منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 4 من 4
  1. #1

    Thumbs up وتستمر الحياة...

    وتستمر الحياة...

    كانت الأوراق مبعثرة فوق مكتبي، يكاد المكتب المتسع لا يقوى على حملها، نظرت فيها من جديد في يأس وحاولت عبثا ترتيبها ترتيبا زمنيا ليسهل علي مراجعتها لاحقا...
    كانت الأوراق جلها فواتير تحمل الملايين في أسطرها ولكنها بالنسبة لي حبر فوق ورق وتظل في النهاية ورقة حقيرة تعكر صفو ساعاتي ...
    أنظر إلى ساعة الجهاز المحمول (اللابتوب) والذي يعني لي الكثير إنه لعبتي المفضلة والمدللة يحوي الكثير من الذكريات بين اسطره، يحمل كل خواطري وخربشاتي وذكريات جميلة جداا، اسمعوا لعبتي لا تحمل ذكريات حزينة، نعم تبا... ‘ن الساعة تشير لي أنها الرابعة مساءا وخمس دقائق ... حتى هذه الساعة أمرها عجيب لفؤادها دقات تتسارع في مواضيع نريد فيها أن تتباطىء، وكم يحلو لها التباطىء في لحظات انتظارنا – على ذكر الانتظار إنه مرافقي الابدي دائما انتظر وانتظر ولا امل من الانتظار صار لي مثل الدم، كل شيء انتظر سوف تفرج نعم كلمة أسمعها منذ سنوات وما زلت انتظر، في كل المرات من عتمة ليل حالك اتنتظر، وفي عندما تشرق الشمس أنظر إلى بصيص من نور شمس يوم جديد... لتدور الحلقة وأنتظر.....

    لم أقوى على ترتيب الأوراق، دسستها جملة في الخزانة وحملت حقيبة يدي ولعبتي المدللة، أطفأت النور وأغلقت باب المكتب وانصرفت في نشوة وكأنني تخلصت من الأوراق إلى الأبد، وكأنها لن تقابلني من جديد صباح الغد، توجهت بسيارتي الى مركز تجاري ممتاز – ليس للتسوق – وانما للتفرج فقط، ارقب الجديد في كل شيء، أراقب الاثمان وما جادت به السوق من تكنولوجيا جديدة ولو ان بلدي للاسف لا يتيح لي الفرصة نهائيا أن أتمتع بما جديد وانما بلدي للاسف مزبلة للتكنولوجيا التي فات وقتها... نعم أرضي مقبرة لكل التكنولوجيا التي تخلصت منها اوروبا لتغزو أسواقنا بدون خجل ويتمتع بها المواطن المسكين، عفوا حتى أكبر الشركات تتمتع بها وهذا إن جادت ميزانيتها بتتبع التكنولوجيا المهملة والفائتة... للاسف هكذا نحن نفكر في الدرهم ولا نفكر في طريقة استخراج الدرهم يعني الاشهار... ثقافتنا هكذا رجعية وما عسانا نفعل لعقول عربية... كل هذه الأفكار تراودني وأنا أتنقل بين أروقة المتجر.... لا شيء يستدعي الاطلالة، كل شيء قديم مطروح بأثمان خيالية تفوق التكنولوجيا في بلدان متقدمة..... نعم انهم محظوظون صارت بلداننا العربية مقبرة مزابلهم التكنولوجيا ............كل هذا وتلك الأوراق البائسة كم تتلذذ في الجلاء بين عيني ...

