يا تين ... يا توت .. يا رمان .. يا عنب
أعتقد أن الكثيرين منكم قد سمع أبياتاً من هذه القصيدة والتي مطلعها .. يا تين ... يا توت .. يا رمان .. يا عنب ... مغناة بصوت المطرب العراقي الراحل ناظم الغزالي ومن ثم بأصوات آخرين ومنهم المطرب العراقي أيضاً فؤاد سالم .
هذه القصيدة مختلف في نسبتها لشاعر معيّن أو لعدة شعراء فتعالوا لنعرف ما هي قصتها ؟!
في النصف الثاني من عشرينيات القرن الماضي التقى ثلاثة من الشبان العرب كطلاب يدرسون في الجامعة الأمريكية ببيروت الأول هو إبراهيم طوقان الفلسطيني النابلسي والذي كان يدرس الآداب والثاني هو وجيه البارودي السوري الحموي وكان يدرس الطب والثالث هو حافظ جميل العراقي البغدادي وكان يدرس العلوم , وكان هنالك ما يجمع هؤلاء الثلاثة أيضاً هو أنهم شعراء , هذه الرفقة التي ضمت سنوات الدراسة والعيش في بيروت، جمعتهم كذلك على الشعر , فألفوا مع عمر فرّوخ اللبناني البيروتي وكان يدرس العلوم أيضاً حلقه سموها “دار الندوه” اتخذ كل واحد منهم اسما أدبياً من العصر العباسي فاتخذ إبراهيم اسم عباس بن الأحنف ووجيه اسم ديك الجن الحمصي , وحافظ اسم أبي نواس وعمر اسم مسلم بن الوليد ( صريع الغواني ) وكثرت مساجلاتهم الشعريه, ونظموا الشعر مجتمعين ومنفردين .
قصيدة ( يا تين يا توت يا رمان يا عنب ) ظهرت عام 1928 في الجامعة الأمريكية وكان لها علاقة بهذا الثلاثي طوقان وبارودي وجميل , البعض يقول إنها من نظم الشعراء الثلاثة مجتمعين والبعض الأخر يخص بها إبراهيم طوقان وحده وآخرون يقولون إنها لحافظ جميل دون غيره أو لوجيه البارودي منفرداً عن رفيقيه فلنرَ حقيقة هذه القصيدة في كل ما قيل وما يقال عنها :
- منذ سنوات عديدة قرأت في جريدة الثورة قصة هذه القصيدة كما يلي ( وأعتقد أنها رواية تفتقر إلى الدقة ) :
كان هنالك في الجامعة الأمريكية شابة إنكليزية تدعى المِس تين ( مِس = Miss = آنسة ) تعمل كموظفةً في الجامعة , وفي يوم ما كان وجيه البارودي وحافظ جميل يتنزهان في ممرات حديقة الجامعة فصودف أن أقبلت المِس تين من بعيد ويبدو أن حافظاً كان معجباً ومتيماً بها فعندما أصبحت على مقربة منهم صاح بأعلى صوته : يا تين ... , وهنا التفتت المِس تين مستغربة هذا النداء المفاجىء وغير المبرر فأكمل حافظ على عجل : يا توت ... يارمان .. يا عنب , وكأنه يقول بيتاً من الشعر لا علاقة للمِس تين به , وهنا ضحك وجيه البارودي معجباً بسرعة بديهة حافظ جميل فأردف حافظ بسرعة : يا دُرّ يا ماس يا ياقوت يا ذهب ... وبعدها هنأه وجيه على نجاته بالسلامة من هذه الورطة التي كاد أن يوقع نفسه فيها , فكان هذا الموقف الذي علم به إبراهيم طوقان فيما بعد هو البداية لنظم القصيدة التي كرّت سبحة أبياتها فيما بعد من أفواه الشعراء الثلاثة .
يذكر كثير من مؤرخي الأدب العربي أن الشعراء الثلاثة اشتركوا معاً في كتابة هذه قصيدة ، وإن كان حافظ جميل قد انفرد بعد ذلك في نسبتها لنفسه , كما ذكر ذات يوم الشاعر الراحل وجيه البارودي في إحدى مقابلاته التلفزيونية وهو يتذكر صديقه الشاعر الراحل إبراهيم طوقان .
