سور دمشق
كنز مهم ينتظر العناية اللازمة
العدد الخامس والستين - 2010-04-03
عــودةكما قلنا ونكرر دائماً من على صفحات الأبجدية الجديدة، فإن القيمة الاقتصادية الأهم لمدينة دمشق هي في القسم القديم منها. فدمشق القديمة هي قبلة السياح مهما اختلفت بلادهم وانتمائاتهم. ولا لزائر دمشق أن لا يمر بسوق الحميدية وقلعة دمشق والجامع الأموي وقصر العظم والشارع المستقيم الذي يصل غرب دمشق بشرقها، بدءاً من سوق مدحت باشا وحتى باب شرقي، وهو الشارع الذي ذكر في الإنجيل، وما يتضمنه هذا الشارع من محال جذابة ومطاعم وخانات ومساجد وكنائس وصولاً إلى باب شرقي وكنيسة حنانيا. وكذلك لا بد للسائح من المرور في باب توما والسير بمحاذاة السور ليصل إلى باب كيسان مروراً بباب شرقي.
وكما ندعو دائماً، لا بد من تسخير القسم المحيط بدمشق القديمة لخدمة هذا القسم، من حيث تأمين المرآب المناسبة والمساحات الخضراء الكافية، وأماكن للتنقيب تكون معروضة للسائح والطالب والمهتم بالثقافة بجو من الشفافية مدعم بالشروحات المناسبة.
لعل أهم ما يميز مدينة دمشق القديمة هو إمكانية معاينة آلاف السنين من الحضارات في مكان واحد ما زال حي حتى اللحظة، فنظرة واحدة إلى الجامع الاموي تنقلك بالحضارة من معبد الإله حدد ومن ثم جوبيتر ومن ثم كنيسة القديس يوحنا وصولاً إلى المسجد الاموي الكبير، حيث يمكن للزائر معاينة كل هذه الحقب والتي تمتد إلى ثلاثة آلاف عام في نظرة واحدة متفحصة لهذا المكان، وهذا هو أيضاً حال سور دمشق.
حيث يعد سور مدينة دمشق من أهم المعالم الأثرية في المدينة، ويضم بين جنابته الكثير من الأوابد التاريخية منها قلعة دمشق وأبواب دمشق السبعة، حيث عبق التاريخ هنا وهناك في مدينة هي الأقدم في العالم.
إن سور دمشق كما العديد من الأماكن الأثرية في سوريا يعاني ما يعانيه من إهمال وعدم اكتراث. فبمرور سريع على أطراف ما تبقى من هذا السور نجد أن جدرانه قد اتسخت بانبعاثات غازات المركبات والتلوث القاتل في مدينة دمشق، كما نرى أن الأجزاء الأهم من هذا السور ما زالت تحت الأرض، هذه الأجزاء المبنية بالأحجار الضخمة والتي تمثل الحقبة السورية الآرامية أولاً ومن ثم الحقب اليونانية والرومانية والبيزنطية والإسلامية الأولى، في حين أن ما يظهر هو بمعظمه ما تم إضافته في الفترة العثمانية.
ولا بد للناظر من أن يرى أعين وكاميرات السواح تحاول الوصول إلى بعض الأجزاء التي بالكاد تظهر تحت هذا السور وبالتحديد عند منطقة باب شرقي، حيث أظهر النفق الموجود هناك بعض من أجزاء هذا السور.
إننا ندعو من خلال منبر الأبجدية الجديدة إلى التركيز الشديد على إظهار أهمية هذا السور وهذا يتضمن مجموعة من الخطوات نذكر منها:
- تنظيف الجزء الظاهر من السور الحالي.
- القيام بحملات تنقيب في بعض أجزاء السور من أجل إظهار ما يمكن إظهاره من هذا السور، حتى لو أضطررنا للنزول بنفق للمشاة تحت الأرض يظهر ما خفي من هذا الإنجاز المهم. ونشير إلى أن هذه الحملات بحد ذاتها هي عناصر جذب مهمة للسائح والمهتم.
- وضع اللافتات المناسبة لشرح تاريخ هذا السور وإظهار كافة الحضارات التي ساهمت في بناءه.
- القيام بجولات مدرسية للطلاب من أجل معرفة المعلومات المتعلقة بهذا السور ومدى أهميتها وبهذا نكون قد امنا نوع من الاستدامة للعناية بهذا السور.
- وأخيراً لا بد من إيجاد الأماكن المناسبة لركن باصات السواح خارج السور، وإيجاد الأماكن الخدمية الضرورية كالمساحات الخضراء والمرافق الصحية وبالتأكيد كتب الشروحات الضرورية لهذا الأمر.