    تجولت وتجولت .... وافكاري مشتتة ....... ينتابني شعور خوف وارتباك لا شيء يرضيني.... الاوراق تتبعني كظلي ولما لا فهي فعلا ظلي الاسود..... خرجت من المركز التجاري واتجهت لسيارتي... وانطلقت نحو مكان معروف برزاج اقتصادي كبير .... لا تحسبون ان حقا رواج اقتصادي أكثر ما هو رواج بشري اعني الاكتظاظ..... لمحت الشارع مكتظا بالمارة، وكأن النهار في منتصفه وقد غمر الضياء الأفق، الكل في حركة والكل مسرع نحو الحافلات، أما انا فانتظر في الزحمة من السيارات ومنها فرصة اتفرج على الناس كل وحركته... يا سبحان الله... الام وهي تهرول وولدها بيدها... الموظفة وهي تتأبط حقيبة يدها خائفة من أن ينتشلونها منها ... نعم هنا مركز كبير للمتشردين والسارقين وكا انواع الجرائم.. عليك ان تكون على بال كبير.... أنا الأخرى كل زجاج سيارتي مقفول.... ليس من عادتي الذهاب الى هذه الاماكن ولكن بسبب تلك الاوراق أحببت أن أرى الناس هناك كل ومشيته، كل وحالته، فيه حالات اجتماعية مزرية... من هنا أتأمل ليهون علي حالي وأقول اللهم الاوراق أو هذه الحالة المتدنية... لا تحسبون ان كل الناس هناك هكذا... لالالا إنها طبقات شعبية واجتماعية مختلطة لقد قلت لكم هناك مركز اقتصادي كبير، مرفأ للحافلات الكبرى والصغيرة ومركز التجارة بالجملة في كل الانواع كما هناك التجارة بالتقسيط في الدكاكين وكل الازقة وأنت تتجول كن على بال ان لا تمشي على السلع المفروشة....، ولكنني سرعان ما أدركت أنني بحاجة إلى إبطائ سرعة سيارتي،.... لا تثقوا ففعلا لا يمكن أن تتعدى السرعة هنا 20 نعم بحاجة إلى النظر إلى الشارع وأزقة الأحياء والدكاكين المزروعة هنا وهناك مثلما كنت أفعل منذ زمن ...منذ زمن؟ عن أي زمن أتحدث؟ وانا التي لم تزر هذه الاماكن الا لما التصقت بتلك الاوراق.... وأي الأزمة أقصد؟ أهو زمن النكسة؟ أم زمن اليأس ؟ ربما زمن السجن وراء قضبان الخوف ؟ أو الاستسلام... الحرمان... تبا ، لم أنجح في وضع عنوان لذلك الزمن أو اسما ولا حتى مرجعا ... كم تمنيت ذلك، لأنني لا أريد أن أتذكر أدنى تفاصيل ذلك الزمن الحاضر الغائب... رميت لخيالي عينا بين صفحات ذاك الزمن فتذكرت أن عقارب الساعة كانت حينها بطيئة جدا لدرجة تقلقني، فلم أراها سريعة الآن ؟ ... لربما كان الزمن ثابتا؟ والأحداث التي تكسو جدرانه بين الحين والآخر تغير من لونها كما تفعل الحرباء في أحضان الشجر... يرن هاتفي ... لن أرد إنه زمن من الازمان الاخرى سوف يزيد ما بي.... نعم لن ارد نهائيا ..... زمن الاوراق وزمن اللازمن....

    ورحت أتساءل من جديد عما حدث معي في ذاك المجال الزمني، لم أكن حينها أستطيع رؤية الشارع والدكاكين والمارة مثلما أفعل الساعة، كنت لا أرى سوى ذاك الشبح بين عيناي يطاردني الليل والنهار، في صحوتي ومنامي ، هل كنت مسحورة؟ لا لا ... ليس كل ذي هم مسحور .. كما اني لا اومن بذلك بتاتا... أما الأشباح والأرواح- التي تهاجر جثث الموتى لتتقاسم مع الأحياء حياتهم- فلم أكن ممن يؤمنون بها كذلك...و لكنه كان كذلك، يلاحقني في كل وقت وحين، يغزو أفكاري وشعوري ويتحكم في تصرفاتي يقف بيني وبين السعادة حاجزا صعب العبور، فتراني لا أسمع سوى صوته ولا أرى إلا صورته، أليست تلك الصفات للأشباح؟

    كنت أعتقد أن الحياة سوف تنتهي فوق عتبة ذلك الكابوس المخيف الذي حسبته بادئا حلما ورديا قد زارني، نعم كنت أتوقع زهق روح أيامي وساعاتي على يد ذلك الشبح السفاح، ولكن... أين ذهب ؟ كيف اختفى ؟ هل خلع روحه عن روحي ؟ هل سأعيش بسلام ؟ أم أنه سيزورني يوما، فقط لأنه يحبني وأنا أكرهه كرها حد الخوف ... لطالما كان الخوف من المستقبل هاجسي الوحيد ولكن قد يصبح الخوف من الحاضر أشد أثرا وقوة، وليس من الضروري أن يرسم الألم نقطة نهاية لجملة حياتنا، فغالبا ما يحولها إلى جحيم ويضرب لنا مع القدر موعدا لاحقا...

