النخلة والبئر
***
شعر
صبري الصبري
***
عـجـبـا لـشـخــص واقــــع بـالـبـئـرِ
يـهــوي بـقــاع مستـطـيـر الأســــرِ
يـحـيــا بــأغــلال شــــداد أطـبـقــت
ســــرا وجــهــرا بــالأســى والـقــهــرِ
يـقـتـات نـبـتـا طـالـعـا فـــي حـفــرة
مــــزريـــــة مــعــجــونـــة بـــالـــمــــرِ
يـشـتــاق نــــورا فـالــظــلام يـلــفــه
لـــفـــا بـعـتــمــة لــفــحــة بــالــحـــرِ
ويــمـــد كـــــف الـسـائـلـيـن لـــربـــه
لـيـجـيـب قـلـبــا لاهــجـــا بـالــذكــرِ
فيـمـده بالـغـوث يـهـطـل بالـسـخـا
للسائـلـيـن عـلــى امـتــداد الـدهــرِ
فـهـو المغـيـث المستـعـان بغـوثـه
يـحــيــا الأنـــــام بـلـهـفــة لـلـخـيــرِ
مـن كـان منـهـم بالـرخـاء ممتـعـا
أو كـان منهـم بالضـنـى والعـسـرِ
واشتد ويـل الحادثـات بمـن هـوى
بـالـبـئـر رغــمــا بـالـعـنـا والـقــســرِ
فـمـعـاول الـسـجـان تـقــرع رأســــه
بالهـدم يمضـي بانـطـلاق الـضـرِ
نـادى بصـوت طاعـن فـي يـأسـه
دون انـقـطــاع لـلــنــدا بـالـحـصــرِ
فالقـاع أضـحـى للمعـنـى مخـدعـا
يـغـلــي بــمــاء لاهـــــب كـالـجـمــرِ
ينسـاب بالأحـشـاء فــي تقطيـعـه
كالسم في جـوف الممـزق يجـري
حـتــى اسـتـقــر بـأمـنـيـات فــــؤاده
بالـقـيـد يـهـفــو لـلـنــدى بـالـبـشـرِ
وأراد ربـــــــك لــلــمُــعَــذَّب فــــرجــــة
فــأمـــده مـــــن فـضــلــه بـالـنـصــرِ
فبـدا بإمسـاكِ الجوانـب كـي يــرى
مـا بالبسيطـة مـن فسيـح النشـرِ
واجـتــاز سـجــان الــبــلاء بـوثـبــة
أودت بـســجــان الــبـــلا بـالـقــعــرِ
وثـوى بـرأس البـئـر يـرقـب شـأنـه
بــذهـــول لـــــب مــوغـــل بـالـفـكــرِ
ويــرى بـقــاع الـبـئـر سـجـانـا لـــه
يـحـيـا بـكـبـت بــالــردى والـخـســرِ
فأفاض مـن مقـت لديـه سخائمـا
بـمـن اسـتـقـر بـذلــه فـــي الـكـهـرِ
ورأى بجـنـب البـئـر أعـلـى نخـلـة
لاحــت بسـمـت جمـالـهـا بالـتـمـرِ
فانساب في عـزم الصعـود لـذروة
للـتـمـر يـرجــو حــصــده بـالـيـسـرِ
ظــــن الـحــيــاة غـنـيـمــة فــوريـــة
يخـتـال فيـهـا بالمنـاصـب يـسـري
وبـــــأن لــجـــة سـعــيــه بــمــســاره
تـعــطــيــه كـــــــرا تــابــعـــا لــلـــفـــرِ
فـهـوي كئيـبـا مــن أعـالـي نخـلـة
بـالـبـئـر حــــل بـقــاعــه بـالـكـســرِ
بالذل من كأس الحماقة يحتسي
مـــــرا جــديـــدا بــالأســـى والـقــفــرِ
وثـــوى حـزيـنـا منـهـكـا بشـجـونـه
يـجــتــر ويـــــل تـــســـرع الـمـغــتــرِ
قـــــد رام آفــاقـــا حــلـــت بـالـتــمــر
فـثـوى سريـعـا مرغـمـا فــي البـئـرِ
إن الـلـجـاجــة حـــســـرة ونـــدامـــة
فيها الهلاك على مدار العمرِ !!