ولنتقل إلى د. عمر فروخ ونسمع ما لديه فقد كان شاهداً حياً على هذه القصة :
ومما يدخل في غزل إبراهيم قصيدة مشهورة جداً , ولكنها ليست لإبراهيم وحده . هي قصيدة ( يا تين يا توت ) أو ( حدائق الشام ) هذه القصيدة نظمها إبراهيم طوقان وحافظ جميل ووجيه البارودي في 25 كانون الثاني 1928 وقد نظمها الشعراء الثلاثة في فتاتين كانتا في الجامعة هما ليلى تين وأختها أليس تين .
ودعم عمر فرّوخ رأيه بأن القصيدة كانت مشتركة بدليلين :
الأول : ما جاء في رسالة إبراهيم في 20 تشرين الأول 1928 حيث قال : ( إدوارد نيكولي عميد الدائرة العلمية طلب قصيدة - يا تين يا توت - في هذا الصيف . وعند قدومي حاسبني ( وحدي ) عليها , فأفهمته واقعة الحال وكيف أن هناك عدواً مبيناً يريد الإيقاع بي. فكانت نصيحته لي هذه الجملة : كن حذراً حتى من أقرب أصدقائك . ففهمت أشياء لم تدر بخلدي قبل اليوم )
والثاني : ما كتبه إليه الدكتور وجيه البارودي ( حماة 7 أيلول 1954 ) أن إبراهيم طوقان وحافظ جميل عادا ذات يوم من البحر وهما ينشدان المقاطع الثلاثة الأولى من هذه القصيدة ( يا تين يا توت ) فاشترك معهما فأكملوا القصيدة .
وذكر عمر فرّوخ عن الدكتور وجيه أنه لم يكن يري قصيدة ( يا تين يا توت ) بارعة جداً وأنه قال له في رسالته : ( ومما يؤكد نظريتي هذه - رأيه - أن حافظ جميل بعد مضي سنوات عارضها بنفسه ( وحده ) فهذب وشذب وأضاف وجدد فيها فجاءت أحلى وأشهى وأرق معنىً وجنىً )
- ولنطلع على مايقوله الشاعر حافظ جميل : في سنة 1925 التحقت بالجامعة الأمريكية ببيروت وتعرفت خلال سني دراستي على طلبة ينظمون الشعر منهم المرحوم إبراهيم طوقان ود. وجيه البارودي , ود. عمر فروخ ( ليس له علاقة بهذه القصيدة ) , كنا أربعة ننظم قصائد مشتركة حتى تجمعت على شكل ديوان سميناه (الديوان المشترك) ولكنه فقد ولم يطبع مع الاسف الشديد..
في هذه الفترة كان عمري لا يتجاوز التاسعة عشرة استهوتني الحياة الجامعية الجديدة وبدات أستوحي منها القصائد الغزلية والوجدانية وأشهرها (يا تين. ياتوت. يارمان. يا عنب) التي غناها المرحوم ناظم الغزالي والقصيدة قيلت في زميلتي ( ليلى تين ) وهي دمشقية من الشام تعلقت بها . ونظمت فيها العديد من القصائد فقد معظمها ولم يسلم من الضياع إلا ما كنت قد نشرته في بعض المجلات والصحف , المهم أن ليلى تين اشتكت إلى عميد الجامعة من أن الطلاب يضايقونها بقصائدي عندما كانت تمر من أمامهم وكدت أطرد بسببها خصوصا وأن تلك السنة التي نظمت فيها هذه القصيدة كانت بداية تعليم الجنسين في هذه الجامعة. وعندما تخرجت رجعت إلى بغداد وصورة ليلى لا تفارق خيالي , فيشاء القدر بعد فترة ليست بطويلة أن تعيّن ليلى تين كمدرسة في دار المعلمات ببغداد فكدت أطير من الفرح عندما علمت أنها ستصبح قريبة مني , فعدنا التقينا مرة أخرى وفي لحظة اللقاء خطرت في ذهني تلك القصيدة , فتوطدت علاقتي معها وزادت معرفتنا ببعض.