    عندما وصل تفكيري الى فكرة عودة الكابوس، انصرفت مسرعة من مدن الماضي، وعاودت صورة الشارع تتمثل أمام عيناي بروعتها، لا يزال مكتظا بالمارة ، والدكاكين مفتوحة الأبواب والأطفال يبتاعون ما طاب لهم من ألبسة جديدة لعيد سعيد ، ..... هنا اتجهت الى مسكني حيث يسود السكوت والجمود، لا حركة ولا أحد بشوارعي حينا، كل واحد يلتزم بيته، كل واحد معزول، لا جيران ولا سلام... سبحان الله... مرة يروقني هذا لأني احب الوحدة لأنها مفيدة تسمح لك بالتفكير، بالقراءة، بالابحار في الانترنت، لا احد يعكر صفوك ولا احد يقلق راحتك... نعم راحة تامة وعزلة كاملة... لكن نحن بشر نحتاج الى وقت للتلكم... للترويح عن النفس... لتبادل الافكار.... نعم هي الحياة إذن، سماء بألف فصل، لنذهب الى البحر ..... نعم قررت الذهاب لآخذ معي خليل (12 سنة) – أكرم (5 سنوات) – عبد الرحمن (4 سنوات) .... ثلاث أطفال في معظم الوقت يكونون أبطال اجازتي، أنبسط معهم كثيرا لأرجع الى طفولتي ألاعبهم يلاعبونني، أحب أفكارهم لديهم أفكار كبار وليست أفكار صغار يجيدون اللعب ويتفقون علي في أي لعبة، ينتجون أفكار تعجبني وتروق لي والله في بعض الاحيان أفضلهم على الكبار لا ادري لماذا وانما صفائهم ونقائهم في مجادلاتهم ومعاملتهم يجعلونني أحبهم اكثر... هم أطفالي المدللين والخرجة معهم روعة.... يجعلون سحب الكآبة والألم تتبدد لتشرق شمس السعادة، فتغمر الكون الحزين ببهجتها، نركض على الشاطئ ونلعب الكرة ولا يترددون في طلب أي شيء مني لكن بكل أدب ولو رفضت لهم لا يقلقون أبدا ألم اقل لكم ليسوا أطفال صغار.... أذكاهم ابن الرابعة سنين، نعم أحسن منهم ويغلبهم لكنهم يحبونه لدرجة فائقة إن كانوا يلعبون سوف تقول أنهم اخوة أشقاء، يتشابهون جدا في كل شيء، في الملامح والتصرفات والتربية... إنهم أبناء الاعمام... من الاوراق أهرب ومن الزمن أحتفي في اجازة مع 3 أطفال يروحون عني عبء الاسبوع والفواتير والمشاكل المتراكمة... لأرجع كاملة القوة لمواجهة الاوراق في رياض مكتبي الفسيح نقي الهواء لا أسمع فيه سوى صوت محمد عبده يطربني بأجمل اغانيه تتخللها دردشة على المسنجر من حين لحين لتعطيني نكهة الحياة لأستمر فوق حلبة الدنيا في احد أشواطها، تمنيت لو دفنت خصمي بيدي ولكن لابد للحياة أن تستمر بعسرها ويسرها ...



  2. #2
    للاسف هكذا نحن نفكر في الدرهم ولا نفكر في طريقة استخراج الدرهم
    قناعات يقدمها الكاتب ..رغم واقعيتها ...الا اننا نفضل لو استنتجها القارئ بنفسه:

    قصه بدات بحديث ذاتي لتنتهي بالم ورغبة في الثأر ورغم كل القيم الواقعيه التي تحمل تمنيت لو أصبنا بمفاجاة في النهايه تصدمنا وتجعلنا نفيق من حديث النفس
    مرور وتحيه وتقدير لقلمك استاذتنا لابداعك.
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3
    اختي مروة/

    مشكورة على هذه القصة وهذا الإبداع في طرح الواقع الذي يلتف من حولك
    هكذا هي حياة كل البشر هروب من واقع ومن ثم العودة إليه مرغمين

    أشكرك على الإبداع
    وهمسة بسيطة ربما تكونين قد اطلت في الكتابة قليلاً

    تحياتي لك ولقلمك

  4. #4
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريمه الخاني مشاهدة المشاركة
    قناعات يقدمها الكاتب ..رغم واقعيتها ...الا اننا نفضل لو استنتجها القارئ بنفسه:
    قصه بدات بحديث ذاتي لتنتهي بالم ورغبة في الثأر ورغم كل القيم الواقعيه التي تحمل تمنيت لو أصبنا بمفاجاة في النهايه تصدمنا وتجعلنا نفيق من حديث النفس
    مرور وتحيه وتقدير لقلمك استاذتنا لابداعك.
    ====================================
    الله الله الله
    صدقت ورب الكعبة ياأم فراس
    وأبدعت دكتورتنا الغالية.
    لكما كل الود.
    اللهم صلِّ وسلم على سيدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ ،صلاة
    ً كما هى فى عِلمِِك المكنون،عددَ ما كان وعددَمايكون،وعددَ
    ما سيكون،وعددَالحركات والسكون،وجازنى عنها أجرًا غيرَ
    ممنون
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها
    عبدالوهاب موسى(بيرم المصرى)
    شاعر وناقد وكاتب وباحث

    http://i459.photobucket.com/albums/q...5/890cd7b8.gif

المواضيع المتشابهه

  1. وتستمر الحياة
    بواسطة بنان دركل في المنتدى فرسان التمريض والصيدلة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-05-2019, 12:55 AM
  2. وتستمر الحياة..
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى - فرسان أدب الأطفال
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 09-02-2013, 09:17 AM
  3. وتستمر المعاناة
    بواسطة فتحي العابد في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 05-25-2013, 01:06 PM
  4. وتستمر الحكاية
    بواسطة نشأت حداد في المنتدى فرسان الخواطر
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 02-08-2011, 07:15 AM
  5. وتستمر حلقات سنوات الضياع عند العرب في العصر الجديد!!
    بواسطة ندى نحلاوي في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-04-2010, 09:45 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •