذه البساطة. بمعنى آخر،ليست هناك وصفة سحرية تجعل الوجه اللامبالي الهادئ المحايد للعبد الصالح في القرية الفاسدة يتمعر.
ليس هناك زر واحد تستطيع أن تضغط عليه،فيبدأ وجهك بالتمعر،حيث يجب أن يتمعر،ويعود للهدوء والسكينة في مواطن الهدوء والسكينة.
للأسف،لا يوجد زر كهذا،ولا وصفة كهذه.
الأمر صعب جدا،,معقد جدا،وفي الوقت نفسه،أحيانا على الأقل ،يكون بسيطا جدا،تلقائيا جدا.
صعب جدا لأنه يشمل فهمك كله،وحساسيتك كلها،وغيرتك كلها،وأوعيتك الدموية كلها،وأعصابك كلها،وجزء غير يسير من هرموناتك،وأيضا عضلات قلبك وعضلات وجهك،وكل الشعيرات الدموية التي تنتهي فيه ..
وبسيط جدا،لأنه عندما يحدث،يحدث بتلقائية،بشكل لا إرادي،بشكل عفوي ..){20 - 21}.
(الأدرينالين! وما أدراك ما الأدرينالين .. في عروقنا يجري،هرمون يفرز من ضمن عدة هرمونات أخرى يفرز عند الغضب،عند القلق،عند الخوف .. وعند الغيرة بالتأكيد.
إنه المسؤول عن تسارع دقات القلب،عن تزايد النبض،عن احمرار الوجه الذي يحصل عند الغضب والخوف،والقلق ... والغيرة .. ذلك الهرمون الذي يُفرز من غدة صماء فوق الكلية،يكون بمثابة جهاز لقياس مدى حساسيتك .. إنه يحول انفعالك من الداخل،حيث يكون مجرد إشارات كهربائية على الحبال العصبية،إلى الخارج،إلى الجوارح .. فتؤثر على عضلات الوجه،وعلى النبض،وعلى دقات القلب .. وعلى مجرى الدم (..) مع الإدرينالين،لاكذب هناك،لا زيف في الانفعالات .. مع الإدرينالين ،لا نفاق لا رياء. كل شيء يختبر بالكيمياء. لا مجال للتمثيل .. لا مجال لاختلاق الأعذار .. لا مجال للف والدوران (..) وذات يوم سيكون هذا السائل الذي يُفرز من غدة صماء شاهد عليك .. سيترك صممه ويستجيب للذي خلقه وخلقك. وسيحسب كم لترا منه يا ترى عن الشهوة؟ عند حب التملك؟ كم لترا منه في الظلم عند الحرام؟ كم لترا منه سبح دمك فيه عند العقوق؟ كم مرة من أجل زحام السير؟ من أجل عطل في السيارة؟ من أجل أن أحدهم أخلف في الموعد معك؟ كم مرة من أجل حرارة الجو؟ كم مرة من أجل أن الطعام لم يكن جاهزا؟ كم مرة لأنه لم بعجبك؟ كم مرة،هكذا،بلا سبب،فقط نهضت من نومك وأنت متضايق؟ (..) كم لترا منه من أجل الدنيا ( أم أن الكمية كلها كانت كذلك). وأتساءل كم مايكرو غراما منه من أجل الله،وفي الله .. كم مرة أفرز الأدرينالين لأن فلانا من أصحابك لم يعد يصلي؟ أو لأنه أخذ يزني؟ كم مرة من أجل أن الناس لا يصلون ؟ كم مرة من أجل المائلات المميلات،من أجل الشبان الذين حولهن؟ كم مرة من أجل أ، الناس لا يبالون،ولا يهتمون،وهم إلا جهنم سائرون؟ كم مرة من أجل حدود الله المنتهكة (..) كم مرة أفرز الأدرينالين غضبا،غيرة،ألما لله؟ أم أن ذلك أصلا لم يحدث،ولم يخطر في بالك أنه يجب أن يحدث؟) {67 - 69}.
رغم أن الثقافة - فيما يبدو - تسرب من دمائنا (الأدرينالين)،إلا أنني مررت - قريبا - بتجربة أثارت غضبي،رغم مرور أكثر من قرنين ونصف عليها!!! كنت اقرأ رحلة بعثة أرسلتها الدنمرك إلى اليمن سنة 1761م،وحين كانت البعثة في القاهرة كتب أحد أعضاء البعثة - (نيبور) - في مذكراته :
(بينما كنا في زيارة أحد البارزين من عرب القاهرة،بأملاكه بالريف البعيد (..) عبر فورسكال و بورنفايد عن رغبتهما في أن يريا ويرسما فتاة شابة مختونة. وفي الحال أمر مضيفنا بإحضار فلاحة في الثامنة عشرة من عمرها،وسمح لهما بمشاهدة كل شيء أحبا مشاهدته فيها،وتم كل هذا أمام سمع وبصر الخدم الأتراك،واستطاعا أن يرسما كل شيء من الطبيعة مباشرة،ويداهما ترتجفان خوفا من رد الفعل السيئ من قبل المسلمين ولأن سيد المنزل كان صديقنا،فلم يجرأ احد على إبداء أي معارضة.) {ص 136 (من كوبنهاجن إلى صنعاء) / تُوركيل هانسن / ترجمة : محمد أحمد الرعدي / بيروت / دار العودة / 1983م}.