في عام (1957) صدر للشاعر حافظ جميل ديوانه الثاني (نبض الوجدان) ،عن مطبعة الرابطة ببغداد , صدّره منير القاضي رئيس المجمع العلمي العراقي , وفيه تطرق الشاعر الى ملابسات قصيدة ( يا تين ) بمنتهى الصراحة قطعاً لكل تشكك وحداً لكل تقوّل فجاء على هامش الصفحات (156-164) هذا النص : لقد كثر الجدل واللغط منذ سنوات خلت حول عائدية هذه القصيدة فمنهم من زعم أن ناظمها هو زميلي في الجامعة الاميركية ببيروت وقتئذ الشاعر المرحوم إبراهيم طوقان الفلسطيني ومنهم من زعم أن ناظمها هو زميلي في الجامعة الدكتور وجيه البارودي الحموي، الحقيقة التي لا مراء فيها هي أن ناظم القصيدة هو : أنا لا غيري.. ثم يستطرد الشاعر: وإن ما يروى للمرحوم إبراهيم وللدكتور وجيه من قصيدة مماثلة حول الموضوع اشتركا سوية في نظمها بعنوان ( حديقة العشاق ) إنما كانت معارضة لقصيدتي ( يا تين ) ليس إلا.. وإن ما ورد في قصيدة حدائق العشاق من أصل قصيدة ( يا تين ) لم يكن إلا اقتباساً , فالمرحوم إبراهيم والدكتور وجيه لم تكن لهما أدنى صلة أوحتى أدنى تعرف على التي أوحت إلى نظم هذه القصيدة وغيرها من القصائد ( التينية ) المتفرقة والتي ورد بعضها في هذا الديوان وضاع بعضها الآخر مع ما ضاع من شعري الجامعي .
الحادث الطريف الذي وقع لي يومئذ فنظمت بسببه هذه القصيدة , فهو أنني كنت ذات يوم أتحدث إلى زميلي الدكتور وجيه في عمارة ( كوليج هول ) - إحدى مباني الجامعة الأمريكية - وإذ بالآنسة ( تين ) تمر بنا فجأة , فما كان مني إلا أن التفت إليها بدون عمد أو إصرار وصحت بأعلى صوتي : يا تين ... . , ولكنني سرعان ما أدركت أنني قد وقعت في الفخ , وأن الآنسة ( تين) سوف لا تغفر لي هذه الزلة المكشوفة سيّما بعد أن وعدت عميد الجامعة بأني سوف أقلع عن التشبيب بها بعد أن بعثت لها بقصيدتي ( التينة العاشقة ) , أقول إنني وقد شعرت بأنني وقعت في الفخ سرعان ما عدت والتفت ثانية إلى زميلي الكتور وجيه متمماً : يا توت يا رمان يا عنب , فلم يتمالك الكتور وجيه من الضحك , وقال لله درّك ! كيف استطعت أن تتخلص من ورطتك هذه ؟ . قلت : يا وجيه , والله لأجعلن منها قصيدة ستسمعها عن قريب إن شاء الله . وبعد أسبوع واحد أو يزيد سلمت الدكتور وجيه ستة مقاطع من القصيدة وبعد نحو شهر أو يزيد كنت كنت قد أتممت القصيدة وألقيتها في مدرسة ( الفرندز ) في قرية برمانا في حفلة ترحيبية أقامتها لي هيئة المدرسة آنذاك .
إن حافظ جميل كما في روايته , أنكر , خلافاً للروايات والأخبار المذكورة جميعاً مشاركة زميليه في نظم قصيدة ( يا تين يا توت ) أو ( حديقة العشاق ) أو ( حدائق الشام ) وأصرّ أنّها كانت معارضة لقصيدته هو ( يا تين ) وأن ما رود فيها من أبيات من أصل قصيدته التي نظمها لم يكن إلا اقباساً منها .
-ولننتقل إلى إبراهيم طوقان الذي يصرّ كثيرون على نسبة هذه القصيدة إليه :
ديوان إبراهيم طوقان أصدرته أول مرة دار الشرق الجديد ببيروت عام (1955) وقدّم له أخوه أحمد طوقان، ثم تبعته أختهما الشاعر فدوى طوقان بدراسة مسهبة تحت عنوان ( أخي طوقان ) من غير أن يشيرا ولو بإشارة عابرة ، إلى قصيدة ( ياتين ) لأن إبراهيم أعدّ ديوانه بنفسه وألقى عليه النظرة الأخيرة قبيل رحيله الأبدي، ولو كانت هذه القصيدة له لما تردّد في إدراجها فيه، وهي من الأصالة من جهة، ومن الطرافة من جهة أخرى في شيء مثير وكثير .
