ليس كل من يقتل شهيد
يا عباد الله انها اما جنة واما نار
امتلأت وسائل الإعلام والمقابر بأسماء وصور " الشهداء "
فليس كل من يقتل دفاعا عن الحكام الظلمة والمتنفذين واصحاب المناصب شهيد
وليس كل من يخرج على ولاة الأمر ويقتل في المظاهرات شهيد
وليس كل من يغرر به بفتوى طائفية مسيسة ويقتل شهيد
وليس كل من يغرر به لقتل المسلمين لنصرة ولي أو حزب او طائفة ويقتل شهيد
وليس كل من دافع عن هدف وقتل شهيد
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِىَ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لاَ يَدْرِى الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ وَلاَ الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ ».
فَقِيلَ كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ قَالَ « الْهَرْجُ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِى النَّارِ ».
الهرج : القتل والفتن واضطراب الأمور
يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى " مختصر":
الجندي الذي رصد نفسه لهذا الأمر العظيم إما أن يقتل قتلة جاهلية، وإما أن يقتل شهيدا في سبيل الله ينال منزلة الشهداء الذين أخبر النبي عليه الصلاة والسلام : « أن أرواحهم تكون في أجواف طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش » (أخرجه مسلم : كتاب الإمارة) وإذا كان هذا الأمر هو مآل الشهيد في سبيل الله فإنه لا بد لنا أن نعرف من هو الشهيد في سبيل الله
هل كل من قتل في حرب فهو شهيد في سبيل الله؟
هل من دافع عن هدف هو في سبيل الله؟.
لا، لقد « سئل الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " عن الرجل يقاتل شجاعة ، ويقاتل حمية ، ويقاتل ليرى مكانه أي ذلك في سبيل الله ؟ فقال الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله » (البخاري)
فهذا هو الذي يقاتل في سبيل الله وهذا هو الذي إذا قتل فهو شهيد، هذا هو الشهيد حقا الذي ينال درجة الشهداء، ومع ذلك فإنه لا يجوز لنا أن نشهد لشخص بعينه أنه شهيد حتى لو قتل مظلوما، أو قتل وهو يدافع عن حق فإنه لا يجوز أن نقول : فلان شهيدوهذا خلافا لما عليه كثير من الناس اليوم حيث أرخصوا هذه الشهادة وجعلوا كل من قتل حتى ولو كان مقتولا في عصبية جاهلية يسمونه شهيدا وهذا حرام، لأن قولك عن شخص قتل إنه شهيد يعتبر شهادة سوف تسأل عنها يوم القيامة سوف يقال لك : هل عندك علم أنه قتل شهيدا ولهذا لما قال النبي عليه الصلاة والسلام: « ما من مكلوم يكلم في سبيل الله والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب أو قال : وكلمه يثعب دما اللون لون الدم والريح ريح المسك » (البخاري)
فتأمل قول النبي عليه الصلاة والسلام: « والله أعلم بمن يكلم في سبيله » أي بمن يجرح فإن بعض الناس قد يكون ظاهر أمره أنه يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا ولكن الله يعلم ما في قلبه وأنه خلاف ما يظهر من فعله، ولهذا بوب البخاري رحمه الله علي هذه المسألة في صحيحه فقال: " باب لا يقال : فلان شهيد" لأن مدار الشهادة على ما في القلب ولا يعلم ما في القلب إلا علام الغيوب جل وعلا.
أيها الإخوة: إن أمر النية أمر عظيم وكم من رجلين يقومان بأمر واحد يكون بينهما كما بين السماء والأرض وذلك من أجل النية ألم يبلغكم أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: « إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما »
الكتاب :مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
المؤلف : محمد بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى : 1421هـ)