خنقني غضب فجرته تلك الجريمة التي ارتكبت في حف تلك الفتاة - كانت فتاة - حتى لو لم تكن (مسلمة)،فالمبدأ واحد.
لكنني حين قرأت حوارا في إحدى الروايات - مع الفارق بين الفعلين - والذي دار ببين مدرس (عربي) وطالبة سعودية استأمنه أهلها عليها ليعطيها دروسا في اللغة الإنجليزية،بعد أن تركا بمفردهما،وهي محجبة :
(قلت فجأة : اكشفي وجهك.
(..) فم صغير وعينان عسليتان ناعستان وأهداب طويلة وبشرة خمرية مفاجئة،وقوس الشعر الأسود فوق الجبين وتحت رباط الرأس الأخضر ينبئ بشعر غزير خلفه (..)وفجأة أشم أنفاسها الزكية ،وعطرها الغامض كثف وانتشر،وطال الدرس أكثر من ساعتين ،وكلما نظرت إليها أرخت أهدابها،وكلما ناولتني الكتاب تلامست أناملنا فارتعشت أصابعها.){ص 116 رواية (البلدة الأخرى) / إبراهيم عبد المجيد.}.
لم يكن لهذا الحوار،وما انتهت إليه العلاقة،ليثير غضبا. من قال لماذا؟!!!!!!! ببساطة إنه (فن) خيال كاتب،ربما كان حانقا على ثقافة البلد،لاختلاف المشربين،أو مطعونا في خاصرته من بعض سفهة هذا البلد،والذين يعثيون فسادا في بلده،فأراد أن ينتقم لنفسه،بقوله ها أنا أدوس أعراضكم ... (فن) .. (أدب)!!!
من هذا المثال - الذي قد لا يكون معبرا - أطرح سؤالا، أنجب أسئلة :
ماذا تفعل بنا (الثقافة) ؟! كيف تؤثر في (ردة فعلنا) قراءتنا لمئات،بل آلاف العبارات التي تسيء إلى الدين،أو تشتم الخالق - سبحانه وتعالى - ؟!!! أو تستهزئ بالحبيب صلى الله عليه وسلم؟!!! أو تنال من الملائكة الكرام؟!! هل نغضب ونثور عند قراءتنا لذلك في المرة الأولى حتى المرة المائة؟!! ثم يخف الغضب .. ثم يخفت .. ثم يتلاشى ؟!!! أم أننا نظل محتفظين بقدرتنا على الغضب؟!!!!!!
هذا على صعيد تأثير الفن،ولكن ماذا عن صعيد (حرية الرأي) وحرية الرأي مكفولة للجميع،لكن ذلك ينتج - فيما يبدو - نوعا من (التراخي)!! بما أن ثقافتنا الحديثة (المتلبرلة) المنفتحة على مصراعيها - في جلها - كتب عليها (صنع في الغرب)،فسوف ننظر في تأثير (العقل المنفتح) على الثقافة الأمريكية تحديدا،كتب الدكتور مصطفى نبيل عن :
("إغلاق العقل الأمريكي" لكاتبه آلان بلوم،والذي يدور حول معنى اللبرالية الذي يقتصر عند البعض على فكرة أن الآراء المختلفة تتمتع بشرعية متساوية،مما أصاب العقل الأمريكي بأحد مرضين،فإما التسليم بالأفكار والنظريات المختلفة دون تمحيص،وإما معالجتها بعدم اكتراث متساوى مع غياب اليقين.) {مجلة الهلال،القاهرية عدد سبتمبر 1994م}.
هل تسلل إلينا (داء الأمم)؟!! هل أصبحنا نتعامل مع ثوابت الدين بعدم اكتراث يتساوى مع غياب اليقين؟!!!!!!!
أمثلة من (السم) الذي تحقنه "الثقافة" الحديثة في عروقنا
يُقال أن (الحكم على الشيء فرع عن تصوره)،وهذه بعض الأمثلة التي سقتها لتقريب الصورة،وليسال كل واحد منا نفسه عن تأثير مئات - وربما آلاف - العبارات التي على شاكلة هذه الأمثلة على عقولنا!!!! قبل الأمثلة،لابد أنكم سوف تلاحظون أنها جميعا من (الفن) الروائي!! أي أننا لا نتحدث عن أفكار (الملاحدة) وفلسفاتهم .. ولكنه (الفن) - أجلكم الله - والذي يقدم لنا التسلية، وملأ أوقات الفراغ،بما يعود علينا بالتسلية والنفع والتنوير والتوعية .. إلخ.
سوف نبدأ بصاحب رواية (أولاد حارتنا)،والتي غلفت أفكارها بغلاف من (الرموز)،ثم جاء وقت الوضوح والبيان :
في رواية (قصر الشوق) لنجيب محفوظ ،وردت كلمة (المعبود ة) بدلا من (المحبوبة) 88 مرة. وقال حسين ضاحكا :
(إنك تجد دائما وراء الأمور إما الله وإما سعد زغلول) ص 184 . و يقول ياسين :
(ولكنني أردت أن أبرهن لك على أن المرأة الملاك لا وجود لها بل لا أدري كيف كنت أحبها! إن وجدت! فإني مثلا – كأبيك – أحب الأرداف الثقيلة،ولو كان الملاك ذا أرداف ثقيلة لتعذر عليه الطيران) ص 379 وفي مكان آخر :
( الله نفسه لم يعد الله الذي عبدته قديما،إني أغربل صفات ذاته لأنقيها من الجبروت والاستبداد والقهر والدكتاتورية وسائر الغرائز البشرية) ص 385
( وثانينا الكومي) لــ خيري شلبي، ومما جاء فيها :
(قلبي يحدثني أن القيامة قامت يا هليل وأننا من أهل جهنم الحمراء! قبلي يحدثني أننا ناس طيبين ولهذا نجونا من الهول ونذهب الآن إلى موضع الموازين ليعرفوا ماذا بقي علينا لله من ديون ندفعها أو نأخذها مصاريف حبس في أحد السجون الواقعة في المنطقة الفاصلة بين جهنم والجنة الفيحاء) ص 55 / وجاء فيها أيضا :
(هناك إذن خلق من عباد الله أمثالنا أولاد تسعة أشهر يغتصبون الجنة من الله ) ص 79 وفي حوار آخر :
((أتظن أن الله تدخل عليه هذه الألاعيب! تظن أنك تضحك عليه وتأكل بعقله حلاوة! يا لك من بارع! يا لك من ولد مفتح!إمش يا جدع ولا تجعله يعاقبك بالعنية!) ص 102 –
103
رواية (الرحيل بين السهم والوتر) لــ حليم بركات:
كتب (نائل ) في مذكرته :
(رأى الإنسان العالم متناقضا،واحتار تجاه ظواهر غامضة،فأحس أنه مهدد بالموت والتعاسة،فقال نصنع الله على صورتنا ومثالنا،ولما فرغ الإنسان من صناعة الله،استراح من القلق ولكنه تحول إلى مخلوق .. وعاش التعاسة والتناقض والموت) ص 96 – 97
في مكان آخر،يتحدث عبد الهادي عن والده :
(واستعان الوالد بحديث يقول أن النبي عندما كان يرى امرأة فاتنة يخاف الإغراء ويسرع إلى البيت وينام مع إحدى زوجاته. لذلك نصح أنه عندما يرى الرجل امرأة وينجذب إليها،عليه أن يسرع إلى زوجته. وسأله إلى أين يسرع هو إذا لم يكن له زوجة.) ص 53
ويقول (النائل) :
(وحلمت مرة أنني أقيم علاقة مع ملاك. الملاك في ذهني امرأة شبقة.) ص 275
تعالى الله عما يقول الكافرون علوا كبيرا.
ختاما : ألفت الأنظار إلى أن ما نقلته هنا - واستغفر الله من فعل ذلك - مجرد نقطة مما تضج به كتب (الثقافة)،واذكر - أيضا - أنني حصلت على هذه الكتب من مكتباتنا المحلية .. باستثناء (وثانيانا الكومي) والتي وصلتني عبر البريد .. أما رواية (حليم بركات) - يا للمفارقة - فقد اشتريتها من معرض الكتاب الإسلامي -1406 أو 1407هـ - كما اشتريت رواية (نجيب محفوظ) من الطائف في حدود سنة 1413هـ!! بمعنى آخر لا يتهمن أحد الانفتاح الذي حصل بعد أحادث سبتمبر 2001م،بأنها خلف السماح بدخول الكتب المشحونة بالتجديف والجنس ... إذا هناك مبالغة في الحديث عن منع الكتب في السعودية،ورغم قناعتي بأن المنع ليس أكثر من وسيلة للانتشار .. إلا أن على كل واحد منا أن يسال نفسه عن تأثير ما يقرا - من عبارات سيئة - على قدرتنا على استنكار المنكر .. فضلا عن النهي عنه؟!!!!!!!
سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك ... سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

أبو اشرف : محمود المختار الشنقيطي - المدينة المنورة في 13 / 11 / 1431هـ
mahmood-1380@hotmail.com
--