ثم لا نجد لهذه القصيدة أثراً , وبها تنويها , في الكتاب الذي ألّفه الدكتور زكي المحاسني في إبراهيم طوقان ، وهو يعتمد كل الاعتماد، على ما سبق أن كتبته أخته فدوى، ناهيك بدراسة ( طوقان والشابي ) التي أطلّ بها الدكتور عمر فروخ على قراء العربية، وليست فيها أية وقفة على قصيدة ( ياتين ) المنسوبة سهواً أو جهلاً الى إبراهيم طوقان ، في حين خلا كتاب ( هل الأدباء بشر؟ ) للدكتور موسى إسحاق الحسيني من الإلماع إلى القصيدة المذكورة آنفاً، وأغلب الظن أن يعقوب العودات -البدويّ الملثم- لم يعالج في كتابه ( إبراهيم طوقان ) في وطنياته ووجدانياته، حكاية ( التين) هذه لا من قريب ولا من بعيد ، لارتكازه على مراجع موضوعية بهذا الشأن .
تلك هي أدلة قاطعة تفحم كل باطل ، وتكتسح كل شك خامَرَ هذا البعض ، او يخامر ذاك البعض الآخر، على أنه ليس من المنطق العلمي أن يأتي كاتب أو باحث ، كائناً من كان فينسب قصيدة ( ياتين ) بلا تحقيق وبلا توثيق إلى إبراهيم طوقان .
والآن لنلقِ نظرة على القصيدتين : ( يا تين ) لحافظ جميل , و ( حدائق العشاق ) لإبراهيم طوقان ووجيه البارودي كما تقول رواية حافظ جميل :
قصيدة ( يا تين ) لحافظ جميل
يا تينُ يا توت يا رمّان يا عنبُ
يا خيرَ ما أَجْنَتِ الأغصان والكُـثُبُ
يا مُشتهى كلّ نفس مسّها السّغَب
يا برء كلّ فؤاد شفّه الوَصَب ُ
يا تينُ يا توت يا رمّان يا عنبُ
*******
يا تينُ يا ليت سَرْح التينِ يجمعنا
يا توت يا ليت ظِلّ التوت مضجعنا
وأنتَ ليتك يا رمّان تُرْضِعنا
والكَرْم يا تين بنت الكَرْم تَصْرَعُنا
يا تينُ يا توت يا رمّان يا عنبُ
*******
يا تين حسبك صحن الخدّ راووقا
ولو درى التوت ما تحسو حسا الرّيقا
وهَبَّ يجرحك الرمّان تحديقا
وأهْرق الكَرْمُ يا تين الأباريقا
يا تينُ يا توت يا رمّان يا عنبُ
*******
يا تين سقيا لزاهي فرعك الخَضلِ
يا وارف الظلِّ بين الجيد و المُقَل
هفا لك التوت فاغمر فاه بالقُبَلِ
فالكرم نشوان و الرمان في شُغُل
يا تينُ يا توت يا رمّان يا عنبُ
*******
حدائق الشام عين الله ترعاكِ
ولا سَرَتْ نسمة إلا بريّاكِ
ملهى العذارى وكم يَمَّمْنَ ملهاك
يَشْرَبْن بارد طَلٍّ من ثنياياك
يا تينُ يا توت يا رمّان يا عنبُ
*******
يا يوم أقْبلْنَ أمثال التماثيلِ
يرفلن في عُـقَـصٍ بيض الأكاليل
تبعت ( ليلى ) و( ليلى ) ذات تضليل
( ليلى ) فديتك ما أقساك ياليلي
يا تينُ يا توت يا رمّان يا عنبُ
*******
حلفتُ بالكَرْم يا ( ليلى ) وبالتوت
وما بصدرك من دُرٍّ وياقوتِ
لأجعلن عريش التين تابوتي
تين الخمائل لا تين الحوانيت
يا تينُ يا توت يا رمّان يا عنبُ
*******
ناداك ِ بالتين يا ( ليلى ) مناديكِ
والتين بعض جَنى الأطياب من فيك ِ
لو كان يُجدي الفدا في عَطْف أهليكِ
لرحتُ بالروح أفديهم وأفديك ِ
يا تينُ يا توت يا رمّان يا عنبُ
*******
كتمتُ حبّكِ عن أهلي ولو عرفوا
شددت رحلي إلى ( بغداد ) لا أقف ُ
هذي دموعي على الخدين تنذرف
يا منية القلب هل وصْلٌ وأنصرف ؟!