وفيما يلي نستعرض وإياكم بعض المعلومات عن هذا السور:
يعود تاريخ إنشاء هذا السور (السور القديم) إلى العهد الآرامي ثم اليوناني وبعده الروماني. ويبلغ طول السور الأثري القديم 1500 متر وعرضه 750 مترا، ليضم مساحة تقدر بحوالي مائة هكتار مقسمة إلى جزر مستطيلة مفصولة بشوارع تتجه من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، وضم السور القديم سبعة أبواب هي باب السلام، باب شرقي، باب توما، باب الفراديس، باب الجابية، الباب الصغير وباب كيسان.
ويختلف السور القديم عن السور الحالي الذي رمم عدة مرات على مر العصور وتم توسيعه ليكون متفقا مع اتساع المدينة وامتدادها، حيث جعلوه يحاذي مجرى نهر بردى الأصلي بدلا من نهر عقربا الذي لم يعد يحاذيه إلا بعد باب السلام ثم أتى حكام دمشق في فترات متلاحقة والمماليك والعثمانيون وقاموا بتدعيم أجزاء من السور.
وتبين المراحل التاريخية التي تم فيها بناء الأقسام المتبقية من السور أن صفوف أحجاره السفلية الضخمة التي أخذت من السور القديم يعود عهدها إلى ما قبل القرن الثاني عشر، وصفوف الأحجار التي تليها إلى زمن نور الدين زنكي في العهد الأيوبي، أما مداميك الأحجار غير المنحوتة العلوية فقد وضعت بالعهد العثماني. ومن أهم معالم سور دمشق برج نور الدين وبرج الصالح أيوب وقلعة دمشق وأبواب السور ويقع برج نور الدين في الطرف الجنوبي الغربي من سور المدينة (جنوب جامع سنان باشا) ويبلغ ارتفاعه عشرة أمتار بناه نور الدين زنكي سنة 654 هـ / 1256 م له قاعدة مربعة أحجاره مبنية من أحجار قديمة أخذت من سور المدينة القديم ويلاحظ أن صفوفها السفلية أكبر من العلوية التي جددت زمن الملك الناصر قلاوون وقد أعاد السلطان نور الدين الشهيد بناء السور حتى أحاط بالمدينة بعد توسيعها وأصبح شكله بيضويًا بعدما كان مستطيلًا وقد أضيف إلى السور سور أخر يمتد من باب السلام وباب توما حتى الباب الشرقي لتصبح المنطقة الواقعة بين السورين تعرف باسم (بين السورين)، كما أقام نور الدين عدة أبراج على هذا السور. ومن المعالم أيضا برج الملك الصالح أيوب ويقع إلى الزاوية الشمالية الشرقية من المدينة وسمي باسمه حيث أنشأه عام 646 هـ / 1248 م وهو نموذج للأبراج الأيوبية الدمشقية.
أبواب دمشق القديمة
يشير ابن عساكر إلى أن أبواب السور القديم في دمشق رمز كل منها إلى أحد الكواكب السبعة التي كانت معروفة في ذاك الوقت، وجعل على كل باب صورة الكوكب المرصود له. فباب كيسان الذي يرمز لزحل بقيت الصورة عليه حتى الآن موجودة، بينما خربت على الأبواب الأخرى، لكن أبواب دمشق لم تبق كما عرفها ابن عساكر سبعة أبواب بل أصبحت عشرة أبواب هي: باب كيسان، الباب الشرقي، باب توما ويرمز إلى كوكب الزهرة، باب الصغير ويرمز لكوكب المشتري، باب الجابية ويرمز لكوكب المريخ، باب الفراديس ويعرف الآن بباب العمارة وهو مغمور الآن بالكتل السكنية والأسواق التجارية ويرمز لكوكب عطارد، باب الفرج ويسمى اليوم باب المناخلية وقد زالت معالمه الآن بسبب هدم الأسواق المحيطة بالقلعة، باب النصر وكان يقع عند مدخل سوق الحميدية من جهة الشرق، باب الجنيق وقد تهدم بسبب عدم الاستخدام وما يزال مهدمًا حتى الآن ويرمز هذا الباب للفخر، باب السلامة ويعرف الآن بباب السلام.
خاص - الأبجدية الجديدة
أخذت الصورة القديمة عام 1890 – المصدر موقع:
http://www.old-picture.com/europe/Damascus-Wall.htm
الابجدية الجديدة