ُ
يا تينُ يا توت يا رمّان يا عنبُ
*******
يا تين يا خير أثمار البساتينِ
يا لاوياً جيده فوق الأفانينِ
طلَّ الندى لك مخضلَّ الرياحين
فافترَّ ثغرُك عن وردٍ ونسرين
يا تينُ يا توت يا رمّان يا عنبُ
*******
يا تين زِدني على الأكدار أكدارا
ولا تزدني تعلاّتٍ وأعذارا
هَبْني هزاراً وهب خدّيكَ نوارا
فهل يضيرك طيرٌ شمّ أزهارا ؟!
يا تينُ يا توت يا رمّان يا عنبُ
*******
يا تين حسبك ظِلاً نشر ريحانِ
يهفو على غَضِّ أكمامٍ وأفنانِ
من كلّ حانٍ العنقود نشوان
ومشرأبّ إلى توت ورمانِ
يا تينُ يا توت يا رمّان يا عنبُ
*******
هتفتُ بالتين فاهتزّتْ له طَرَبا
وقلت للتوت : كنْ اقراطَها الذّهبا
واحذرْ إذا انتفض الرمان وانتصبا
أن ياخذ الكَرْم من حبّاته الحَبَبا
يا تينُ يا توت يا رمّان يا عنبُ
*********************
قصيدة ( حدائق الشام ) لإبراهيم طوقان ووجيه البارودي
يا تينُ يا توت يا رمان يا عنبُ
يا درُّ يا ماس يا ياقوت يا ذهــبُ
اللهُ الله، ما هذا الدلالُ ؟ وما
هذا الصدود؟ وما للقلب يضـــطرب؟
يا تين يا توت يا رمان يا عنب !
الشمسُ ما الشمس،إن الشمس تنكشف؛
البدرُ ما البدر، إن البدر ينخســف
والدمع يا تين، إن الدمع ينذرف،
يا منيةَ القلب، هل وصلٌ وأنصرف!
يا تينُ يا توتُ يا رمان يا عنبُ
يا تين، يا ليت سرحَ التين يجمعنا ؛
يا توُت، يا ليت ظل التوت مضجعنا؛
وأنت ليتك، يا رمانُ، تُرضـــــعنا ؛
والكرم،يا ليت بنت الكرم تصرعنا
يا تين يا توت يا رمان يا عنب
يا يوم أقبَلْنَ أمثال التماثيــــــــــل
مكلّلاتٍ بهالات الأكاليــــــــــلِ،
تبعت ليلى، وليلى ذات تضليل
ليلى فديتُك ما أقســـــاك، يا لِيلي
يا تين يا توت يا رمان يا عنب
يا جارة القلب يا ُقمرية الوادي
يا غادةً لا عداها ريق الغـــــــادي،
لئن ظفرت بقرب بعد إبعاد
يوماً فإني من الزلفى بميـــعاد
يا تين يا توت يا رمان يا عنب
يا نفحةَ الآس يا ورد البساتين،
ويا شذا نرجسٍ غضٍ ونسرين،
و يا هزاراً شدا بين الأفانــــين،
أراحل أنت أم باقٍ إلى حــــين ؟
يا تين يا توت يا رمان يا عنب
يا كوكب الحسن يزهو في العشيّات،
و يا ربيبة أتراب الســــماوات،
يا مطلع الفجر وضــــــاحَ الثنيات،
طوفي علينا بأكواب الحُمــــــيّات
يا تين يا توت يا رمان يا عنب
باكرت، يا تين، نحو التين أجنيهِ
وأذرف الدمع من عيني وأسقيه ؛
أسندت رأسي إلى فـــــرع أناجيه
فرجّع الطــير نوْحـــي في أعاليه
يا تين يا توت يا رمان يا عنب
هل نظرةٌ لعميد القلب مفتــــــــون
أم نهلة من لماك العذب ترويــني
أوّاه، أبكي على من ليس يبكــيني
يا من رأى نرجساً يبكي على تين
يا تين يا توت يا رمان يا عنب
حدائق الشام، عين الله ترعاك
ولا ســــــرت نســـمة إلا برَيّاك
يا مرتع العُرُب الأتراب، نُعماك ؛
تفترّ عن بهجة الدنُــيا ثنـــــاياك
يا تين يا توت يا رمان يا عنب
- هذا الموضوع هو مشاركة لي في منتدى آخر -